أمريكا واسرائيل تكثفان تواجدهما العسكري في خليج عدن
تحالف العدوان يسلََّم الجزر والسواحل اليمنية لتحالف استعماري جديد
تقرير/ عادل محمد باسهيل
قوبلت العمليات العسكرية التي قامت وتقوم بها القوات البحرية الأمريكية في خليج عدن، باستياء واسع في الأوساط السياسية والعسكرية اليمنية.
وأطلقت أوساط سياسية وعسكرية وإعلامية تحذيرات من حملة ممنهجة يقودها تحالف العدوان لتسليم موانئ وجزر يمنية إلى أطراف استعمارية، في مقدمتها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وذلك بعد وصول باخرة إماراتية إلى جزيرة “عبد الكوري” التابعة لأرخبيل سقطرى تحمل على متنها معدات وأسلحة ثقيلة، مشيرة إلى أن وصول السفينة يأتي في اطار إنشاء قاعدة عسكرية بإشراف خبراء غربيين وإسرائيليين.
وأكدوا أن ما تقوم به القوات الأمريكية في المياه اليمنية يؤكد تنازل حكومة المرتزقة عن سيادة الجمهورية اليمنية على ما يقارب 2500 كيلومتر من السواحل اليمنية، وإباحتها للقوات الأجنبية.
ولفتوا إلى أن تحويل المياه الإقليمية اليمنية إلى ميادين مفتوحة لتدريبات القوات البحرية الأمريكية والاسرائيلية والبريطانية، يشير إلى أن السيطرة الأجنبية على السواحل والجزُر اليمنية أصبحت واقعاً مسلماً به من قِبل مرتزقة الرياض.
وتصاعدت التحذيرات بعد قيام قوات البحرية الأمريكية -أواخر نوفمبر الفائت- بإجراء تدريبات بالذخيرة الحية في خليج عدن، من على متن البارجة “يو إس إس بيرل هاربور” التي قامت بنشرها في السواحل اليمنية.
وبررت القيادة المركزية الأمريكية نشرها للبارجة “يو إس إس بيرل هاربور” بالإضافة إلى الوحدة الاستكشافية الحادية عشرة وقيامها بإجراء هذه التدريبات، بأنه يأتي ضمن عملياتها البحرية في منطقة عمليات الأسطول الخامس.
وعرضت البحرية الأمريكية -في التدريبات- صوراً للمروحية طراز ((CH-53E u تابعة لمشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، أثناء هبوطها على سطح سفينة النقل البرمائية (يو إس إس بورتلاند)، موضحة أن السفينة الحربية تبحر حالياً في باب المندب.
وأكدت الوحدة الاستكشافية الحادية عشرة في البحرية الأمريكية، أنها أجرت تدريبات أثناء التحليق بأسلحة خفيفة، وعرضت صوراً لمجندين يجرون عمليات غوص وتفتيش وإطلاق نار ضمن التدريبات، التي تأتي بعد أيام على تنفيذ مناورة عسكرية شاركت فيها قوات جوية من البحرين ومصر والسعودية إلى جانب قوات صهيونية في خليج عدن وباب المندب بتنسيق من القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”.
وكانت الوحدة الاستكشافية الحادية عشرة، أجرت -في أكتوبر الماضي- تدريبات مع القوات البحرية السعودية، بهدف إدراج قوات هذه الوحدة ضمن القوات الأمريكية العاملة جنباً إلى جنب مع قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي في خليج عدن والبحر الأحمر.
تحالف استعماري
كثفت قوات البحرية الأمريكية أنشطتها قبالة خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر خلال الأشهر القليلة الماضية وهو ما جرى اعتباره تورطاً أمريكياً في القيود التي يفرضها التحالف على الواردات الغذائية والنفطية إلى اليمن.
وأواخر نوفمبر أيضاً، أبحرت مدمرة الصواريخ الأمريكية الموجهة (USS MICHAEL MURPHY) مع سفينة البحرية الإسرائيلية (INS YAFFO) في البحر الأحمر وعلَّق الأسطول الخامس على ذلك بالقول إن البحرية الأمريكية تعمل مع شركائها للحفاظ على الاستقرار البحري.
في يوليو الماضي، جرت تدريبات مشتركة في خليج عدن ضمت حاملات الطائرات البريطانية بقيادة السفينة (إتش إم إس الملكة إليزابيث) وبمشاركة كبيرة من قطع بحرية غير بريطانية من بينها سفن هولندية، انضمت إليها ناقلتان أمريكيتان هما حاملة الطائرات (نيميتز كلاس يو إس إس رونالد ريغان) والسفينة الهجومية البرمائية من فئة (واسب يو إس إس آيوجيما)، كما انضمت إليها البحرية اليابانية بالمدمرة (أساغيري كلاس) والمدمرة (جي إس سيتوغيري).
وتناقلت وسائل إعلام عالمية أنباء عن تحركات أمريكية إلى جانب تحركات دولية أخرى بالقرب من باب المندب، مؤكدة أن هذه التحركات تأتي في سياق تسابق محموم بين دول غربية للحصول على نفوذ في باب المندب، الممر الملاحي الدولي الإستراتيجي، كاشفة عن تواجد بريطاني وإسرائيلي في جزُر وموانئ يمنية، برعاية وتواطؤ تحالف العدوان السعودي والإماراتي.
وفي التوقيت نفسه من العام الماضي -أي في ديسمبر -2020- نقلت واشنطن قواتها المُتبقية في الصومال إلى محافظة المهرة المحتلة شرقي اليمن، وأشارت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» وقتها إلى أن عمليات النقل ستتضمن إعادة تمركز القوات في دول مجاورة لإتاحة المجال أمامها لتنفيذ عمليات عبر الحدود وكذا عمليات خارج شرق أفريقيا، الأمر الذي اثبت أن التحركات المُتصاعدة في السواحل اليمنية، ترمي إلى إيجاد موضع قدم للتواجد العسكري الأمريكي على السواحل اليمنية، وكشف الغموض المتعلق باستثناء البنتاجون وحدة عسكرية أمريكية تضم نحو 700 جندي من عمليات سحب قواته من دول شرق أفريقيا.
من “يوكوم” إلى “سنتكوم”
أواخر سبتمبر الماضي، التقى قائد الأسطول الخامس الأمريكي “براد كوبر” بمقر قيادتها في البحرين بوزير الخارجية البحريني “عبداللطيف الزياني”، ووزير خارجية الكيان الصهيوني “يائير لابيد” وتم خلال اللقاء مناقشة التعاون في الأمن البحري الإقليمي، وعقب ذلك اللقاء قام “كوبر” بزيارة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، التقى خلالها بقادة إسرائيل لإطلاعهم على نتائج اللقاءات والمباحثات، ما يشير إلى أن كوبر حمل وجهة نظر الكيان الصهيوني وناقش آليات تنفيذ سيناريوهاته التوسعية في المنطقة العربية والبحرين العربي والأحمر.
وفي تغطيتها للقاءات التي أجراها “كوبر” أكدت وسائل الإعلام الأمريكية أن الأسطول الخامس ينوي إطلاق قوة عمل جديدة تضم طائرات بدون طيار في مناطق إمدادات الطاقة بالشرق الأوسط (البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق هرمز)، ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن “كوبر” قوله إن إطلاق القوة الجديدة ستستهدف المنطقة التي شهدت سلسلة من الهجمات في البحر في السنوات الأخيرة قبالة اليمن ومضيق هرمز، ولا سيما التي تعرضت فيها السفن الإسرائيلية لهجمات، وهو ما حمل إشارات إلى ما تم مناقشته خلال زيارته ولقائه بالمسؤولين الإسرائيليين.
وبعد أيام وجيزة على زيارة قائد الأسطول الخامس الأمريكي “براد كوبر” لتل أبيب، انتقلت قوات البحرية التابعة للعدو الإسرائيلي من نطاق العمليات العسكرية الأمريكية في أوروبا “يوكوم” إلى نطاق العمليات العسكرية البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط “سنتكوم” وبدعم ومساعدة الدول المشتركة في اتفاقية أبراهام.
منطقة نفوذ دولي
أواخر العام 2020، جرت مفاوضات سِرية بين قوى دولية بشأن عزل باب المندب من خلال إنشاء منطقة خاضعة لإدارة مستقلة خارج نطاق السيطرة اليمنية على مشارف المضيق.
وانحصرت تلك المباحثات بين السعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، لإيجاد منطقة بالقرب من مضيق باب المندب تخضع لإشراف دولي مشترك ومباشر يشترط السماح بتواجد عسكري ونفوذ مستقل في المنطقة، دون أي قيود من قِبل السلطات اليمنية، وهو ما فسّر أسباب التحركات المشبوهة للقوى الاستعمارية في البحرين العربي والأحمر والسواحل والمياه الإقليمية اليمنية، ورفع الإمارات يدها عن المناطق التي تسيطر عليها وتديرها، على غرار ما فعلت في جزيرة سقطرى، واستقبالها وفداً إسرائيلياً، ما يعني أن أجندات وسيناريوهات استعمارية تعمل رغم اختلافها وتبايناتها تسعى لتحويل السواحل والجزر اليمنية إلى مناطق نفوذ دولية مستقلة تخضع لسلطة تلك الدول.
وفي إطار تنفيذ مخرجات تلك المباحثات، اتجهت الإمارات -في نوفمبر 2020- لإنشاء محافظة جديدة تمتد من باب المندب إلى منطقة الجاح في تهامة، حيث قامت الاستخبارات الإماراتية بجمع توقيعات قادة الرأي والوجاهات الاجتماعية في المديريات الساحلية، بُغية إضفاء غطاء قانوني للتقسيم الإداري الذي تعتزم استحداثه، بهدف إنشاء منطقة ساحلية مستقلة للسيطرة على باب المندب.
عام انكشاف المؤامرات
مثّل العام 2020 عام انكشاف الحقائق وسقوط الأقنعة التي ظل تحالف العدوان يستخدمها لإخفاء المؤامرات والمخططات الاستعمارية التي تسعى من ورائها للاستيلاء على الجزر والسواحل اليمنية وانتزاعها من السيادة الوطنية.
وفي هذا الشأن كشف صحف ووسائل إعلام عالمية، عن الأسباب الخفية التي تقف وراء إقدام الإمارات على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، مؤكدة من خلال ما نشرته من تحليلات لمراقبين ومحللين سياسيين واقتصاديين، أن تطور العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب جاء وفق مخطط أمريكي يستهدف الصين ودولاً أخرى في المنطقة.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن الهدف الخفي في اتفاق ترامب بين إسرائيل والإمارات هو الصين، وإن قاعدة التجسس الإسرائيلية الإماراتية التي يتم التخطيط لإنشائها في جزيرة سقطرى اليمنية تستهدف الصين وباكستان وإيران.
وأشارت الصحيفة الأمريكية -في تحليل حول الأسباب التي دفعت الإمارات للتطبيع مع إسرائيل- إلى أن سيطرة تل أبيب على جزيرة سقطرى اليمنية، بمساعدة الإمارات، تهدف إلى تعزيز مصالح واشنطن ومخططاتها لاستهداف مصالح الصين في الشرق الأوسط، ومشروع الحزام وطريق الحرير الجديد، الذي أعلنت عنه الصين في قمة بكين وبدأت في تنفيذه من خلال توقيع اتفاقيات مع دول في افريقيا وغرب آسيا.
من جانبها، قالت صحيفة “China Morning Post” الصينية إن الولايات المتحدة تريد الاستفادة من اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات، لتعزيز مقاومتها ضد إنشاء الصين مبادرة “الحزام والطريق” في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي وشرق البحر المتوسط.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير مُفصّل، أن أهدافاً أمريكية تقف وراء إبرام الإمارات وإسرائيل اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما، مؤكدة أن أهداف واشنطن في احتواء النفوذ الصيني في المنطقة أهم الأسباب التي دفعت البلدين إلى التقارب خاصة بعد سيطرة أبوظبي عسكرياً على جزيرة سقطرى اليمنية.
وأشارت إلى أن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل يتضمن خططاً لخلق تحالف أمني بحري، يهدف في المقام الأول إلى السيطرة على ممرات التجارة الدولية في البحر العربي وعند مدخل الخليج، الغني بالنفط والغاز، وعند مضيق باب المندب، بين اليمن والقرن الإفريقي، والذي يقع في الطريق من المحيط الهندي إلى قناة السويس.