بالتزامن مع انطلاق العدوان على اليمن في العام 2015م، عمل تحالف العدوان على دغدغة أحلام وعواطف اليمنيين في عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة ، وقدم نفسه باعتباره المخلص لمعاناة الجنوبيين ، وأنه من سيعيد الدولة ومن سيحول عدن إلى دبي أخرى في جنوب الجزيرة العربية .
ومن خلال هذه الوعود استطاع تحالف العدوان أن يحتل المحافظات الجنوبية دون أن يواجه بأية مقاومة ، وعلى العكس من ذلك لقي ترحيبا وإسنادا من قبل المكونات السياسية الجنوبية والميليشيات التابعة لها .
ومع مرور السنوات ، بدأت أقنعة المحتل تتساقط تدريجيا ، ومعها تتكشف أطماعه ومؤامراته ، وتبين لإخواننا في المحافظات الجنوبية أنهم كانوا ضحايا لخدعة كبرى ، خسروا بفعلها محافظاتهم ومدنهم ، وساءت احوالهم المعيشية وتفاقمت معاناتهم ، لكن الوقت كان متأخرا ، والاحتلال عزز حضوره وأحكم قبضته وخلق له أذرع محلية تنفذ مخططاته وتقمع كل من يعارض حتى لمجرد الرأي بكل قسوة وعنف .
الثورة / محمد شرف
وعلى مدى أكثر من ست سنوات ، تبخرت أحلام جنة عدن ، وتحولت مدينة عدن إلى مستنقع للفوضى وغياب كامل للخدمات الأساسية .
ولا يقتصر الحال على مدينة عدن ، فالأمر ذاته هو السائد في جميع المحافظات الجنوبية المحتلة ، من لحج إلى المهرة .
وبخلاف الشعارات والوعود التي أطلقها تحالف العدوان بتحويل عدن إلى جنة غنَّاء، أصبحت هذه المدينة في ظل سيطرة مرتزقة العدوان جهنماً لا ترحم ومستنقعاً حافلاً بالفوضى وغياب الخدمات الأساسية .
كما تعيش المحافظات الجنوبية المحتلة ظروفاً سيئة وغاية في الصعوبة على مختلف المستويات الخدمية والاقتصادية والأمنية، إذ يعاني المواطنون من أوضاع معيشية متدهورة، مع انقطاع الكهرباء مثلما هو حال مياه الشرب وطفح مياه الصرف الصحي، فضلا عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانقطاع المرتبات، مع تفاقم الانفلات الأمني في المدن الرئيسية والمديريات والقرى النائية .
غياب الخدمات الأساسية
تشهد عدن وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي والميليشيات التابعة لها احتجاجات شعبية مستمرة جراء الانقطاع المستمر للخدمات الأساسية كالماء والكهرباء ، فيما تنشغل الميليشيات التي تمارس السيطرة على المحافظات الجنوبية بدعم الاحتلال في جولات مستمرة من الصراع والحروب التي تتوقف ، كي تبدأ من جديد، وهو ما فاقم معاناة المواطنين ودفع الكثيرين منهم إلى النزوح نحو المحافظات الشمالية المحررة .
عدن
“جنة عدن” الموعودة التي حولها العدوان السعودي الإماراتي بعد أكثر من ستة أعوام، إلى جهنم حتى أصبحت مدينة تضيق على أهلها الذين أصبحوا غرباء في بيوتهم، مهددين بإزهاق أرواحهم وأعراضهم وأرزاقهم.
تدهور القطاعات والخدمات العامة ومختلف جوانب الحياة في عـدن المحتلة ضاعف من معاناة المدنيين الذين باتوا يعانون أوضاعا إنسانية سيئة لم يسبق أن شهدتها المدينة المحتلة، وذلك نتيجة فشل حكومة الفار هادي والدوائر التابعة لها وعدم قدرتها على تلبية أبسط الاحتياجات الرئيسية وتأمين قطاعات المياه والكهرباء والأمن ومختلف الخدمات والسلع الأساسية.
وتنوّعت آلة الموت في عدن المحتلة والنتيجة واحدة، فسكان المدينة لا ينعمون بالأمن والأمان منذ سيطرة قوات المحتل السعودي الإماراتي عليها، فالمسيطرون على عدن المحتلة كشفوا عن وجههم الحقيقي لأهالي المدينة الذين باتوا ينظرون إلى قوات المرتزقة – التي استباحت مدينتهم وأرزاقهم وأعراضهم – على أنها عصابات تمارس القتل والاعتقال بحق المدنيين وتداهم المنازل ليلاً، وهمّها الأكبر هو كيف تنهب الناس وتستولي على كل شيء ما جعل سكان المدينة يفقدون الثقة بالأمن تماماً، ومنذ سيطرة المحتل وأدواته على المدينة تم ارتكاب الكثير من جرائم الاغتيال بالإضافة إلى سجن الآلاف من أبناء الشعب اليمني في غياهب السجون، بعضها معروفة وبعضها سرية، ودون تهم أو حتى محاكمة صورية، ولا يكاد يمرّ يوم دون أن تُسجّل انتهاكات ترتكبها تلك العصابات التي تدّعي أنها أجهزة أمن.
ومن بين الخدمات المتردية خدمة الكهرباء التي تشهد انقطاعات متكررة ولساعات طويلة بمديريات المدينة التي تشهد حرارة مرتفعة ونسبة رطوبة عالية.
وانعكست تأثيرات انقطاع الكهرباء والخدمات الأساسية لسكان مدينة عدن المحتلة، خصوصاً على كبار السن الذين يعانون من الأمراض المزمنة والأطفال الذين لا يتحملون البقاء في الحر لمدة 8 ساعات خلال انقطاع الكهرباء مقابل ساعتين تشغيل.
انقضاء المياه
وخلقت أزمة الكهرباء أزمة أخرى في مياه الشرب في مدينة عدن، إذ أن نسبة كبيرة من الأحياء في المدينة يتم جلب المياه فيها عبر تشغيل مولدات ضخ تعمل بالكهرباء، ومع انقطاع التيار الكهربائي طيلة ساعات اليوم دفعت الكثير من العائلات مبالغ كبيرة لشراء المياه بواقع 7000 ريال مقابل الصهريج الكامل.
وأزمة مياه الشرب جعلت من سكان مدينة عدن المحتلة يعيشون أزمة مياه خانقة لأكثر من شهر ما دفع بسكان مدينة “كريتر” إلى إغلاق الطريق العام أمام مؤسسة المياه والخروج بمظاهرات فوق الحمير وحرق الإطارات وإيقاف حركة السير، مطالبين بإقالة مدير مؤسسة المياه ومدير مديرية صيرة وتوفير المياه إلى منازلهم ومنطقة شِعب العيدروس في كريتر بمديرية صيرة بعدن هي أكثر المديريات استمرارية في انقطاع المياه عن المنطقة.
ويطالب المواطنون باستمرار بتحسين الخدمات المنهارة و ضمان إعادة ضح المياه التي تنقطع لأكثر من شهر عن منازلهم، يحرقون الإطارات يغلقون الطرقات ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، فالاحتلال مشغول بأطماعه ، والميليشيات منهمكة في مصالحها الشخصية ، وحكومة الرياض التي تدعي الشرعية لا تبارح عتبات الفنادق .
خدمات متردية
مشكلة طفح مياه الصرف الصحي ، حوَّلت الحياة في بعض الأحياء إلى كابوس ، علاوة على ما تحمله من خطورة كبيرة على الوضع البيئي العام، نتيجة ما تنشره هذه البرك الطافحة من أمراض فتاكة لاحتوائها على أنواع مختلفة وقاتلة من البكتيريا والطفيليات والفيروسات، إلى جانب ما تنفثه من غازات ومواد سامة تهدد سلامة الحياة العامة وتنذر بكوارث بيئية خطيرة ضحيتها في المقام الأول الإنسان.
ويُعاني سكان مدينة المنصورة ـ أكبر مديريات عدن المحتلة – من استمرار طفح مياه الصرف الصحي في شوارعها، ويشكو المواطنون فيها من عدم معالجة هذه المشكلة المستمرة، وما سببته من انتشار للأوبئة والأمراض وتشويه المنظر، حيث تملأ مياه المجاري الشوارع والطرقات وبجانب المحلات والمستشفيات والمطاعم، بل وتصل إلى داخل المنازل.
حضرموت
محافظة حضرموت هي الأخرى يواجه سكانها في مديريات الساحل والصحراء مشاكل ومعاناة جمة في ظل الاحتلال . ومن تردي الخدمات وغيابها ، إلى التضييق على سكانها وحرمانهم من الصيد ، بعد أن حولت قوى الاحتلال معظم الشواطئ إلى مناطق عسكرية يمنع فيها الاصطياد ، بينما يسمح للشركات الأجنبية والمتعاونة مع الاحتلال بممارسة الصيد بطرق جائرة.
مطار الريان هو الآخر مغلق منذ ست سنوات ، وتستخدمه قوى الاحتلال السعودي الإماراتي كثكنة عسكرية .
وعلى طريقة سكان عدن ، يقوم أبناء حضرموت بالاحتجاجات والمسيرات وخصوصا في المكلا التي تشاهد احتجاجات مستمرة ، على غياب الخدمات ، أو لحرمانهم من البحر ، أو للمطالبة بالإفراج عن الأسرى والمختطفين في السجون السرية .
سجنون
يعد المعتقل الذي بات يعرف بـ ” سجن الطين ” أشهر السجون السرية الذي يستخدمها الاحتلال في لقمع وتعذيب المعارضين من أبناء المحافظات المحتلة ، إذ تمارس فيه ابشع الانتهاكات والجرائم .
واستمرت التظاهرات في مدينة المكلا لعدة أشهر، احتجاجاً على التردّي غيرِ المسبوق في جميع الخدمات، ولا سيما انقطاع التيار الكهربائي.
وأشعل شباب غاضبون إطارات السيارات وقطعوا الطرق أمام عناصرِ الأمن، مطالبين بحلول جذرية لأزمة انهيار الخدمات الأساسية في المدينة وعمل حل لمشكلة الانقطاع المتواصل للكهرباء.
ويعاني مواطنو محافظة حضرموت من سوء الخدمات وحالة من الانهيار التي جاءت نتيجة عجز السلطة المحلية للمرتزقة عن تحقيق الاستقرار الخدماتي على الرغم من الإيرادات الكبيرة التي توردها المحافظة لخزينة بنك عدن والتي تصل لأكثر من 70% من إيرادات المحافظات المحتلة.
شبوة
محافظة شبوة المحتلة والغنية بالمشتقات النفطية، هي الأخرى تفتقر للكثير من الخدمات الأساسية، أسوة ببقية المحافظات الجنوبية المحتلة ، لا ماء ولا كهرباء ، ولا دائم سوى حرب الميليشيات التي تتنازع للسيطرة على المحافظة الغنية بالنفط.
ولا يقتصر تردي الخدمات على الكهرباء والمياه والصرف الصحي وإنما هناك العديد من الخدمات الأخرى تشهد تراجعاً كبيراً وغيابا متكررا مثل انعدام المشتقات النفطية والغاز بين فترة وأخرى وتحولها إلى سوق سوداء مع ارتفاع أسعارها , فحتى فترة قريبة وصل سعر دبة البترول عشرين لترا إلى عشرين ألف ريال في مدينة عدن المحتلة في الوقت الذي ينبغي على دول تحالف العدوان الغنية بالنفط توفير المشتقات النفطية في المحافظات المحتلة ، لكنها الرغبة في تعذيب اليمنيين بمن فيهم من رحبوا بالاحتلال وساروا كالقطيع خلف جزرته وأكاذيبه .
المهرة
في محافظة المهرة ، سقطت كل أقنعة الاحتلال السعودي الإماراتي ، وتكشفت اكاذيبهما بشكل فاضح ، فالمحافظة بعيدة عن المناطق التي تشهد الحرب وكانت تنعم بالامن والاستقرار قبل أن تغزوها قوات الاحتلال السعودي وتقيم فيها اكثر من ثلاثين معسكرا على امتداد الشريط الساحلي للمحافظة ، كما سيطرت على كافة منافذ المحافظة البرية والبحرية والجوية.
وتحوَّل مطار الغيضة إلى ثكنة عسكرية تضم غرف عمليات عسكرية واستخباراتية للأمريكيين والبريطازيين والسعوديين .
ومنذ أكثر من ثلاث سنوات ينظم أبناء المهرة احتجاجات مستمرة، مطالبين برحيل قوات الاحتلال ، بينما تعمل قوى الاحتلال على تفكيك النسيج الاجتماعي في المحافظة من خلال تشكيل الميليشيات وشراء الولاءات وتنصيب قيادات ومشيخات موالية لها ، ولم تخف السعودية أطماعها في المحافظة بل باشرت بالفعل العمل على تنفيذ مشروع مد انبوب نفطي من جنوب المملكة إلى ميناء نشطون على ساحل البحر العربي ، لو لا يقظة أبناء المحافظة الذين عملوا على عرقلة هذا المشروع .