21سبتمبر ثورة السلم والشراكة الوطنية 2-6″

عبدالفتاح علي البنوس

 

تكاد تكون ثورة 21سبتمبر هي الثورة اليمنية الوحيدة التي لم تتعامل قيادتها وأفرادها بعقلية وسياسة المنتصر الذي دائما ما يذهب نحو الهيمنة على السلطة وإحكام قبضته عليها، ولكنها عملت على تطبيع الأوضاع والعمل مع بقية القوى اليمنية على بلورة صيغة توافقية برعاية أممية تنظم شؤون الحكومة وتدفع بعجلة المفاوضات نحو الأمام، والتي أطلق عليها مسمى اتفاق السلم والشراكة الوطنية، والذي أفضى إلى تشكيل حكومة وطنية توافقية برئاسة خالد بحاح، خلفا لحكومة محمد سالم باسندوه.
ولكن العقلية والفكر التآمري وثقافة الغدر والخيانة ظلت هي الطاغية على الدنبوع هادي وزبانيته الذين، لم تشفع لهم مرونة أنصار الله وتفهمهم للوضع العام في البلاد ، والتنازلات التي قدموها من أجل الوطن ذهبت بهم خلف إملاءات الزياني ومجلس التعاون الخليجي والسفير السعودي من خلال التشبث بالمبادرة الخليجية والتخطيط لنسف اتفاق السلم والشراكة بعد ذهابهم نحو تهميشه كخطوة أولى تسبق الانقلاب عليه ، ولكن شاءت إرادة المولى عز وجل أن تفضحهم بعد أن انقلبوا على الإجماع الوطني التوافقي على مخرجات الحوار الوطني ، وفرض الإرادة والمخطط الأمريكو خليجي التدميري التآمري ، مشروع التقسيم والتشظي تحت مسمى الأقلمة .
حيث ذهبوا نحو تمرير مشروع الأقلمة، رغم التوافق على تأجيل البت فيه إلى وقت لاحق والاتفاق على التوقيع على بقية المخرجات ، حينها نجح أنصار الله في إفشال هذا المخطط في 20يناير 2015م بتوقيف أحمد عوض بن مبارك الذي كان يشغل منصب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني وهو يحمل مخرجات الحوار التي تتضمن مشروع الأقلمة ، وفي 22يناير 2015قدم هادي وبحاح استقالتهما بهدف إدخال البلاد في حالة فراغ دستوري ، ونتيجة عدم انعقاد مجلس النواب للبت في استقالة هادي ، اتجهت القوى الثورية بقيادة أنصار الله في 6فبراير إلى الإعلان الدستوري الذي أناط مسؤولية إدارة الدولة للجنة الثورية العليا .
وفي 9فبراير أعلن المبعوث الأممي جمال بن عمر عن استئناف المفاوضات ، وشهدت الساحة السياسية حراكا فاعلا ولقاءات مثمرة بين القوى السياسية وصلت معها المشاورات إلى نقاط توافقية من شأنها إنهاء ملف الأزمة السياسية اليمنية ، ولكن مستجدات الأحداث التي أعقبت هروب هادي من صنعاء إلى عدن في 21 فبراير زادت الأوضاع تعقيدا ، وفي الوقت الذي كان المبعوث الأممي يبذل جهودا مضنية لتقريب وجهات النظر بين القوى الوطنية وعقب عودة وفد الإصلاح من مقابلة قائد الثورة في صعدة تضاعفت فرص نجاح المفاوضات ولكن النظام السعودي أجهض ذلك بشن أولى غاراته الإجرامية على العاصمة صنعاء فجر 26مارس 2015م في انتهاك صارخ للأنظمة والقوانين واللوائح والاتفاقيات الدولية ، بالتزامن مع وصول هادي للمهرة ومنها إلى سلطنة عمان في طريقه إلى السعودية ، حيث استخدم كمطية لشرعنة العدوان على اليمن تحت يافطة الدفاع عن الشرعية .
بالمختصر المفيد، ثورة 21من سبتمبر جعلت من السلم والشراكة الوطنية سلوكا ومنهجا ومسارا لها ، وهي ميزة تفردت بها على سائر الثورات التي أغرقت في الدم والتصفيات الجسدية للمواطنين انطلاقا من معايير سلالية وعرقية قذرة ، وهو ما أكسب ثورة 21سبتمبر حاضنة جماهيرية وشعبية واسعة ، وخصوصا بعد أن فتحت أذرعها لمختلف القوى الوطنية للمشاركة في إدارة شؤون البلاد ، وطي صفحة الماضي رغم كل مآسيها ومنغصاتها من باب إلزام الحجة أمام الله ، وإثبات حسن النوايا ، والرغبة الصادقة في تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، ووالدينا ووالديكم ، وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا