مبادرة منشارية ..

فهمي اليوسفي

 

الانتصارات المتسارعة التي يحققها المجاهدون في محافظة مارب أصبحت عاملاً أساسياً لارتفاع هستيريا الناتو ومملكة المنشار خصوصا مع تقدم المجاهدين نحو مدينة مارب واستمرارية تصدع قوى العدوان في هذه المحافظة ما جعل سفراء الرباعية في حالة استنفار يتحركون هنا وهناك ويستخدمون كافة الوسائل والضغوطات على صنعاء لإيقاف تقدم المجاهدين نحو المدينة حتى بلغت هستيريا دول العدوان وأجنداتها أن تحشد مرتزقتها بالكم من مختلف الأوزان والألوان وتزج بهم إلى هذه المحافظة، ولم يقتصر تحرك كوكتيل الرباعية على مساعدة دول التحالف بل أوكلت جزءاً من المهمة للمبعوثين الأمريكي والأممي وآخر منتج توصلوا إليه هو ( المبادرة السعودية ) التي أعلنت عنها الرياض مساء الأربعاء بتاريخ 24 /2 /2021م، وهي من وجهة نظري لا تختلف عن كافة المبادرات السابقة التي كانت تتخذها السعودية وسيلة خداعية لتحقيق سيطرة ميدانية عجزت عن تحقيقها بقوة السلاح، واليوم أطلقت هذه المبادرة لنفس الأهداف السابقة بحكم الهزائم التي يتجرعها التحالف في العديد من الجبهات وفي مقدمتها السعودية التي تحاول خلال هذه المرحلة إيقاف تقدم القوى المضادة للعدوان ومنعها من دخول وتحرير مدينة مارب ولم يدرك تحالف العدوان وسماسرة الهيئات الأممية أنه ليس في كل مرة تسلم الجرة، الأمر الذي جعلني اقول عبر هذه السطور:
كفى مشاريع خداعية تأتي من مطابخ العدوان والناتو.. كفى ضحكاً على الذقون من قبل سماسرة الهيئات الأممية الذين ثبت انحيازهم للتحالف العدواني بشكل خارج عن المواثيق الدولية .. كفى تزويراً للحقائق خلافا للواقع من خلال احتيالهم على القانون الدولي والإنساني وكافة المواثيق الدولية ،لأن من يدّع الإنسانية ويرتكب هذه الأعمال اللا إنسانية أصبح مجرداً من الضمير الإنساني ولا يحمل ذرة من الأخلاق والقيم الجميلة، ومثل هؤلاء لا ينبغي التعامل معهم باعتبار أعمالهم هذه جزءاً من الجريمة ولكونهم فقدوا ضمائرهم وفضلوا الأطماع الدنيوية بدلا من التمسك بالقيم والأخلاق الجميلة، حيث برهن الواقع أنهم يستغلون وظائفهم في الهيئات الأممية وسيلة لتحقيق صفقات ذهبية بشكل غير مشروع وكأنهم يقولون لذواتهم إن وظائفهم في هذه المؤسسات أشبه بليلة القدر لتأمين مستقبلهم وأبنائهم وأحفادهم على حساب قتل وتدمير بلدان وشعوب طالما وهي تدر عليهم مبالغ محرَّمة قانونا حتى بلغة الأخلاق والإنسانية وبما يتعارض مع شرف المهنة الأممية سوءا صفقات الرشاوى المقننة التي تأتي لجيوبهم من دول البترودولار وعلى سبيل المثال المبالغ التي ضختها دول العدوان على أساس أنها لإنقاذ اقتصاد اليمن حين وضعتها السعودية تحت تصرف الأمم المتحدة أي تحت تصرف أولئك السماسرة الذين ثبت أنهم يستحوذون على 85 % منها ويتم تصريفها تحت مسمى نثريات ونفقات تشغيلية وأجور و15 % منها يتم توزيعها لمرتزقة العدوان، وهذا ما حدث في بلدنا عندما ضخت الرياض في مؤتمر المانحين مساعدة مالية تزيد عن ملياري دولار تم وضعها تحت تصرف الأمم المتحدة وهي في حقيقة الأمر رشاوى مقننة يتم تقديمها لأولئك السماسرة فضلا على استفادتهم من إطالة هذه المهمة لأن ذلك يكفل لهم كسب مبالغ كبيرة كبدلات سفر وغيره ناهيك عن ارتباطهم بدول العدوان كغريفيث الذي هو محسوب على بريطانيا المتورطة بارتكاب جرائم بحق بلدنا وإيلائه هذه المهمة يتعارض مع المواثيق الدولية.
كل ذلك قد أوصلني إلى قناعة ذاتية بأن هذه المبادرات هي كسابقاتها وهمية وخداعية 100 % بغض النظر عن الديكور والمكياج والإخراج لشكل ولون المبادرات .
لا جدوى من تغيير الصورة وليس الجوهر الأمر الذي جعل مملكة المنشار تارة تقحم بعض الدول الشقيقة لتقديم مبادرات خلال الفترة الماضية خصوصا الدول التي لها موقف حيادي وفي النهاية أحرجت تلك الدول بعدم التزامها بمضمون تلك المبادرات السابقة، وتارة تستخدم سماسرة أمميين لتمرير مثل هذه المشاريع الخداعية والبعض منها تستعين لتمريرها عبر منظمات غربية بعد أن تضع لها عناوين إنسانية وهي في نفس الوقت وهمية تصب في نفس الاتجاه .
واقع المعركة في هذه المحافظة راهنا وتجرع تحالف العدوان هزائم متلاحقة رغم حشد التحالف المرتزقة والدواعش خصوصا في جبهتي مارب والجوف ، جعل الناتو ودول التحالف ومن معهم يستخدمون كافة الوسائل الخداعية كمحاولات لاستعادة المناطق التي حررها المجاهدون من أبطال الجيش واللجان الشعبية وتحديدا الغنية بالثروات النفطية كمحافظتي مارب والجوف كون الغرب والخليج يعتبرون أن فشلهم اليوم في هذه المحافظة يترتَّب عليه الفشل في بقية الجبهات وتصبح كل خسائرهم في خبر كان، وهذا يثير مخاوف شركات الغرب التي لديها مطامع اغتصابية غير مشروعة في الثروات بهذا المربع يترتب عليه فشل مشروع الغرب وإسرائيل في المنطقة، وتخشى الرياض أن تصبح فاشلة في تحقيق بنك أهدافها وأصبح يلمح ويلوح لها الغربيون بالتهديد والوعيد لمحمد بن سلمان وأيضا لأنها ستتحمل تبعات الفشل ولديها إدراك بأن الفشل سوف ينعكس سلبا عليها في عمق الداخل أو مع حلفائها الغربيين بل سيجبرها إلى أن تدفع فاتورة عدوانها بشكل غير مسبوق .
لهذه الأسباب لم يتوقف التحرك الدبلوماسي للرباعية لإيقاف دخول المجاهدين مدينة مارب والمخرجات الأخيرة تقديم هذه المبادرة التي تحمل عناوين واهية سواء باسم السلام أو غيره إضافة للضغوطات التي تمارس من قبلهم ضد صنعاء .
كما أن تصدع قوى العدوان في جبهة مارب هذه الأيام أصبح عاملا لارتفاع درجة قلق الناتو وجارتنا المنشارية الأمر الذي دفع سلمان ونجله إلى استيراد خلطات سحرية من أمريكا وبريطانيا وتقبيل قدمي بايدن عل ذلك يكفل نجاح هذه المبادرات الخداعية التي وصلت درجة الخوف الرياض من أن تستأجر مرتزقة يعملون في مطبخ الإشاعات الغربية لترويج إشاعات وهمية عبر مكناتهم الإعلامية لتوهم الرأي العام بأن هناك خلافاً بين محمد ان سلمان وإدارة بايدن والأساطيل الغربية تتوافد لحوض البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي .
الترويج لهذه المبادرة الأخيرة – بعد التواصل الهاتفي بين بايدن وسلمان والمتزامنة مع وصول المبعوث الأممي وكذا الأمريكي إلى دار قصر اليمامة – هو لتحقيق حزمة من الأهداف كان ضمن مخرجاتها هندسة هذه المبادرة ليشارك في اللعبة سفراء الرباعية بالتعاون والتنسيق مع المبعوثين الغربيين المشار إليهم سلفا نظرا لاستمرارية تصدع قوى العدوان في مارب ولأن موازين المعركة قد تغيرت راهنا خصوصا عندما استطاعت صنعاء تصنيع صواريخ بالستية وطائرات مسيَّرة وصلت إلى قلب دول العدوان فانعكس ذلك سلبا على سمعة فخر الصناعات العسكرية للغرب في ظل العدوان والحصار على اليمن وقطع المرتبات على أبنائه .
فعن اي حلول سياسية يتحدث المبعوثان الأمريكي والأممي بما فيها الإنسانية طالما والحصار لازال قائماً ومرتبات موظفي جهاز الدولة يستحوذ عليها مرتزقة العدوان ؟
فوق هذا وذاك لازلت متشائماً من هذه المبادرات الخارجية ويكفي الاستدلال على ذلك بأن بلدنا لازالت تدفع فاتورة المبادرة الخليجية التي صنعتها الرياض في 2011م فما بالك ببقية المبادرات والهدن السابقة واللاحقة أي التي تم تنفيذها أو قيد التنفيذ والتفاوض، وبتعبير أدق التي تم ويتم تصنيعها من الناتو ودول تحالف العدوان بما فيها التي يتم ترويجها تحت غطاء منظمات، لأن تجربة اليمن مع هذه المشاريع الالتفافية السابقة التي وصلت لبلدنا خلال فترة هذا العدوان قد استثمرتها دول تحالف العدوان دون خجل لتمرير مشاريع خداعية ضد القوى المناهضة للعدوان وأفضت إلى احتلال جزء كبير من الساحة اليمنية من قبل الاستعمار الجديد اي السعوإمارتي والانجلوإمريكي .
فطالما كانت تلك المبادرات خداعية والتفافية فلا داعي للتعامل مع أي مبادرة جديدة تأتي من الرياض أو الغرب أو المبعوثين لأنها ستكون دون شك كبقية المبادرات السابقة والنتيجة هي هي .
هنا ينبغي على صنعاء أن لا تنخدع بهذه المشاريع السعوإماراتية والانجلو أمريكية ، ويجب أن لا نعير أي اهتمام لما يروج له إعلامهم في ظل مجريات المعركة في حافظة مارب، بل ننصح قوى21 سبتمبر في هذه الحالة بتأجيل دراسة هذه المبادرة إلى ما بعد عملية حسم المعركة في محافظة مارب وعدم الالتفات إليها، لأن القوى المناهضة للعدوان لديها مشروع ثوري لتحرير الأرض والإنسان من الاحتلال القديم الجديد .. ومن قال حقي غلب .
* نائب وزير الاعلام

قد يعجبك ايضا