د.العروسي يؤكد سرقة أربعة مصاحف وستة مخطوطات متنوعة
> تتواصل الحلقات في مسلسل تخطى أطول المسلسلات المكسيكية المدبلجة حتى أننا بتنا نذهب في الاعتقاد إلى أن هذا المسلسل ليس له نهاية.. مسلسل عنوانه العبث والتخريب والسرقة تمارس واقعاٍ وليس تمثيلاٍ أو دراما بحق تراث هذا البلد وحضارته.
حلقة جديدة تدور مشاهدها هذه المرة في محافظة كدنا نشيد بأنها بعيدة عن وقائع هذا المسلسل البغيض الذي تتشابه أحداثه وأبطاله وتختلف مواطنه.
محافظة ريمة لم نسمع بأنها كانت يوماٍ مسرحاٍ للعابثين بهذا التراث وناهبيه ها هي اليوم تسجل حادثة قد تكون أقل وقعاٍ من حوادث أخرى نكب بها التراث اليمني في محافظات عدة ولعل آخرها ما تعرض له المتحف الوطني بصنعاء من سرقة لم تكن لتراودنا حتى في الأحلام لكن أن يصل العبث والتخريب والسرقة إلى محافظة ظلت محافظة على نظافة سجلها من هذه الأحداث أمر يبعث على الحزن.. حيث تعرضت قبه قديمة يرقد فيها أحد الأولياء الصالحين إلى أعمال نبش وتخريب أكدت المصادر أن هذه القبة كانت تحوي مخطوطات قديمة نهبت وسرقت منها والأدهى من ذلك وما يدعو للاستغراب أن هذه القبة تقع في معسكر قوات الأمن الخاص .. الأمن المركزي سابقاٍ بمديرية الجبين فما حقيقة هذه الحادثة وملابساتها وكيف تعاملت الجهات المعنية معها ومتى تمت وما هي المسروقات¿ أسئلة نبحث عن إجاباتها في الأسطر التالية.
بقول الدكتور مقبل التام الأحمدي- وكيل وزارة الثقافة لقطاع المخطوطات ودور الكتب- أنه وبمجرد معرفة الخبر تم تشكيل لجنة بقرار من وزير الثقافة للنزول الميداني إلى الموقع الذي تحدثت وسائل الإعلام عن تعرضه للسرقة هذه اللجنة مهمتها استيضاح الحقائق ومعرفة الملابسات والالتقاء بالجهات المعنية في محافظة ريمة وهذه اللجنة تم تشكيلها من المتخصصين والمعنيين منهم أمين عام دار المخطوطات المساعد ومسؤول ترميم المخطوطات في الدار ومدير عام الشؤون القانونية بالوزارة ومندوب من وزارة الداخلية.
قبة القشلة
وبموجب التقرير الذي رفعته اللجنة لوزير الثقافة ووكيل قطاع المخطوطات وحصلت الثورة على نسخة حصرية من هذا التقرير فإن الموقع الذي تعرض للسرقة عبارة عن قبة تسمى “قبة القشلة” فيها قبر يعود تاريخه إلى سنة 1072 للهجرة وينسب إلى سعيد بن معوضة الآنسي الفضلي وعليه تابوت خشبي قديم.
وأورد التقرير أن هذه القبة موجودة داخل معسكر قوات الأمن الخاص “الأمن المركزي سابقاٍ” في مديرية الجبين وهذا ما يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب هل وصل الحال إلى هذه الدرجة يسرق موقع أو مكان داخل معسكر أمني¿¿!!
كما ذكر التقرير تاريخ وقوع حادثة السرقة وزمن نزول اللجنة وبين التاريخيين خمسة أيام حيث وقعت الحادثة في 30 نوفمبر الماضي في حين وصلت اللجنة إلى ريمة في الخامس من ديسمبر الجاري.
وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور مقبل الأحمدي- وكيل وزارة الثقافة – أنه لم يعرف بالحادثة سوى من وسائل الإعلام وعلى الفور تم التحرك وبأسرع وقت ممكن حيث باشرت اللجنة عملها في الموقع بعد يومين فقط من الأخبار التي نشرت في عدد من الصحف وبعض المواقع ولم يتم حتى الانتظار لصرف تكاليف السفر للجنة من الوزارة لأنها ستستغرق وقتا طويلا ولهذا تم توفير تكاليف السفر على نفقة الوكيل الخاصة.
وهنا أشار الدكتور الأحمدي إلى نقطة هامة وهي أن معظم الناس ممن يقفون أو يشهدون سرقات في أماكن أثرية لا يتصلون بالجهات المعنية للإبلاغ عن هذه الحوادث وإنما يقومون بإبلاغ جهات ليست لها علاقة مباشرة بهذا المجال وهذا ينتج عنه الكثير من السلبيات فمثلا في حادثة قبة القشلة بريمة تم معرفة السرقة عقب حدوثها بثلاثة أيام من خلال وسائل الإعلام وهذا بحد ذاته يجعل الضغط على قطاع المخطوطات شديدا من جهة محاولة إسكات الإعلام حتى يتم تبين الأمر ومن الجهة الأخرى ضعف إمكانية السيطرة على السرقة فبعد أن يتم إخبار وسائل الإعلام فإن اللصوص يتخذون كافة الإجراءات الكافية للاحتراز وبالتالي يكون هناك صعوبة على الجهات المعنية أن تتخذ وسائل سرية للوصول إلى المسروقات وإعادتها.
ولفت الأخ الوكيل إلى أن الأصل أن تبلغ الجهات الحكومية وإذا ما قصرت في واجباتها يتم إبلاغ الإعلام فالإعلام ليس جهة اختصاص بل إنه في بعض الأحيان يساهم في إتمام السرقة مثلا في حادثة سرقة المتحف الوطني ذكرت وسائل إعلام أن قيمة المسروقات تتجاوز مئات الملايين فهل سيعيد من قام بالسرقة هذه المسروقات وهي بهذا الثمن أم أنه سيزيد حرصه عليها ويتخذ المزيد من الاحترازات.
وحث الأحمدي كل المخلصين من هذا الوطن وهم كثر ممن يشهدون مثل هذه الحوادث التي تستهدف التراث إبلاغ الجهات المختصة بالتراث وسنعمل على توفير أرقام مجانية للإبلاغ عن مثل هذه السرقات أو الاعتداءات التي تطال التراث.
نبش للعظام
أما فيما يتعلق بالمخطوطات التي سرقت من قبة القشلة بالجبين فلم يورد التقرير شرحا بما تمت سرقته باستثناء ما ذكره على لسان الدكتور محمد العروسي نائب رئىس الهيئة العامة للآثار والمتاحف الأسبق وأستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة صنعاء أن هذه القبة كانت تحوي عشر مخطوطات منها أربعة مصاحف مزخرفة وست مخطوطات أخرى وأن هذه المخطوطات كان الدكتور العروسي قد عمل عليها دراسة وافية ويحتفظ بصور فوتغرافية لهذه المخطوطات.
ويقول حارس القبة محمد غالب العروسي أن في 30 نوفمبر الماضي جاء إلى القبة وبرفقته أحد العمال لغرض ترميم أو صيانة القبة وهي عادة يدأب عليها كل عام ولكنه وجد باب القبة مكسورا والقبر منبوش والعظام متناثرة والخزانة الخشبية التي كانت تحوي المخطوطات مكسورة ومبعثرة والتابوت واللوحات المكتوبة منزوعة من محلها وعلى الفور بلغ إدارة الأمن وكل ما قامت به إدارة الأمن هو إخبار الحارس بأن يعيد كل شيء إلى مكانه وفعلا أعاد كل شيء إلى مكانه ولكنه أبلغ الدكتور العروسي.
وبدوره أوضح الأمين العام المساعد لدار المخطوطات بصنعاء وعضو اللجنة عادل الحميري أنه عندما وصلوا إلى القبة وجدوا بقايا لمخطوطات عبارة عن ورقة من صفحة الزبد ومجموعة مصاحف وأيضا مخطوطات ومطبوعات حجرية.
وأكد أنه ومن خلال الشواهد فعلا حدثت سرقة لهذه القبة وقد تكون المسروقات من المخطوطات أكثر وليس فقط المصاحف التي تحدث عنها الدكتور العروسي.
وعبر عن أسفه الشديد بأن تتم سرقة هذه القبة وهي بداخل معسكر أمني وبالتالي كان من المفترض أن تكون محمية بهذا المعسكر وأكثر أمنا من أي موقع تاريخي أو أثري في أية محافظة.