سلطان السلام وسلطنة المحبة
عبدالفتاح علي البنوس
ننظر في اليمن نحو سلطنة عمان وسلطانها الراحل قابوس بن سعيد ، نظرة تقدير واحترام وعرفان ، وذلك قياسا على المواقف المتزنة والعقلانية التي اتسمت بها السياسة العمانية ، وعلاقات الجوار الأخوية بين الشعبين العماني واليمني ، العلاقات التي تجلت بوضوح من خلال المواقف العمانية الإيجابية تجاه العدوان على بلادنا ، ورفض السلطنة الانضمام إلى التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني على بلادنا ، ووقوفها إلى جانب الشعب اليمني من خلال احتضانها للوفد الوطني ، واستقبالها للجرحى وتكفلها بعلاج الكثير منهم ، وتقديمها لقوافل المساعدات الغذائية والإيوائية ، وتحركاتها الملموسة في تقريب وجهات النظر ، وخلق أرضية ملائمة لتحقيق السلام ووضع نهاية للحروب والصراعات ، وتقديم المبادرات التي تصب في هذا الجانب.
هذه المواقف المتزنة تجاه اليمن وتجاه الحصار المفروض على قطر ، دفع بالسلطات السعودية والإماراتية إلى اتخاذ مواقف عدائية تجاهها وعلى وجه الخصوص الجانب الإماراتي ، حيث سعت وما تزال الإمارات على زعزعة الأمن والاستقرار داخل السلطنة ، من خلال تجنيد خلايا استخباراتية تعمل لحسابها ، والتخطيط لإسقاط نظام الحكم والتأليب على السلطان والسلطات العمانية ، وتبني خطابا إعلاميا تحريضيا ضدها في الوسائل الإعلامية الإماراتية وتلك الممولة والموالية لها ، ورغم كل هذه الضغوطات إلا أن عمان وسلطانها ظلوا على ذات السياسة القائمة على احترام حق الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية وحقها في السيادة على أراضيها واحترام خصوصياتها ، فحظيت عمان بهذا النهج السلطاني بتقدير واحترام المجتمع الدولي ، وهو ما أهلها لأن تلعب دور الوسيط في كثير من القضايا ذات البعد العربي والإقليمي والدولي ، بتمسكها بمبدأ عدم الانحياز.
واليوم وسلطنة عمان تودع سلطانها الراحل قابوس بن سعيد وتستقبل سلطانها الجديد هيثم بن طارق آل سعيد فإنها مطالبة بمواصلة ذات النهج الوسطي المعتدل ، وذات السياسة الحكيمة التي كانت عليها في عهد السلطان الراحل ، وعدم الانجرار خلف الإغراءات والاغواءات البريطانية الإسرائيلية ، وخصوصا في ظل التقارب العماني الإسرائيلي والذي أرى بأنه النقطة السوداء في تاريخ السلطان قابوس ، فأمريكا وإسرائيل هما من تشعلان الصراعات والحروب والفتن والأزمات في المنطقة ، هما من تتزعمان محور الشر في المنطقة والعالم ، وهما من تقفان خلف الإجرام والتوحش في العالم تحت يافطة محاربة الإرهاب ، الذي هم أساسه ومنبعه ومصدره.
لا نريد أن نشهد أي تراجع للمواقف القومية الأصيلة لسلطنة عمان ، سلطنة المحبة ، وسلطانها الجديد الذي نتوسم فيه الخير ، ونأمل بأن يكون خير خلف لخير سلف ، وأن يقود دفة السفينة السلطانية العمانية بحكمة واقتدار وأن يتفرغ لاستكمال مسيرة النهضة العمانية التي دشنها السلطان قابوس في 23من يوليو 1970م، النهضة التي أعادت الاعتبار لعمان وللعمانيين بعد أن نجح السلطان قابوس في جمع شتات العمانيين من دول الخليج وأعادهم إلى وطنهم ليشاركوا في مسيرة بناء ونهضة عمان والتي وصلت إلى مستويات قياسية أزعجت جارة السوء الإمارات التي ظلت طيلة السنوات الأخيرة تستفزها وتحيك لها المؤامرات وتحاول التعدي على سيادتها واستقلالها ، بغرض اخضاعها لهيمنتها وتسلطها.
بالمختصر المفيد، سلطنة عمان ظلت في عهد سلطانها الراحل قابوس بن سعيد الملاذ الآمن والوطن الثاني لكل اليمنيين ، ونأمل أن تظل كذلك في ظل قيادة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد ، وأن تكون السلطنة بمنأى عن مؤامرات ومغامرات غلمان الإمارات وبعران السعودية والبحرين التي تستهدف وحدة الأمة وتماسكها ، وتهدد أمنها واستقرارها ، لتظل سلطنة الوئام والمحبة والسلام.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.