نتعلم من الرسول الأعظم اليقظة الأمنية والجهوزية في إفشال مخططات العدوان  «فجاسوا خلال الديار»

 

د/ هشام محمد الجنيد

قال الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا) الآية (5). وقول الله تعالى (فجاسوا خلال الديار) إشارة صريحة إلى أهمية ووجوب القيام بالأعمال الأمنية كمسؤولية ضمن المسؤوليات الأساسية لنظام الولاية لما من شأنها حفظ الأمن والاستقرار والسكينة العامة وإفشال مخططات الأعداء والمجرمين. و(عباد الله) هم أنصار رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم من الأوس والخزرج والمؤمنين المخلصين الذين جاسوا ديار بني إسرائيل أعداء الدين من بني قريظة وبني المصطلق وبني قينقاع وبني النضير ويهود خيبر وغيرهم تنفيذا لتوجيهات وتعليمات رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم لكونهم نقضوا العهد والميثاق.
لم تؤد عملية «فجاسوا خلال الديار» الدالة على اليقظة والحس الأمني والجهوزية إلى قيام جنود الله الأنصار بعمليات البحث والتقصي الدقيق وتمشيط ورصد ومتابعة العناصر الإجرامية والقبض عليها وإنزال العقوبات ضدها فحسب، بل أدت أيضا إلى طرد – باستثناء المؤمنين من بني إسرائيل وهم القليل منهم – فصائل بني إسرائيل لخيانتهم العهد والميثاق مع رسول الله، ولممارستهم أساليب الخداع والمكر وكل ما من شأنه يؤدي إلى التشويه بالإسلام وإثارة الفتن وإلى الاقتتال وإلى محاولتهم زعزعة أمن واستقرار الدولة الإسلامية لإضعافها والانقضاض عليها بتحريض المشركين والكفار والمنافقين ضد المسلمين.
والمنهجية الأمنية التي تسير عليها السلطات الأمنية ووفق توجيهات القيادة الثورية والسياسية العليا في مواجهة العدوان السعودي الإسرائيلي الأمريكي وأزلامه في الداخل والخارج منظمة على أساس التعليمات  الإلهية الواضحة بالخطاب القرآني التي تحذرنا في كيفية التعامل مع بني إسرائيل الأعداء. وقد أشار الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – إلى أن الله يذكر عن اليهود في أكثر من آية أنهم يقتلون الأنبياء، وهم أنبياء منهم، فكيف لا يقتل من أجل مصلحة سياسية كبيرة، وهو يعتبر أنه سيترتب عليها مصالح مادية وسياسية كبيرة جدا، سيدمر ولو مليون شخص ولا يبالي.
وأعداد القتلى والمصابين في المنطقة وفي بلادنا نتيجة عدوان بني سعود وبني إسرائيل وعبر أدواتهم أيضا هو إسقاط واقعي يؤكد الآيات القرآنية التي تحذرنا من خطورة وعدوانية اليهود. وكذلك يهدف العدوان السعودي ومخططات مخابراته التي فشلت بصحوة ويقظة الأجهزة الأمنية الوطنية يهدف لإطفاء مشروع المسيرة القرآنية ولتصفية قيادتها عبر تنفيذ مخططات الفوضى والاغتيالات والاقتتال ولو تكن بالملايين، المهم أن يضمن استمرار بقاء كيانه مهيمنا على الدول والشعوب الإسلامية والمستضعفين في المعمورة.
إن الإيمان العملي يعني وجوب السير على ضوء تعليمات النصوص القرآنية، ومنها الالتزام بالآيات الكريمة التي تحذرنا من خطورة اليهود وكيفية التعامل معهم. والالتزام بالمسار الإيماني الملبي لترجمة التعليمات الربانية يعني الإيمان العملي بالمعتقدات الدينية الصحيحة. وروحية الشعور الصادق بالهوية الإيمانية هي التي لا تدفع إلى ضرورة التحرك في شتى ميادين الحياة للإنتاج والاعتماد على أنفسنا للعيش بكرامة وعزة فحسب، بل أيضا تبعث على تلقائية اليقظة والحس الأمني وطواعية الاستعداد للجهوزية في مواجهة مخططات العدو عسكريا وأمنيا للحفاظ عن الدين وعن سلامة وأمن الناس وعن وحدة صف الأمة.
وإخلاص وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها بالسير على هذه المنهجية الأمنية هو من منطلق الاقتداء برسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم وأنصاره، من منطلق الهوية الإيمانية، من منطلق الإيمان العملي بالمسئولية الجهادية الأمنية. وبناء على المؤتمر الصحفي الذي أجرته وزارة الداخلية، فقد حققت الوزارة انجازات أمنية كبيرة تزيد عن (45930) انجازا منذ بداية العدوان، حيث تم كشف وإحباط (296) مخططا معاديا منها (23) مخططا في العام 2019م كانت موجهة لاستهداف الجبهة الداخلية، وتم كشف وضبط العديد من الخلايا الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة وداعش منها (13) خلية في عام 2019م، وإفشال (15) جريمة تمس وتتعلق بأمن الدولة خلال العام 2019م، وتم كشف وتفكيك (1458) عبوة ناسفة قبل أن تنفجر منذ بداية العدوان منها (61) في العام 2019م. ومن أخطرها ما أعلنت عنه الوزارة في بيان لها أن أجهزتها الأمنية تمكنت من كشف مخطط خطير تقف خلفه المخابرات السعودية عبر خليتين رئيسيتين مدعومتين ماليا ولوجستيا للقيام بأعمال تخريبية واغتيالات وتفجيرات عبر خلايا تابعة لها لإثارة الشارع عبر حملات إعلامية.
إن أهداف العدوان السعودي الإسرائيلي الأمريكي ضد الإسلام وأمن المسلمين والأوطان هي امتداد لذات أهداف الأعداء في فترة رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم وأنصاره، غير أن وسائل وأساليب الاعتداء والإجرام والحروب وأساليب التضليل تطورت بما يتلاءم ومعطيات العصر. وإيماننا بالحديث النبوي الشريف «الإيمان يمان والحكمة يمانية» يفرض علينا أن نتعامل مع أعداء الدين وأزلامهم المنافقين من منطلق المكانة والتكليف العظيم بأن نكون أشداء على هؤلاء الأعداء، وهي السير على المنهجية التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنصاره. فسيرنا على سيرة رسول الله يجعلنا من المنطلق الإيماني يقظين بديهيا ومنتبهين على الدوام دون انقطاع يجعلنا مستعدين وجاهزين في مواجهة العدو على كافة المستويات والأصعدة لردع وإحباط مخططات العدوان وعناصره في الداخل.
ولا تقع مسؤولية التصدي لمخططات المخابرات السعودية على كاهل السلطات الأمنية فحسب ، بل هو واجب جهادي يقع أيضا على المواطن وكل بحسب إمكاناته وقدراته ليكون عونا وسندا إلى جانب الدولة في مكافحة العناصر الإرهابية والإجرامية والمخلة بالأمن بالتبليغ وغيره من وسائل المساعدة كما وقع في محافظة ذمار. علينا أن لا نعيش في دائرة الغفلة والنسيان والتنصل من واجباتنا الإيمانية والوطنية، فهذا المسار هو المؤشر الخطير لاستقواء العدو ولسهولة تمرير مخططاته. علينا أن نكون على واقع الإيمان العملي بتطبيق مقتضيات الهوية الإيمانية ومنها الإخلاص في مسئولياتنا الأمنية. وهذا المسار هو الذي جعل المحافظات الحرة تعيش واقع الأمن والاستقرار ، لأنها تحت سلطة قيادة ثورية وسياسية واقفة ضد العدوان ومخلصة في ولائها لله ولرسوله وللوطن.
بينما نجد الأمن والاستقرار غائبا في المحافظات الجنوبية والشرقية، لسيطرة المليشيات والتنظيمات الإرهابية والمسلحة على هذه المناطق، ولولاء هذه المليشيات والتنظيمات وما تسمى بقيادتها “الشرعية” أعداء الإسلام والإنسانية، وجميعها تخلو منها المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية. ومن هذا المنطلق لا تحمل مشروعا تنمويا، فهي مجرد أدوات عمياء، مجرد أدوات أكثر من رخيصة، أدوات تنفذ أجندة الدول العدوانية ضد الوطن، هي ضد نفسها دون أن تدرك ذلك لغياب حضور الهوية الإيمانية لديها، ولذلك فهي تركض في مسارات الضلال. فكيف سيكون الأمن والأمان مستتبا في ظل هذه الأدوات المخزية؟!.
وحتما لن تستمر تلك الأوضاع، فغالبية المواطنين والقيادات الوطنية المخلصة في هذه المحافظات على مبدأ استقلال اليمن ووحدته، ودورها الجهادي يتنامى شيئا فشيئا ضد العدوان. ولذلك لن يصل اتفاق الرياض إلى مبتغاه كما يخطط له، وإن كانت مؤشرات وأهداف هذا المؤتمر الإجرامية واضحة في استمرار وتكريس غياب الأمن والاغتيالات وإلى المزيد من المواجهات والاقتتال في المحافظات المحتلة، فإن الأمن والاستقرار والنصر في طريقه بصمود وبسالة العناصر والقيادات المخلصة في هذه المحافظات وبوقوف الجيش واللجان الشعبية صفا واحدا إلى جانبها لتحريرها وغيرها من المناطق لإحلال الأمن والاستقرار والسكينة العامة في كل أرجاء اليمن التاريخي ولبناء مشروع الدولة في إطار المشروع الإسلامي.
إن يقظة وصحوة وجاهزية وصمود محاور المقاومة الإسلامية أفشلت أهداف الربيع العبري 2011م ضمن مخطط رسم شرق أوسط جديد قائم على الفوضى الخلاقة، وأثمرت الانتصارات في المنطقة. وترتب على فشل العدوان السعودي الإسرائيلي الأمريكي أن لجأ إلى دفع الناس المغرر بهم للمظاهرات محاولا إشعال الفتنة والحروب الداخلية في بلدان المقاومة الإسلامية إيران والعراق ولبنان وفي بلادنا من البوابة الأمنية والسياسية بتقديم الاستقالات ومحاولات دفع الناس المغرر بهم للمظاهرات بدعوى المطالبة بإقالة الفاسدين وتصحيح مكامن الفساد وتخفيض الأسعار – كلمة حق يراد بها باطل – وهذه الاختلالات وغيرها هي في الأصل من مخلفات سياسات وإملاءات العدوان، هي من مخلفات تبعية الأنظمة السابقة له ومن تبعات العقوبات والحصار الشامل. ولا شك أن المظاهرات في حسابات العدو ستتبعها خطوات مدروسة تؤدي شيئا فشيئا إلى الفوضى العارمة والتفجيرات والاغتيالات للوصول إلى انهيار أنظمة المقاومة الإسلامية. ولكنها وفق معطيات الميادين العملية الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية هي حسابات ومخططات عاجزة وفاشلة، ولن تظل عاجزة فحسب، بل سينتهي نفوذ العدوان الأمريكي من المنطقة، سيتآكل النفوذ الأمريكي عالميا، سينتهي بإذن الله من الجغرافيا السياسية العدوان السعودي الإسرائيلي والعدوان الإسرائيلي السعودي.

قد يعجبك ايضا