
تجتاح منظمات المجتمع المدني سوق الأعمال في اليمن بشكل رهيب مع وصول أعدادها وفقا لإحصائية رسمية تقديرية الى ما يقرب من 12 الف منظمة تستلم مخصصات ومنح وهبات وموازنات محلية وخارجية بالملايين لكن ذلك يتوقف عند نقطة هامة تتمثل بالشفافية التي لم تجد أي طريق للوصول الى هذه المنظمات ولاتزال تبحث عن نفسها في دهاليز عدد يتجاوز الـ 12 الف منها أو يزيد بكثير.
وترفع أغلب هذه المنظمات شعارات التنمية والإنسان وتضيف البعض الوان الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لكنها في الحقيقة تحولت الى عقبة كبيرة وعبء مجتمعي يضاف الى ما تواجه اليمن من تحديات معقدة يرى كثيرون ضرورة معالجتها من قبل المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني .
* هذا الأمر يتجسد في حديث لوزيرة الشئون الاجتماعية والعمل الدكتورة امة الرزاق علي حمد وتعبر عنه ببرود تام “بانها تتضخم بشكل لافت يترافق مع لغط كبير يرتبط بالشفافية وبالأداء لأنها تحصل على الملايين .
الوزيرة المختصة بهذا النوع من الاعمال تحدثت عن توجهات لإجراء تقييم شامل للمنظمات النوعية للتأكد من مستوى اداءها ومدى التزامها بالمعايير المنظمة لعملها.
وترى “حمد” ضرورة الارتقاء بمستوى رسم السياسات والبرامج والخدمات وبناء قدرات منظمات المجتمع المدني والارتقاء بمستواها وتأسيس المجلس الأعلى للشراكة والأهم توفير البيئة التشريعية والقانونية الملائمة لمثل هذه الأعمال التي يكون لها أثر واضح في عملية الشراكة القائمة على بناء حسن الثقة.
تشخيص
* تم تسجيل ما نسبته 24% من منظمات المجتمع المدني خلال الأعوام الثلاثة الماضية وتلازمت هذه الزيادة وفقا لدراسة بحثية واسعة في الأنشطة المدنية مع بدء الوضع السياسي المتأزم وأثناء المرحلة الانتقالية والذي يتسم بضعف تقديم الخدمات المدعومة من قبل الحكومة .
وتقع 47% من هذه المنظمات في صنعاء بينما تعمل 37% منها في أكثر من محافظة وتغطي أغلبها كافة المناطق الحضرية والريفية وترتبط ما يزيد على النصف منها بمنظمات ومؤسسات دولية .
وتصل موازناتها الى مبالغ كبيرة قد تتعدى 7 مليون دولار وأقل ميزانية لا تتعدى 500 دولار في حين أن الميزانية المتوسطة لهذه الجمعيات تبلغ نحو 323 الف دولار .
وتواجه هذه المنظمات إشكاليات متعددة حيث لا يوجد إطار عمل قانوني يميز الهيئة المدنية كشبكة عمل لذا فمنظمات المجتمع المدني كما يقول “البنك الدولي” الأكثر قربا منها ” – تختار تنسيق أعمالها تحت بنية تركيبية لشبكة العمل ولا يمكن لها تسجيل نفسها كشبكة عمل.
واغلب هذه الفئات العاملة والمتنامية بكثرة تندرج تحت إطار مؤسسات بنسبة تزيد على 30% وجمعيات بما يقرب من 25% بالإضافة الى شبكات واتحادات ومبادرات وتسميات اخرى غير محددة .
مستوى
* ترى وزيرة العمل أنه لا يمكن إيجاد نهضة تنموية حقيقية للمجتمع بدون شراكة منظمات المجتمع المدني حيث مكنت في هذا الصدد القوانين اليمنية هذه المنظمات من فرض وجودها في اللجان المعنية بوضع الخطط التنموية ومكنتها ايضا من صفة الدور الرقابي على تنفيذ الخطط والاستراتيجيات .
وعلى الرغم من الاسهامات التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني في شراكتها مع الحكومة الا أنها كما تقول “حمد” لم تكن على المستوى المطلوب لغياب وضوح الرؤية وانعدام الثقة وعدم وجود رؤية تنظيمية تؤطر لهذه الشراكة .
وتشير الى ان وثيقة الشراكة تقوم على التنسيق والتعاون وتكامل الجهود معتمدة على الثقة والاحترام والشفافية والمساءلة التي تقود الى تعزيز ثقافة المشاركة الشعبية وتعمل على بناء القدرات المؤسسية لكوادرها وتحسين كفاءتها المهنية والادارية وكذا الالتزام بالحوكمه الرشيدة في اطرها التنظيمية وهياكلها الإدارية.
بحسب الدكتورة “حمد” فإن الفكرة الأولى للشراكة الفاعلة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني وكانت قبل خمس سنوات برعاية البنك الدولي حيث شكلت مجموعة عمل وعقدت عدة ورش عمل في عدد من المحافظات شارك فيها الجانب الحكومي ومنظمات المجتمع المدني من مختلف الأطياف السياسية.
وتشير إلى أن هذه الفكرة تم تطويرها برؤية عملية لنشاطات وإسهامات منظمات المجتمع المدني المتنوعة ويأتي دور الدولة بضمان هذا الحق من خلال إصدار ثلاثة قوانين تنظم تأسيس وتشكيل منظمات المجتمع المدني وعمل وثيقة شراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع اكتسبت شرعيتها من إقرارها في مجلس الوزراء وتقديمها الى مؤتمر المانحين.
وثيقة
* يقول الدكتور محمد الحاوري وكيل وزارة التخطيط لقطاع الدراسات الاقتصادية أن اليمن تقدمت لمؤتمر المانحين المنعقد سابقاٍ في نهاية العام 2012م في الرياض والاجتماع الموسع للأصدقاء بنيويورك بوثيقة تسمى “المساءلة المشتركة ” تحتوي على حزمة اصلاحات لتعزيز الحكم الرشيد في أداء منظمات المجتمع المدني .
وأكد الحاوري أن الحكومة طورت وثيقة المشاركة مع المنظمات وعرضت بعد ذلك على اجتماعات المانحين وأصدقاء اليمن.
ويضيف قائلا : نحن على وشك الإعلان عن تشكيل المجلس الأعلى للشراكة بهدف نقلها الى الطابع العملي والمؤسسي لأن الشراكة برائية قضية حيوية ينبغي تحويلها الى واقع ملموس.
يشدد وكيل التخطيط على التنمية كمحور أساسي في عمل وأداء وأنشطة هذه المنظمات وهذا الأمر يتطلب العمل سويا بينها وبين الحكومة لكي تنتقل بالفعل من الوضع الحالي الذي يغلب عليه التنظير والنقد الى المشاركة المجتمعية .
ويقول الدكتور الحاوري : نحن بحاجة الى كل يد شريفة وعقل مفكر للمضي قدما في مسيرة التحول والبناء ووضع اليمن على الطريق الصحيح للمستقبل.