لم تغفُ العين الإسرائيليّة ولا مراكز القرار الأمريكي عن مراقبة تنامي القدرات العسكريّة للجيش اليمني واللّجان الشعبية وأنصار الله منذ بداية العدوان الأمريكي السّعودي الإماراتي الصّهيوني على اليمن، لا سيّما على مستوى تنامي القدرات الصّاروخيّة والطّائرات المسيّرة، وبالأخص بعد استهداف أرامكو، فبالرّغم من الحصار المطبق الذي يفرضه العدوان على اليمن استطاع اليمنيون فرض معادلاتٍ جديدةٍ وتوجيه ضرباتٍ كانت نوعيّةً بامتيازٍ باعتراف الأمريكي والعدوّ الإسرائيلي. وعلى مدى سبع سنوات من العدوان الفاشل والحصار الأفشل لم تحقّق قوى العدوان سوى المزيد من الفشل بينما حقّق الجيش وأنصار الله المزيد من الإنجازات تتلخّص بما يلي:
1 – نجاح الجيش وأنصار الله بالانتقال من مرحلة الدّفاع إلى مرحلة الهجوم بسرعةٍ ملفتةٍ واتساع رقعة سيطرتهم على المناطق التي كانت تحتلّها قوى العدوان.
2 – إفشال أهداف العدوان والحصار وإثبات عدم جدواهم على المستوى العسكريّ وتطوير الصّناعات العسكريّة والقدرات القتاليّة والصّاروخيّة بشكلٍ لافتٍ.
3 – الانتقال إلى مرحلة التّصدّي الخارجي ونقل المعركة إلى العمق السّعودي والإماراتي وتوسيع دائرة الأهداف الخارجيّة.
4 – تغيير قواعد الاشتباك وفرض قوّات صنعاء لقواعدَ جديدةٍ.
شكّلت هذه الإنجازات السّريعة قلقاً كبيراً للإدارة الأمريكيّة والكيان الصّهيوني قبل السّعودية والإمارات وقد استندت إليها بعض التّقارير والدّراسات الصّادرة عن مراكز الأبحاث العسكريّة الأمريكيّة والإسرائيليّة العام الماضي مشيرةً إلى ضرورة وضع القيادات العسكريّة هذا التّطوّر في حساباتها المستقبليّة قبل أن تطوّر الأمور وتوسّع أنصار الله دائرة أهدافها .
وفي هذا الإطار أشارت مجلّة (نيوزويك) الأمريكيّة في تقريرٍ لها منتصف شهر يناير عام 2021، إلى تصاعد الخوف لدى واشنطن وتل أبيب من التّوقيت الذي قد يختاره «أنصار الله» لشنّ الهجوم المؤكّد والمرتقب على منشآت استراتيجيّةٍ إسرائيليّةٍ مرفقة تقريرها بصورٍ عبر الأقمار الصّناعيّة التقطتها لعمليّة تحريك طائراتٍ مسيّرةٍ ذات تقنيةٍ عاليةٍ قادرةٍ على ضرب تلك الأهداف في عمق «تل أبيب»، التّسريب الأمريكيّ لهذه الصّور جاء خلال لقاء وزير الخارجيّة الأمريكي برئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «يوسي كوهين»، حيث أبديا مخاوفهما من هجماتٍ محتملةٍ لقوّات «أنصار الله» على العمق الإسرائيلي.
اليوم وبعد سنواتٍ من ترصّد الكيان الصّهيوني وأجهزته الاستخباراتيّة وبعد ما استنتجته تقارير الدّوائر الأمنيّة والعسكريّة لدى الإدارة الأمريكيّة لم يمنع العدوان وقوة ترساناته العسكريّة أنصار الله من توجيه ضربةٍ قاصمةٍ استهدفت مطارات أبو ظبي ودبي والرّياض وبعض المواقع فرضت من خلالها حصاراً على المطارات الثّلاثة التي أوقفت حركة الملاحة ولو لسّاعاتٍ بل أدّت إلى شلّ الحركة في السّعوديّة والإمارات، ضربةٌ شكّلت زلزالاً هزّ أركان دول العالم البكماء التي لم تحرّك ساكناً على مدى سبع سنوات من العدوان، واستهدافٌ تردّدت أصداؤه في أروقة البيت الأبيض وأصاب (تل أبيب) في الصّميم. إعصارٌ استدعى أنتوني بلينكن للاتصال بنظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، مديناً الهجمات ومأساةٌ استدعت مستشار الأمن القومي الأميركيّ جيك سوليفان للإعلان عن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الإمارات والشّركاء الدّوليين لمحاسبة الحوثيين. أمّا الموقف (الإسرائيلي) فقد جاء على لسان وزير خارجية العدوّ يائير لبيد الذي دان بشدة الهجوم الذي تعرّضت له العاصمة الإماراتية أبو ظبي، مؤكّداً وقوف كيانه إلى جانب دولة الإمارات، داعياً المجتمع الدولي لإدانة مثل هذه الهجمات. أمّا فرنسا وبريطانيا وأغلب الدّول العربيّة ومن بينها لبنان فلم يكن موقفها أقلّ حماسة من موقف البيت الأبيض و( تل أبيب). مواقف تحاول أن تغيّر الواقع من خلال إدانة المقتول ومباركة القاتل لكنّها لن تغيّر في الواقع شيئا، ولن تثني اليمنيين عن مواصلة معركة دفاعهم المشروع عن أنفسهم وأرضهم ومواجهة أعتى عدوانٍ كونيٍّ في هذا الزّمن، فلا إداناتكم ولا تضامنكم ولا حصاركم سيمنع اليمنيين من توجيه ضرباتهم واستهداف كلّ من شارك بالعدوان واستباح دماء اليمنيين، والآتي سينبّئكم بما هو أعظم.
*كاتب وإعلامي لبناني