الثورة /
أدخل ولي العهد محمد بن سلمان المملكة العربية السعودية في مرحلة سنوات الضياع في ظل اشتداد تاريخي لأزمتها الاقتصادية وتراكم الديون عليها والعجز القياسي في ميزانياتها وهو واقع تفضحه الأرقام ولا يمكن إخفاءه.
ويتوقع مراقبون أن يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض مستوى الدخل إلى تهديد العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب، ويعرقل مسيرة التطوير التي يتبناها ولي العهد ويضع المملكة في مفترق طرق صعب بعد أن وصل فيها عجز الميزانية إلى تسعة مليارات دولار .
ويجمع المراقبون على أن كل الشعارات التي رفعها محمد بن سلمان بشأن الإصلاحات الاقتصادية تم العمل بعكسها وأبرز ذلك التضييق على المواطنين في أرزاقهم ورواتبهم وتصعيد فرض الضرائب الحكومية ووقف مخصصات المساعدات.
وتظهر الأرقام الحكومية خللاً كبيرا في اقتصاد المملكة منذ تولى بن سلمان السلطة، إذ ما بين إدخال زيادة في الرواتب في عهد الملك الراحل عبدالله بنسبة 15 % تضاعفت الضريبة في عهد ولي العهد الحالي إلى 15 %.
وعلى الرغم من الدعاية للانفتاح الاقتصادي الذي روج له بن سلمان طويلا، فإن الاستثمارات الأجنبية في المملكة تراجعت من 8.1 مليار دولار في العام 2015 إلى 4.5 مليار في العام 2019م وأصبحت مهددة بالتقلص أكثر هذا العام.
وروج ولي العهد لشن حملة لمكافحة الفساد في المملكة طالت أمراء ورجال أعمال لكنها حملة أقرب إلى تحييد وإهانة المنافسين على السلطة فضلا عن أن تكون فعلا حملة لمكافحة الفساد بعد استثناء كل المؤيدين لولي العهد.
وقد فرض بن سلمان سياسة التقشف الاقتصادية مرتين في خمسة أعوام على المواطنين السعوديين بعد الخسائر في الفاتورة النفطية والحرب على اليمن.
لكنه بينما طلب من الشعب أن يتقشف زاد في مخصصات الأمراء والمسؤولين التابعين له وأبرم صفقات أسلحة مع الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 450 مليار دولار.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن معدلات الفقر زادت في المملكة بشكل ملحوظ إذ أن نحو مليوني و400 ألف سعودي يعيشون بمبلغ 17 دولاراً فيما ارتفعت نسبة البطالة وتراجع دخل أسرة الفرد بنحو 20 %.
وبحسب الصحيفة فإن أكثر من مليون سعودي عاجزون عن توفير مسكن بإمكانياتهم ضمن ما تصفه التقارير الأجنبية سنوات الضياع للمملكة وفرض سياسة التجويع والتطويع وفرض الولاءات والتركيع لولي العهد.
وبحسب التقارير الدولية فإن الواقع في المملكة يظهر أنه كان بإمكان بن سلمان تجنب فرض الضرائب القياسية على المواطنين السعوديين لو أنه توقف عن دعم الثورات المضادة وأوقف مخصصات الأمراء والأخويات، وأوقف حرب اليمن العبثية ونهب ميزانية الدولة.
كما كان يمكن تجنب وقف التضييق على أرزاق السعوديين لو تم استغلال ثروات المملكة بشكل عادل واستخدمت أموال تسوية مكافحة الفساد بإنفاق وطني أو باع بن سلمان الممتلكات التي اشتراها بالمليارات من الدولارات وبدأ التقشف بانفاق الملك سلمان وابنه والديوان الملكي ولو استخدمت أموال كبار الأمراء المكدسة في بريطانيا وسويسرا.
وقد عم الغضب السعودي أرجاء المملكة، مع تطبيق سلطات آل سعود قانون الضريبة المضافة بنسبة 15 % على جميع السلع والمنتجات؛ في محاولة لاحتواء آثار الكارثة الاقتصادية السعودية.
ودشن نشطاء سعوديون هاشتاق#الضريبة_المضافة_الجديدة وآخر #الضريبة_المضافة للتعبير عن غضبهم من الضريبة المضافة وآثار الأوضاع المعيشية السيئة في المملكة.
وتهجم هؤلاء على الملك سلمان بن عبد العزيز وولى العهد محمد، بعد تدهور أوضاع المملكة في عهدهما، واستذكروا مناقب الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
وللمرة الأولى، أقرت وزارة المالية في المملكة، إجراءات وصفتها بـ “المؤلمة” لإنقاذ الموازنة العامة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5 % إلى 15 % بدءا من الأول من يوليو، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو.
ووجد المواطن السعودي نفسه في عام 2020 – 2021م أمام أكبر موجة غلاء في تاريخ المملكة، في ظل سلسلة إجراءات حكومية فرضها نظام آل سعود لمواجهة تفاقم أزمة الاقتصاد السعودي وتداعيات فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط العام.
وفاجأت الهيئة العامة للجمارك في المملكة، السعوديين، بنشرها قائمة بالسلع المقرر رفع الرسوم الجمركية عليها،
وتضم القائمة نحو 3 آلاف سلعة مختلفة، تراوحت نسبة الرفع الجمركي عليها بين 3 و25 %.
وبحسب وسائل إعلام سعودية، فإن هذه النسب تضاف إليها القيمة المضافة الجديدة والتي اعتمدت 15 %.
وأبرز الأصناف التي فرضت عليها رسوم جمركية – حسب تلك الوسائل الإعلامية – بعدما كانت معفاة من الضرائب سابقا، لحوم الضأن والماعز برسوم تصل إلى 7 بالمائة، كما ارتفعت الرسوم على الأسماك من 3 إلى 6 %.
وارتفعت الرسوم الجمركية على الألبان والأجبان ومشتقاتهما من 5 إلى 10 %.
وشهدت بعض المواد المستخدمة في الصناعة، مثل الطوب بمختلف أنواعه ارتفاعا بالرسوم من 5 إلى 15 %، وهو ما انطبق أيضا على مواد زينة السيارات وغيرها.
كما أظهرت معطيات رسمية، خسارة المملكة نحو 50 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية العام الماضي.
وانزلقت المملكة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى عجز في الموازنة بقيمة 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام 2020م مع انهيار إيرادات النفط، وحرب أسعار النفط العام.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.
وقالت “كابيتال” إن سكان المملكة وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أمام إجراءات تقشفية صادمة ستؤدي إلى انخفاض الدخل وتراجع معدلات التوظيف، وتدهور الظروف المعيشية، خاصة بعد مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات، في دولة لم يكن مفهوم الضريبة فيها معروفا منذ وقت ليس ببعيد.
وأكد الناشط السعودي سلطان العبدلي أن هناك تخبطاً اقتصادياً داخل المملكة، مستدركا: “كل الدول تمر بأزمات، لكن حينما يكون القرار رهناً بيد شخص ليس فقيهاً بالاقتصاد، ولا في السياسية، فهذا أمر صعب” وذلك في إشارة لولى العهد بن سلمان.