الجبايات تشل حركة النقل وفساد المرتزقة يضاعف معاناة المواطنين في المحافظات المحتلة
تداعيات الانفلات الأمني تطال موظفي الأمم المتحدة في أبين
بوساطة من قوات الفار هادي.. تنظيم القاعدة يطالب بفدية مالية للإفراج عن الموظفين الأمميين
انعكست تداعيات الانفلات والفوضى الأمنية- التي تشهدها مدينة عدن وبقية المحافظات المحتلة- على حياة المواطنين الذين أصبحوا يشكون من تأثيرات الانهيار الأمني والاقتصادي الذي نجمت عنه الكثير من التناقضات التي حولت حياتهم إلى جحيم.
ويمثل الانفلات والفوضى الأمنية والعبث وجرائم القتل وعمليات النهب والسرقة والاختطاف وانتشار المخدرات، هماً يومياً ومعاناة يعيشها أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة، التي أصبح العيش فيها يمثل بالنسبة لهم، مغامرة محفوفة بالمخاطر.الثورة / عادل محمد
تداعيات الانفلات تطال الموظفين الأمميين
وساهمت الفوضى والانفلات الأمني- التي تشهدها المحافظات الجنوبية المحتلة- في تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية حيث أقدم تنظيم القاعدة الإرهابي -الجمعة- باختطاف خمسة من موظفي مكتب الأمن والسلامة التابع للأمم المتحدة أثناء مرور الفريق الأممي في منطقة بين الخديرة ومودية بمحافظة أبين المحتلة.
ووفقا لمصادر محلية، فقد فرض تنظيم القاعدة في أبين فدية مالية مقدارها مليون ريال سعودي بالإضافة إلى إطلاق سراح عناصره المحتجزين في سجون عدن، مقابل الإفراج عن العاملين في مكتب الأمم المتحدة.
وأوضحت المصادر أن مطالب تنظيم القاعدة تم التوصل إليها من خلال لجنة التفاوض مع خاطفي الموظفين الأمميين، التي ويرأسها قائد ما يسمى اللواء الثالث حماية رئاسية «لؤي الزامكي»، الذي يقوم بالتفاوض المباشر مع الخاطفين، وأبلغ المحافظ والوفد الأممي بأن تنظيم القاعدة طلب مليون ريال سعودي بالإضافة إلى إطلاق سراح عناصره المحتجزين في سجون عدن، مقابل الإفراج عن العاملين في مكتب الأمم المتحدة.
وأكدت المصادر أن تدخل «الزامكي» وتواصله المباشر مع تنظيم القاعدة في عملية التفاوض، يشير إلى وجود تفاهمات مسبقة مع تنظيم القاعدة في أبين، ويثبت أن التنظيم الارهابي يحظى بدعم وحماية من اللواء الثالث التابع للفار هادي، متهمة لواء الزامكي بالوقوف وراء عملية اختطاف الموظفين الأمميين.
وأشارت المصادر إلى أن المختطفين الخمسة هم مدير مكتب الأمن والسلامة التابع للأمم المتحدة البلغاري «آكم سوفيول»، والمنسق الأمني «مازن باوزير»، والمنسق الخاص «محمد المليكي» إضافة إلى مرافقين اثنين .
ويتعرض العاملون في المنظمات الدولية لاعتداءات متكررة في مناطق سيطرة تحالف العدوان وحكومة الفار هادي، حيث أدانت منظمة أطباء بلا حدود الدولية الإنسانية مقتل الطبيب «عاطف سيف محمد الحرازي» البالغ من العمر 35 عاماً أوائل أكتوبر2021م- بنقطة تفتيش في لحج أثناء رحلة خاصة إلى عدن بصحبة أصدقائه، وقبلها أعلنت منظمة «أوكسفام» الدولية وفاة أحد العاملين لديها متأثراً بجروحه التي أُصيب بها في مديرية ردفان، مشيرة إلى أن «فتحي محمود علي سالم الزريقي» (42 عاماً) توفي بعد يوم من إصابته برصاص مسلحين في منطقة «حلية» الواقعة بين مديريتي ردفان وحالمين.
ويشير استهداف طواقم المنظمات الدولية في المحافظات المحتلة إلى مدى الانفلات الأمني في تلك المناطق التي تضاعفت فيها معدلات الجرائم وراح ضحيتها الكثير من المدنيين والعسكريين.
فضائح فساد
أقدم وزير النقل في حكومة المرتزقة عبدالسلام حُميد، على فصل الصحفي «مشعل الخبجي» من عمله في ميناء شحن بعد نشره فضائح فساد متعددة بالوزارة وهيئاتها.
وأظهرت وثيقة صادرة عن القائم بأعمال الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري «علي حيدرة محروق»، أمراً إدارياً بعدم تجديد التعاقد مع الموظف «مشعل محمد ثابت سفيان» في ميناء شحن البري.
وجاء قرار فصل «مشعل الخبجي» -شقيق عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي التابع للإمارات «ناصر الخبجي»- بعد نشره سلسلة وثائق فساد متعلقة باختلاس مبالغ مالية تحت مسميات متعددة من وزارة النقل وهيئاتها، وآخرها نشره -في 5 فبراير الجاري- وثيقة مقترح من القائم بأعمال رئيس هيئة النقل البري «علي محروق» بصرف تسهيلات لمن وقفوا مع الوزير «حُميد» في معارضة أحد القرارات، على أن يتسلم الأخير مليوناً ونصف المليون، ونائبه مليون ريال، ومليون ونصف المليون أخرى لمن قام برفع المقترح ولأحد وكلاء الوزارة، ومليون لموظفي مكتب الوزير.
وكان «الخبجي» قد جرى استدعاؤه بإملاء من قِبل وزير النقل المرتزق «عبدالسلام حُميد» لمحاسبته على نشر وثائق متعلقة بفساد الوزير، ومنها وثائق تتحدث عن فساد بـ300 مليون ريال سنوياً، وكذلك وثائق متعلقة بمنح نجل حُميد مبالغ مالية تحت مسمى بدل سفر، والعديد من أوجه الفساد المتعلقة بالوزير.
الجبايات تشل حركة السير بين المحافظات
يواصل سائقو الشاحنات والقاطرات منذ أواخر يناير الفائت تنفيذ إضراب مفتوح احتجاجاً على زيادة الجبايات التي تفرضها النقاط الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة المرتزقة والمجلس الانتقالي التابع للإمارات على امتداد الطريق بين عدن ولحج، ما أدى إلى شل حركة النقل الثقيل في محافظة لحج وقطع الطريق بين المحافظات الجنوبية والشمالية.
ويؤكد السائقون أنهم أصبحوا يدفعون لأكثر من 26 نقطة أمنية، لافتين إلى أن نقاط التحصيل التابعة لقوات المجلس الانتقالي تفرض عليهم جبايات ضخمة تحت مسمى «رسوم الدعم الأمني والعسكري» تصل في معظم الحالات إلى مليون ريال على الشاحنة الواحدة.
وتشهد مناطق يافع في محافظة لحج، أزمة مشتقات نفطية خانقة وسط غضب شعبي جراء تجاهل السلطة المحلية والمجلس الانتقالي لمعاناة المواطنين.
وحمَّل المواطنون في يافع السلطة المحلية بقيادة المحافظ المُعيَّن من الفار هادي «أحمد عبدالله تركي» وقيادة المجلس الانتقالي في المحافظة المسؤولية الكاملة عن أزمة الوقود في مناطقهم.
وأوضحوا أن سعر الدبة البترول 20 لتراً في يافع وصل إلى 50 ألفاً في السوق السوداء بالتزامن مع انعدامه في المحطات الرسمية.
وأشاروا إلى أن إضراب سائقي الشاحنات في خط يافع جراء زيادة نقاط الجبايات وارتفاع المبالغ المفروضة تسبب بتوقف الحركة وأزمة في المشتقات النفطية.
وطالب المواطنون السلطة المحلية وقيادات المجلس الانتقالي بسرعة وضع حلول جذرية من شأنها رفع الإضراب وحصول مناطق يافع على الوقود.
وتسبب إضراب سائقي الشاحنات في انقطاع الحركة على طول الخط الرابط بين عدن ولحج، الأمر الذي دفع تجار مديريتي لعبوس والمفلحي لإعلان الإضراب عن العمل؛ احتجاجاً على تجاهل سلطات الفار هادي لمطالب سائقي الشاحنات الذين يتعرضون لإجراءات تعسفية من قِبل النقاط الأمنية.
وأكدت نقابة تجار يافع -في بلاغ صحفي- أن نقاط الجبايات تتسبب برفع أسعار المواد الغذائية والتموينية وتعطل الحركة التجارية، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين، مطالبة برفع تلك النقاط بأسرع وقت ممكن.
ويؤكد سائقو شاحنات النقل الثقيل أنهم يتعرضون لعمليات ابتزاز وسلب ونهب في النقاط الممتدة على خط سير الناقلات والقاطرات من منطقة الرباط إلى الحد بيافع، مشيرين إلى أن قاطراتهم توقفت لأكثر من أسبوع في بعض النقاط الأمنية التابعة للانتقالي التي تفرض عليهم جبايات كبيرة تحت مسمى (رسوم الدعم الأمني والعسكري) تصل في معظم الحالات إلى مليون ريال على الشاحنة الواحدة في نقطة التحصيل بمنطقة الحد يافع.
لافتين إلى أن المليشيات في النقاط الأمنية تقوم بفرض سند تحصيل آخر بقيمة 100 ألف ريال تحت مسمى (سند قبض بضائع متنوعة).
وقال السائقون إنهم يدفعون مبالغ كبيرة في النقاط الأمنية والعسكرية أثناء خروجهم من عدن ومنها 50 ألف ريال في نقطة العند و مبلغ10آلاف ريال في نقطة الزيتونة و150 ألفاً في نقطة الوطنية ومبلغ 25 ألفاً في ميزان الملاح (وهناك مساعٍ لرفعها إلى 100 ألف ريال) ومبلغ ألف ريال في نقطة العسكرية ومبلغ 20 ألفاً في نقطة نقيل الخلاء ومبلغ 20 ألف ريال في نقطة العر ومبلغ 50 ألف ريال في نقطة السر.
وأشار سائقو الشاحنات إلى أنهم يقومون بدفع مبالغ أخرى عند توجههم إلى مدينة عدن، وهي كالتـالي:
10 آلاف ريال في نقطة السر و10 آلاف ريال في نقطة العر و10 آلاف ريال في نقطة الخلاء و6 آلاف ريال في نقطة الزيتونة بالإضافة إلى مبالغ أخرى يتم فرضها عليهم في بقية النقاط رغم أن شاحناتهم متجهة إلى عدن خالية من أي بضائع..
جبايات في مطار عدن
وفي ذات السياق تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسندات جبايات جديدة في مطار عدن أثارت سخطاً واسعاً من تحويل خدمات مجانية في العالم إلى خدمات مدفوعة.
وأظهرت السندات الصادرة من مطار عدن، فرض رسوم جديدة على المسافرين مقابل عربات نقل الحقائب بلغت ألف ريال يمني على كل عربة وتحت مسمى «خدمات نقل أمتعة المسافرين».
ولم توضح السندات الجهة التي تورَّد إليها تلك المبالغ ما يشير إلى وقوف جهات أمنية وراء الجبايات الجديدة.
وأشار الناشطون إلى أن خدمة «الترولي» المجانية في جميع أنحاء العالم يتم تأجيرها في مطار عدن وبسندات رسمية.
وتسببت الجبايات التي زادت مؤخراً في عدن- من قِبل النقاط الأمنية والعسكرية واللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس الانتقالي على التجار وسائقي شاحنات المواد الغذائية إلى ارتفاع الأسعار المرتفعة أصلاً جراء تدهور العملة الوطنية بفعل سياسات التجويع التي يفرضها تحالف العدوان على المواطنين.
شركة الغاز تفاقم معاناة سكان عدن
كما كشف قرار لأحد مسؤولي الغاز المنزلي في مدينة عدن، عن استمرار التلاعب ونهب مخصصات المدينة من الغاز والإسهام في تفاقم الأزمة الخانقة في المدينة.
ودفعت مساعي شركة الغاز لدعم وتزويد المطاعم بمادة الغاز المنزلي على حساب حصة المواطنين، نائب رئيس اللجنة التحضيرية للغاز المنزلي «علي التابعي» لإعلان استقالته من المنصب وإخلاء مسؤوليته عن تأسيس اللجنة ووكلاء الغاز.
وفي الوقت الذي يعاني فيه سكان عدن من انعدام مادة الغاز أعلن وكيل محافظة عدن لشؤون النفط والغاز المرتزق «رشاد شائع» عن خطة لإعادة تنظيم توزيع الغاز المنزلي، مؤكدا أن شركة الغاز انتهت من إعداد الكشوفات الخاصة بالمطاعم لخمس مديريات تمهيداً لتدشين حملة التموين والتوزيع اعتباراً من اليوم الأربعاء، وهو ما اعتبره أبناء المدينة تجاهلا لمعاناتهم.
واستنكر رئيس اللجنة التحضيرية للغاز المنزلي، الخطط التي قدمتها شركة الغاز بخصوص توزيع أسطوانات الغاز للمطاعم، مؤكداً أن الهدف منها تقليص كميات الغاز المخصصة للمواطنين وليس تنظيم عملية البيع والتوزيع والحد من التلاعب.
واعتبر أن تلك الخطوة غير المدروسة ستزيد الوضع سوءاً وتسهم في تفاقم أزمة الغاز الخانقة التي تمر بها عدن دون معالجات صحيحة وجذرية من الجهات المعنية.
وتصاعدت الاتهامات المتبادلة بين وكلاء الغاز المنزلي ومسؤولي شركة الغاز بنهب حصة عدن من الغاز والتلاعب في أسعارها ما زاد من حالة تأزيم الوضع المعيشي للمواطنين في المدينة.
تظاهرات غاضبة
وأثار تلاعب شركة الغاز في حكومة المرتزقة بحصص المواطنين من مادة الغاز المنزلي- غضب المواطنين في مدينة عدن المحتلة، التي شهدت خروج تظاهرة منددة بالممارسات التي تقوم بها شركة الغاز بهدف نهب حصص المواطنين وتوزيعها وبيعها لأصحاب المطاعم والبوفيات في المدينة.
وقطع عدد من المواطنين الغاضبين الشارع الرئيس في مديرية المعلا بمدينة عدن؛ احتجاجاً على انعدام الغاز المنزلي، مؤكدين أنهم يعانون من انعدام مادة الغاز المنزلي منذ شهرين، الأمر الذي ضاعف معاناتهم وألجأ الكثير منهم إلى استخدام الحطب كبديل لمادة الغاز.
واتهم المحتجون شركة الغاز والسلطة المحلية بافتعال الأزمات والتواطؤ مع وكلاء بيع الغاز، مشيرين إلى أنهم يمدون السوق السوداء بأسطوانات الغاز وبيعها بمبالغ باهظة.
وكانت مصادر كشفت -أواخر يناير الماضي- عن فساد في عملية توزيع أسطوانات الغاز المنزلي في مدينة عدن وسط غياب دور السلطة المحلية، إذ أكدت المصادر أن مسؤولي مركز توزيع الغاز بمديرية الشيخ عثمان يمارسون فساداً في عملية التوزيع ويحرمون المواطنين من الحصول على حصصهم من المادة، منوهة بأن المركز يستقبل 232 أسطوانة وما يتم توزيعه نصف الكمية وبقيتها تذهب إلى السوق السوداء لتُباع بأسعار باهظة تفوق قدرة المواطنين الشرائية.
وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان وحكومة المرتزقة، أزمات متتالية رغم سيطرة سلطاتها على حقول النفط والغاز، الأمر الذي أثار تساؤل الكثير من الناشطين والحقوقيين عن مصير براميل النفط وناقلات الغاز التي يتم إنتاجها في حضرموت وشبوة ومارب وغيرها.
وحمَّل الحقوقيون حكومة الفار هادي مسؤولية التلاعب بالمشتقات النفطية والغازية وتسخيرها لخدمة مسؤوليها الذين يعيشون حياة فارهة في الخارج، بينما يعاني المواطنون في المناطق الجنوبية والشرقية من أوضاع مأساوية وانعدام أبسط مقومات العيش الكريم.