قاسم الشاوش
ليس غريبا أن يجري النظام السعودي محادثات سرية او علنية مع الكيان الصهيوني بشأن التطبيع كون ال سعود أسرة يهودية بكل ما تعني المعنى من كلمة ودلالة، حيث كشف موقعا “إكسيوس” الأميركي و”غلوبس” الإسرائيلي وجود اتصالات متقدمة تقودها إدارة بايدن بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
لذلك ما زالت قضية تطبيع كيان الاحتلال مع السعوديّة تستحوِذ على اهتمام الخبراء والمحللين والاختصاصيين في دولة الاحتلال الذين يؤكِّدون مرارًا وتكرارًا أنّ الـ”عقبة الأخيرة” للإعلان رسميًا وعلنيًا عن التوصّل لاتفاقٍ بين الكيان و”أهّم دولةٍ عربيّةٍ”، أيْ السعوديّة، تكمن في أنّ الملك عبدالله “يُعارِض” الخطوة لأنّ القضيّة الفلسطينيّة ما زالت عالقةٍ، في حين أنّ ولي العهد -يُضيف المُحللون- محمد بن سلمان لا يضع أيّ شرطٍ لكي يُطبِّع مع الدولة العبريّة، بحسب تعبيرهم.
تقارب نحو التطبيع
على صلةٍ بما سلف، في مقالٍ لها عن العلاقات السعودية الإسرائيلية كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيليّة النقاب عن خطواتٍ إضافيّةٍ اتخذت مؤخرًا لتعزيز علاقات العائلة الحاكِمة في المملكة السعوديّة بدولة الاحتلال والدفع بشكلٍ تدريجيٍّ نحو التطبيع العلنيّ، كما نقلت عن مصادر رفيعةٍ جدًا في دوائر صُنع القرار السياسيّ في تل أبيب.
عُلاوة على ذلك، يرى عددٌ من المتابعين الإسرائيليين أنّ وليّ العهد محمد بن سلمان يقود المشروع التطبيعي مع الرياض ويرعاه، فيما وصف السفير السابق لكيان الاحتلال في الأمم المتحدة د. دوري غولد في مقابلةٍ تلفزيونيّةٍ له ابن سلمان “بأنّه قائد واعد لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، إضافةً إلى كونه كذلك في منطقة الشرق الأوسط، علمًا أنّ غولد كان من أوائل الإسرائيليين الذين اخترقوا السعوديّة وأقاموا العلاقات الأكاديميّة مع شخصياتٍ وازِنةٍ في المملكة، كما أنّه، أيْ د. غولد، هو من أقرب المُقرّبين لرئيس الوزراء الإسرائيليّ السابِق، بنيامين نتنياهو.
مواجهة الخطر
في السياق نفسه، كشف وزير التعاون الإقليميّ الإسرائيليّ عيساوي فريج عن اتصالاتٍ سعوديّةٍ مع كيان الاحتلال لمواجهة ما أسماه بـ”الخطر الإيراني”، على حدّ تعبيره. ولفت فريج إلى “نية صادقة” لتنفيذ مشروعات عدة خاصة بأنابيب النفط، والطاقة الشمسية، وتشييد مناطق صناعية بين تل أبيب ودول الخليج، على حدّ قوله.
ومن الجدير بالذكر أنّ السعوديّة لم تكتفِ بالتعاون الاقتصادي والسياسي، بل امتد هذا التعاون إلى المجال الاستخباراتي، إذ تحدثت “جيروزاليم بوست” عن مشروعٍ لزرع ألياف تحت الماء.
وكشفت الصحيفة النقاب -نقلاً عن محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب- عن أنّ مشروع الألياف البصرية المسمى “الكابل الأزرق” يبدأ من إيطاليا وصولًا للهند مرورًا بعُمان والسعودية وكيان الاحتلال، ويتألّف من 16 زوجًا من الألياف لها قدرة هائلة على نقل البيانات بما يؤدي إلى تحسين اتصال تل أبيب الرقمي مع العالم الخارجي بشكل كبير.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذا المشروع الجديد سبقه قرارٌ سعوديٌّ بالموافقة على تحليق الطائرات الإسرائيلية في أجوائها، بالإضافة إلى سماحها للحجاج من الأراضي الفلسطينيّة عام 1948م بالوصول لأداء الحّج من تل أبيب مباشرةً إلى الرياض.
علاقات سرية
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنّه تحت عنوان “عدو عدوي هو صديقي”، نشر مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، دراسةً عن العلاقات السريّة بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعودية جاء فيها أنّه على الرغم من عدم وجود علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ عاديةٍ بين الدولتين، إلا أنّ المصالح المشتركة بينهما كمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النوويّة ومنع الجمهورية الإسلاميّة من التحوّل إلى دولة عظمى في المنطقة أدّت في الآونة الأخيرة إلى تقارب كبير بين الرياض وتل أبيب، على حدّ تعبيرها.
وأكّدت الدراسة أيضًا أنّه على الرغم من أنّ السعودية تشترط التقدّم في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتحسين علاقاتها مع الدولة العبريّة، فإنّ هناك بوناً شاسعًا بين وجود علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ كاملةٍ وبين القطيعة التامّة بين الدولتين، الأمر الذي يمنحهما الفرصة للعمل سويةً بعيدًا عن الأنظار، كما قالت الدراسة.
وكشفت الدراسة عن أنّ السعودية تتمنّى أنْ تقوم الدولة العبريّة بمهاجمة إيران، وفي نفس الوقت تبتعد عن الغمز أو اللمز بأنّها ستُساعد تل أبيب في الهجوم، خشية أنْ تضطر هي لدفع تكاليف الضربة العسكريّة، على حدّ تعبيرها.