مع حلول شهر رمضان، من المناسب استعراض النصائح التي تعين الصائم على اكتساب أكبر نصيب من الفوائد الصحيّة المعروفة عن الصيام، وتجنّبه الأضرار التي لابد أن تلحق به إن هو أساء تطبيقها.
ولصيام رمضان فوائد صحيّة كثيرة أثبتها العلم في دراسات عديدة، ومنها منح “إجازة” للجهاز الهضمي يستعيد خلالها عافيته، وتخليص الجسم من النفايات والسموم وتخفيض مخزونه من الشحوم والكوليسترول، بالإضافة إلى معالجة ارتفاع ضغط الدم ومحاربة البدانة والمساعدة في التخلص من إدمان النيكوتين (السجائر) والكافيين ومعالجة الحساسيّة والصدفيّة والتهاب المفاصل، لذا الأولى: يُنصح ببدء الإفطار بلقيمات من الطعام وبعض الشراب، ثم ترك فترة من الزمن تمضي 10 ـ 15 دقيقة قبل معاودة الأكل، فهذا من شأنه أن يوصل سكريات الطعام الأولى من الدم إلى الدماغ، فتثبّط هذه اللقيمات الحس بالجوع، ويثبّط الشراب كذلك العطش، فلا يتناول المرء من بعدها أكثر ممّا يحتاجه من الطعام والشراب عند الإفطار.
إلى ذلك، فإن هذه الطريقة تسمح بتوسّع المعدة الفارغة بالتدريج وتجنّب الصائم تمدّد جدرانها بسرعة، فتمنع حدوث عسر الهضم وارتخاء العضلة التي تفصل المعدة عن المريء (المعصرة)، فهذا الارتخاء يسبّب ارتجاع عصارة المعدة للمريء، وما يتبعه من حرقة هضميّة.
ولعل عادة أسلافنا ببدء إفطارهم ببعض التمرات وكوب من الماء أو الحليب، لها ما يدعمها في علم الأغذية الحديث، فالتمر فاكهة عظيمة تحتوي نسباً عالية من السكر السريع الامتصاص، بالإضافة إلى عدد كبير من الفيتامينات والأملاح الأساسيّة المفيدة، كذلك تحتوي الكثير من الألياف التي تساعد على الوقاية من الإمساك، أما الحليب، فيؤمّن لنا معظم حاجتنا اليوميّة من الكالسيوم والفيتامين “د”.
الثانية: على الصائم أن يقاوم الرغبة في تناول الطعام والشراب بسرعة، حتى لا يبتلع كميات كبيرة من الهواء، الأمر الذي يوسّع المعدة ويدعو إلى التجشوء، كذلك عليه أن يتجنّب شرب الكثير من السوائل أثناء الطعام، إذ من شأن ذلك زيادة العصارة المعديّة والتسبّب بسوء الهضم والنفخة، ويفضّل أن يشرب الصائم السوائل في الفترة الممتدّة ما بين وجبتَي الإفطار والسحور.
الثالثة: يحسن تقسيم مكوّنات الإفطار إلى ثلث من الخضار والفواكه، وثلث من النشويات (الأرز أو الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة)، وثلث من البروتينات (السمك أو الدجاج أو اللحم الخالي من الدهن)، كذلك ينبغي تجنّب الطعام الدسم والمقلي والمالح قدر المستطاع، والاكتفاء بكميّة قليلة من الحلويات.
ولنتذكر أن الإكثار من الملح يؤدّي إلى العطش خلال الصيام، وقد يؤدي إلى ارتفاع الضغط لدى المعرّضين له (والذين قد لا يعرفون أنهم على استعداد للإصابة به). وقد لا يدرك الكثيرون أن الملح موجود في أطعمة وأشربة كثيرة، مثل الأطعمة المعلبة والمشروبات الغازيّة وشراب عرق السوس.
الرابعة: يجب الحرص على تناول وجبة السحور قبيل الفجر، فهي ضمان ضدّ الجوع وهبوط العزيمة خلال النهار (بخاصة عندما يكون النهار طويلاً مثل أيام رمضان هذا العام)، ومع أن هذه الوجبة تكون عادة أصغر من وجبة الإفطار، إلا أنه يفضّل أن تحتوي كل المكونات الغذائيّة (بخاصة البروتينات)، ومن المفيد تناول الفاكهة المجففة والبقول (كالفول والفاصوليا والعدس) والمكسرات غير المملحة في وجبة السحور، لبطء استقلابها، فهي تساعد على تحمّل الصيام، وكذلك تفيد كثرة الألياف فيها في تجنّب الإمساك.
الخامسة: تناول وجبة خفيفة بين وجبتَي الإفطار والسحور، تشمل بعض الفواكه ومشتقات الحليب كالجبن أو اللبنة، وسواء اعتمد الصائم وجبتَين أساسيّتَين أو ثلاث، فعليه ألا ينسى القاعدة الذهبيّة التي تملي علينا جميعاً التوقف عن الطعام قبل الشعور بالشبع التام.
ولعل في القاعدة اليابانيّة التي تقول: “توقّف عن تناول الطعام بعد امتلاء 80 % من معدتك لما له من فائدة كبيرة، وللتمكّن من ذلك، قد ينفع تحديد كميّة الطعام المعروضة على المائدة قبل البدء في الإفطار.
السادسة: الإكثار من شرب السوائل بين وجبات الطعام الرئيسيّة (يجب شرب ثمانية أكواب يومياً على الأقل)، وذلك لتجنّب الجفاف ودعم وظيفة الكليتَين ومحاربة الإمساك، ولنتذكر أن أفضل السوائل هو الماء القراح، فالمشروبات المحلاة تزيد من غازات الأمعاء، وترفع كذلك نسبة سكر الدم بسرعة، ما يتبعه بالضرورة هبوط سريع في السكر يثير الشعور بالجوع خلال فترة قصيرة.
السابعة: من ثم علينا تجنّب الإكثار من شرب القهوة والشاي (بخاصة عند السحور)، لأنهما مدران للبول ويسبّبان الجفاف والعطش خلال النهار، كذلك، يؤديان إلى الأرق واضطراب النوم.
الثامنة: التوقف والإقلاع عن التدخين، فأضرار التدخين الصحيّة باتت معروفة للجميع، وهي أشدّ تأثيراً على الصائم الذي يحتاج جسمه لكل دعم صحيّ خلال أيام الصيام.
التاسعة: لا يستلقي الصائم على ظهره وألا يذهب إلى النوم مباشرة بعد الإفطار أو السحور، وذلك لتفادي ارتجاع طعام المعدة إلى المريء وحدوث الحرقة الهضميّة، هذا مهمّ بخاصة للمصابين بفتق حجابي (وأكثرهم يجهلون إصابتهم هذه)، ويفضّل أيضاً القيام بحركة ما أو المشي (ولو لعشر دقائق) قبل النوم.
العاشرة: على الصائم ألا يحرم نفسه من النوم الكافي، ولنتذكّر أن الشعور بالتعب والإرهاق أثناء الصيام ليس مردّه إلى حاجة الجسم للطاقة والطعام كما يعتقد الكثيرون، إنما سببه الوجبات الكبيرة والسهر الطويل.
الحادي عشرة: تجنب أكل المطاعم قدر الإمكان في رمضان، تلك العادة التي درج عليها عدد كبير من المسلمين أخيراً، فلا طعام يعادل طعام البيت من حيث النظافة وسلامة المكوّنات الغذائيّة.