الثورة نت../ سبأ../زيد المحبشي
أسرابٌ طويلة من المركبات بمختلف مسمياتها أمام محطات الوقود، وانتظارٌ طويل لوصول قاطرات المشتقات، مشهدٌ مأساوي يتكرر للعام السابع، دون أن تُحرِّك الأمم المتحدة بمنظماتها المختلف ساكناً، وإرتضائها بأن تكون مجرد مُحلل رخيص لكل الجرائم التي يرتكبها تحالف الاعراب في اليمن، فأي عُهرٍ هذا يا هيئة الأمم؟.
للسنة السابعة على التوالي يتعمد التحالف العبري إطالة فترة احتجاز السفن حتى تتساوى غرامات التأخير لكل سفينة مع قيمة حمولتها من المشتقات، وأحياناً تتجاوز غرامات التأخير ضعف قيمة الحمولة، ناهيك عن تلف حمولة سفن الغذاء والدواء، وقد سُجلت العديد من حالات التلف في السنوات الماضية، والنتيجة زيادة الأعباء على اليمنيين، وزيادة معاناتهم وعذاباتهم، والحكم عليهم بالموت البطيئ.
وتدميرٌ ممنهج للاقتصاد الوطني اليمني، من خلال استهداف رؤوس أموال القطاع الخاص، وإيصال مُستوردي المشتقات النفطية في صنعاء تحديداً إلى حالة الإفلاس، وبالتالي تسليم الاسواق الشمالية لتاجر النفط العيسي الموالي للتحالف، وتسليم الاسواق الجنوبية لشركة أبو ظبي للخدمات النفطية.
وهو ما يسعى له تحالف الأعراب منذ بدء عدوانه الآثم على هذا البلد المنكوب والمظلوم، في ظل صمت دولي مُخجل، رغم كل المناشدات والوقفات التي نظمها اليمنيون أمام مقر مكتب الأمم المتحدة بصنعاء، ورغم كل التقارير المُحذرة من التبعات الكارثية المترتبة على الاحتجازات المتكررة لسفن الوقود والغذاء والدواء، لكن لا حياة لمن تنادي في هذا العالم الاصم.
فالتحالف مستمرٌ في تقييد الواردات اليمنية بأريحية ومباركة أممية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، ومنعها من دخول اليمن، بلا كلل ولا ملل ولا ضوابط أخلاقية ولا إنسانية ولا دينية، والضمير العالمي مستمرٌ في إجازته المفتوحة ما دامت بقرة التحالف مستمرة في إدرار حليبها الممزوج بدماء اليمنيين.
هذا الإجراء التعسفي والظالم يُمثِّل أحد أسلحه القتل البطيئ التي حرص تحالف الأعراب على استخدامها في حرب اليمن المنسية، المتحررة من كل أخلاقيات الحروب المُضمّنة مواثيق وعهود هيئة الأمم واتفاقيات فيينا الأربع واتفاق السويد والقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية بشأن النقل البحري.
ويحاول العدوان العبري من وراء اللعب بورقة المشتقات، تحقيق ما عجزت عنه ترسانته العسكرية، وماكيناته السياسية، وتركيع اليمنيين والنيل من ثباتهم ورباطة جأشهم وصبرهم، وقتل كل مظاهر الحياة والأمل في اليمن، وإصابة الاقتصاد اليمني بمقتل، بعد تدمير كل مقوماته وبنيته التحتية.
إجراءات تعسفية:
كشفت شركة النفط اليمنية بصنعاء في تقرير لها بتاريخ 21 يناير 2022 عن استمرار قوى العدوان في احتجاز 7 سفن نفطية، منها سفينة تحمل مادة الغاز، و6 سفن نفطية بحمولة إجمالية تبلغ 164659 طن من مادة البنزين والديزل والمازوت، وتجاوزت فترات الاحتجاز أكثر من “160” يوماً، رغم استكمال تلك السفن كافة إجراءات الفحص والتدقيق عبر آلية بعثة التحقق والتفتيش في جيبوتي (UNVIM)، وحصولها على التصاريح الأممية التي تُؤكد مطابقة الحمولة للشروط المنصوص عليها في مفهوم عمليات آلية التحقق والتفتيش، ورغم التزام الجهات المعنية بحكومة الانقاذ بصنعاء بكافة التعاليم والإجراءات المفروضة.
وهذا يؤكد بحسب الشركة مخالفة التكوينات الأممية المعنية لبنود الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان وقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون الصراع المسلح، وكافة القوانين والأعراف المعمول بها، فضلاً عن تجاهلها الدائم لجوهر وغايات اتفاق السويد الذي شدد في مُجمله على ضرورة تسهيل وصول المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة، وبما يلبي احتياجات وتطلعات الشعب اليمني.
ومع ذلك لم تحرك الأمم المتحدة ساكناً لجهة انفاذها تصاريحها وتسهيل دخول واردات السلع الأساسية، رغم اعترافها الصريح بتفاقم الوضع الإنساني في اليمن نتيجة النقص الحاد في امدادات الوقود، وتشديد إحاطاتها مبعوثها السابق والحالي على ضمان تدفق السلع الأساسية، لكن لا أثر لأقوالها في الواقع لسبع سنوات متوالية، وهو ما يتناقض مع أهم المبادئ الأساسية للحماية والإغاثة الانسانية.
والسفن المحتجزة بحسب الشركة:
1 – هارفيست، تحمل على متنها 29728 طن من مادة الديزل.
2 – فوس باور، تحمل على متنها 6985 طن من مادة الديزل و23072 طن من مادة المازوت.
3 – كارب ديم، تحمل على متنها 21282 طن من مادة الديزل.
4 – برنسيس خديجة، تحمل على متنها 15953 طن من مادة الديزل، و13970 طن من مادة المازوت.
5 – سيبلاندر سافير، تحمل على متنها 24189 طن من مادة المازوت.
6 – غاز انيرجي، تحمل على متنها 9488 طن من مادة الغاز.
7 – سي أدور، تحمل على متنها 29480 طن من مادة البنزين.
وهذه السفن تكفي لمدة 3 أشهر فقط، في حال تم الإفراج عنها.
ولم يتجاوز عدد سفن الوقود التي سمح التحالف بدخولها الى ميناء الحديدة خلال العام الماضي 5 سفن بحسب المتحدث الرسمي باسم شركة النفط اليمنية بصنعاء، “عصام المتوكل” في حديث مع “سبوتنيك” بتاريخ 12 يناير 2022، مؤكداً بأن البلد يعيش اليوم أزمة خانقة في المشتقات النفطية، هي الأشد منذ ارتفاع وتيرة الحصار، والسبب في ذلك أن “المواد النفطية التي كانت تصلنا من المناطق المحتلة رغم قلتها تمثل ما نسبته 25 % من الاحتياج الفعلي للمناطق الحرة التابعة لسلطة المجلس السياسي الأعلى، لكنها اليوم لم تعد تصلنا بسبب عدم توفر تلك المواد في المناطق المحتلة، وبالتالي فإن الشعب اليمني اليوم يعاني من أزمة خانقة في المشتقات النفطية في كل مدن الجمهورية اليمنية”.
والحل الوحيد للأزمة يكمن بحسب المتوكل، في فتح ميناء الحديدة والسماح بدخول جميع سفن الوقود.
وإمعاناً في تعذيب اليمنيين إصدارة حكومة المرتزقة الموالية للعدوان قراراً في أواخر ديسمبر 2021، يقضي بحصر توزيع وتسويق وبيع المشتقات النفطية المُورّدة في السوق المحلية بشركة النفط اليمنية في محافظة عدن المحتلة فقط، ما تسبب في حرمان شركة النفط اليمنية بصنعاء وفروعها في بقية المحافظات التابعة لها من استيراد النفط وتوزيعه، ومنع التجار في المحافظات الواقعة خارج نفوذ الاحتلال من استيراد النفط، وفرض مبالغ باهظة على السفن التي تصل موانئ المناطق المحتلة، ومصادرتها واحتساب أسعارها بالسعر الذي تريده شركة النفط التابعة للمرتزقة، ما تسبب في احتجاج التجار، وتوقف دخول سفن المشتقات الى موانئ عدن والمكلا، وبالتالي تفاقم الأزمة شمالاً وجنوباً.
ناهيك عن عدم أمان الخطوط البرية الرابطة بين المناطق المحتلة، والمحافظات الواقعة تحت نفوذ حكومة الإنقاذ، ما تسبب في تخوف العديد من التجار عن الاستيراد عبر عدن والمكلا.
يأتي هذا التوجه الجائر بعد أكثر من عامٍ ونصف من منع التحالف وحكومة المرتزقة دخول سفن الوقود الى ميناء الحديدة، وتحديداً منذ يونيو 2020.
تداعيات كارثية:
تسببت الاحتجازات المتكررة لسفن الوقود في الحاق أضرار بليغة بشركة النفط بصنعاء تجاوزت بحسب دراسة أولية كشف عنها مديرها التنفيذي المهندس “عمار الأضرعي” في حديث صحفي لقناة المسيرة بتاريخ 11 أكتوبر 2020 نحو 2 مليار دولار منذ بدء العدوان، وأكثر من 10 مليارات دولار خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة خلال العام 2020 فقط، طالت مختلف القطاعات الحيوية والخدمية، بحسب وزير النفط والمعادن في حكومة الإنقاذ “أحمد دارس” في مؤتمر صحفي بتاريخ 6 يناير 2021.
وكشفت وزارة التخطيط في أحد تقاريرها الخاصة بالمستجدات الاقتصادية والاجتماعية بحسب صحيفة “26 سبتمبر” اليمنية، 9 يناير 2022 عن تكبد القطاع الخاص في اليمن خلال الأعوام الثلاثة الأولى من العدوان “25 – 27” مليار دولار، خسائر مباشرة وغير مباشرة.
ومن أهم الكوارث المترتبة على تفاقم أزمة الوقود:
1 – توقف أكثر من 50 % من القدرات التشغيلية للقطاعات الخدمية والصناعية والتجارية، و1200 منشأة مهددة ومتوقفة عن الإنتاج، وتوقف نصف عدد المصانع في اليمن عن العمل بواقع 350 مصنعاً، وارتفاع تكاليف الإنتاج الصناعي والنقل والتخزين والشحن والتأمين، وانخفاض إنتاج المنشآت الصناعية والخدمية، واتساع دائرة الفقر والبطالة، وفُقدان أكثر من 980 ألف عامل مصادر أرزاقهم، في وقتٍ وصلت فيه نسبة الفقر في اليمن الى 75 %، بعد أن كانت قبل العدوان في حدود 47 %، وسط تحذيرات أممية من احتلال اليمن المرتبة الأولى للدول الأكثر فقراً في العالم مع استمرار العدوان والحصار في العام الجاري 2022.
2 – مضاعفة معاناة المرضى وزيادة نسبة الوفيات وتفشي الأمراض والأوبئة واضطرار معظم المستشفيات الى تقليص ساعات العمل وتهديد 400 مشفى بالتوقف..
من ذلك تعريض حياة نحو 1000 طفل في الحضانات للوفاة، وتوقف أجهزة الغسيل الكلوي لقرابة 5 آلاف مريض يحتاجون للغسيل مرتين اسبوعياً.
3 – توقف ضخ المياه والعمل في محطات الصرف الصحي، وتهديد أكثر من 1000 مشروع مياه للشرب بالتوقف، وإغلاق الكثير من محطات تحلية مياه الشرب في العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات اليمنية أبوابها جراء أزمة المحروقات.
4 – التأثير على القطاع السمكي ونقل وحفظ وتخزين الأسماك والأحياء البحرية، والذي انعكس سِلباً على عدم توفر الأسماك وارتفاع قيمتها.
5 – التأثير السلبي على إنتاج المحاصيل الزراعية التي تعتمد على الري من الآبار، والتسبب في تصحُّر مساحات زراعية واسعة، وتضرر ثلتي القطاع الزراعي، وتلف المحاصيل الزراعية، وتضرر ما يزيد عن 1.2 مليون حائز زراعي في مختلف المحافظات، وارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي، ما ينعكس على ارتفاع أسعار المنتجات من الخضروات والفاكهة.
6 – تراجع انتاج صوامع ومطاحن الدواجن بسبب شح الوقود ما أدى الى ارتفاع أسعار البيض والدجاج بحسب وزارة التجارة والصناعة اليمنية في تصريح نشرته الميادين بتاريخ 14 فبراير 2021.
7 – ارتفاع أسعار المياه بنسبة 100 – 300 %، وتعرفة الكهرباء بنسبة 33 %، وتهديد 800 محطة كهرباء حكومية بالتوقف، وتوقف نصف الحافلات الخاصة بنقل طلاب المدارس، وتراجع حركة النقل الداخلي بين المدن، وبين المدن والقرى إلى 50 %، بسبب ارتفاع تعرفة النقل بنسبة 90 – 120 % مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة، وارتفاع أجور النقل الثقيل في المتوسط بنسب تتراوح بين 71 – 160 %، وأجور مواصلات النقل داخل المحافظات بنسبة تتراوح بين 76 – 150 %.
ولنا هنا أن نسأل عن موقع الأمم المتحدة ومؤسساتها المعنية من الإعراب، مع كل عملية احتجاز ينفذها التحالف العبري ضد سفن تجارية وإغاثية مرخصة وخاضعة لمعايير وآليات الأمم المتحدة ممثلة بمكتبها في جيبوتي، سفن لا تحمل على متنها أية أسلحة أو مواد متعلقة بالحرب؟؟؟
سبأ