رئيس التحرير
• يحتفل اليمنيون كل عام في أول جمعة من رجب بذكرى دخولهم دين الله أفواجا ، كما يصف القران الكريم ، والتاريخ سجل بأن اليمنيين أسلموا كافة في أول جمعة من رجب ، العام السادس الهجري حين وصل الإمام علي عليه السلام مرسلا من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إلى مدينة صنعاء، فبايعه اليمنيون وأعلنوا إسلامهم في يوم واحد ، ولهذا تعتبر جمعة رجب محطة تاريخية هامة تُجذر وترسخ هوية الإيمان التي امتاز بها شعبنا وتعبر عن أصالة الانتماء وعمق العلاقة بين اليمنيين وبين الإسلام.
حين أمر الله نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ببناء البيت الحرام ، أخذ يطلق على يمين الكعبة «جنوبها» اليمن ، فأسمي الركن الجنوبي لها بالركن اليماني ، فارتبط اليمن ببيت الله الحرام ، واليمن تعني عند العرب قديما بلاد البركة والخير ، وقد أسميت بـ« الأرض السعيدة» و«العربية السعيدة» ، و«اليمن السعيد»، كما أن الله سبحانه وتعالى كرمها بقوله في سورة سبأ «بلدة طيبة ورب غفور» ، أما رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، فقد نسب الإيمان كله إلى اليمن فقال «الإيمان يمان ، والحكمة يمانية» ، وكل هذه الحقائق الحضارية والتاريخية بالإضافة إلى ما حكاه الله ورسوله ، تشكل الهوية الإيمانية التي يعتز بها كل اليمنيين ، ويفاخرون بها من سواهم.
لم يكن اختيار السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله للجامع الكبير بصنعاء مكانا لتدشين الهوية الإيمانية ، إلا لما يحمله من رمزية دلالية عميقة ، فقد مثل الجامع الكبير منارة علمية ومعرفية وجامعة إسلامية منذ عصور الإسلام الأول ، كما أنه أول مسجد بناه اليمنيون بأمر من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويرتبط في الوجدان والذاكرة بالإمام علي عليه السلام الذي بُعث إلى اليمن ، وصنعاء التي يتوسطها الجامع الكبير تخبئ بين جدرانها الكثير من قصص وحكايات جمعت بين من لبوا دعوة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، وبين رسوله إليهم.
وعلى هذا النحو تكرس جمعة رجب مناسبة الانتماء اليماني الأصيل إلى الإسلام ، وتبعث من الأعماق هوية يمانية تتجدد منذ العام السادس الهجري ، وولاء خالدا لا ينقطع حتى تقوم الساعة ، ويكفينا شرفا أن هويتنا الإيمانية ذكرها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أكثر من موضع فقال صلوات الله عليه وعلى آله وسلم: « اللهم بارك لنا في يمننا»، وقال عليه الصلاة والسلام « أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية »، ومهما اختلفت الظروف وتقلبت الأحوال فإنها هوية راسخة كالشجرة الضاربة جذورها في أعماق الأرض…لا تتغير ولا تتبدل ولا يمكن لأي كان أن يغير من حقائقها شيئا.
فلنحافظ على هويتنا الإيمانية التي باركنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونعلي من شأن منظومة القيم والأخلاقيات والمبادئ التي تعكسها ، ولنحذر الوقوع في براثن الانحلال والانفلات والفوضى الأخلاقية المدمرة للمجتمعات والشعوب.