اليمن واريتريا.. الانطلاقة الجديدة!! 

الزيارة الناجحة والمثمرة التي قام بها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية إلى الجارة اريتريا وإن كانت لا تخرج عن الإطار العام لتوجهات السياسة اليمنية الحريصة دوما على تعزيز قنوات التواصل والتشاور والتنسيق والتعاون مع دول الجوار في منطقة القرن الأفريقي وذلك لما من شأنه تمتين علاقات التعاون الثنائي وتطوير جوانب الشراكة والتنسيق في مختلف المجالات وبما يعود بالنفع وخدمة المصالح المشتركة والأمن والاستقرار في المنطقة فإن ما أفضت إليه المباحثات بين الزعيمين فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وفخامة الرئيس أسياسي أفورقي من نتائج إيجابية على أكثر من صعيد قد أكسب هذه الزيارة الكثير من العناصر الإيجابية حيث وأن كل المؤشرات تدل على أن ما تم الاتفاق حوله أكان ذلك على مستوى الدفع بعلاقات التعاون الثنائي بين البلدين أو على نطاق التنسيق والتحرك المشترك إزاء التطورات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي وخاصة الأوضاع في الصومال التي صارت تلقي بتأثيراتها وانعكاساتها على البلدين بشكل خاص ودول المنطقة بشكل عام.
 وتبرز معطيات هذه الإيجابية في ما أبداه الزعيمان من حرص متبادل على الارتقاء بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب وفضاءات أوسع من التعاون في الميادين السياسية والاقتصادية والأمنية والتجارية والاستثمارية وبما يجعل العلاقات الثنائية تكتسي الطابع الاستراتيجي والخصوصية التاريخية التي تتميز بها هذه العلاقات.
وينصب الأمر نفسه فيما انتهت إليه مباحثات القائدين من تفاهم بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه البلدان في مجابهة أخطار القرصنة البحرية وآفة الإرهاب وإحلال السلام والوفاق في الصومال ومنطقة القرن الافريقي وجنوب البحر الأحمر وبما يخدم أمنهما القومي ويسهم في ترسيخ عوامل الأمن والاستقرار في هذا الجزء الهام من العالم الذي تتجاذبه الكثير من الأحداث الساخنة على نحو غير مسبوق وهي تطورات إن لم يعمل الجميع بجهد مشترك على تبريد سخونتها فإنها قد تدفع بهذا النطاق الجغرافي الذي يضم أهم البوابات البحرية والممرات المائية إلى منزلقات خطرة لا يمكن التنبؤ بكوارثها.
إن التنسيق بين اليمن واريتريا اللذان يمثلان لبعضهما البعض عمقاٍ استراتيجياٍ وأمنيا يشكل أحد الموانع لحدوث مثل ذلك الانفجار خاصة وأن هذين البلدين تتوفر لهما بحكم موقعهما الهام والترابط الثقافي والتاريخي بين شعبيهما فرص كبيرة للعمل المشترك والتحرك الثنائي الذي يمكنهما من حشد كل الطاقات الاقليمية والدولية في اتجاه تكريس مناخات السلام والوفاق في الصومال ومساندة شعبه حتى يتمكن من إعادة بناء مؤسسات دولته والتفرغ للإعمار والتنمية خاصة وأن أمن واستقرار الصومال فيه مصلحة لجميع الأطراف الإقليمية والدولية التي تعاني جميعها من تأثيرات استمرار حالة الانفلات في هذا البلد الذي تعصف به الفوضى منذ أكثر من عقدين من الزمن.
 ومن خلال الوقائع الماثلة يمكن القول أن ما جرى بحثه بين القائدين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وفخامة الرئيس أسياسي أفورقي كفيل بالدفع بالعلاقات الثنائية والتعاون المشترك خطوات متقدمة في مختلف المجالات لقناعتنا أن هموم وتطلعات البلدين هي من التقارب حد التطابق وليس هناك ما يتقاطع مع مصالحهما وقد تجلى ذلك في ادراكهما للأداة والوسيلة الناجعة لبناء نموذج متطور من التعاون ولذلك فقد تركز اهتمامهما على السبل الكفيلة بإقامة المشاريع المشتركة التي تعود بالنفع على البلدين وطالما توفرت الثقة وحسن النوايا فإن أبواب التعاون ستفتح على مصراعيها لاستيعاب أي خطوة قادمة وبما يضع العلاقات بين البلدين على أعتاب انطلاقة جديدة تحقق المصالح المشتركة للشعبين اليمني والاريتري.
 وبنظرة متأملة ومتفحصة فإن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لاريتريا قد عكست بزمانها ومكانها والظروف التي تمر بها منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر الرؤية الثاقبة لهذا الزعيم الذي عودنا دائما على أن كل خطوة يخطوها تصب في مصلحة اليمن وأشقائه وأصدقائه وفي مصلحة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي ما جعله يتبوأ مكانة رفيعة بين القادة التاريخيين.. خاصة وهو من برهن في كل المواقف على أنه من يجيد قراءة معطيات المستقبل وفق منظور واقعي مستوعب لكل اعتمالات الراهن في المنطقة والعالم.
ومن تلك النظرة السديدة فقد استطاع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح أن يبني كيانا يمنيا شديد الحضور لدى أشقائه وأصدقائه على حد سواء وأن يلعب دورا حضاريا على صعيد تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة وأن ينسج شبكة من العلاقات الودية القائمة على الاحترام المتبادل بين اليمن وكافة دول العالم وهو الدور الذي لا يمكن أن يقوم به إلا القادة التاريخيون الذين يتصفون عادة بالحكمة والحنكة والفاعلية والتأثير.

قد يعجبك ايضا