بعد إجهاض اتفاق لجميع مكوناتها السياسية والقبلية بتجنيبها الفوضى والصراعات

توجه سعودي – إماراتي لتفجير الأوضاع في محافظة المهرة

العدوان يدفع بتعزيزات عسكرية من (الضالع ولحج وعدن) إلى الغيضة لإحكام قبضته على المدينة
بلحاف: مخطط تفجير الوضع يأتي بعد فشل الاحتلال في استمالة بعض شيوخ المحافظة المناهضين له

الثورة /
تتكشف حقائق وأبعاد تحالف العدوان السعودي الأمريكي التدميرية على اليمن ونهب ثرواته وتفتيت أوصاله بشكل جلي وواضح ، ولم يعد يقتصر الأمر على فصل شمال الوطن عن جنوبه ، فحسب ، بل تعمد تحالف العدوان منذ الوهلة الأولى لاحتلاله للمحافظات الجنوبية زرع بذور الفتنة وتغذية الخلافات والصراعات، الفوضى والاقتتال بين أبناء هذه المحافظات عبر أدواته وعملائه حتى جعل منها ساحة مكشوفة للمواجهات والتصفيات ، وأرضية خصبة للإرهاب وسفك المزيد من الدماء اليمنية ،بأياد يمنية عميلة ومرتهنة، تضرب بعضها بعضاً ، فيما يتفرغ تحالف العدوان السعودي الإماراتي للسيطرة الكاملة على منابع الثروة ، ونهبها بما في ذلك المحافظات التي كانت لا تزال الى حد ما ، تنعم بنوع من الأمن والاستقرار ، كحضرموت والمهرة ، بفعل ضغوطات وإصرار أبنائها على إبعادها عن الصراعات والفوضى كما هو الحال في عدن وأبين وشبوة ولحج وسقطرى، رغم تقاسم تحالف العدوان للمحافظتين ، والتحكم في قرارتهما وفي ثرواتهما.
ولأن غالبية أبناء محافظة المهرة يرفضون رفضاً قاطعاً التواجد والاحتلال السعودي لمحافظتهم ويعارضون بشدة مد أنبوب النفط السعودي عبر أراضيهم ويطالبون بشكل مستمر برحيل الاحتلال ، ويقاومون تواجده بكل السبل الممكنة ، واتفقوا جميعا على وضع ميثاق شرف لتجنيب المحافظة الصراعات والفوضى ، والذي كان مقرراً التوقيع عليه من قبل كافة الأحزاب والمكونات السياسية والقبلية في المحافظة ، لم يرق لتحالف العدوان هذا الأمر ، فعمد لإفشاله قبل أن يرى النور ، حيث استدعت السعودية عميلها المرتزق محمد علي ياسر، المعين من قبل الفار هادي محافظا للمهرة، الى الرياض قبل يوم من التوقيع على ميثاق الشرف.
وهو ما اعتبره مراقبون مساعي وتوجهات سعودية إماراتية مشتركة لإجهاض الاتفاق ، ففي الوقت الذي غادر فيه المرتزق ياسر الى الرياض بطلب سعودي ، هددت قيادات ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، بنسف الاتفاق ، ورفض ممثلوه في المهرة الانخراط ضمن المكونات المشاركة فيه ،والتوقيع على الوثيقة ، وتعهدت قيادات المجلس بإسقاط المؤسسات القائمة في كل من المهرة وحضرموت وشبوة.

تحركات مكثفة
وأكدت مصادر محلية أن الانتقالي يسعى لتفجير الأوضاع في المهرة وإيجاد غطاء شعبي بحشد بعض أنصاره من حضرموت الى الغيضة خلال الأيام القادمة بالتعاون مع المليشيات من أبناء الضالع ويافع والمتواجدة في مطار الغيضة والتي تحظى بدعم من قبل قائد قوات الاحتلال السعودي.
‏واعتبرت أن هذا الرفض كشف ويكشف المخططات والأجندات التي تسعى إليها أدوات الاحتلال السعودي والإماراتي لتكرار ما حدث في سقطرى ولتمرير مشاريع تهدف لتقسيم وتمزيق اليمن.
وتزامنت هذه الخطوة في ظل تحركات مكثفة تقودها السعودية والإمارات في مدينة المهرة من خلال الدفع بتعزيزات عسكرية من (الضالع ولحج وعدن)، وإدخالها المحافظة على شكل دفعات؛ تمهيداً لتنفيذ مخطط إحكام قبضتها على المدينة، وفق مصادر محلية مطلعة. ويواصل الاحتلال السعودي العمل على تحقيق هدفه الكبير المتمثل في مد خطوط أنابيب عبر أراضي المهرة ، وصولا إلى بحر العرب، من خلال نشر قواتها بالمحافظة، وتحويل العديد من المرافق إلى ثكنات عسكرية، وفي مقدمتها مطار الغيضة ومنفذا شحن وصرفيت على الحدود العمانية، وهو الأمر الذي ترفضه بشكل قاطع قبائل المهرة.
وأوضح المتحدث باسم اللجنة المنظمة لاعتصام أبناء المهرة سالم بلحاف إن ميثاق الشرف هو محاولة من أجل لملمة أبناء المهرة والمكونات السياسية والقبلية لمنع تكرار سيناريوهات عدن وسقطرى. مشيرا الى أن هناك محاولات تجري في المهرة حالياً من خلال دفع الانتقالي لكسب غطاء شعبي وقبلي عبر شراء بعض الولاءات، لا سيما بعد أن فشل “الاحتلال السعودي الإماراتي” – في تمرير أجندته واستمالة بعض شيوخ المحافظة المناهضين لممارسات الاحتلال السعودي.

ميناء نشطون
وركزت السعودية منذ دخولها محافظة المهرة على ميناء نشطون الذي يعد أحد أبرز الموانئ اليمنية في البحر العربي وسيطرت عليه كليا وأصبحت تتحكم فيه وتديره بشكل كامل بعد أن حولته من ميناء تجاري متعدد الأغراض وتصل إليه السيارات والشاحنات والبضائع المختلفة من عدة دول خارجية أغلبها من دول الخليج ، إلى ثكنة عسكرية.
ومثل ميناء نشطون هدفاً استراتيجياً للسعودية ظل يراودها منذ عدة عقود ومساعيها في فتح ميناء خاص بها يطل على البحر العربي لنقل النفط عبر أنابيب من الحقول السعودية إلى السوق العالمية دون الحاجة لمضيق هرمز بحيث يجري شق مشروع بري يمتد من داخل الأراضي السعودية وينتهي بميناء نشطون..
وسعت السعودية جاهدة في سبيل تنفيذ هذه الاستراتيجية منذ وقت مبكر ، وتظهر وثائق سعودية جرى تداولها مؤخراً رغبة الرياض في تنفيذ هذا المشروع في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وكانت حملات التجنيس التي قامت بها السعودية مستهدفة القبائل المهرية مقدمة لهذا الأمر..
وكادت الحكومة السعودية أن تنجح في تحقيق هدفها إبان فترة النظام السابق بتنفيذ هذا المشروع، لكن تجمدت تلك الخطوات بعد إصرارها على فرض شروطها ورفض الشروط اليمنية.
وكشف الشيخ القبلي البارز في محافظة المهرة علي سالم الحريزي أن وفداً رسمياً من الحكومة السعودية زار صنعاء عام 2002 والتقى رئيس النظام السابق للتفاهم حول مد الأنبوب النفطي في محافظة المهرة لكن ذلك اللقاء انتهى بالفشل..
ولكن ظل الأمر بالنسبة للسعودية بعد ذلك هاجساً ملحاً ، وحلماً يراودها باستمرار ، وبعد إعلان عدوانها على اليمن ، تحول الحلم الى حقيقة ، فبعد سبعة اشهر من بدء عدوانها الغاشم على اليمن ، تكشّف الأمر من خلال تنفيذ مسمى مشروع “قناة سلمان” بدلاً من قناة العرب.
وبعد خمسة أشهر من عدوانها ، وتحديدا في مطلع سبتمبر من العام 2015م نشر رئيس مركز “القرن العربي” للدراسات في الرياض سعد بن عمر دراسة تحمل اسم “قناة سلمان” متضمنة دراسة متكاملة لربط الخليج العربي بحراً ببحر العرب عبر قناة مائية بعد تغيير الاسم الذي كانت تحمله من “قناة العرب” إلى “قناة سلمان”.
وجرى الترويج للمشروع بشكل واسع في الاعلام الرسمي السعودي ، ومع استمرار هيمنة السعودية على حكومة الارتزاق المقيمة في أراضيها واستمرار قيادتها للحرب تحت مبرر إعادة الشرعية للحكومة اليمنية بدأت في التحرك الفعلي لتنفيذ هذا المشروع ، حيث وصلت القوات السعودية إلى ميناء نشطون بعد أيام من وصولها لمحافظة المهرة وكان مبرر تدخلها في الميناء أنها ترغب في تأهيله وتزويده بالإمكانيات التي تؤهله لاستعادة نشاطه بشكل أفضل..
وبعد مضي عدة أشهر من تواجدها وبالتزامن مع تعيين المرتزق راجح باكريت محافظا للمهرة أطبقت القوات السعودية سيطرتها بشكل تدريجي على الميناء بنفس السيناريو الذي سلكته في المهرة عندما وصلت أول مرة..
وفرضت تلك القوات رؤيتها الخاصة على الميناء وآلية العمل فيه وفي نفس الوقت بدأت تحركاتها الميدانية لمد أنبوبها النفطي..
وشرعت السعودية في مد أنبوبها من خلال وضع علامات على الأرض الصحراوية التي يفترض أن يمر من خلالها الأنبوب في المهرة لكن القبائل تنبهت للأمر ونزعت تلك العلامات وحذرت القوات السعودية من الاستمرار في ذات العمل والمشروع..
وأدى التواجد العسكري للقوات السعودية في ميناء نشطون إلى إحداث تغيير واسع في آلية العمل هناك وفرضت رؤيتها الخاصة، وتعاملت مع ميناء نشطون وبقية منافذ المهرة وكأنها ملكية خاصة ، وأناطت بقواتها الإشراف عليه بشكل مباشر..!
ويقع ميناء نشطون في الواجهة الشرقية للجمهورية اليمنية غربي الغيضة عاصمة محافظة المهرة ، وهو الميناء الوحيد فيها وافتتح في العام 1984م ويبلغ طوله 210 أمتار ومستوى الغاطس فيه خمسة أمتار وأنشئ كميناء متعدد الأغراض ليخدم الحركة التجارية والسمكية وجرى إعادة تأهيله من جديد في العام 2010م..
ويمثل ميناء نشطون أهمية كبيرة، سواء من الناحية الجغرافية وقربه من دول الخليج خاصة سلطنة عمان، أو من ناحية العائدات المالية التي يدرها يومياً وتشكل أحد مصادر الدخل القومي للجمهورية اليمنية بشكل عام أو لمحافظة المهرة بشكل خاص..

قد يعجبك ايضا