النقاش .. الذي نقش حبه في قلوبنا
عبدالفتاح علي البنوس
ابن لبنان المقاوم والمقاومة ، المناضل العربي الجسور ، والقيادي القومي البارز ، فارس الإعلام القومي الحر ، وأحد أعلام جبهة إعلام محور المقاومة الإسلامية الأستاذ والكاتب والمحلل السياسي المخضرم أنيس النقاش يفارق الحياة في مستشفى هشام سنان بالعاصمة السورية دمشق الذي نقل للعلاج فيها نتيجة إصابته بفيروس كورونا ، المقاوم البطل صاحب السفر النضالي الحافل بالعطاء والتضحية والفداء ، نشأ وتربى منذ صغره على رفض الظلم والوقوف في وجه الطغاة والمستبدين والانتصار للبنان وفلسطين وخلال فترة وجيزة أصبح من العناصر القيادية الفاعلة في جبهة المقاومة ، إيمانا منه بمشروعيتها في ظل الاحتلال وسلطة القمع والإجرام والتسلط والاستيطان .
تعرض للاعتقال والسجن لأكثر من مرة وقضى قرابة عشر سنوات في السجون الفرنسية أثناء مشاركته في محاولة اغتيال رئيس وزراء شاه إيران شهبور بختيار في العام 2980م ليواجه حكما بالسجن المؤبد قبل أن يتم الإفراج عنه بموجب عفو رئاسي فرنسي في العام 1990م، ليعود إلى بيروت مدينته الساحرة التي ارتبط بها وظل مخلصا لها حتى توفاه الله ، وفيها واصل مسيرته النضالية التحررية وكان في صدارة المشهد الثوري المقاوم للغطرسة والاستيطان الصهيوني والعنجهية الأمريكية والتدخل السعودي الذي كان السبب الجوهري في جر لبنان نحو العنف والصراع الطائفي والمذهبي والذي ما تزال تداعياته وآثاره قائمة حتى اليوم .
أحب فلسطين وظل مخلصا وفيا لقضيتها العادلة والمشروعة ، وعشق سوريا فكان الصوت الهادر المدافع عنها ، الواقف إلى جوارها في ظل الحرب القذرة التي تشن عليها ، وكان محبا لليمن واليمنيين وكان حاضرا معهم في كل المراحل والمنعطفات التي أعقبت شن العدوان الهمجي عليها ، وقف إلى جانب مظلومية شعبنا اليمني وظل صامدا في توجهه ، ثابتا في مواقفه التي عرى من خلالها آل سعود وآل نهيان وفضح مخططاتهم التي يسعون لتنفيذها من خلال العدوان والحصار خدمة لأسيادهم الصهاينة والأمريكان ، كان صوت كل المستضعفين والمظلومين في اليمن عبر القنوات الفضائية ومن خلال تحليلاته وكتاباته السياسية ، وكان من النخب السياسية الحرة التي أعلنت موقفها الرافض للعدوان والحصار على اليمن واليمنيين ، وظل على هذا الموقف إلى أن صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها .
نقش أنيس النقاش بمواقفه الأصيلة حبه في داخل قلوب كل اليمنيين الأحرار ، الذين أشعرهم بقربه منهم ومعايشته لمعاناتهم ، وتفهمه لأوضاعهم ، ونصرته لمظلوميتهم ، ومساندته لقضيتهم العادلة ، كان في كثير من مداخلاته ومشاركاته المتلفزة عبر الفضائيات يقارع بعض المرتزقة الخونة ممن يحملون الهوية اليمنية ، الذين تجندوا مع العدوان وتحالفوا مع التحالف ضد وطنهم وشعبهم ، كان يشعرنا بأن الطرف الذي يمثل الشعب اليمني ولولا شهرته ومكانته وهويته اللبنانية المعروفة كنا قلنا أنه يمني الهوية ، بعد أن كان رضوان الله عليه يمني الهوى .
عرفناه بشخصيته القوية ، وذاكرته السياسية الخارقة ، وتحليلاته العميقة ، وطرحه السلس ، وأسلوبه الشيق والممتع في تناول القضايا والتعليق عليها ، ولطالما أحرج الخصوم بقوة حجته ، وصوابية منهجه ، وقدرته الفائقة على الإقناع وتفنيد الشائعات والأراجيف ، وبرحيله خسر محور المقاومة جبهة إعلامية كبرى لطالما قارعت الخصوم وأفحمتهم باللباقة والفصاحة وقوة الطرح وملامسته للواقع بتجرد عن أي اعتبارات أو ولاءات أو حسابات أو مصالح ، لذا دائما ما كان يتعرض للهجوم من قبل أبواق العدوان على اليمن وسوريا والعراق ، وهو من القيادات التي أقلقت الكيان الصهيوني والاستخبارات الأمريكية حيث تم تصنيفه من قبلهم ضمن الجناح اللبناني الموالي لإيران المطلوب تصفية عناصره .
بالمختصر المفيد، رحيل الأستاذ أنيس النقاش خسارة كبرى على اليمن واليمنيين ، قبل أن تكون خسارة على لبنان واللبنانيين ، خسرته فلسطين ، و القدس والمقاومة الفلسطينية بكل حركاتها وفصائلها ، خسرته سوريا وجيشها العربي الأصيل ، خسرته العراق وحشدها ، خسرته إيران وحرسها الثوري ، خسره محور المقاومة الإسلامية ، خسره الإعلام المقاوم ، الإعلام الحر ، وبرحيله خسرنا الكلمة الصادقة والحرف المتوهج صراحة وجرأة والمتشح شموخا وعنفوانا ، فسلام الله عليك أيها النقاش ، سلام على روحك الطاهرة ، سلام على مواقفك النبيلة الأصيلة ، لقد نقشت اسمك في قلوبنا جميعا ، وستظل خالدا بخلود مآثرك التي تنحني لها الرؤوس والهامات تقديرا وإجلالا ووفاء وعرفانا .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .