لا نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا أن عدداٍ من وسائل الإعلام العربية والدولية قد بالغت في تناولاتها عن الأوضاع اليمنية وأسهمت بقصد أو بدون قصد في تكوين صورة مغلوطة ومشوشة عن المناخ الأمني في اليمن الذي نجده اليوم في أحسن حالاته وليس هناك ما يعكر صفوه أو ينال من عوامل استقراره التي ينعم بها جميع أبناء الشعب اليمني وضيوفه من الدبلوماسيين والعاملين في الشركات وزواره من الأفواج السياسية الذين يتحركون بكل حرية واطمئنان وأمن وأمان.
ويعلم هؤلاء جميعاٍ بما فيهم الذين عمدت سفاراتهم إلى اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية أن الأمن والاستقرار الذي تعيشه العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية بل ومعظم محافظات ومديريات اليمن هو أمر لا تتمتع به كثير من العواصم والبلدان الأخرى وإذا كان هناك حالات استثنائية في هذا الجانب فهي تظل محصورة في عدد قليل من مديريات محافظة صعدة التي تجري فيها المواجهات مع عناصر الفتنة والتمرد التي صارت مطوقة في مربعات محدودة في هذه المحافظة أما بالنسبة للعناصر الإرهابية المتطرفة في تنظيم القاعدة أو غيرهم من الخارجين على النظام والقانون فإنهم يختبئون في بعض الكهوف والمناطق النائية ويجري مطاردتهم من أجهزة الأمن وضرب أوكارهم والقبض عليهم ولم يعودوا يشكلون أي تهديد خاصة بعد العمليات الاستباقية الناجحة التي شكلت ضربة موجعة قصمت ظهر عناصر هذا التنظيم الإرهابي وهو ما بدت نتائجه في تساقط أفرادها بيد الأجهزة الأمنية الواحد بعد الآخر مما يؤكد أن عناصر القاعدة في اليمن في حالة احتضار بعد أن افتقدت عنصر المباغتة في تنفيذ أي مخطط إرهابي بفعل اليقظة الأمنية وهناك ما يشبه الإجماع على أن هذه العناصر صارت من الضعف بعد الضربات الأخيرة التي تلقتها إلى درجة لا تسمح لها بالتخفي أو الحصول على موضع قدم للتمركز أو التقاط الأنفاس.
ومن هذا المنطلق فإن ما يؤسف له حقاٍ أن تنغمس بعض وسائل الإعلام في أسلوب الإثارة والتضخيم والصخب الإعلامي الذي أقل ما يوصف به أنه ضجة مفتعلة بعضها مرتبط بالأسباب الخاصة لمفتعليها الذين لا يستندون إلى أية معطيات حقيقية أو وقائع صحيحة يبررون بها ذلك الاندفاع الذي أثار غضب معظم اليمنيين الذين تعززت لديهم القناعة بأن الدور الذي تؤديه بعض تلك الوسائل تحركه نوايا مغرضة أو أهداف مشبوهة لإدراك الجميع أن المعركة التي تخوضها اليمن في السابق واللاحق أملتها ضرورات وطنية لحماية أمنها واستقرارها واقتصادها من تهديدات آفة الإرهاب الخبيثة وعناصرها المتطرفة التي ترى أن العالم كله على ضلال.
ولذلك فإن مواجهة حالة الترحال التي تقوم بها عناصر القاعدة بين الأقطار عبر التسلل من قطر إلى آخر بحثاٍ عن مأوى لا تقع على عاتق بلد بعينه بل أن ذلك يقتضي تعاوناٍ بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية من خلال تبادل المعلومات والتصدي الجماعي لهذا الخطر الذي يتهدد الأمن والسلم العالمي ولا يستثني أحداٍ وهو الأمر الذي سبق أن طالبت به الجمهورية اليمنية من وقت مبكر ومنها الوقوف إلى جانب الحكومة الصومالية الشرعية من أجل إحلال الأمن والسلام في الصومال والحيلولة دون جعله بؤرة للنشاطات الإرهابية للتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وغيره غير أن ذلك هو ما تجاهله البعض وحاول أن يعفي نفسه من الواجبات المناطة بهذه المعركة.. ومع ذلك فقد ظلت اليمن حريصة على القيام بدورها ومسؤولياتها وواجبها الوطني والقومي والإنساني في مواجهة هذه الآفة والتي تسللت بعض عناصرها إلى أراضيها من جنسيات عدة متجاوزة حدود أكثر من دولة.
وبكل تأكيد فليس بوسع تلك الوسائل الإعلامية التي لجأت إلى التهويل والتضخيم والصخب غير المبرر وإثارة المخاوف أن تزايد على اليمن أو تتنكر لدورها في مكافحة الإرهاب خاصة وأنها تعلم أن اليمن كانت السباقة في إفشال الكثير من المخططات الإرهابية التي لا تستهدفها وحدها وإنما تستهدف دول المنطقة عموماٍ إن لم يكن المجتمع الإنساني برمته.
وكما أفشلت اليمن في الماضي الكثير من المخططات الإجرامية للإرهابيين فإن الشعب اليمني وأجهزته الأمنية اليوم أكثر تصميماٍ وعزماٍ على التصدي لهؤلاء القتلة ومن لف لفهم وإحباط مخططاتهم وأهدافهم الخبيثة وإلحاق الهزيمة بهم وتخليص الوطن والأمن والسلم الإقليمي من شرورهم.
وعلى تلك المنابر الإعلامية الصاخبة بالضجيج والإدعاءات الكاذبة والزيف الفاضح أو الجهل بحقائق الأوضاع في اليمن الذي جابه في الماضي الكثير من التحديات وتغلب عليها وانتصر فيها بإمكانات وعلاقات إقليمية ودولية أقل مما هي متاحة الآن أن تعي وتستوعب جيداٍ أن اليمن بخير وأمنه مستتب واستقراره يتعزز باستمرار تحرسه أجهزة أمنية كفؤة.
وليس هناك ما يخشى منه على هذا البلد وأهله وضيوفه وزواره ومن يشكك في ذلك فإن أبواب اليمن مفتوحة أمامه وعليه أن يأتي ليتأكد بنفسه من حقيقة ذلك لأنه لا يصح إلا الصحيح.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا