66% حجم الفجوة الغذائية بين الواردات الزراعية إلى الناتج المحلي الزراعي في اليمن
دراسة اقتصادية حديثة: العدوان والحصار أثرا بقوة بالغة على النمو الاقتصادي والأمن الغذائي في اليمن
ضعف البنية الاقتصادية للناتج الزراعي الذي يفترض أن يلبي الاحتياجات الضرورية من السلع الغذائية
90% من واردات السلع الأساسية تأتي من العالم الخارجي
العدوان كان له أثر بالغ على الأمن الغذائي في اليمن تجاوز 30% عام 2015م
حالة انعدام الأمن الغذائي بلغت أقصى قيمة لها وبنسبة 60%
تحقيق التنمية الذاتية يستند إلى أسس علمية تفعِّل الآليات الاقتصادية
أكدت دراسة اقتصادية حديثة أن العدوان العسكري على اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وحلفائها أثر تأثيرا كبيرا في حياة المجتمع اليمني خاصة فيما يتعلق بجانب الامن الغذائي.
وأوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور عبدالله محمد العاضي أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة عمران والتي حصلت “الثورة” على نسخة منها أن الاقتصاد اليمني يتسم بالنمط الغالب لاقتصاديات الدول النامية الذي يسود فيه عجز الناتج المتفاقم لتلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع، وتزايد العجز في الموازنة العامة إضافة إلى تنامي العجز في الميزان التجاري واعتماده على اقتصاديات الدول الأخرى، مشيرة إلى أنه نتيجة الاختلال الكلي بين الناتج الزراعي من جانب والاستهلاك من جانب آخر يتزايد الاعتماد على الاستيراد الأمر الذي يعد مؤشرا واضحا في الاختلال الهيكلي في الاقتصاد، ويوضح مدى الاعتماد على المصادر الخارجية في توفير الغذاء لأفراد المجتمع الأمر الذي يجعل الاقتصاد اليمني عرضة للتقلبات الاقتصادية الخارجية في الاقتصاد الدولي.
الثورة / أحمد المالكي
تراكم
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة الواردات الزراعية إلى الناتج المحلي الزراعي تفوق كثيرا نسبة الصادرات الزراعية إلى الناتج المحلي الزراعي حيث بلغت أقصى قيمة لها عام 2014م 66 % الأمر الذي يؤكد حجم الفجوة الغذائية في اليمن والتي تراكمت على مدى عقود من الزمن، خاصة وأن الاقتصاد اليمني يستورد 90 % من واردات السلع الأساسية من العالم الخارجي، وذلك نتيجة ضعف البنية الاقتصادية للناتج الزراعي لتلبية الاحتياجات الضرورية من السلع الغذائية والتي تواجه حملة من التحديات الطبيعية والتقنية والمؤسسية والتنظيمية أبرزها محدودية الأراضي الزراعية، وتنوع الظروف المناخية وندرة المياه إضافة إلى تدني مستوى مهارات العاملين ومحدودية استخدام التقنية الزراعية وقصور في استخدام البحوث العلمية الزراعية وكذا الانخفاض في مستوى الانفاق الاستثماري وغياب فعالية السياسة السعرية، وضعف أداء السياسة التسويقية.
انعكاسات كبيرة
وقالت الدراسة: إنه خلال السنوات القليلة الماضية شهدت اليمن عدواناً عسكرياً وحصاراً اقتصادياً شاملاً وهو ما تسبب في انعكاسات كبيرة على الجوانب الإنسانية للشعب اليمني، حيث أكدت الكثير من التقارير الدولية أن اليمن لم تكن بمنأى عن التأثيرات الكارثية التي تسببها الحروب في تدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية.
أثر بالغ
وبينت الدراسة مدى الأثر البالغ الذي خلفه العدوان على الأمن الغذائي في اليمن، والذي أثر بشكل واضح على النمو الاقتصادي بشكل عام والذي تجاوز 30 % عام 2015م مما يؤكد التأثير البالغ على القطاعات الاقتصادية المختلفة لاسيما القطاع الزراعي والذي انخفض معدل النمو في الإنتاج الزراعي للحبوب بنسبة 343 % عام 2015م ليهبط إلى 3.8 % عام 2018م، وذلك بسبب الحصار الاقتصادي الشامل والتدمير العسكري للقطاعات الاقتصادية المختلفة وتدمير قطاع النقل والبنية التحتية الأمر الذي انعكس بشكل حاد على حياة المجتمع وأحدث انهياراً شديداً لمستويات إنعدام الأمن الغذائي، والذي تدهور بشكل تجاوز المستويات الطبيعية في العام إذ بلغت حالة انعدام الأمن الغذائي نسبة كبيرة وصلت إلى 60 % أي أن اكثر من نصف عدد السكان يعانون من عدم القدرة على توفير الغذاء اللازم جراء العدوان الغاشم والذي ترتب عليه انهيار في نظام الحماية الاجتماعية بالكامل، والذي يستفيد منه نحو 1.5 مليون نسمة، إضافة إلى أن العدوان تسبب في حرمان نحو 7 ملايين نسمة من الأجور في القطاع الحكومي.
تغيرات حادة
وأوردت الدارسة بيانات توضح مدى التغيرات الحادة في المستويات الإنتاجية المختلفة جراء العدوان كـ”القطاع الزراعي، الصناعي، والخدمي” والذي أثر سلباً على مستوى الإنتاج، والقوى العالمة والأجور والمستوى العام للأسعار.
ولفتت الدارسة إلى أن الاقتصاد اليمني يواجه تحدياً رئيسياً يتمثل في معالجة آثار العدوان، والاختلالات البنيوية المزمنة وتحقيق التنمية الذاتية الذي يجب أن يستند إلى أسس علمية حيث لا بد من بذل جهود كبيرة في هذا الجانب لتفعيل الآليات الاقتصادية بغرض تحويل الاقتصاد اليمني إلى بنية قوية تمكن من تجاوز التحديات الخارجية والداخلية بالتركيز على القدرات البشرية والاهتمام ببناء المؤسسات الإدارية الفاعلة عن طريق العمل على إيجاد وعي مجتمعي واسع تتبناه الحكومة للمطالبة الفورية بفك الحصار الدولي لواردات السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، والسعي الحثيث إلى توجيه المساعدات الخارجية نحو تعزيز القدرات الإنتاجية للمجتمع وليس استخدامها في جانب الاستهلاك الآني وتعزيز الجبهة الداخلية للمجتمع اليمني لمواجهة التحديات الخارجية.
ولفتت الدراسة إلى أنه يجب على الحكومة أن تضطلع بتبني رسم سياسات متوسطة المدى وعلى رأسها الاهتمام الجاد بالإنتاج الزراعي، ومساهمته النسبية في الناتج المحلي الإجمالي وذلك من خلال التوسع الرأسي والافقي في الإنتاج الزراعي، وتعزيز الجانب الصناعي التحويلي، وخاصة ما يرتبط بالصناعات الغذائية، ودعم الجانب الفني والتقني الزراعي والاهتمام بمدخلات الإنتاج والعنصر البشري الذي يمثل ركيزة أساسية للتطوير والعناية بمستوى دخله وتوفير الاستفادة في الجوانب الاجتماعية والتعليمية والصحية والمشاركة السياسية والحرية في التعبير.
خلاصة
وخلصت الدراسة إلى أن العدوان العسكري بقيادة السعودية وحلفائها كان له الأثر البالغ على البنية الاقتصادية والأمن الغذائي وبنسبة 60 % وان هناك إمكانية لإيجاد وسائل وسياسات يمكن من خلالها الحد من آثار العدوان العسكري على البنية الاقتصادية والأمن الغذائي.
توصيات
وأوصت الدراسة بضرورة الاهتمام الجاد بالقطاعات الاقتصادية المتنوعة، وخاصة القطاع الزراعي، وضرورة الاهتمام بالسياسات الحكومية ذات الأجل القصير وخاصة المتعلقة بالأمن الغذائي مع أهمية السعي الحثيث للاهتمام بالوسائل والسياسات الضرورية التي تمكن من تقليص آثار العدوان العسكري وخاصة ما يرتبط بالعنصر البشري.