عندما يتحدث المحدثون ويؤرخ المؤرخون ويسطر ويكتب الكتاب والساسة والحقوقيون ويبدع أرباب البلاغة والفصاحة ، ويتفلسف عشاق الفلسفة والمنطق عن مصطلح الصمود بمختلف معانيه وصوره وأشكاله ، فإن الأنظار كلها تتجه نحو اليمن واليمنيين؛ كيف لا وقد باتوا اليوم مضرب المثل في الصمود، والعنوان الأبرز له، وصار الحديث عن الصمود متلازما مع الحديث عن اليمن واليمنيين، فصار الصمود يمنيا بامتياز، وأي حديث عن صمود يضاهي صمود اليمنيين هو عبارة عن نفاق وزيف وخداع لا يمت للصمود بأدنى صلة .
الصمود اليمني بعد ست سنوات من العدوان والحصار، مضرب المثل على مستوى العالم، البعض اعتبره من الأساطير الخارقة للعادة، لم يكن من المتوقع قياسا على المعطيات الراهنة أن يصمد الشعب اليمني في وجه العدوان والحصار لأشهر قليلة، وتوقع السعودي بأن يحسم المعركة خلال أسابيع قليلة، ولكن مشيئتهم خابت وخسرت أمام مشيئة الله عز وجل التي كانت الغالبة، ومع نهاية العام السادس ودخول العام السابع للعدوان ظل الصمود اليمني هو سيد الموقف.
ست سنوات من القصف المتواصل والزحوفات والعمليات الهجومية ومحاولات التسلل في مختلف الجبهات داخليتها مع الخارجية ، ست سنوات من الخراب والدمار، ست سنوات من الحصار الخانق ، حظر وإغلاق وحصار للمطارات والموانئ، ست سنوات لم يدخر العدوان فيها أي طريقة أو وسيلة لتركيع وإذلال وإخضاع لشعبنا اليمني الصامد الصابر، أشعلوا العديد من الجبهات، وحشدوا كل طواغيت وحثالة المجتمعات للقتال بالنيابة عنهم وتحت رايتهم، استخدموا مختلف أنواع الأسلحة والصواريخ والقنابل المحرمة، ومارسوا أقذع صور وطرق الإجرام والتوحش، وحاولوا اللعب على ورقة تفخيخ المجتمع اليمني من الداخل، من خلال استهداف النسيج الاجتماعي، والصف الوطني والجبهة الداخلية مرارا وتكرارا ولكن الله أمكن منهم وأحبط أعمالهم .
ست سنوات استخدموا خلالها شتى صنوف الحروب والأزمات ، نقلوا البنك المركزي، ومن ثم قطعوا المرتبات، وقاموا بطباعة عملة غير قانونية بهدف محاربة العملة الوطنية وتدمير الاقتصاد الوطني ، ونهبوا الأموال والثروات وسخروها لتنفيذ مشاريع السعودية والإمارات، وارتكبوا الكثير من الجرائم والمنكرات ، وطال إجرامهم مختلف المدن والمحافظات، دفعوا الأموال لشراء الذمم وكسب الولاءات، واستخدموا حتى الأمم المتحدة والمنظمات، لتمرير أهدافهم والأجندات، وتنفيذ مخططاتهم والمؤامرات، على مدى ست سنوات، وظل الصمود اليمني حاضرا في كل المراحل والمنعطفات، صارخا بالموت لإسرائيل والولايات، واللعنة على اليهود، وللذلة هيهات .
لم ترتعد لهم فريصة ، ولم يفت لهم عضد ، وظلوا على العهد والوعد، لم يجبنوا أو يتخاذلوا أو يتراجعوا أو يتذمروا رغم المعاناة والصعوبات ، ضربوا أروع الأمثلة في البطولة والصمود والثبات، وفي سبيل الله دفاعا عن الأرض والعرض والشرف والكرامة قدموا الكثير من التضحيات، وما يزالون يلقنون الأعداء المزيد من الضربات، ويسقوهم السم الزعاف على دفعات، وما تزال قوافل المدد تتدفق على مختلف الجبهات، رفدوها بالمقاتلين الأبطال وجادوا للمرابطين فيها بما أنعم الله عليهم من الخيرات، ولا يزال الشعب اليمني يسطر للعالم أروع الملاحم و المواقف التي سيخلدها التاريخ في أنصع الصفحات.
بالمختصر المفيد، ست سنوات كانت كفيلة بتركيع أقوى الأنظمة وإسقاط وتهاوي أكبر الإمبراطوريات، ولكن اليمن ظل وما يزال صامدا بقوة وتأييد خالق الأرضين والسماوات، وظل الشعب اليمني الصامد الواثق بربه والمتسلح بقوة إيمانه و عدالة قضيته ، معانقا للنصر متجاوزا كافة المستحيلات، محققا ما عجز عن تحقيقه تحالف السعودية والإمارات ، بكل طاقاتهم وقدراتهم والإمكانيات ، ولا يزال وسيظل الصمود اليمني حديث كل الإذاعات والفضائيات والصحف والمواقع والمجلات ، ومادة تدرس للأجيال القادمة في المدارس والمعاهد والجامعات، وسيبقى مفخرة لكل اليمنيين واليمنيات.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .