"معنا قد تخسر".. القوات المسلحة تنصح بالابتعاد عن معرض اكسبو دبي
دويلة الإمارات لم تعد منطقة آمنة للاستثمار والسياحة
” اكسبو” سوق عالمية تشارك فيه كبرى الشركات الدولية من قرابة 200 دولة
خبراء دوليون: الإمارات تعيش “هشاشة أمنية” نابعة من حجم الاستثمارات
مجموعات اقتصادية دولية تنصح الإمارات بعدم المغامرة والمقامرة بمستقبلها
الثورة / وديع العبسي
حذر متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، من إمكانية استهداف معرض “إكسبو 2020” المقام في إمارة دبي الإماراتية حاليا.
وغرّد العميد سريع على “تويتر”، أمس قائلا: “إكسبو… معنا قد تخسر… ننصح بتغير الوجهة”، في إشارة إلى إمكانية اللجوء إلى تهديد المعرض الدولي البارز وانه من الحكمة الابتعاد عن اكسبو دبي، الذي تتواصل فعالياته حتى 31 مارس.
يعد معرض إكسبو من المعارض المتميزة التي تلقى إقبالًا عالميًا كبيرًا من الدول المختلفة والهيئات والمنظمات العاملة في مجالات متعددة من كافة أنحاء العالم، في عام 2013م خلال انعقاد الجمعية العامة في باريس اُعلن فوز دبي باستضافة المعرض لتحصل على حقوق تنظيم المعرض في عام 2020م.
وهو أول معرض من نوعه يقام في الشرق الأوسط وغرب آسيا، ويقام المعرض على مساحة 438 هكتاراً في مركز دبي التجاري الواقع في الطرف الجنوبي الغربي للإمارة، ويتميز الموقع بمكانه الاستراتيجي حيث يقع على مسافة متساوية من العاصمة أبو ظبي، ودبي، كما أنه قريب من مطار آل مكتوم الدولي وكذلك ميناء جبل علي، أكثر ثالث ميناء نشط في العالم، وبلغ حجم إنفاق إمارة دبي من أجل استضافة معرض “إكسبو 2020 دبي” (Expo 2020 Dubai) 7 مليارات دولار، يحتوي المعرض على أكثر من 200 جناح، وعلى امتداد ستة أشهر، تستقطب معارض اكسبو ملايين الزوار الذين يكتشفون أجنحة المشاركين، والفعاليات المختلفة، باعتباره فرصة للدول لعرض تقنياتها ومنتجاتها وأفكارها الجديدة بما في ذلك دول وشركات ومنظمات دولية، حيث يُتوقع أن يستقطب 25 مليون زيارة، وسيكون 70 % من زواره من خارج البلاد.
ويقام المعرض بمشاركة 192 دولة من دول العالم، برعاية أكثر من 200 جهة، ومن المتوقع أن يحقق عائداً اقتصادياً يصل إلى 122.6 مليار درهم ليسهم بما يصل إلى 1.5 % من إجمالي الناتج المحلي للإمارات، كما سيدعم فرص عمل يصل مجموعها إلى 905,200 سنة عمل وفق دراسة مستقلة نشرتها شركة إرنست آند يونغ، وتعرف سنة العمل بأنها الفرصة الوظيفية بدوام كامل لشخص واحد لعام واحد وتستخدم لوصف أثر المشاريع على الفرص الوظيفية.
إكسبو 2020 Expo2020، الذي انطلق في الأول من أكتوبر 2021 يعد فرصة للأمم المتحدة، لإظهار عمل المنظمة وشرح سبب كونها أساسية للتغلب على التحديات العالمية، مثل جائحة كوفيد-19 وتغير المناخ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يشير ماهر ناصر، المفوض العام للأمم المتحدة في إكسبو 2020 دبي، لأخبار الأمم المتحدة بأنه مع انعقاد الحدث تحت شعار “تواصل العقول.. وصنع المستقبل”، مع التركيز على أهداف التنمية المستدامة، فإن وجود الأمم المتحدة يساهم في قدرة المنظمة على التواصل مع المشاركين والزوار.
وإضافة إلى ذلك، فإن الأثر الاقتصادي من المعرض لن يتوقف بانتهاء زمن إقامته وإنما سيستمر الأثر الإيجابي لسنوات عديدة بعد إسدال الستار على فعالياته في أبريل 2021، وذلك بفضل مشاريع الإرث التي ستحول موقع الحدث الدولي إلى دستركت 2020 التي ستكون مجتمعًا حضريًا متكاملًا للعمل والسكن يشمل مركز دبي للمعارض.
يُشار إلى انه عُقد النسخة الأولى منه عام 1851 في لندن باسم “المعارض العالمية”.
تصدّع الملاذ الآمن
معلوم أن الإمارات تحاول تقديم نفسها كملاذ آمن للاستثمار والتجارة للاستثمارات ومقر للشركات الدولية بالمنطقة، ونشطت في هذا بشكل ملحوظ حلال الأعوام الماضي، معلوم أيضا أن أي هجوم عليها سيكون له تداعيات سلبية على الهدف الاستراتيجي التي تسعى أبوظبي لتحقيقه إذ لا يمكن جذب السائحين أو المستثمرين الأجانب إلى منطقة معرضة لهجمات صاروخية حتى لو كانت خسائرها البشرية محدودة.
وتدرك أبوظبي – منذ وقت مبكر – أن وضعها الدفاعي لا يؤهلها لأن تكون رادعة لأي هجوم محتمل، ورغم أنها حرصت كباقي دول الصحراء على اقتناء السلاح إلا أنها أخطأت التقدير كثيرا، فإلى جانب كونها لم تنجح في أول اختبار هجومي تمثل بعملية “إعصار اليمن” الأولى ثم الثانية، فإن ما كانت بحاجة إليه هو أبعد من قدرتها على تدمير صاروخ أو طائرة مسيرة في سماء البلاد، دولة تعتمد في الأصل على سمعتها، ومستوى الأمن فيها لتصير مقصدا سياحيا وسوقا حيويا لكبرى الشركات الدولية، بحاجة لردع النوايا في قرارها من الوصول، أما أن يصل المقذوف إلى فضاء البلاد، فإن زعزعة تلك السمعة يكون قد تحقق، فضلا عن حدوث الإصابات.
في عملية إعصار اليمن الثانية، تعمدت الإمارات أن تخفي وللمرة الثانية استهداف مطار دبي، لإدراكها أن تبعات وقوف العالم على هذه الحقيقة ستكون وخيمة على مستوى اهتزاز السمعة الدولية لجغرافية الإمارات المليئة وملائمة للاستثمار خصوصا وأن دبي تعتبر المقصد الاستثماري الرئيس في الإمارات لكثير من رؤوس الأموال حول العالم، وهي مسألة أدركتها في ضربات سابقة وإن لم بمستوى إعصار اليمن.
بمقارنة رد الفعل الإماراتي المعلن إزاء العمليتين، سنجد أن أبو ظبي بادرت في العملية الأولى إلى الاعتراف بوصولها وتسببها بخسائر مادية وبشرية، لكنها أيقنت أن حدوث الأمر للمرة الثانية سيدفع بالضرورة الشركات لأخذ تهديد القوات المسلحة اليمنية على محمل الجد، فعمدت إلى التقليل من الضربة والحديث عن إسقاط صاروخين، لكنها لم تتحدث عن باقي الأهداف التي ذكرها متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في بيان الإعلان عن الضربة.
وفي ذات السياق، يبالغ من يقفون مع الباطل في التقليل من جدوى العملية وتأثيرها، وهي مبالغة لا تستقيم مع المنطق ولا التحليل الموضوعي، فالصواريخ وصلت وتم الاعتراف باثنين، وعليه سيكون من الطبيعي أن تكون هناك مجنحات ومسيّرات أخرى، فلا شيء يمنعها لا باتريوت ولا أجهزة رصد وهي تشق المسافة ١٧٠٠ كيلو متر كي تصل الإمارات، وكلتا العمليتين دليل على ذلك.
يتحدث الخبير العسكري الإماراتي المتقاعد خلفان الكعبي لموقع “الحرة” في معرض تعليقه على عملية إعصار اليمن الأولى أن الهجوم لم يكن ذا تأثير يذكر “فلم يتعطل الإنتاج النفطي حتى”، حسب تعبيره.
إلا أن موقع “الحرة” علق على كلامه بالقول “إلا أن أسعار النفط ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في سبع سنوات بفعل مخاوف من تعطل محتمل الإمدادات بعد الهجوم”.
الوجع السياحي والاقتصادي الذي تخشاه الإمارات، يجعلها تذهب في اتجاه صياغة معلومات محددة وتوزيعها على أدواتها للترويج لها، نظرا لكون أي تسليم بأي حادث يخدش الوضع الأمني، كفيل بأن يخلط الأمور على أبوظبي، والمعلوم أن الإمارات اعتمدت في منهجيتها الجديدة بقصد إنماء البلد على الجانبين الاقتصادي والسياحي، لجهة تطويرهما وفتح آفاق الاستقطاب التجاري وهو ما نجحت فيها خلال السنوات الماضية، مستندة فيه على توافر المناخات الأمنية المشجعة على التفاعل مع ترويجها الاستثماري، وساعدها في ذلك كثيرا أنها كانت خلال سنوات العدوان السبع الماضية بعيدة بشكل كبير عن أن تكون أهدافاً للصواريخ الباليستية اليمنية والطيران المسيّر كما هو الحال بالنسبة لجارتها السعودية، ولذلك فإن هذا الأمر وقف عنده المحللون كثيرا، فالإمارات ليست دولة محاربة، وطموحها المدني يتنافى مع دخولها في شيء من هذا القبيل، إلا أنها لم تحسب حساب المقامرة وهي تحاول الوقوف مع السعودية في عملية العدوان، وإن كانت تطمح من ذلك في بداية الأمر إرسال رسالة ما لإيران انطلاقا من تصورها أنها تدعم اليمنيين في معركة الدفاع عن أنفسهم.
من الاقتصاديات السائلة
يعتبر الاقتصاد الإماراتي من الاقتصاديات السائلة حسب أهل الاختصاص والتي تعتمد على التجارة والسياحة، لكنها دخلت بمشاركتها في العدوان على اليمن منعطفا جعلت من احتمالية التأثر السلبي لهذا الاقتصاد، أمراً وارداً على نحو كبير بعد أن كان بعيدا قبيل تعمدها التصعيد العسكري في شبوة ومارب.
أكدت عملية “إعصار اليمن” الثانية أن الإمارات أصبحت في معدات الجيش واللجان الشعبية، وأن الخوف الذي دفع الإمارات في العام ٢٠١٩م لأن تخطو في اتجاه سحب قواتها كان حكيما، لكنها فرّطت بهذه الحكمة التي أعدتها عن هجمات الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر.
ويرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، أن قدرة الإمارات على تحمل مثل هذه الضربات أقل بكثير من قدرة السعودية، موضحا “توجد حالة هشاشة أمنية نابعة من حجم الاستثمارات في الإمارات، وأهمية المرافق الإماراتية”.
ومضى يقول: “لدى الإمارات ما تخسره في هذا التصعيد، على عكس العمق الاستراتيجي السعودي الذي يمكنها من تحمل هذه الضربات” أما “الحوثي في شمال اليمن، فليس لديه ما يخسره،” على حد قوله.
وردا على ذلك يقول الخبير العسكري خلفان الكعبي: “إذا لم تصمد الإمارات أمام هذه الضربات، لا أعتقد أن دولة واحدة في الشرق الأوسط تستطيع الصمود”.
وأضاف “الإمارات مؤهلة وقادرة على الرد والصمود وتمتلك الإمكانيات لذلك، لكنها دولة سلمية”.
ويرى محللون أن تعزيز اليمن بهجوم ثانٍ على الإمارات يعد مؤشراً خطيراً سيكّون العديد من الانعكاسات الاقتصادية والسياسية على الإمارات بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، إذ من المتوقع إلى حد كبير أن تتأثر إمارة دبي العاصمة الاقتصادية للإمارات بشكل حاد ومخيف كونها مركزاً رئيسياً للتجارة والسياحة الدولية، كما يسكنها عدد كبير من الوافدين من جميع أنحاء العالم.
تُشجع الإمارات الاستثمار في كافة القطاعات الاقتصادية خاصة القطاعات الجديدة مثل التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، وعلوم الفضاء والرعاية الصحية، مما عزز فرص النمو والازدهار، وانعكس ذلك على ارتفاع مستوى دخل الفرد وعوائد الشركات، وقد تمكنت الإمارات خلال السنوات الماضية من تحويل اقتصادها القائم على الصيد والزراعة إلى اقتصاد متطور من خلال خطط تنمية اقتصادية متكاملة، لتصبح الإمارات سباقة في أداء اقتصادها وتنافسية بيئتها الاستثمارية، تواصل حكومة الإمارات جهودها في الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، عبر تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز الإطار التنظيمي للقطاعات الرئيسية، كما تهدف الأجندة الوطنية إلى أن تكون من أفضل دول العالم في مجال ريادة الأعمال، وتتطلع إلى خمسين عاماً جديدة أخرى من التنمية والازدهار.
هذا الواقع والطموح، ترجح مجموعات اقتصادية دولية أن تتأثر سلبا بسبب الضربات، ناصحة هذه الدويلة التي تجني معظم دخلها من السياحة والاستثمارات الأجنبية وأبراجها الضخمة، بعدم المغامرة والمقامرة بواقعها ومستقبلها، باعتبار أن مغامرتها في اليمن سيكون لها تداعيات لا تُحتَمَل، فـ “هذه المنشآت الاقتصادية بالإمارات إضافة إلى الاستثمارات في اليمن هي كعب أخيل (نقطة ضعف) البلاد في حرب اليمن”.
وتذكر تقارير إعلامية دولية أنَّ “منطقة المصفاة الصناعية في أبوظبي، التي استُهدِفَت -في عملية إعصار اليمن الأولى- هي أبرز منطقة صناعية في الإمارات، ويقع أقدم موانئ الإمارات في نفس المدينة، حيث توجد شركات ومصانع كبرى للتشييد والصناعات الثقيلة، ومصانع وشركات للصناعات الخفيفة وشبه الثقيلة، وشركات تكنولوجيا وهندسة صناعية دولية كبرى (عادةً ما تكون أمريكية وأوروبية)، وشركات وصناعات (التكنولوجيا الفائقة)”، إذ كما يبدو، إنَّ الإمارات استثمرت بقوة في هذه المناطق، “لا سيما في قطاع الذكاء الاصطناعي، ويُعَد جزءاً آخر من المنطقة مركزاً لشركات السيارات الكبرى مثل Audi وMercedes-Benz وBentley”.
كما ترى تحليلات دولية أن الإمارات رغم أنها تمتلك واحداً من أكفأ جيوش منطقة الخليج، وتواصل مراكمة السلاح مثلما بدا من صفقتها لشراء طائرات رافال الفرنسية وقبلها مساعيها لشراء إف 35 الأمريكية، وأخيراً شراء صواريخ مضادة للطائرات والصواريخ من كوريا الجنوبية، فإن نقطة ضعف الإمارات هي أنها أكثر بلدان المنطقة انفتاحاً خاصة في مجالات السياحة والعقارات والتجارة والصناعة ذات البعد الدولي.
تُنصح الإمارات بأن تحافظ على ماهو قائم من بنيتها وسمعتها إذا أرادت تحقيق طموحها الذي تضمنته رؤيتها لعام 2021م.. وكانت الإمارات قد وضعت ضمن أهدافها أن تكون العاصمة الاقتصادية والسياحية والتجارية لأكثر من ملياري نسمة.
سياحيا تمتاز الإمارات بالعديد من المقاصد السياحية التي صممت بطرق حديثة من حدائق وقرى تراثية وشواطئ وأسواق الخ، وتحقق عائدات بأكثر من 250 مليار درهم إماراتي.