استهداف العملة الوطنية.. عنوان الحرب الاقتصادية

م/ وليد أحمد الحدي

 

 

في عام 2016م هدّد السفير الأمريكي أنه سيجعل العملة الوطنية لا تساوي قيمة الحِبر المطبوع عليها، إذا لم يتم القبول بشروط التحالف المتمثلة بالاستسلام وتسليم السلاح، كان ذلك أثناء المشاورات التي عُقدت برعاية دولة الكويت بعد مطالبة الوفد الوطني إيقاف العدوان والحصار ورفض الشروط التي حاول الأمريكان فرضها، السّفير الأمريكي الذي لم يُخلف وعده بضرب العملة التي تجاوزت اليوم حاجِز الألف ريال مقابل الدولار في المناطق المحتلة بعد الإيعاز لمرتزقته طباعة أكثر من ترليونين ونصف الترليون ريال من عملة جديدة دون غطاء نقدي، تختلف في حجمها وشكلها عن العملة القديمة المتداولة، الأمر الذي تسبّب بتآكل قيمتها نَتَج عنه ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والخدمية ثلاثة أضعاف السعر السابق مع تَدهور الأوضاع المعيشية في المناطق المحتلة، في مقابل ثبات سعر الصرف أمام سلة العملات الأجنبية في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني، وبالتالي سقوط رهانات العدو التي تحطّمت على صخرة تماسك وصمود ويقظة الشعب اليمني الذي تعامل بكل حرص مع القرار الحكيم بتجريم التعامل مع العملة الجديدة معتبراً إياها مزورة ويجب مصادرتها مع حصْر التعامل مع العملة القديمة.
في المفاوضات الأخيرة التي جَرَت في سلطنة عمان الشقيقة، كرر المبعوث الأمريكي تهديداته للقبول بخُطة سلام مرسومة ومفصّلة على مقاسه، تتلخّص تلك الخُطة بإيقاف الهجوم على مدينة مأرب دون التطرُّق إلى خطة سلام شامل تقتضي وقف إطلاق النار وخروج المحتل من الأراضي والجُزر اليمنية، وإعادة فتح المطارات والموانئ المعطلة، والدفع بعملية سلام حقيقي تنْخرط فيها جميع القوى السياسية اليمنية، مهدداً في الوقت ذاته أنه سيستعين بحزمة من العقوبات في سبيل الضغط للقبول بذلك السلام الذي يحفظ أدواته بعيداً عن استحقاقات إعادة الإعمار وجبْر الضّرر والانسحاب من كافة الأراضي اليمنية .
اليوم وضمن خطة ضرب الاقتصاد الوطني التي لجأ العدوان إليها معتقداً أنه سيُحقق أهدافه من خلال ضرب العملة الوطنية أسوةً بالمناطق المُحتلة التي حوّلها لمناطق فاشلة بامتياز، بعد فشل خياراته العسكرية، يُكرّر العدوان محاولته الثانية عن طريق الإيعاز لحكومة المرتزقة بطباعة مئات مليارات الريالات من العملة القديمة (فئة الألف ريال) وضخها في السوق المحلي دون غطاء نقدي ظناً أنه سينجح بضرب العملة المستقرة مُنذ عامين والتي لم تتعد سعر ستمائة ريال مقابل الدولار الواحد، بالإضافة إلى رفع الرسوم الجمركية على جميع الواردات بنسبة 100 %، الأمر الذي سيتسبب بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والدواء والمعيشة بشكل عام !!
القرار الحكيم الذي اتُّخذ قبل سنتين وجنى الشعب اليمني ثماره، والقاضي بوقف التعامل مع العملة الجديدة واعتبارها عملة مزورة يُحتّم علينا جميعاً اليوم التّجاوب مع القرار الجديد الصادر عن البنك المركزي-صنعاء الذي ينص على منع تداول أو الحيازة أو نقل العملة المزيفة (فئة الألف ريال) المطبوعة مؤخراً بالشكل القديم والتي يبدأ رقمها التسلسلي بغير حرف (أ) والمدون عليها عام 1438هـ – 2017م، هذا القرار لا يحمي السّلطة السياسية والاقتصاد الوطني بقدر ما يحمينا نحنُ كمواطنين، ويقضي على أهم الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي، ويُجنِّبنا كارثة اقتصادية محققة، ومن لديه شك في ذلك فبإمكانهِ متابعة أسعار الصرف وأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في المناطق المحتلة التي نجح السفير الأمريكي تنفيذ وعده الذي اقتطعه قبل خمس سنوات، ومُقارنة تلك الأسعار في المناطق التي لا علاقة لها بالمحتل، ولا أظن أن عاقلاً يتمنى ارتفاع سعر القرص الروتي إلى 50 ريالاً أو أن يشتري علبة زبادي حجم صغير بضعف قيمته، في النهاية الكرة في ملعب الحكومة والشعب وهما أصحاب القرار، ومن بيده إفشال تلك المؤامرة عن طريق وقف التعامل مع تلك العملة بكافة الوسائل المتاحة وتعاون المواطنين مع السلطة في تنفيذ ذلك القرار، وتشديد الرقابة على المنافذ البرية مع المناطق التي يتحكّم فيها العدو لمنع إدخال هذه العملة، وكذلك تشْديد الرقابة على الصرافين والبنوك، وتوعية المواطن بخطورة التعامل معها وآثارها المدمِّرة على الاقتصاد الوطني .
*رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي*

قد يعجبك ايضا