المرتبات المسروقة بحبر السويد وتوقيع الأمم المتحدة؟
كتب/ المحرر السياسي
مرتبات اليمنيين تسرق أمام أعين العالم، الشعب اليمني يحاصر من الغذاء والوقود والدواء بالبارجات الأمريكية وأخرى عربية وأوروبية، تحالف العدوان على اليمن يمارس التجويع والترويع الترهيب والتنكيل باليمنيين لإجبارهم على الرضوخ والاستسلام، والأمم المتحدة ليست مستعدة للإنصات إلى صوت الإنسانية الداعي إلى إيقاف العدوان ورفع الحصار عن اليمن، ولا هي أيضا مهتمة بمعاناة اليمنيين جراء توقف مرتباتهم منذ 4 أعوام، وهي بالتأكيد لا يعنيها اتفاق السويد ولا بنوده ولا متعلقاته الإنسانية والاقتصادية، ولن تكترث بفشل السويد ولا بنجاحه، ولن تعيره الاهتمام إلا بما توفر لموظفيها من الأموال والنفقات.
ولا يحتاج الأمر إلى كثير عناء لمعرفة سبب السلوك المشين من قبل الأمم المتحدة بخصوص المرتبات، إلى الحد الذي يجعل المبعوث الأممي مارتن غريفيث ينزعج ويصف قرار الرئيس المشاط بصرف نصف مرتب كل شهرين تصرفا أحاديا يعتبره ينسف اتفاق السويد، ولربما أسند ودعم إجراءات تشديد الحصار على سفن المشتقات النفطية ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة من قبل تحالف العدوان، ليتمكن من إعاقة صرف الخمسين في المائة من المرتبات كل شهرين، هناك مئات الأدلة والمواقف التي تدين الأمم المتحدة في هذه القضية طبعا، وتؤكدها الأفعال والمساعي الأممية على الأرض بما فيها مساعي المبعوث وتحركاته، فإذا كان الحال مع الحصار والقصف والتجويع على هذا النمط الأممي، فكيف ستسعى الأمم المتحدة إلى أن ينفذ اتفاق السويد؟
اليوم نطوي عامين من توقيع اتفاق السويد، يتساءل الشارع في اليمن عن جدوى الاتفاق الذي تم برعاية الأمم المتحدة، وتضمن وقفا كاملا لإطلاق النار وانسحابا عسكريا لجحافل الارتزاق والعمالة والعدوان من محيط الحديدة، ونص الاتفاق على دفع المرتبات، ورفع الحصار عن الموانئ، ونقل الية التفتيش من جيبوتي إلى الحديدة، وتبادل الأسرى والجثامين لدى كل الأطراف، فإذا كانت أدوات العدوان على الأرض وعلى مدى عامين كاملين لم تتوقف عن انتهاك وقف اطلاق النار بالخروقات العسكرية والأمنية وقصف المنازل والمزارع والشوارع والطرقات والمدنيين، وبالزحوفات وحتى الغارات الجوية، إضافة إلى استمرارها في فرض نقاط عسكرية واستحداثات وخنادق في مناطق التماس، وفي الشق الاقتصادي والإنساني.. زاد تحالف العدوان من وتائر العقاب الجماعي وشدد الحصار على السفن بشكل غير مسبوق.. وإزاء كل ذلك لم تحرك المنظمة الدولية ولا مبعوثها ساكنا، بل صمّت أذنها وأغلقت عينها ولجمت لسانها عن النطق بالحق والمجاهرة بالحقيقة وإزاء مختلف الانتهاكات والجرائم.
وإذا كان تعنت أدوات العدوان على الأرض والتي هي في المجمل «مليشيات متناحرة ومتصارعة في ما بينها»، لم يوفر أرضية يمكن البناء عليها لتخفيف معاناة السكان في الحديدة على وجه الخصوص وفي أنحاء اليمن على وجه العموم، فإن الصمت الأممي إزاء هذا التعنت والتنصل الذي جاهر به مرتادو وسائل التواصل الاجتماعي من القيادات العميلة التي تتواجد في الساحل الغربي قد منح تحالف العدوان صك غفران من ممارساته وجرائمه وتنصله وتراجعه عن اتفاق السويد..
أما لماذا لا تريد الأمم المتحد الإنصات لصوت الإنسانية وتستمر بسياسات التنطيش للانتهكات التي يمارسها التحالف، فإضافة إلى أنها لا تريد إزعاج مموليها «السعودية والإمارات» فهي تسعى لتحقيق أجنداتهم، وتقوم بتضليل العالم والرأي العام من خلال إخفاء الحقائق والتغطية على الجرائم والحصار، وتغييب ما يتجرعه اليمنيون من ويلات ومعاناة جراء قرصنة السفن وحجزها، وبدلا عن اتخاذ موقف إزاء ذلك، تكتفي بتعداد الموتى والمصابين بالأوبئة والأمراض المختلفة من مواطني الجمهورية اليمنية.
نطوي اليوم عامين على توقيع اتفاق السويد، ويتساءل اليمنيون عن مصير المرتبات المنهوبة منذ نهاية 2016/م، بقرار الفار المعتوه «هادي»، الذي نقل البنك إلى عدن وأعلن عنه في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة أمام مرأى ومسمع الدول جميعا، ورغم تعهده باستمرار دفع المرتبات، ورغم اتفاق السويد الذي نص على إيداع الإيرادات في فرع البنك المركزي للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية بالحديدة وجميع أنحاء اليمن، ورغم مبادرة الطرف الوطني في فتح حساب طرف فرع البنك المركزي بالحديدة، وإيداع المبالغ المتحصلة من الموانئ، إلا أن المرتزقة استمروا يسرقون وينهبون موارد البلاد بحجة وذريعة أنهم «الشرعيون»، ولم يتوقفوا عن الدعايات التضليلية وكيل التهم الباطلة ضد السلطات الوطنية في المحافل والاجتماعات الدولية، بل واصلوا التهرب رغم سرقتهم ونهبهم للمرتبات ونكوصهم بالتعهدات وبتسهيل أممي وتواطؤ أيضا، وكان على الأمم المتحدة أن تفصح عن الحقيقة وتسمي الأشياء بمسمياتها دون مغالطات، لكنها تكتفي بالقلق والشعور بالوهن حين لا تريد أن تزعج صديقا أو ممولا!
ينهب المرتزقة مرتبات الموظفين بحبر السويد وبرعاية الأمم المتحدة، واليوم يعرضون السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في تعز وعدن لموت جماعي، أما الأمم المتحدة فهي مشغولة بكيفية استثمار المأساة وإطالتها، وكيفية تكديس ملايين الدولارات لصالح موظفيها ومسؤوليها على حساب حياة اليمنيين أطفالا ونساء وشيوخا.