مع مطلع شهر ذي الحجة الحرام بدأ قائد الثورة ـ يحفظه الله ويرعاه ـ سلسلة دروس متلفزة عن عهد الإمام علي ـ عليه السلام ـ الذي قدمه لأبرز قادته وأكثرهم قربا منه وهو مالك الأشتر رضي الله عنه حينما عينه واليا على مصر، والحقيقة أن مالك لم يك يجهل أمر ولاية الأمر وأمور الحكم وإدارة شؤون الدولة وإلا لما كان أمير المؤمنين عليه السلام ـ قد عينه واليا أبداً بل قدم إليه ذلك العهد لهدفين أولهما وضع دستور كامل في منهجية الحكم الإسلامية للدولة الإسلامية تسير عليه الأمة في حياته ومن بعده منبثق من كتاب الله وهدي النبي صلوات الله عليه وعلى آله.
والثاني: ليُعلم الأمة أن المهمة الأولى لكل من يتولى أمراً من أمورها هو خدمة الرعية والعدل فيهم وحماية حقوقهم ومتابعتهم على أداء واجباتهم ومن أجل تأسيس مبادئ وقوانين الحكم العادل لدولة الإسلام بشكل دستور يسترشد به كل ولاة الأمصار ويدركون جميعا أن إدارة شؤون الأمصار يجب أن تكون طبقا لنصوص وأحكام كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة لا حسب هوى نفس الوالي وتقديره كما فعل بنو أمية.
ودروس السيد قائد الثورة ـ يحفظه الله ويرعاه ـ عن هذا العهد أيضا لها أهداف وغايات ويجب علينا جميعا كيمنيين بدءاً من أعلى هرم الدولة إلى أدناه أن ندرك أهداف تلك الدروس ونعي مغازيها ونفهم رسائل وتوجيهات قائد الثورة منها وأن نتابعها مرات ومرات ونبحث عن السبب الذي جعله يلقيها ويوجهها للرعاة والرعية علي حد سواء.
ولعل من أهم أهدافها ما يلي:
1- لكي تكون مرجعا لكبار موظفي الدولة ومن يليهم يسترشدون فيها في أداء مهامهم ويعرفون من خلالها أن المسؤولية تكليف لا تشريف وأنهم خدام للشعب لا متسلطين عليه وأنهم حُملوا أمانة وعليهم تأديتها على الوجه الذي بيّنه القائد في دروسه وأن يتحلوا بالأخلاق الحسنة والصبر وينأوا عن التعصب والغضب عند تأدية مهامهم وأن عليهم أن يستعشروا رقابة الله عليهم ومن أولى مهامهم حفظ المال العام وحمايته وعدم تسخيره لمنافعهم الخاصة وأن الله سيحاسبهم عن كل ذلك.
2ـ ليدرك كل موظفي الدولة أن قائد الثورة ألقى هذه الدروس لتكون لهم دليلا ومرشدا وأن على كل مسؤول وكل موظف أن يقيس نفسه وأخلاقه وأداءه على ما بينه فيها من صفات وشروط فيقوي ما توافر من محامدها في ذاته ويتخلى عن ما وجده منافيا لها في نفسه وأن على كل موظف أن يتابعها مرات ومرات حتى يُلم بكل ما جاء فيها فيأخذ ما أرشدت إليه ويبتعد عما نهت عنه.
3- ليعلم كل موظف أن عليه أن يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب وأن يصلح نفسه قبل أن يؤخذ وأن يبتعد عن التقصير أو التفريط أو الإخلال بوجبات وظيفته ومسؤولياته تجاه الناس وأنه إذا كان لا يستطيع أن يؤدي مسؤوليته على الوجه الذي يرضي الله فخير له أن يستقيل من أن يقال.
4 – ليعلم جميع موظفي الدولة أن الإصلاح المالي والإداري في أجهزة لدولة ومحاربة الفساد والمفسدين قد آن أوانه وأن ذلك هو عنوان المرحلة الجديدة التي ستبدأ مع بداية العام الهجري خلال الأيام القادمة.