الثورة نت/ وكالات
يترقب العالم حاليا المآلات المحتملة للمواجهة المحمومة بين واشنطن وبكين وذلك وسط تقارير عن عزم رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي زيارة تايوان رغم تحذيرات صينية تزداد تشددا.
وتسعى الولايات المتحدة إلى توسيع رقعة الصراعات في العالم خدمة لمصالحها الأنانية، فمن الحرب في أوكرانيا ومواجهتها مع روسيا الى مواجهة أخرى مع الصين في “تايوان”.
وذكرت تقارير إخبارية أنه من المتوقع أن تتوجه بيلوسي إلى تايبيه مساء اليوم على رأس وفد من ستة أشخاص يمثلون الحزب الديمقراطي، وستمر الطائرة العسكرية الأمريكية الخاصة التي تقلها، إلى الجزء الشمالي من الجزيرة عبر الساحل الشرقي، ويبدو أن الجيش التايواني يكثف الإجراءات الأمنية في ذلك الجزء من المنطقة.
وتعليقا على تلك التقارير، حذرت الصين الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء من أنها “ستدفع الثمن” في حال زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان، في ظل احتدام التوترات بين بكين وواشنطن.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا تشونيينغ خلال إحاطة إعلامية دورية إن “الجانب الأمريكي سيتحمل المسؤولية وسيدفع الثمن في حال المساس بمصالح الصين الأمنية السيادية”.
وفي وقت سابق هددت الصين بأنها ستتخذ إجراءات “حاسمة وفعالة” وأن جيشها “لن يقف مكتوف الأيدي” في حال قررت بيلوسي زيارة تايوان.
من جانبه، صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن الصين هي التي ستتحمل مسؤولية أي أزمة أو تصعيد نتيجة زيارة بيلوسي لتايوان.
ولم تستبعد وسائل الإعلام الأمريكية، احتمال زيارة بيلوسي لتايوان، لكن بيلوسي نفسها رفضت التعليق على هذه المعلومات متعللة بالدواعي الأمنية.
يأتي هذا فيما ذكرت وسائل إعلام صينية أن زيارة بيلوسي لتايوان قد تؤدي إلى عواقب رهيبة.
وفي الذكرى الـ95 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني نشرت قيادة المنطقة الشرقية للجيش الصيني فيديو ترويجيا يوثق الاستعداد القتالي لعناصره وضباطه، وعزمهم على الدفاع عن وطنهم.
وتضمن الفيديو شعارا دعا القوات المسلحة إلى “التأهب التام وانتظار الأوامر ودفن كل الأعداء الغزاة تجرأوا”.
ووسط توقعات زيارة بيلوسي لتايوان تداول الإعلام الصيني مقطع فيديو لتدريبات يجريها جيش البلاد بمقاطعة فوجيان الجنوبية المطلة على مضيق تايوان.
ووصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي صباح اليوم الثلاثاء إلى ماليزيا قادمة من سنغافورة في ثاني محطة لجولتها الآسيوية، حسبما أفادت وكالة أنباء “برناما” الماليزية.
وقالت الوكالة إن “الرحلة الخاصة التي تقل بيلوسي والوفد المرافق لها هبطت في قاعدة القوات الجوية الملكية الماليزية في سوبانغ”.
وذكرت الوكالة أن بيلوسي ستلتقي في ماليزيا رئيس مجلس النواب ازهر عزيزان هارون ورئيس الوزراء إسماعيل صبري يعقوب، وبعد ذلك قد تغادر إلى تايوان في الساعة الخامسة مساء اليوم بالتوقيت المحلي.
وقالت البوابة التايوانية (إي تي تودي) أمس الاثنين إن بيلوسي ستصل إلى الجزيرة في وقت متأخر من الثلاثاء، وتقضي الليلة في فندق (جراند هيات)، وفي صباح الأربعاء ستزور مقر المجلس التشريعي حيث تلتقي بقيادته، قبل مغادرة الجزيرة.
ولتخفيف حدة التوتر مع الصين ،قال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأمريكي، إن خطط رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لزيارة تايوان، لا تشير إلى تغيير سياسة واشنطن تجاه الجزيرة.
وقال كيربي إن الولايات المتحدة غير مهتمة بتصعيد التوتر مع الصين بسبب هذه الزيارة، وتفضل حل جميع الخلافات حول تايوان بالطرق الدبلوماسية.
وتعهد كيربي: “لن نبلع الطعم أو نشارك في استعراض القوة”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “لن يتم تخويفها”، وسوف تواصل العمل في المحيطين الهندي والهادئ أثناء السعي للحفاظ على خطوط الاتصال مع بكين.
وأضاف كيربي: “نتوقع أن نرى بكين تواصل استخدام الخطاب التحريضي والمعلومات المضللة في الأيام المقبلة”، لكن الولايات المتحدة لا تزال تركز على “محاولة إدارة التوترات”.
واختتم كيربي قائلا: “ستواصل الولايات المتحدة دعم تايوان بينما نسعى جاهدين لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع بكين”، مضيفا أن واشنطن تعتبر المهمتين ضروريتين للحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة.
في ظل الحرب الكلامية المستعرة بين واشنطن وبيكن، ألمحت مجلة “بوليتيكو” نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية، إلى أن الدول الأوروبية تستعد لتداعيات التصعيد الخطير بين الولايات المتحدة والصين.
ونقلت المجلة عن مصدر قوله، إن “الحرب الكلامية المتدهورة بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان يمكن أن تتصاعد بسهولة ويتم مراقبتها عن كثب في العواصم الأوروبية”.
وأفادت بأن التوترات بين أكبر قوتين عظميين في العالم تزايدت في الفترة الأخيرة بشكل كبير بعد أن صعدت بكين من تهديداتها بشأن زيارة محتملة لرئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان في الأيام المقبلة.
وذكرت أنه من بروكسل إلى باريس، كان مسؤولو الاتحاد الأوروبي مترددين في مناقشة النزاع علنا حتى مع اقتراب الصين من خطر مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.
وأوضحت أن المحللين يحثون قادة الاتحاد الأوروبي على الانتباه والاستعداد للمتاعب المقبلة.
وقال بوريس روج، نائب رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن: “في بعض الأحيان تتحقق أسوأ السيناريوهات”.
وأضاف: “من الأفضل أن يستعد الأوروبيون للطوارئ، ويدعموا تايوان بينما يظلون على اتصال وثيق مع بكين، ويساعدون على التهدئة”.
وتصر الصين على أن زيارة بيلوسي إلى تايوان ستكون انتهاكا صارخا لسياسة “الصين الواحدة” التي تحكم وضع الإقليم، وإشارة إلى الدعم الأمريكي لاستقلال تايوان.
وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع الماضي، على موقفه خلال مكالمة متوترة مع جو بايدن إذ نقلت وزارة الخارجية الصينية عن شي قوله “أولئك الذين يلعبون بالنار سيهلكون بها”.
ويعتقد محللون أن شي يرغب في إظهار موقف قوي لأي إشارة على تحرك الولايات المتحدة لدعم استقلال تايوان، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه يسعى إلى فترة ولاية ثالثة مختلفة المعايير في هذا الخريف.
إلى ذلك، اقترحت بريطانيا تسليح تايوان، محذرة من أن الغرب يجب ألا يرتكب الأخطاء نفسها في الفشل في الدفاع عن التايوانيين كما فعل في أوكرانيا، فيما وصفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أخيرا “الثقة بالنفس وقبل كل شيء المظهر القوي للصين” فيما يتعلق بتايوان بأنه “تحد عالمي”.
وقالت المجلة: “لكن في العلن، كانت معظم العواصم الأوروبية الأخرى أكثر حذرا في تعليقاتها.. وعندما سُئلت وزارة الخارجية الفرنسية وجهاز السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن الرد العسكري الصيني المهدد على زيارة بيلوسي، لم تعلق”.
وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، إن الصمت في هذه المرحلة أمر متوقع، نظرا لأن تايوان تعتبر في الأساس مصلحة أمريكية، لكن “رد الفعل سيكون مختلفا إذا أصبحت الكلمات أفعالا”.
وردا على سؤال عما إذا كانت التوترات مصدر قلق لحلف الناتو قال دبلوماسي أوروبي كبير: “ليس بعد، لكن يمكن أن يتصاعد بسهولة”.. مشيرا إلى أن أسوأ الحالات ستشهد تحويل الاهتمام الأمريكي بعيدا عن أوكرانيا إلى التوترات مع الصين بشأن تايوان.
ورأى محللون سياسيون صينيون أن عناد بيلوسي وأنانيتها سيكونان بداية النهاية للهيمنة الأمريكية، وقد تأتي زيارتها المحتملة لتايوان بنتائج عكسية تماما.
وأعرب محللون استطلعت آراءهم صحيفة “غلوبال تايمز” عن اعتقادهم أن زيارة بيلوسي لتايوان يمكن أن تغير بشكل لا رجعة فيه الوضع في مضيق تايوان وتسرع عملية إعادة توحيد الصين مع الجزيرة، الأمر الذي رأوا أنه في الواقع أكثر أهمية بكثير من زيارة سياسي أمريكي.
وتوصل هؤلاء في هذا السياق إلى استنتاج مفاده أن عناد بيلوسي وانانيتها سيكونان بداية النهاية للهيمنة الأمريكية.
علاوة على ذلك، نقلت الصحيفة عن خبير عسكري أن الطيران الحربي الصيني يمكنه حتى إطلاق قذائف تحذيرية أمام طائرة بيلوسي، إذا لم تؤثر عليها أشكال التحذير الأخرى وتجبرها على مغادرة المجال الجوي