شرف لا يضاهيه شرف أن يحيي اليمانيون ذكرى عاشوراء الذكرى الأليمة والفاجعة الجسيمة التي طالت سبط رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وابن ابنته وخليفته من بعده الإمام علي -عليه السلام-، والتي مثّلت جريمة بشعة أشرفت على تنفيذها سيوف محسوبة على الإسلام المحمدي، وقدّمت الإمام الحسين -عليه السلام- وأصحابه مخالفاً للتوجيهات الصادرة ممن أسموه والياً وأميراً وحاكماً لشئون الأُمَّــة آنذاك، يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
فجعلوا من ساحة كربلاء مسرحاً للإجرام الأموي الدموي الذي استطاع بقوة نفوذه وكثرة جنوده وشدة جبروته وبطشه أن يمتد إلى واقع اليوم، ليصنع نماذج في الساحة تسير على نهج يزيد ودموية يزيد، تتحَرّك لفرض هيمنتها على رقاب الخلق؛ لأَنَّها تمتلك أكثر عدة وعتاداً وتدعي بأن لها الحق في التصرف والأمر والنهي والوصاية، فبلغت مناها واستأثرت وطغت وتجبرت وهيمنت في غالبية من البلدان، وسعت جاهدةً متكالبة بإمْكَاناتها وقواها لفرض نفس الهيمنة على اليمن، مستخدمةً كُـلَّ الوسائل للنيل من هذا الشعب ليكون شعباً مطواعاً يخنع ويركع لمطامع وأهداف أئمة الكفر وأحفاد أبي سفيان ومعاوية ويزيد.
فأجمع المعتدون والبغاة أمرَهم وحشدوا جيوشهم وآلاتهم ومعداتهم وبنفس الآلية التي استخدمها الأمويون أمس في كربلاء بحق حفيد المصطفى وابن ابنته سيدة نساء الأولى والأُخرى.
ها هم اليوم يعاودون نفسَ الجريمة بحق الشعب الحسيني الصامد الذي أبى أحرارُه إلا المضي على نهج الإمام الحسين -عليه السلام-، تواقين للتضحية، وعشاقاً للشهادة، متسابقين إلى ميادين العزة والكرامة، أباة للضيم، وكلُّهم يهتفون “هيهات منا الذلة”.
وما خروجهم المشرف إلى الساحات الكربلائية لإحياء ذكرى مأساة عاشوراء الحسين، إلا تتويج وتأكيد لأحقية موقفهم الماضي على النهج الحسيني الأصيل، وكما ملأت ساحة كربلاء بالأشلاء الحسينية الزاكية لرفعها ألويةَ الشموخ ورفضها حياةَ الذلة والاستعباد.
ها هو يمن الإيمان والحكمة يُشيّع الأرواح الزاكية لكواكب الشهداء المتأسية بمنهجية الإمام الحسين صادقة في عهدها، وولائها المطلق لله ولرسوله وللمؤمنين من آل البيت -عليهم السلام-.
فيجد المتأمل لمظلومية اليمن وما طالها من استهداف بحق أبنائها جراء الحرب الظالمة بقيادة حكومات البغي والطغيان، والذي يمثّل امتداداً للبغي الأموي، تجد أن التاريخ يعيد نفسه وكربلاء اليوم تحكي نفس الواقع الكربلائي الماضي.
وهنيئاً للشهداء العظماء نيل أوسمة الشرف ولحاقها بالركب الحسيني العظيم، وهنيئاً لأحرار اليمن صمودَهم ورباطةَ جأشهم وعدم اكتراثهم بتهديدات أحفاد يزيد وهشام والوليد.
ولك الله من شعب رفض عيشَ الذلة والهيمنة، واثقاً بالله ومتوكلاً عليه، مدركاً عظمة التضحيات في سبيل الله والتأسي بأوليائه والمعاداة لأعدائه، مواجهاً لكل طواغيت الأرض مهما كلفه ذلك من نتائج، والعاقبة للمتقين.