التكافل الاجتماعي وصلة الأرحام والإفطار الجماعي في المساجد من أهم سماتها

العادات والتقاليد الرمضانية لم يخفت وهجها في قلوب اليمنيين رغم الحصار والعدوان

 

 

لم يتمكن العدوان الغاشم على مدى 7 سنوات من الحصار والضربات والقصف العشوائي أن يجعل اليمنيين يتجاهلون عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة في إحياء ليالي رمضان عاماً تلو عام، أهمها التكافل والتراحم في شهر رمضان، هي عادات وتقاليد رمضانية تزداد في شهر رمضان المبارك ممتلئة بالدفء وتعهد الأهل والجيران الفقراء والاهتمام بصنع المأكولات والأطعمة وجلوس الصائمين عند حلول وقت أذان المغرب على شكل حلقات على موائد الإفطار؛ لتجهيز وتناول الطعام والذي يكون مُكَوَّناً من التمور والسمبوسة وبعض المأكولات الخفيفة، بالإضافة إلى طبق “الشفوت” وهو وجبة يمنية مشهورة تتناولها الأسر في شهر رمضان الكريم، وهو طبق ممزوج من الخبز “الرقاق” أو “اللحوح” والزبادي أو اللبن المخلوط بالنعناع الأخضر والكمون الطازج والملح، ويتم التركيز على وجبة العشاء عقب صلاة المغرب، والتي تكون عبارة عن طبق من اللحوم وأنواع أخرى من الأطعمة المُعدّة للفطور، مثل العصيدة والمندي وكذلك “السلتة” وهي وجبة مكونة من الحلبة والخضروات واللحم المفروم والتوابل والبيض، أما الحلويات فهي مادة أساسية وأشهر أنواعها الكنافة وبنت الصحن، ولا تختلف هذه العادات عند أبناء الشعب اليمني في رمضان، وعند حلول اليوم العاشر من رمضان تبدأ الأسر اليمنية في إحياء ليالٍ تنافسية في إلقاء الشعر وتأدية الرقصات التقليدية ولبس الأقنعة على الوجه ويتم خلال الشهر الفضيل الاحتفال بالراغبين في الزواج ليلة العشرين من شهر رمضان، ويعد هذا إذاعة بأنهم سيدخلون في عش الزوجية بعد انتهاء الشهر المبارك، وتعتبر أهم المظاهر الرمضانية في بلادنا التماسي التي تشبه إلى قدر كبير “القرقعان وحق الليلة”، حيث كان الأطفال يتهيأون لتأديتها بحماس في أواخر شهر شعبان، وينتظرون طقوس التماسي التي يكسبون من خلالها بعض النقود، وكان شعر التماسي وأداؤه مختلفاً عن الأهازيج؛ لأن ذلك الأداء هو نشيد الطفولة، إذ لا يؤديه إلاّ مجاميع من الأطفال الذين يجتمعون حول بيوتهم في الأسبوع الأول يرددون التماسي الخاصة بالأدعية لآبائهم، يا رمضان يا بو الحمائم اد لابي قرعة دراهـم يا رمضان يا بو المدافع اد لنا مخزن بضائـع” وعندما يشارف الأسبوع الأول على الانتهاء، تشاهد الأطفال ينطلقون صوب البيوت في الأحياء المجاورة لمنازلهم بعد أن تبدأ إضاءة الليالي، ويستطيع الأطفال الحركة وأداء النشيد وليؤدوا التمسية بصوت مسموع “يا مساء أسعد الله مساكم يا مساء جيت امسي عندكم”، ويتم الإعلان عن رؤية هلال شهر رمضان في اليمن عبر وسائل الإعلام اليمنية، التي يقف أمامها أبناء الشعب اليمني بلهفة كبيرة؛ لمعرفة أنَّ ذلك اليوم هو اليوم المتمم لشهر شعبان أم بداية شهر رمضان الكريم، ليتوجهوا بعد ذلك للمساجد لصلاة القيام مع أطفالهم، وبعض النساء يذهبن كذلك إلى الجوامع التي يتوفر فيها مصلى لهن، وتبدأ بعد ذلك الطقوس والعادات المختلفة التي يتميز بها هذا الشهر.

الأكلات والمشروبات
يختلف الطعام المقدم في شهر رمضان الكريم عن مختلف الأيام الأخرى في جميع أنحاء العالم، حيث تُعَد وجبة “الشفوت” من أهم المأكولات التقليدية اليمنية التي لا تخلو منها أي مائدة إفطار رمضانية في اليمن، وهي طبق يتكون من الخبز أو اللحوح واللبن (الزبادي أو الحقين)، وبعض الخضروات التي تضيف نكهة جميلة على الطبق، إضافة إلى ذلك فإن أطباق الرواني والشعوبية وبنت الصحن من أشهر الحلويات الشعبية التي تقوم ربة البيت بإعدادها في المنزل، فضلاً عن السنبوسة والطعمية أو الباجية والمهلبية وغيرها من المأكولات، التي تكون السفرة عامرة بها، كما تعد القهوة بمختلف أنواعها مشروباً مميزاً بالنسبة للصائمين والتي يقدمونها مع التمر أثناء وجبة الفطور أو السحور.

التكافل والتراحم
في شهر رمضان ترتفع درجة التكافل بين أبناء الشعب اليمني الذين يهتمون كثيراً بالشعائر الإسلامية، خاصة في شهر رمضان الكريم، الذي يعتبر بالنسبة لهم فرصة لزيادة رصيدهم من الحسنات، وذلك عن طريق الاهتمام الكبير بالفقراء والمحتاجين، ففي أغلب المساجد يقيمون إفطاراً جماعياً بشكل يومي، حيث يحضره العديد من الناس، حيث يحرص أبناء الشعب اليمني خلال هذا الشهر، الذي يتميز بروحانية خاصة، على تبادل الزيارات والأطعمة بشكل كبير بينهم، وذلك رغبة منهم في تقوية أواصر المحبة بينهم، وهو فرصة بالنسبة لهم لحل كثير من المشكلات الاجتماعية، وغالباً ما يجتمعون للإفطار معاً، أو بعد تناولهم الفطور كما يتبادلون الأحاديث المختلفة في أجواء سعيدة، أو يقفون أمام شاشات التلفاز لمتابعة البرامج والمسلسلات التي يتم عرضها في رمضان.

قد يعجبك ايضا