عواصم /
يجمع عدد من المحللين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، أن سياسة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد جو بايدن ستكون مختلفة تماماً في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بعد أربعة أعوام احتل خلالها هذا الملف مقعداً خلفياً على الساحة الدولية بفعل سياسات إدارة سلفه دونالد ترامب، فيما يرى آخرون أن منظور أمريكا لن يتغير بتغير الرئيس والذي قد يتغير فقط هو الأسلوب الذي يحقق الهدف.
وخلال السنوات الأربع من حكم ترامب للولايات المتحدة شهدت تلك الفترة إجراءات تتنافى وتتناقض مع الواقع واعتبرت تعدياً كبيراً على الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني وصنفها العديد من المحللين بالحماقات.
ولعل من أبرز تلك الإجراءات التي اتخذها ترامب اعتباره القدس عاصمة للكيان الصهيوني في ديسمبر 2017م واطلاقه في يناير 2020م خطة مثيرة للجدل عرفت إعلامياً باسم (صفقة القرن)، فضلاً عن اعتباره هضبة الجولان السورية المحتلة أرضاً للكيان الصهيوني .
وفي السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن “الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له بايدن يختلف عن الحزب الجمهوري في إدارة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي باعتبارهم أكثر قدرة على التحدث بلغة عالمية ومحاولة إدارة الأزمة وليست مواجهتها”.
ويقول عوض إن تولي بايدن مقاليد الحكم في البيت الأبيض “سيصاحبه تغييراً ملحوظاً على السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط”.
ويؤكد أن بايدن “لن يستمر بخطة السلام التي طرحها سلفه ترامب المعروفة بـ(صفقة القرن) ولن يبني عليها كونه يؤمن بحل الدولتين وإعادة العلاقة مع السلطة الفلسطينية وتقديم حوافز اقتصادية لها من أجل تخفيض التوتر مع (إسرائيل)”.
ويتوقع عوض أن تشهد فترة رئاسة بايدن “عودة للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني – والإسرائيلي تحت مظلة دولية ترعى عملية التفاوض بمشاركة أمريكية”.
ويستشهد الأكاديمي الفلسطيني بما أعلنه القائم بأعمال المبعوث الأمريكي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز في أول إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي من أن إدارة بايدن تسعى لتجديد العلاقة مع فلسطين واتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة فتح الممثلية والبعثات التي أغلقتها الإدارة الماضية.
ويؤكد عوض على أنه “لا يمكن فرض السلام على أي من الطرفين والجهود الأمريكية الدبلوماسية وأي تحرك يجب أن يكون بمشاركة الطرفين، وضرورة الحفاظ على حل الدولتين والامتناع عن أي خطوات أحادية مثل ضم الأراضي.
من جانبه يرى المحلل السياسي الفلسطيني من رام الله رجب أبو سرية، أن “قدوم إدارة بايدن دفن نهائياً صفقة ترامب ووضع حداً نهائياً لما كان يحلم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من إعلان ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية”.
ويؤكد أبو سرية أن “إدارة بايدن تعارض أي إجراءات أحادية الجانب وتوسيع المستوطنات، لكنها لا ترى أن العودة للمفاوضات برعايتها بين الجانبين أمر فوري، أو بشكل سريع”.
ويتوقع بأن تضغط دولة الاحتلال “على إدارة بايدن من أجل التقليل من العودة عما رأته إنجازات تحققت في عهد ترامب وتجاوز الملف الفلسطيني ومطالبتها برعاية التحالف الأمني الجديد الإسرائيلي/العربي ضد إيران”.
إلا أن المحلل السياسي الدكتور خالد معالي، يرى عكس ذلك، ويقول “إن منظور أمريكا بالنسبة للقضية الفلسطينية، لن يتغير بتغير الرئيس سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً والذي قد يتغير هو فقط الأسلوب الذي يحقق الهدف والذي يتغير بتغير رؤية وبرنامج الحزب الحاكم، فبايدن حدد سلفاً برنامجه بالنسبة للقضية الفلسطينية”.
ويضيف أن “بايدن لن يلغي قرارات ترامب المتعلقة بالقضية الفلسطينية والتي كانت صادمة للشعب الفلسطيني والأمة العربية ، والتي بدورها لم تحرك ساكناً، مع أن ترامب قالها بصراحة انهم حذروه من قرارات نقل السفارة أو اعتبار القدس عاصمة للاحتلال، أو (صفقة القرن)، وقالوا له ان العرب لن يسكتوا أو يصمتوا، وقال إنه فعلها، ولم يتحرك أحد”.
ويرى أن من يعول على الغير في التغيير أو تحسين ظروفه سيخسر دوماً، والعرب قالت قديماً “اللي زاده ليس من فأسه قراره ليس من رأسه” .
ويتحدى الدكتور معالي بالمجي بمثل واحد، تحرر فيه شعب من محتليه دون ثورة وخطط وبرامج وتضحيات صعبة.
ويرى أن السؤال يبقى لماذا يرى البعض أن بايدن سيكون أخف ضرراً من ترامب بالنسبة للقضية الفلسطينية؟! ولماذا يرى البعض أن برامج الديمقراطيين يختلف عن الجمهوريين بالنسبة للقضايا الداخلية وليس القضايا الخارجية، مع أن اختلاف الرؤى والبرامج وارد في كل الأحزاب والقوى بالعالم كافة؟ّ!
ويتابع قائلاً “لا يجب أن يغيب عنا أن البرنامج الانتخابي في أمريكا وفي كافة الدول الغربية هام جداً لاستقطاب الناخبين، والقادة يحاسبون على ما حققوه من برامجهم الانتخابية، بعكس العرب فإن المعارضة دائماً تشيطن وذات أجندات خارجية، ولا يوجد سوى برنامج الحزب الواحد الذي لا يعرف له زمن أو مقاس أو حجم”.
لكنه يقول ” في كل الأحوال فإن غالبية المحللين السياسيين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، يرون أن بايدن سيكون اقل سوءاً من ترامب، كون ترامب بالغ باتخاذ قرارات غير مألوفة خشي من سبقوه أن يتخذوها بالنسبة للقضية الفلسطينية، لكن أمريكا دولة مؤسسات وأبحاث، وليست دولة الحزب الواحد، وبالتالي قرارات ترامب كانت عبر مؤسسات وليست ارتجالية، وهذا لوحده كفيل بأن نفهم جيداً سياسة بايدن القادمة بالنسبة للقضية الفلسطينية”.
ويؤيد المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل رأي الدكتور خالد معالي، ويقول إن الإدارة الأمريكية الجديدة “ستواصل تعزيز الانفتاح العربي مع (إسرائيل) بغض النظر عن تأثيره السلبي على حل الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي”.
ويبين عوكل بأن بايدن “سيعود للسياسة التقليدية التي سارت عليها الإدارات الديمقراطية، فالدولة الفلسطينية ليست مؤشراً على توازن السياسة الأمريكية أو الحرص على مصالح وحقوق الفلسطينيين أو على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة وإنما لأن ذلك هو ما يخدم المصلحة الإسرائيلية ويطيل عمرها”.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في نهاية مارس العام 2014م بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد منذ عدة عقود بسبب الإنكار الإسرائيلي للحقوق الفلسطينية.