المتأمل في بعض التناولات الإعلامية المتصلة بالشأن اليمني في ظل التحديات الراهنة سيجد أن معظم تلك التناولات سواء ما ينشر منها في بعض الصحف المحلية¡ أو عبر صحف وقنوات فضائية عربية أو خارجية¡ تغرق في التفاصيل التي يطغى عليها طابع المبالغة والتضخيم¡ والتوصيف المتسرع الذي يميل إلى إثارة المخاوف أكثر من تقديم القراءة السليمة لتلك التحديات والأحداث التي تعتمل على السطح اليمني أكان منها ما يتصل بالتحدي الذي تمثله ظاهرة الإرهاب¡ أو تداعيات فتنة التمرد والتخريب في محافظة صعده¡ أو ذلك الضجيج الإعلامي الذي تحدثه العناصر الخارجة على النظام والقانون مما يسمى بالحراك “القاعدي” الذي تماهى مع تنظيم القاعدة وركب موجة الأنشطة الهدøامة والتخريبية.
وبالقدر الذي نتفهم فيه ما ينتاب البعض من مخاوف وخاصة أولئك الذين تدفعهم مشاعرهم الأخوية والإنسانية وحبهم لليمن إلى التعبير عما يجيش في صدورهم من قلق¡ فإننا نطمئن الجميع¡ بما فيهم من يحاولون استغلال المشهد الراهن لإثارة السخط وإظهار الأوضاع في اليمن بصورة مشوهة¡ تحركهم غايات سياسية أو حزبية أو ذاتية¡ أن اليمن الذي يخشون عليه من أن يتحول إلى دولة فاشلة ويتوقعون له الانكسار والسقوط تحت وطأة الفوضى هو أقوى وأصلب مما يتصورون فهو يمتلك كل مقومات الاستقرار بفضل مؤسساته القائمة كالمؤسسة العسكرية والأمنية أو المؤسسات التشريعية والدستورية ومن المعيب والمخجل أن يسعى البعض إلى مقارنته بأفغانستان أو الصومال مع أنه ليس كذلك فهو اليمن الذي لم ينحن أمام كل العواصف والأنواء التي واجهته في مراحل تاريخه القديم والمعاصر¡ وما يتعرض له اليوم من تحديات ليست أخطر ولا أصعب من سلسلة الأحداث التي جابهته منذ انتصار ثورته (26 سبتمبر¡ 14 اكتوبر) وما قبلها وهي تحديات من حيث توقيتها وملابساتها والظروف الاستثنائية التي ظهرت فيها كانت أكثر حدة وتعقيدا◌ٍ من الزوابع الحالية التي تحاول أن تثيرها اليوم شرذمة الإرهاب والتخريب والتمرد¡ والشاهد الحاضر على ذلك أن هذه النتوءات الثلاثة ليست حالات منفلتة أو صعبة المنال بل هي مطاردة من قبل أبطال القوات المسلحة والأمن¡ الذين يضيقون عليها الخناق في أوكارها ضمن خطة محكمة ستودي بها حتما◌ٍ إلى السقوط في قبضة العدالة.
ولسنا هنا بصدد التهوين لهذه التحديات كما قد يتبادر إلى البعض أو التقليل من التحديات التي تواجه اليمن اليوم في ظل محدودية الموارد والإمكانيات التي يعتمد عليها في معركته ضد ذلك الثالوث الإرهابي الظلامي الضال والتي بمقتضاها يتطلع إلى دعم أشقائه وأصدقائه¡ حتى يتمكن من التغلب على تلك المشكلات مع ذلك¡ فإن ما ينبغي أن يدركه أولئك الذين يذرفون دموع التماسيح أن اليمن القوي بأبنائه وشعبه ودولته ومؤسساته لن (يتأفغن) ولن (يتصومل) وسيبقى عزيزا◌ٍ كريما◌ٍ وصلبا◌ٍ لا تهزه عواصف الإرهاب الذي لن يجد مأوى ولا ملاذا◌ٍ على هذه الأرض الطيبة وسينتحر على جبالها الراسية والشامخة شموخ أبنائها التي ستلفظ آفته الخبيثة كما لفظت من أرادوا بهذا الوطن السوء على مدى التاريخ.
وتثبت كل الوقائع أن حسابات الشعب اليمني غير حسابات من يبنون توقعاتهم وتحليلاتهم على التخمين والمعلومات الخاطئة أن الإرهاب لا مستقر له في هذا البلد¡ وآخر الشواهد على ذلك¡ العمليات الاستباقية الأخيرة التي نفذتها أجهزة الأمن اليمنية بنجاح ضد عناصر القاعدة مما أفشل مخططها الإرهابي الذي كانت تسعى من خلاله لاستهداف عدد من المنشآت الحيوية والمصالح اليمنية والأجنبية.
ولذلك فلا مجال للمزايدة على هذا البلد حيال ظاهرة الإرهاب التي تعد ظاهرة عالمية لا دين ولا وطن ولا جنسية لها وعليهم أن يعلموا أن اليمن ضحية للإرهاب وليست حاضنة أو منتجة له فالإنسان اليمني بطبيعته الفطرية يميل إلى التسامح والوسطية والاعتدال كما أنه الذي ينبذ العنف والغلو والتطرف والإرهاب.. ومن يعتقدون غير ذلك إنما يهدفون إلى التشويش بتفسيراتهم السطحية المتخبطة والمغرضة التي تنطلق أساسا من فكر متطرف أو انعزالي أو مضلل الذي لا يفقه شيئا◌ٍ بالحقائق التاريخية والثقافية والاجتماعية والحضارية للشعب اليمني الذي ينشد دوما◌ٍ السلام والاستقرار ويتطلع اليوم إلى مزيد من الرخاء والتنمية ويمضي بثبات نحو الأمام¡ غير عابئ بالمرجفين والموتورين ونعيق الغربان.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا