أربعينية فقيد السياسة والرياضة اليمنية
عبدالفتاح علي البنوس
في ذكرى أربعينية شهيد الوطن والسياسة والرياضة اليمنية الأستاذ حسن محمد زيد وزير الشباب والرياضة شهيد المولد النبوي الشريف ، يقف الفكر حائرا عاجزا عن التعبير والكتابة حول هذه الشخصية الوطنية المخضرمة ، كيف لا ونحن بصدد الحديث والكتابة عن سياسي محنك ، ومثقف مستنير ، ووطني غيور ، صاحب شخصية مرحة، وعقلية منفتحة على الآخر، صاحب صدر رحب ، اتسمت مواقفه بالشفافية والوضوح، فكان صريحا في طرحه ، لاذعا في نقده ، ثابتا في مواقفه وتوجهاته ، ظل شامخا متمسكا بمبادئه وقيمه وثوابته الوطنية، لم يداهن السلطة أو يتملق لها، لذا كان من المغضوب عليهم من قبلها وخصوصا عقب موقفه الرافض للحرب على أبناء محافظة صعدة .
فراسته وحنكته السياسية وأدواره الوطنية جعلت منه علامة فارقة في الوسط السياسي اليمني ، تعرض للكثير من المضايقات، ومورست عليه الكثير من الضغوطات بغية تخليه عن قناعاته ، وانحرافه عن مساره الوطني ، ومن أجل ذلك قدمت له المغريات ظنا منهم أنها ستغير من مواقفه وتوجهاته وقناعاته ، ولكنه لم يلتفت إليها وظل صامدا شامخا إلى جانب وطنه وشعبه مقارعا لقوى العدوان ومرتزقتهم ، ومعريا لهم ومنددا وفاضحا لجرائمهم ومذابحهم الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية .
عرف بتواضعه ، ودماثة أخلاقه، ومواقفه العفوية ، الخالية من التكلف والتصنع ، حتى بعد أن أدرجت السعودية اسمه ضمن قائمة المطلوبين للتحالف الذي تقوده على بلادنا ورصدت مكافأة مجزية بلغت 10مليون دولار لمن يقوم بقتله أو يسهم في تمكينها من قتله ، ظل متسلحا بالإيمان والثقة بالله ، ولم ترتعد له فريصة ، فظل يتنقل بلا مرافقين، ويتجول في الأسواق ، غير آبه بالخطر الذي يتهدده ، ومع اقتراب موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وبالتحديد صبيحة 27من أكتوبر 2020م، العاشر من ربيع الأول 1442وبينما كان صحبة ابنته على متن سيارتها أسفل جسر المدينة بحي حدة امتدت نحوه أيادي الغدر والخيانة وأطلقت عليه رصاصات حقدها وإجرامها ليرتقي شهيدا ، لتحلق روحه الطاهرة إلى عنان السماء ، في طريقها للمقام السامي ، والمكانة الرفيعة ، التي خصصت له ولأمثاله من الشهداء العظماء الأحياء عند ربهم يرزقون .
ويا لها من نعمة، ويا له من فضل ، ويا له من عطاء وتكريم واصطفاء رباني ناله الشهيد حسن محمد زيد ، فاز بوسام الشهادة عن جدارة واستحقاق، فاز بالشهادة وهو في المسار وعلى المنهج الصحيح ، صحيح لقد خسر اليمن برحيله مناضلا جسورا وسياسيا بارعا، و هامة وطنية شامخة، والفراغ الذي تركه من الصعب سده على المدى المنظور، ولكن الله عوضه عن حياته الدنيوية الزائلة بالحياة الأبدية ، بعد أن أكرمه بالشهادة ، العطاء الرباني الذي لا يقدر بثمن .
كان الشهيد رحمه الله موسوعة في السياسة والثقافة والعلم والأدب، استطاع بوسطيته واعتداله أن يحظى باحترام وتقدير مختلف المكونات والأحزاب السياسية اليمنية، عقليته الراجحة، ورؤيته الثاقبة، وحنكته المشهودة جعلت من حضوره في المشهد السياسي اليمني لافتا ومؤثرا، وهو ما دفع قوى العدوان لاتخاذ قرار اغتياله، في سياق مخططها الإجرامي الذي يطال العقول اليمنية النيرة ، والكوادر الوطنية الجامعة والتي تحظى بتقدير واسع في الشارع اليمني بمختلف أطيافه .
بالمختصر المفيد، مهما قلنا في الشهيد حسن محمد زيد، ومهما عددنا من مناقبه فلن نفيه حقه ، فسفره النضالي حافل بالعطاء، وتاريخه الوطني مدعاة للفخر والاعتزاز، وتوج كل ذلك بالخاتمة الحسنة التي ظل ينشدها ويسعى من أجلها ، فهنيئا لك يا أستاذ حسن الشهادة ، هنيئا لك الحياة الأبدية صحبة الأنبياء والأوصياء والصالحين، هنيئا لك محبة الناس لك، التي تجلت في مشاعر الحزن التي اكتست على محياهم غداة تلقيهم فاجعة جريمة اغتيالك ، والكتابات التي صاغوها في وداعك رثاء ووفاء لك، ولمواقفك النبيلة، وهي ذات المشاعر التي ارتسمت على وجوه كل من شارك في فعالية أربعينيتك التي جددت مشاعر الحزن في نفوسنا على ألم ووجع رحيلك، وشعرنا معها بأنك ما تزال معنا و في أوساطنا.
طيب الله ثراك، وأحسن الله مثواك ، وجعل الجنة سكناك، ولروحك الطاهرة وأرواح كل الشهداء العظماء الخلود في أعلى عليين، ولا نامت أعين القتلة الخونة الجبناء.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.