مشاهد يومية.. يا صباح تعز… 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عند الرابعة وثلاث دقائق تكون تعز المدينة تتثاءب فقد نامت بضع ساعات بعد ضجيج لا يكاد ينتهي حتى يبدأ من جديد. تفتح عينيها عند تلك الدقيقة على الأصوات «الصلاة خير من النوم» شارع 26 سبتمبر الذي بدأ ضجيجه قبل العام 1962م يكون عند تلك اللحظة الصباحية المهيبة هادئا وهو الذي لا يهدأ طوال اليوم ويزدحم حتى تكاد النفúس تشعر بانقطاع النفس معظم أجزائه بدون إضاءة والدكاكين ليس على واجهاتها حتى فوانيس تهدي الذاهبين أمثالي إلى جامع الغفران أين يضعون أقدامهم أذهب لصلاة الصبح ومحاولة الالتقاء بالشيخ الجليل عبدالرحمن قحطان منú علمني أول الحروف.
ثمة أصوات قليلة وباصات أجرة تقطع الطريق بالعكس وكأنما تحاول أن تثبت وجودها وكأنها تؤكد التحدي لöرجل المرور الذي لا يزال تلك اللحظة نائما!! ثمة «مسúرب» يقطر بقايا مياه المطر إلى الشارع فقد اغتسلت تعز الليلة الماضية اغتسلت من رأسها حتى أخمص قدميها كنت هناك عند سفح رأسها في الجحملية وقد خرجت ليفاجئني المطر فتتبلل ملابسي ولم يمنعني ذلك من الإحساس بسعادة لا يحدثها في النفس سوى المطر.
حسنة وحيدة في المدينة التي كل ما حولها أخضر بقاء تلك الأشجار تظلل موقف السيارات أمام الباب الكبير والباب بعد أن تم ترميمه خاوية مبانيه تشوه المشهد إذا كان ثمة مشهد نفس «الطرابيل» الزرقاء التي تشوه شوارع تعز الضيقة وتلك القديمة من وراء الباب وحتى نهاية الشنيني والسوق الطويل.
مخبز التيسير لا يزال باقيا وإن وجد باسمه الجديد «الأتوماتيكي» رحم الله العم غالب راوح وأحمد غرسان ودكانة المسني لا تزال كبناء صامدة إنما المحتوى قد تغير شكلا ومضمونا ومطعم العم طه حل محله وما حوله مركز المهيوب الذي أضاع الممر الذي كنت وغيري ننفذ منه إلى حارة «الجزارين» وإلى السوق المركزي ودكانة أمين قاسم احتلها أحد غيره والمطعم الكبير لم يعد موجودا.
وحده العم جاود نوري لا يزال صامدا يواصل الجيل التالي ما بدأه الآن الذي لا يزال بصحة جيدة أطال الله عمره دكانة عبدالله عبداللطيف القدسي تغير نشاطها ومقهاية الإبي صامدة إلا من تغيير اسمها من «مقهاية الإبي» التي عرفناها مسايرة لما حولها تصدرت اللوحة التعريف بها «بوفية» الأهم أنها لا تزال تناضل للبقاء.
بين زحمة العمارات والألوان الصارخة تنام فجرا مدرسة «الثورة» الأحمدية التي هدمها أحدهم بجرة قلم وتعرف بـ «النموذجية» ولا أدري نموذجية في ماذا¿! والمستودع الشرقي أزيلت بنايته ليرتفع برج جديد يكاد يلامس العمارة التي أمامه وثابت عبدالجليل الذي أتى يوما ما بالأقلام الشفر الفيزبن و«الباركر» ظهر على اللوحة الجيل التالي «محمد ثابت عبدالجليل» وفي المقابل البيت الصغير الذي سكنه ذات لحظة سيف القدسي لا يزال صامدا لم تسحقه قدم العمارات الطويلة التي تراها وقد حشرت نفسها في كل فراغ لكن كل عمارة بشكل يختلف عن الأخرى التي بجانبها وعن تلك البعيدة يخيل إليك أنك وسط حفلة عمارات بألوان مختلفة أضف إليها ألوان اللوحات يصبح شارع 26 سبتمبر مشوها!! أما إذا رأيت كل المكونات من الثامنة صباحا فسيداهمك الغضب أما لو أضفت إليه أصوات أبواق السيارات وصراخ المارة فيتداخل كل شيء بكل شيء وتقول للأسف هذا قلب مدينة تعز حيث لا تدري أين شرايينها تضخها بحبة إسبرين خوفا من الجلطات وما أكثرها!! لا يزال «ياسين» صاحب الحلويات صامدا ومبنى مكتبة القدسي التي كانت ذات يوم والمساحة التي كانت «أفيشات» أفلام السينما المصرية أيام العز كما كانت وإن بدون أفلام وبالعموم فالسينما المصرية التي رأيناها في بلقيس لم تعد سينما وقلبي ينزف على شويكار ونجلاء فتحي.
وعمارة الغنامي من كثرة ما علق بها من لوحات وسلالم إذ لم تحظ بلمسة لون من يوم أن بنيت فقد تحولت إلى عامل تشويه إذ لا يزال دكان أحمد الغنامي قائما ككائن لكن بدون «القنال» فقد سماه ذات لحظة من لحظات الستينيات «مستودع القنال» يوم كان لا يزال شارع 26 سبتمبر يضج بالحلم.
مخبز العبسي اندثر كما غابت أشياء كثيرة ومكتبة عبده محمد توقفت عند «الوعي» وتركت «الثوري» فقد كان اسمها كاملا ذات حلم بغد ومرحلة هامة «مكتبة الوعي الثوري» كان الوقت صبحا فلم أتبين محتوياتها أخشى أن تكون قد استبدلت زمانها الجميل ببضاعة السوق من كتب لا علاقة لها بالوعي ولا بالثقافي!! دكانة «النداف» غابت في الزحام والبنك المركزي فرع ذلك الشارع وهو المبنى الأقدم لا يزال يجاهد شكلا ومضمونا للبقاء.
دكانة آل مطهر بكبيرهم وأحد كبار هذه البلاد عبدالغني مطهر لا تزال كمبنى قائم بأبوابه الثلاثة وإن تبدل المحتوى!! وفي القريب حيث أبو الذهب عبده محمد الذي لم يع

قد يعجبك ايضا