الهزائم تلاحق أمريكا من فيتنام إلى أفغانستان

 

هجمات الـ11 من سبتمبر عام 2001 م كانت بداية الحجج الأمريكية لغزو أفغانستان تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، فالسقوط المتواصل لمدن ومقاطعات أفغانستان في يد قوات تنظيم طالبان دفعنا إلى استدعاء ذكريات أليمة حين توالى سقوط مدن وقرى جنوب فيتنام في يد قوات فيتنام الشمالية الشيوعية.
الخبرة الأمريكية الحالية في أفغانستان، بعد بقاء قوات أمريكا المسلحة وحلفائها لعشرين عاما دون تحقيق أي نجاح، شبيه بالخبرة الأليمة للولايات المتحدة في فيتنام والتي اكتمل انسحاب القوات الأمريكية منها عام 1975.
فالنخبة السياسية الأمريكية لم تدرك الدرس الفيتنامي قبل نصف قرن ، والذي يمكن تلخيصه في فشل نظريات التدخل العسكري الأجنبي في دول أخرى في تحقيق أهداف إستراتيجية أو السيطرة على الموارد الاقتصادية كما كان الحال مع تجارب الاحتلال الأوروبي لدول كثيرة في العالم الثالث خلال القرون الثلاثة الأخيرة.
الثورة / قاسم الشاوش

تعد حرب أفغانستان أطول الحروب في التاريخ الأمريكي وأكثرها تكلفة، فقد كلفت الحرب الخزانة الأمريكية تريليونات الدولارات وأدت إلى مقتل أكثر من 2400 من أفراد القوات الأمريكية، وما لا يقل عن 100 ألف مدني أفغاني.

مراحل الغزو الأمريكي
هنا نسلط الضوء على أبرز مراحل الغزو الأمريكي لأفغانستان منذ عشرين عاما وحتى قرار الانسحاب اليوم من قاعدة باغرام الجوية
بدأت الحرب على أفغانستان، في 7 أكتوبر 2001، بعد رفض حركة طالبان، تسليم زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، للولايات المتحدة، بعد اتهامه بالوقوف وراء هجمات الـ 11 من سبتمبر.
حملت العملية الأولى لغزو أفغانستان، اسم “الحرية الباقية” وامتدت من عام 2001-2014، وشارك فيها تحالف من أكثر من 40 دولة، من ضمنها كافة دول حلف شمال الأطلسي “الناتو”، أما العملية الثانية فحملت اسم “حارس الحرية” منذ 2015 حتى الآن.
شارك في “الحرية الباقية”، قرابة 28 ألف جندي أمريكي، فضلا عن آلاف من جنود الدول الأخرى أبرزها بريطانيا، كما أنشئت قوات المساعدة الدولية “إيساف” بقرار من الأمم المتحدة، ووصل تعدادها عام 2009 إلى 64 ألف جندي من 42 دولة.
ومنذ اليوم الأول للغزو، تولت الولايات المتحدة وبريطانيا، القصف الجوي، والتغطية لهجوم قوات حلف الشمال الأفغاني، المناهض لحركة طالبان والقاعدة، وفي عام 2002، دخلت القوات الأمريكية والبريطانية والكندية والأسترالية المعركة على الأرض، مع قوات تتبع حلف الناتو.
وفي نوفمبر 2001، دخلت قوات حلف الشمال، بغطاء أمريكي عنيف من القصف، العاصمة الأفغانية كابول، بعد انسحاب قوات طالبان إلى المناطق الجنوبية من البلاد.
وبعد سقوط كابول، شرعت الولايات المتحدة، في قصف عنيف على جبال تورا بورا، واستهدفت الكهوف فيها، بعد أنباء عن اختباء أسامة بن لادن في داخلها.
وفي مايو 2003، أعلنت الولايات المتحدة، انتهاء العمليات القتالية الرئيسية في أفغانستان، وسط إعادة تجمع لقوات طالبان في جنوب البلاد، من أجل بدء هجمات مضادة بعد خسارتهم السيطرة على العاصمة وأجزاء كبيرة من البلاد.
ما بين أعوام 2004-2009 تصاعدت هجمات حركة طالبان، ضد قوات التحالف، وقرر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إرسال 17 ألف عنصر من الجيش إلى أفغانستان لمواجهة الهجمات، وارتفع العدد إلى 38 ألفا.
وفي مايو 2011، قوة أمريكية خاصة، تخترق الأجواء الباكستانية بمروحيات، وتنفذ هجوما خاطفا على منزل في منطقة أبوت آباد قرب العاصمة إسلام آباد، وتغتال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن مع مرافقيه، وتأخذ جثته معها، ويعلن الرئيس أوباما اغتيال ابن لادن رسميا.
في العام ذاته، بدأت أحاديث تتسرب عن اجتماعات سرية بين دبلوماسيين أمريكيين، وممثلين عن حركة طالبان في ألمانيا وقطر، لبحث الوضع في البلاد وإمكانية الانسحاب العسكري. ليعلن أوباما عام 2014، عن خطة لسحب جميع القوات من البلاد، وإبقاء قرابة 10 آلاف جندي حتى عام 2016.
وقعت واشنطن في فبراير اتفاقا مع طالبان، لانسحاب قواتها من أفغانستان، وبدء محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية في الدوحة.
ونهاية 2020 توصلت الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، لاتفاق مبدئي، بشأن عملية السلام بالبلاد، ووقعا أول اتفاق مكتوب منذ 19 عاما من عمر الحرب الطاحنة.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أبريل 2021، تأكيده انسحاب قوات بلاده من أفغانستان دون قيد أو شرط بحلول الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر.
وأعلنت القوات الأمريكية الانسحاب من قاعدة باغرام الجوية، وهي أكبر القواعد في البلاد، في الثاني من يوليو، واتساع رقعة سيطرة طالبان وانهيار القوات الحكومية في العديد من المناطق.

قد يعجبك ايضا