الهام ردمان *
حين عزمت على الكتابة في مثل هذا الموضوع أردت أن اكتب عن موضوع يلامس واقعنا ومستقبل أولادنا وبالتالي نهضة وطننا وأمتنا؛؛ متناسية تماما حين بدأت أصيغ كلماته بأني أدير مدرسة أهلية حديثة الإنشاء هي مدارس الاستراتيجية الحديثة، فأنا أكتبة اليوم بصفتي فقط تربوية على عاتقها بناء أجيال تنهض بالوطن.. وكذلك بصفتي ولية أمر.
فإذا رجعنا بالتعليم إلى الوراء قليلا إلى ما قبل العدوان على اليمن وقبل أن تتدهور حالة التعليم الحكومي وطرحنا السؤال كيف كان حال التعليم ؟ فالإجابة ستكون بالإجماع أفضل من الآن مع أن عدد المدارس الحديثة الافتتاح في الآونة الأخيرة انتشرت وبشكل كبير ..ومع ذلك أصبحنا في زمن الأمية ولكنها الأمية التي تصاحبها شهادة تفوق حيث أن عدداً من مخرجات المدارس في الجامعات الآن لازال لديهم قصور في أبجديات القراءة السليمة والكتابة بشكل صحيح.. ننظر لهذا الموضوع بحيادية تامة لنصل إلى إيجابيات المدارس الأهلية وسلبياتها وكذلك إيجابيات المدارس الحكومية وسلبياتها، فمن الملاحظ من إيجابيات المدارس الأهلية الآتي :
1 – أنها تعتبر إضافة نوعية ورابطاً حقيقياً بين رأس المال والمجتمع.
2 -وجود تكنولوجيا حديثة للتعليم خاصة في المدارس الكبرى ذات الباع الطويل في الأداء مثل( الشاشة الذكية – ومعامل الحاسوب- ومعامل علوم متكاملة) وهذا بالطبع ما تفتقر إليه أغلب المدارس الحكومية.
3 -الاهتمام بالمتابعة للطلاب وتفعيل الشراكة مع الأسرة والتواصل بشكل مستمر مع ولي الأمر في أمور كثيرة تخص الطالب.
4 – تفعيل الأنشطة المدرسية بمختلف جوانبها العلمية ، والرياضية ، والترفيهية ناهيك عن توفر متطلبات التعليم من (المدرس – الكتاب المدرسي -الوسيلة التعليمية ).
5 – تدريس المواد الإضافية مثل الحاسوب واللغة الانجليزية من الصفوف الأولى.
هذه الإيجابيات على سبيل المثال لا الحصر تظل ضئيلة مقابل السلبيات في هذه المدارس ومنها:
1 -أن الكثير من هذه المدارس لا تمثل أماكن مناسبة للتعليم ولا تتوفر فيها معايير وشروط المكان المناسب للتعليم حيث أن أغلبها لا تعدو شققا سكنية ومنازل .
2 – أغلب الكوادر الإدارية لهذه المدارس قد لا يكونون تربويين أو لهم علاقة بالتربية والبعض الآخر ربما لا يحمل مؤهلا علميا وذاك الأكثر سوءاً .
3 -أن بعض المدارس الأهلية والإداريين فيها لا ينظرون للمدرسة الأهلية إلا كمشروع استثماري بحت ولا تسعى من خلاله إلا إلى الربح وبالتالي فإن هذه المدارس لا تحرص على تحقيق أي مخرجات تعليمية بدليل ارتفاع أسعار الرسوم في كثير منها إلى مبالغ باهظة لا تناسب إلا طبقة اجتماعية معينة في المجتمع.
4 -تسجيل وتواجد بعض الطلاب الذين لديهم مشاكل في حالاتهم النفسية والعقلية وليست المدرسة الأهلية المكان المناسب لهم إضافة إلى ذلك أن هذه المدارس تعمل على تدليل طلابها أكثر من اللازم وبالتالي لا يكون عندهم ثقة كبيرة بأنفسهم ولا يستطيعون الاعتماد على ذاتهم في أبسط الأشياء.
5 – أن أغلب كوادر هذه المدارس ليس لديها الخبرات الكافية، أو حديثي التخرج، أو ربما يحملون تخصصات لا علاقة لها بالتربية وبالتالي. تمتهنهم هذه المدارس وتدفع لهم أجوراً زهيدة وهذا ما يجعلها تغير كوادرها بشكل مستمر.
6 – أخيراً ما أراه من سلبيات المدارس الأهلية وليس على سبيل الحصر والذي يظهر بشكل واضح وحقيقة موجعة هو إضفاء طابع النجاح للطالب بشكل مستمر حتى وإن لم يكن أهلاً للنجاح فنادراً ما نجد طالباً يرسب في المدارس الأهلية .
ومن هذه الثغرة التي هي سلبية للمدارس الأهلية تبدأ إيجابيات المدارس الحكومية، وهى كالتالي:
1 -أن التعليم الحكومي مخرجاته أقوى لأن أغلب المدارس تعطي بقوة وتعطي كل ذي حق حقه ورغم تدهور التعليم فيها إلا أننا مازلنا نشاهد أن معظم أوائل الجمهورية من المدارس الحكومية.
2 – أن الغالبية العظمى من المدارس الحكومية تحمل معايير وشروط المكان المناسب للتعليم لأنها بنيت أساسا لتكون بيئة تعليمية ملائمة وليست منازل سكنية.
3 – وجود الكوادر القوية ذات الخبرة الطويلة سواءً الإداريين أو كوادر التدريس الذين يحملون مؤهلات تربوية بحتة فينعكس ذلك على مخرجاتها.
4 – مجانية التعليم أو الرسوم الرمزية حيث يظل ذلك هو أفضل ما يميز المدارس الحكومية والتي تحوي جميع شرائح المجتمع .
5 – أن هذه المدارس لا تعمل على تدليل الطلاب لذلك نجدهم أكثر ثقة بأنفسهم وأكثر اعتماداً على ذاتهم وقدراتهم..
ولكن هذه المدارس لا تخلو من عدد من السلبيات وهى كالتالي:
1 – خلو تلك المدارس من تواجد تكنلوجيا متطورة للتعليم مثل شاشات العروض والمعامل وغيرها أو نجدها ولكنها متدهورة .
2 – الازدحام الشديد الذي أصبح يشاهد في أكثرها وأصبحت الفصول ممتلئة حتى أرضيتها، وهذا يؤدي إلى عدم القدرة على متابعة الطالب وإعطائه حقه من التعليم وأيضاً عدم توفر متطلبات التعليم مثل (الكرسي- الكتاب المدرسي)، خاصة في الوقت الراهن .
3 -عدم تفعيل الشراكة بين البيت والمدرسة بشكل كافٍ يضمن الرفع بمستوى الطالب ومتابعة مستواه.
وبالرغم من ذلك إلا أن المدارس الحكومية تبقى هي الأفضل بحسب ما أراه ولذلك نتمنى أن تعود العافية لتلك المدارس وتدعم من قبل الدولة بكل متطلبات التعليم من تكنولوجيا حديثة وميزانية مالية تضمن استمرارية أدائها بشكل ممتاز لأنها تظل الوجهة الأولى للطالب اليمني ومنها نخرّج أجيالاً تبني هذا الوطن وتبني الأمة.
*مديرة مدارس الاستراتيجية
Prev Post
قد يعجبك ايضا