هاهو الطفل اليوم يتبارى بأفكاره مع الكبار وربما غلبهم في بعض المعلومات والأفكار وخاصة فيما يتعلق بأدوات التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة .. قد تجد الأب يطلب من ابنه ذي العشر السنوات أن يساعده في شرح بعض تطبيقات الجوال أو تحديث البرامج أو شبكة الاتصال ..وغالبا ما يظل الوالدان عاجزين في كثير من الأوقات عن فهم العاب الأطفال الإلكترونية أو التدقيق فيما يدركه أطفالهم على شبكة الانترنت فهل أصبح الانفتاح الكبير يهدد مستقبل الأطفال ويبني أفكارهم وثقافتهم؟
الاسرة / زهور عبدالله
طفل اليوم ليس كطفل الأمس ولم يعد المنزل أو المدرسة الوسيلة الأكثر أهمية في تشكيل وعيه فمساحة إدراكهم قد توسعت وتنوعت مكونات ثقافتهم من خلال الانترنت الذي أصبح له الدور الكبير في التأثير على ثقافة الطفل اليوم فجاذبيته وتعدده وقدرته على التطور جذبت الطفل ببراعة فأصبح يقضي معظم وقته على الشبكة العنكبوتية
إن احترام حرية التعبير عند الطفل مهمة جدا للتعبير عن ذاته وتطوير ثقافته ومن المهم جدا أن يشجع الوالدان أبناءهما على التحدث وعلى سرد الأسئلة التي يريدون ومن ابرز السلبيات في مجتمعنا العربي سيطرة الكبير على الصغير فيجعل منه شخصية تبعية لا تستطيع الكلام إلا بإذن وعادة ما تصرخ الأم على أطفالها ” صه ” وتسكتهم عند تفوههم بأي كلمة أو السؤال عن شيء ما أو مشاركتها في الحديث مع أحد فيصبح الطفل غير قادر على الكلام أو مناقشة الآخرين وتحتبس بذلك عنده الحرية في إشباع فضوله فكثرة التوبيخ والتخويف من الأمور الغيبية المختلفة تعطي الطفل شعوراً بفقد الثقة في نفسه ويلازمه الخوف طوال حياته .
لم يعد يسمع إلا بضع كلمات لا يعيها وربما يجيب “حاضر” دون انتباه لما تلقي عليه أمه من أسئلة أو تعليمات إنه طفل اليوم الطفل التكنولوجي الذي أصبح طائراً حراً طليقاً في فضاء النت والألعاب الغريبة التي باتت هي المهيمنة على حياته وتفكيره ..
لم تعد الأم مدرسة كما كانت عليه قديما فقد أصبح إلى جانبها الكثير من التطورات التكنولوجية في تحد معها أيهما يغلب الآخر في التربية وصناعة فكر طفل المستقبل الذي شدته الأخيرة إليها بكل قوة ورسمت طريقه بكل بساطة ومتعة ..
آثار
لم يعد من الصعب حصول الطفل على خط أنترنت فقد أصبح متاحا للجميع وفي كل شارع ومنزل بل بات معظم الأطفال يمتلك الهاتف النقال مزودا بخدمة البيانات التي توفر له الدخول متى شاء إلى عالم النت والانطلاق بكل عفوية لكل ما يريد، فمثلا بات من السهل أن يكون رئيس عصابة في إحدى الألعاب على شبكة النت أو كائناً شريراً يحطم كل شيء أو محاربا ومقاتلا بارعا كل ذلك كان قبل زمن في الخيال ولكنه تحقق في الوقت الراهن مع التطور السريع للتكنولوجيا وأصبح ربما قريبا من الواقع أو واقعا في عقول الصغار وأصبح للطفل عالمه الخاص الذي لا يريد أن يتركه إلا بعد توبيخ من الأم التي يعتبرها أنها تقيد حريته ولا تريد له اللعب والمتعة .
تقول رفيقة السياغي إنها حين تقوم بنصح أطفالها بالابتعاد عن التلفون أو اللعب الإلكتروني يذهبون إلى الشارع لأي غرض ثم يجلسون هناك برفقة أصدقائهم ويلعبون على شبكة النت بعيدا عن ضوضاء المنزل وأن الأطفال بإمكانهم الانجذاب للهاتف النقال وسرعة استخدمه ومعرفة كل شيء فيه وأن الدخول إلى شبكة النت أصبح سهلا جدا وبسيطاً ولا يكلفهم الدخول إليه أي معلومات أو معرفة وأنهم بديهياً يستخدمونه وسرعان ما يصلون إلى المعرفة بكل ما فيه بدقة متناهية وسرعة لا مثيل لها.
وتضيف : قد يعجز الكبار عن استخدام بعض الألعاب التي يلعبها الأطفال هذه الأيام غير أنهم يجدون متعة قد تنسيهم كل ما تعلمهم إياه الأم وتصبح التكنولوجيا هي الأم وهي الأسرة التي يتلقن كل شيء منها بسرعة وبرغبة وان الكثير من الأمهات قد عجزن عن تعليم أطفالهن أو تربيتهم كما في السابق فلم يعد الطفل يجلس مع والديه إلا قليلاً جدا وخياله بعيد فلا يتقمص شيئاً منهم بل أصبحت حياته هي الدخول إلى عالم النت والألعاب المتنوعة التي لا تمل.
ألعاب خطيرة
وتقول أم وديع: كلما تعلق الطفل بالدخول إلى التكنولوجيا واللعب بالنت كلما اتسعت الهوة بينه وبين والديه وأصبحت العلاقة بينهم بعيدة فقد يقضي الطفل معظم وقته في اللعب مع أصدقاء لا يعرفهم على شبكة النت ويلعب ألعابا خيالية خطيرة على عكس طفل الأمس في الماضي كان الطفل يمارس الرياضة بانتظام ويقوم باللعب والتمارين التي بإمكانها أن تقويه جسديا وعقليا ويجلس إلى والديه ويتقمص شخصية والده ويتعلم من أمه ويقضي معظم وقته مع إخوته وعائلته على عكس طفل اليوم فقد أصبح يعيش عزلة وواقعا غريبا وأصبحت حياته تتلخص في قضاء وقته مع النت واللعب والدخول إلى عالم افتراضي يقضي فيه وقته بتسلية ورفاهية .
حلول ومعالجات
ويقول المختصون التربويون: إن النمو الحسي والحركي وآليات وقدرات الطفل على الإنجاز لا تتطوّر مع هذا النمط من الحياة البليدة، فالطفل لديه كل سبل الترفيه الرقمية التي لا تتطلب منه الحركة أو الابتكار الذي يحفّزه على اللعب خارج المنزل وتواصله مع الأقران، بل يمكن أن يمكث ساعات طويلة لوحده في المنزل أو في غرفته من دون أن يشعر بالحاجة إلى التواصل مع الآخرين.
وقد ظهر أثر التطوّر السريع للتكنولوجيا على نمو الطفل من خلال الاضطرابات النفسية والسلوكية والفيزيائية، ومن الآثار الجسدية ارتفاع نسبة الأطفال ذوي الوزن الزائد والمصابين بالسكري الذين أصبحت أعدادهم كبيرة في كثير من دول العالم، وبالنسبة للآثار النفسية ازدياد في حالات تشخيص الإصابة بالتوحّد وتأخر في النمو وتأخر في الكلام وصعوبات تعليميّلة، وقلق واكتئاب واضطرابات في النوم، كلها أمراض جسدية ونفسية مرتبطة بالاستعمال المفرط للتكنولوجيا التي يتداولها الأطفال والمراهقون بشكل واسع وسهل وهذا الاستعمال يرتفع بإيقاع سريع ينذر بعواقب لا تحمد عقباها.
ويضيف المختصون: على الأم أن تتصرف بذكاء مع طفلها فلا تحرمه اللعب ولا تتركه كل الوقت بل عليها أن تنظم أوقاته وتجعل وقتاً للمذاكرة ووقتاً للجلوس مع الأسرة والحوار ووقتاً للعب وبهذا هي لن تمنعه وتجعله يذهب للنت من ورائها بل سيكون لديه الوقت للدخول إلى عالم التكنولوجيا كذلك عليها أن تتصفح معه بعض المواقع التعليمية وتجعله يتعلق بها ليستفيد منها بعض المعلومات وعلى الأم أيضا أن تتصرف بحذر مع ابنها وخاصة في مرحلة المراهقة أو الشباب وتجعلهم يحبون الجلوس في المنزل وتقوم بالجلوس معهم والتحدث إليهم وجعلهم يتعلقون بالجلوس معها والتحدث إليها وعدم تهزيئهم وخاصة في هذا السن بل محاولة جذبهم إليها بكل حب وحنان .