روشتة علاج دينية وطبية للتخلص من حالة التوتر في نهار رمضان

أفكار خاطئة وعوامل نفسية ترفع مؤشر ترمومتر الغضب لدى بعض الصائمين:التوتر والعصبية المفرطة “متلازمة النزق” في رمضان ..تخدش روحانية الشهر الفضيل

يتميز شهر رمضان المبارك بروحانية فريدة تميّزه عن باقي شهور السنة ، فهو يهذّب النفوس ويزيد الألفة والمحبة بين الناس ، ويكبح الكثير من جوامح النفس وشهواتها ..غير أن البعض من الناس لا يستشعرون المعاني السامية لشهر الصوم ، ولا يعيشون روحانيته ، فيحوّلون نهاره إلى نوم أو توتر وعصبية مفرطة، قد تؤدي إلى خلافات أسرية حادة وأحياناً مشاجرات ومشاحنات داخل البيت وفي الشارع ، وخصوصاً في الفترة التي تسبق موعد الإفطار ، حيث ترتفع لديهم حالة التوتر ومتلازمة “النزق” إلى مستوى قياسي، وربما لا يكون لهم من صيامهم سوى الجوع والعطش ..فما هي أسباب التوتر الزائد والعصبية المفرطة أثناء الصوم ؟ وكيف يمكن معالجتها ؟
يقضي بعض الصائمين نهار رمضان وهم متوترون ومشدودو الأعصاب، ومستعدون للغضب والانفعال لأتفه الأسباب، وينعكس هذا الغضب والتوتر ” النزق” على البيت والأسرة وفي مكاتب العمل ، وعلى بعض السائقين في الشوارع أو الباعة ، وغيرهم.

ارتفاع ترمومتر التوتر
عبدالله محمد يعيش طوال أيام شهر رمضان حالة من التوتر والقلق والعصبية المفرطة ، ولا يتحمل أي كلام أو انتقاد أو طلبات للبيت، حيث يقول أعاني في نهار رمضان وخصوصا من فترة ما بعد الظهر إلى وقت الإفطار من المزاج المتعكر والعصبية المفرطة ولا أتحمل حتى نفسي ، وأغضب وأتلفظ بألفاظ قاسية على زوجتي وعلى الأبناء ، أحيانا بسبب الجوع والعطش واحيانا بدون سبب .
ويضيف : أحاول الهروب من هذه الحالة التي تلازمني إلى المسجد ، وأقضي فيه عدة ساعات وأحيانا إلى ما قبل الإفطار ، وما ان أعود إلى البيت حتى أعود إلى حالة “النزق ” وينتابني الغضب على الزوجة والأبناء لأتفه الأسباب ، ولم استطع التخلص من هذه المشكلة التي تنعكس سلبا على نفسية الزوجة والأبناء ، رغم كل المحاولات التي أبذلها لتجنب ذلك . وربما يكون للتدخين دور كبير في الحالة النفسية العصبية التي أعيشها أثناء فترة الصوم.

هروب
وعادة ما تزداد حدة توتر وعصبية مثل هؤلاء الأشخاص مع اقتراب موعد الإفطار، حيث ترتفع حالة العصبية والغضب، كلما اشتد العطش، أو أحس مثل هؤلاء الصائمين بالجوع وبالحاجة للطعام والماء.
لهذا نجد أن بعض الصائمين يخشون من القيادة في الشوارع قبيل موعد الإفطار، بسبب تهور وعصبية بعض السائقين، وتعاملهم المفرط بالعدائية تجاه أي خطأ ولو كان يسيراً من قبل السائقين أو حتى المارة.
أحمد الصبري- سائق باص يحاول معظم أيام الصيام تجنب القيادة وخصوصا في فترة ما قبل الإفطار ، حيث تكون العصبية والتوتر لدى الكثير من السائقين -كما يقول ” مرتفعة جدا ، من خلال السرعة الزائدة لدى البعض ، والغضب الذي يسكنهم في هذا الوقت ، فتحصل حوادث مرورية وخلافات بين السائقين وبعض الركاب أو مع رجال المرور ، وقد تصل لحالة الشجار والضرب ، وغيرها من الإشكالات الكثيرة التي تظهر في هذا التوقيت .
ولذلك يفضّل أحمد الصبري أن لا يقود باصه في هذا الوقت، فهو يحرص كل يوم على العودة إلى منزله قبل ساعتين أو ساعة ونصف على موعد الإفطار إلى البيت تجنبا لمثل هذه المشاكل التي تزداد كل يوم وخصوصا قبل موعد الإفطار حتى لا يحتك مع أي سائق “نزق ” أو شخص في الشارع ويجرح أو يفسد صومه .

أسباب التوتر والانفعال
يحدث الانفعال والعصبية لدى الصائمين، بسبب نقصان المواد الغذائية الأساسية في الجسم، وخاصة مادة الجلوكوز في الدم، وبالتالي يشعر بعض الصائمين بشيء غريب في الجسم، ويترتب على نقص الجلوكوز: الإحساس بالخمول، والضعف، وعدم القدرة على إنجاز الأعمال، وغيرها من الأمور التي قد تؤدي بالصائم إلى العصبية والانفعال.
وعادة ما يكون الشعور بالجوع والعطش ـ بحد ذاته ـ سبباً للتوتر والانفعال بين الناس؛ لأنه شعور غير مريح، وبالتالي فإن الأشخاص المعتادين على الشبع والحصول على الطعام والشراب متى ما أرادوا، لا يستطيعون تحمل الحرمان من الماء والأكل لساعات طويلة، لذلك يشعرون بتوتر وعصبية وغضب.
هذا الجوع والعطش، وعدم قدرة الشخص على الأكل والشرب رغم جوعه، هي أحد الأهداف الربانية لشعيرة الصيام، وذلك لتدريب النفس على الجوع والعطش، والشعور بما يشعر به الفقراء والمساكين الذين اعتادوا على قضاء ساعات طويلة، وربما أيام، بلا طعام ولا شراب لقلّة الأكل وندرة ما يسدون به رمقهم.
والغريب في الأمر، أن هذه الشعيرة الربانية، القائمة على تدريب النفس واستشعار ما يعانيه الفقراء، تصبح لدى البعض سبباً للغضب والعصبية والتوتر، بدلاً من أن تكون سبباً لرقّة القلب ورهافة الإحساس والرحمة بعباد الله والإحساس بالآخرين.

ومن الأسباب الأخرى المؤدية للتوتر خلال شهر رمضان :
-نقص شرب الماء خلال الصيام.
-التعود على المنبهات.
-الإدمان على تناول السجائر والشيشة.
-نقص السكر في الدم.

أفكار وثقافات خاطئة
شهر رمضان وفرض الصيام جاء ليحسِّن من أخلاق الناس وضبط التعامل في ما بينهم، لكن نتيجة لأسباب ثقافية خاطئة يقع الكثير من الناس في دوامة العصبية المفرطة في شهر رمضان من خلال تبني أفكار خاطئة عن الصيام وأنه جهد مرهق بسبب البيئة والثقافة التي عاشوا عليها، ما ينعكس على تصرفاتهم وردود أفعالهم تجاه بعضهم البعض.
وللتفكير الخاطئ عواقب وخيمة، أبرزها دقائق ما قبل أذان المغرب وما يحدث فيها من مشاجرات قد تصل حد القتل نتيجة هذه الأخطاء في التفكير، كأن يقوم البعض بقراءة أفكار الناس من حوله وتحليل تصرفاتهم وبناء عليه يتخذ موقفاً حاداً تجاههم، وبدورهم الناس- يردون على ذلك بأسلوب أكثر عصبية وحدة، ما يسبب صدامات وحوادث مؤلمة .

نصائح لتخفيف التوتر في رمضان:
من أجل أن نبتعد قدر المستطاع عن الغضب والعصبية خلال شهر رمضان المبارك، يستطيع الصائم التخلص من هذه الحالة من خلال اتباع مجموعة من الخطوات البسيطة، التي يوردها علماء دين وخبراء في مجال التغذية وعلم النفس كما يلي:
– محاولة تعويد النفس على الخضوع والخنوع لله تبارك وتعالى، وبالتالي التسليم بما أمر به والانصياع طواعية برضا نفس وسعة قلب بما أمر به المولى عز وجل، فترك الطعام والشراب رغم الشعور بالجوع والعطش هو عبادة لله، نقوم بها طواعية، فحري بنا أن لا نمتعض وألا ننفعل من هذه العبادة.
– تذكر الهدف الرباني من شعيرة الصيام بشكل مستمر، واستشعار حال الفقراء والمساكين والجائعين في كل مكان، وبالتالي تعويد النفس على مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم وتحويل النقمة إلى رحمة، تصل إلى خلق الله جميعاً.
-الإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى في جميع الأحوال والأوقات، فبذكر الله تطمئن القلوب وتسكن النفوس، وهي فوق ذلك عبادة عظيمة ذات مرتبة رفيعة في رمضان.
– تقليل شرب المنبهات خلال أوقات الإفطار، كالقهوة والشاي وغيرها، فزيادة شرب المنبهات بشكل عام وحرمان الجسم من هذه المنبهات خلال نهار رمضان، يسبب للكثيرين التوتر والعصبية والانفعال، لذلك من الأفضل تعويد الجسم على أخذ كميات مناسبة من هذه المشروبات المنبهة، وبالتالي تقليل رغبة وحاجة الجسم لها خلال الصيام.
– عدم الخوف من العصبية، وبالأخصّ ضمن المواقف غير المريحة، حيث أنّه من المهم معرفة أنّ التوتر يشكل أمرًا طبيعيًا، كما قد يشعر الكثير من الأشخاص بهذه الأعراض في فترةٍ ما من حياتهم، وبالتالي على الصائم عدم الخوف من العصبية للأسباب والاستماع إلى الأحاديث المليئة بالطاقة الإيجابية، والتفكير الإيجابي والقيام بتخيل النتيجة التي يريدها محققةً.. تحدَّث إلى شخص تحبه، وتشعر بالراحة معه كالوالدين والأصدقاء، فالتحدث إلى شخص تحبه يعد وسيلة جيدة للتخلص من التوتر، كونه يشغلك بشيء آخر بعيدًا عن التوتر.
– الجلوس أو الاستلقاء في مكان هادئ بوضعية مريحة. ووضع إحدى اليدين على البطن، أي تحت الأضلاع مباشرة، واليد الأخرى على الصدر، أخذ نفس عميق من خلال الأنف، القيام بالزفير من خلال الشفاه، قم بتكرار هذه العملية بمعدل 3 – 10 مرات، حيث يساعد التنفس العميق على التخلص من أعراض التوتر والعصبية عند الصائم.
– المشي : يساعد المشي لبضع دقائق في بيئة طبيعية على التخلص من التوتر والعصبية، بالإضافة إلى الشعور بالراحة، حيث أنّ المشي يعد من الأمور المهمة جدًا، حيث يقدم مجموعة من الفوائد ومنها : مزاج الصائم، والابتعاد عن مسببات التوتر.
– أخذ قسط وافر من النوم: تجنب السهر على النت أو المسلسلات التلفزيونية الرمضانية والتي تستهلك الطاقة وتؤثر سلبًا على الحالة النفسية، وحاول الحصول على عدد ساعات نوم كافية وهذه من أهم النصائح لتجنب التوتر والعصبية في رمضان.
– حاول الاسترخاء: إن كنت تشعر بأنك غير قادر على السيطرة على انفعالاتك وغضبك ننصحك بالاسترخاء لمدّة 5 دقائق على الأقل والابتعاد عن كلّ ما يزعجك قبل معاودة الأعمال اليومية.
– شرب كمية كافية من الماء أثناء الليل اشرب ما لا يقل عن 8 – 10 أكواب من الماء موزعة بين وجبة الإفطار والسحور لتجنب التأثيرات العصبية.
– إغلاق مواقع سائل التواصل الاجتماعي: من أهم الأمور التي تزيد من التوتر العصبي في شهر رمضان هي كثرة الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك قم بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة، لكي تمنع الإصابة بالتوتر والأرق خاصة أثناء فترة الليل.
– اتباع نظام غذائي متزن: بإمكان المواد الغذائية أن تقي من الضغوطات بعدة وسائل، إذ تقوم الأطعمة المهدئة، مثل: طبق دقيق الشوفان الساخن بزيادة مستويات السيروتونين (Serotonin)، وهو عبارة عن مادة كيميائية مسؤولة عن تنظيم المزاج في الدماغ.
وبإمكان مواد غذائية أخرى أن تقلل من مستويات الكورتيزول (Cortisol) والأدرينالين (Adrenaline)، وهما هرمونا التوتر اللذان يؤثران سلبًا على الجسم مع مرور الوقت، وتقوي جهاز المناعة، وتخفض ضغط الدم.

قد يعجبك ايضا