مخطئ من يظن من الإخوة القادة والوزراء والمسؤولين في الدولة ومدراء مكاتبهم وحاشيتهم، أنه بمنأى عن فهم واستيعاب عهد ورسالة الإمام علي -سلام الله عليه- لمالك الأشتر، التي ذكرها قائد الثورة السيّد العلم/ عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-في محاضراته التي ألقاها مؤخراً قبل وبعد عيد الأضحى المبارك، وأكد ونوه -أيضاً- من خلالها بضرورة وأهمية اختيار الوزير والقائد والمدير المسؤول عن إدارة أي مؤسسة للبطانة الصالحة وأن يكون الكتبة والمستشارون من حولهم من خيار الناس، الذين تتوفَّر فيهم كل مكارم الأخلاق إلى جانب الكفاءة والإلمام بطبيعة وجوانب العمل والمسؤوليات المناطة بهم ..
ولذلك يجب على كل مسؤولي وقادة الدولة أن يدركوا جيداً حقيقة أن قائد الثورة – سلام الله عليه- لم يلق محاضراته تلك عن عهد ورسالة الإمام علي –عليه السلام- ترفاً أو لمجرَّد استعراض أدوار وتعليمات ونهج قيادي حكيم وسديد صادر عن إمام المتّقين وباب مدينة العلم الذي قال عنه الرسول صلوات الله وسلامه عليه “يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى” فيما يتعلَّق بإدارة وإقامة الدولة الإسلامية العادلة فحسب، والذي ظل مغيباً عن الناس في مجتمعاتنا العربية والإسلامية على مدى قرون مضت، بل وبعيداً – أيضاً- كل البعد عن الحكام والملوك وولاة الأمر في بلداننا العربية والإسلامية، بقدر ما أنه أقام عليهم الحجة من خلال محاضراته تلك داعياً إياهم بالتي هي أحسن أن يعوا دروس ومضامين رسالة وعهد الإمام علي –عليه السلام- لمالك الاشتر جيِّداً ويطبقونها واقعاً عملياً من خلال قيام كل منهم بإعادة النظر في اختيار البطانة والحاشية والمستشارين من حوله عن طريق إجراء عملية تقييم واختبار لهم بين الحين والآخر، فمن جسَّد منهم صدقاً ووفاءً وولاءً وأمانةً وإخلاصاً وكفاءةً في أداء المسؤوليات والمهام الموكلة إليه، فعلى أي من هؤلاء الوزراء والمسؤولين والقادة إبقاؤه مديراً لمكتبه أو مستشاراً له أو أميناً لأسراره المتعلِّقة بأمن الدولة وخططها الاستراتيجية، كونه قد اجتاز الاختبار وأصبح من خيار الناس، الذين -حسب توجيهات وأوامر الإمام علي -سلام الله عليه- لمالك الأشتر، يجب أن يكونوا حلقة الوصل بين الوزير أو القائد أو المدير المسؤول عن إدارة هذه المؤسسة الحكومية أو تلك والمواطنين المرتبطة مصالحهم بها، وكذلك الحال بالنسبة للموظفين العاملين فيها، الذين أصبحوا في بعض إن لم يكن معظم مؤسسات ودوائر الدولة المختلفة يتودَّدون لمدراء مكاتب المسؤولين عن إدارتها أو لمدراء مكاتب الوزراء الذين يتولون حقائبها أكثر من اهتمامهم بأداء المهام والمسؤوليات المناطة بهم للحصول على بعض الحقوق والامتيازات البسيطة التي لو لم يكن راضياً عنه مدير مكتب الوزير أو مدير مكتب رئيس المؤسسة التي يشتغل فيها فإنه لن يحصل عليها مهما استمر في محاولاته، ووصل الحال ببعض مدراء مكاتب الوزراء والمسؤولين حد التصرّف في كل شيء وإصدار القرارات والأوامر باسم وتوقيع رئيس مجلس الإدارة أو الوزير أو المسؤول عن إدارة أي مؤسسة حكومية، كما لو أنه هو المسؤول الأول فيها وليس الذي اختاره ووضعه مديراً لمكتبه.
فالإمام علي -عليه السلام – في رسالته لمالك الأشتر – حسبما ورد على لسان قائدنا العلم السيِّد عبدالملك بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- في محاضرته التي ألقاها يوم الأربعاء الموافق 13 يوليو 2022 م، أمر بأن يولَّى إدارة مثل هذه المناصب والمهام والمسؤوليات التي تمثل حلقة الوصل بين الحاكم والمحكوم وبين الرئيس والمرؤوس وبين الوزير أو المسؤول والناس المرتبطة مصالحهم بالمؤسسة أو الدائرة الحكومية التي يرأسها، مدراء مكاتب ومستشارون وكتبة من خيار الناس .. وليستوعب الدرس جيِّداً كل من هو في موقع مسؤولية ويراجع حساباته ويصوِّب أخطاءه قبل فوات الأوان.
على العموم تابع معظم اليمنيين -بما فيهم القادة والوزراء والمسؤولون في الدولة- وتبادرت إلى مسامعهم خلال الأسابيع الماضية الدروس والتعليمات الواردة والمضمَّنة في رسالة وعهد الامام علي –عليه السلام- لمالك الاشتر، التي أسهب في شرحها جيِّداً القائد العلم السيِّد عبدالملك بدر الدين الحوثي –سلام الله عليه-، والتي لو عمل –راهناً- كل من هم في موقع السلطة وتحمُّل مسؤولية إدارة شؤون البلاد والعباد في بلداننا العربية والإسلامية على تنفيذها والعمل بكل ما ورد في مضامينها على أرض الواقع، لاستطاعوا أن ينتشلوا بلدانهم وشعوبهم المغلوبة على أمرها من واقعها السيئ والمرير، الذي باتت تتجرّع مرارته مجاعةً وحروباً وصراعات مذهبية وطائفية ومناطقية وانعداماً للأمن والاستقرار وتردِّياً للخدمات وغياباً للحرية والعدالة، ولتمكّنوا في ظرف سنتين إلى ثلاث سنوات قليلة من الانتقال والارتقاء بها إلى مصاف البلدان والشعوب المتقدمة والمتحضّرة، بل ولاستطاعوا -أيضاً- أن ينتشلوا أنظمتهم المسلوبة الإرادة التي يتربعون عروشها، من وضعها المخزي والمزري أمام شعوبها والعالم، الذي باتت تتجرَّع في ظلّه مرارة وكؤوس الارتهان والعمالة والعبودية لقوى الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا “الشيطان الأكبر” والغرب الاستعماري .
ولذلك يجب على قادة ووزراء ومسؤولي الدولة في بلادنا أن يفهموا ويستوعبوا جيِّداً دروس ومضامين الرسالة، وأن يقوم كل منهم بتطبيق ما ورد فيها على أرض الواقع، من خلال القيام بإجراء عملية تقييم واختبار للكتبة والمستشارين وأمناء السر من حوله بين الحين والآخر، والعمل على تغيير واستبدال البطانة والحاشية الفاسدة ببطانة وحاشية صالحة بحيث يكونون فعلاً من خيار الناس كما حث وأوصى على ذلك الإمام علي -عليه السلام- في رسالته وعهده لمالك الأشتر، وليسوا من شرار الناس، الذين يخونون الأمانة والعهد باستغلال مواقعهم لتحقيق مكاسب شخصية، كما هو حاصل ويحصل من قبل مدراء مكاتب بعض وزراء ومسؤولي وقادة الدولة الذين لا يزالون يجهلون إلى اليوم حقيقة وأهمية اختيار البطانة والحاشية الصالحة من خيار الناس الذين تتوفَّر فيهم كل صفات ومكارم الأخلاق والكفاءة والنزاهة والأمانة والقدرة على تحمُّل المسؤولية.
لذلك ومن خلال الدرس العاشر وما قبله من الدروس، أعطاهم القائد العلم السيِّد عبدالملك بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- – فرصة لمراجعة وتصويب الأخطاء قبل أن يحل عليهم غضب وسخط الشعب والعقاب الإلهي في الدنيا والآخرة.