المناورة والمراوغة السياسية والخداع الذي ينتهجه النظام السعودي ومن خلفه الإدارة الأمريكية إزاء مبادرتها ليست بغريبة على الشعب اليمني ولم تأتِ بجديد، بل إنها أظهرت عدواناً بصورةٍ أخرى ومحاولة فرض وصاية بشكلٍ مختلف..
وبصرف النظر عن مدى هشاشة وخداع المبادرة فإن الموقف الصادر من النظام السعودي إنما يعبِّر بلا شك عن انكسار وهزيمة مُني بها التحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤها الذين أنهكتهم الحرب وتجرعوا كأس الإيلام والوجع الذي يتكرر مع كل الضربات المسددة للصواريخ البالستية والطيران المسيَّر الذي تقوم بتنفيذه القوة الصاروخية وجيشنا ولجاننا الشعبية بما ألهمهم الله من حكمةٍ وشجاعة وإقدام ومواجهة قلّما نجدها لدى أي دولةٍ أخرى وما لديها من ترسانةٍ عسكرية ظاهرها استعراض إعلامي وباطنها خوفٌ وخشية من استخدامها ليس إلا..
اليوم وبعد ست سنوات من العدوان الظالم السافر على بلادنا أضحى رجال الرجال من منتسبي الجيش واللجان الشعبية أقوى شكيمةً وعزيمة وأكبر حجماً وتأثيراً وأمضى بسالةً وإقداماً من ذي قبل، كما أثبت الشعب اليمني للعالم أجمع أنظمةً وشعوباً أنهم أصحاب قضيةٍ عادلة وأنهم الأعز والأكرم بين كل أنظمة وشعوب الأرض التي تفتقر إلى الجرأة على قول الحق في وجه المستكبر وتبدو أضعف بكثير من حجمها وعددها وعُدتها الهشة والمنكسرة ..
لقد جسّد الشعب اليمني قول الله سبحانه ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ”..
وقد أثبت اليمنيون أيضاً منذ وقتٍ مبكر في الإسلام وحتى اليوم أنهم حملة المشروع القرآني والمدافعين عن المسيرة القرآنية التي قادها وأعاد مجدها وعنفوانها على الساحة اليمنية وعلى الساحة الإسلامية إن شاء الله الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ومن بعدهِ السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين اللذين وجدا في أبناء اليمن المحل والأهل الجديرين بأن يكونوا عند حسن الظن، فكانوا هم فعلاً خير الأمم والشعوب وكان لهم فضل وشرف مقاومة ومواجهة محور الشر والطغيان وأتباعه على هذه الأرض..
اليوم وبعد ست سنوات من العدوان الأعرابي الأمريكي الصهيوني على اليمن أرضاً وإنساناً أثبت شعب اليمن برجاله ونسائه وأطفاله أنهم أولو بأسٍ شديد وذوو قوةٍ لا تُقهر وأنهم اليوم قد أصبحوا في عزةٍ وكرامةٍ ومنعة، كيف لا وهم الوحيدون الذين يواجهون من أمرنا الله في كتابه الكريم بمعاداتهم وأخذ موقفٍ لا يتزحزح ولا يلين بل وأمرنا الله بقوله: “أَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وعَدوّكم”
اليوم وبعد ست سنوات من العدوان الهمجي العبثي البائس والمفضوح الذي أهلك الحرث والبشر ودمّر الحجر والشجر والزرع والثمر يخرج النظام السعودي بمبادرةٍ ليس فيها ما يجعل أي عاقل يحسن نيتهُ في مضمونها ونصوصها التي لم تُظهر أي رغبةٍ حقيقية في السلام ولا يبدو منها إلا الخُبث والحقد الدفين في قلوب أرباب وعتاولة النظام السعودي للشعب اليمني العظيم الذي ابتلاه الله بجارةِ سوءٍ قتّلت ودمّرت وسفكت وحاصرت وتسببت في أكبر أزمةٍ إنسانية عانى من ويلاتها وآثارها الملايين من أبناء الشعب اليمني..
ست سنوات من العدوان الظالم والحصار الخانق بحُجة الدفاع عن الشرعية أثبت فيها من يسمون أنفسهم دعاة السلام في العالم أنهم ليسوا سوى أداةً رخيصة في يد الاستكبار العالمي يشرعن ويُقنن بمزاجية وينتهج ازدواجية المعايير وبما يتوافق ويحقق مصالحه وأهدافه الاستراتيجية، وكل ذلك على حساب الإنسانية وبمبررات الدفاع عن الشرعية التي ليس لأركانها وكيانها أي وجود وأي حاضنة شعبية حتى في المناطق المحررة حسب وصفهم وادعائهم..
ست سنوات من الصمود الأسطوري والثبات اليماني الإيماني الراسخ في أفئدة الشعب اليمني الذي ما زاده العدوان والحصار إلا إيماناً بالقضية العادلة وبالمبادئ والقيم الإيمانية التي علّمت الإنسان اليمني معنى التضحية والفداء في سبيل الله والوطن، وعزّزت في المرأة اليمنية شموخها وجلدها وصبرها على الظروف الصعبة المحيطة بها وعلّمت الطفل اليمني الأمل والتفاؤل والاعتزاز والافتخار بيمنيته وهويتهِ وعشقهِ لدينه وأرضه ووطنه..
ورضي الله عن الشاعر الشعبي الكبير بسام شانع في مدحه ووصفه الشعب اليمني بقوله:
الدهر والتاريخ كامل جنّب … يأخذ جوار الشعب هذا صورة
أعظم قيادة فوق سطح الكوكب … وأعز واكرم شعب في المعمورة.