الملكة بلقيس اليمن بين ((التناسي والنسيان))

علي عباس الأشموري
مخترعات الإنسان كثيرة وكبيرة.. ولكني أعتقد أن التاريخ هو أعظم وأعز مخترع ذلك لأنه المقياس الحقيقي لمنجزات الأفراد وحضارات الشعوب وسجَّلها الذي لا يغالط ولا يرحم.. وفي اليمن كانت الملكة بلقيس هي الملكة اليمنية الوحيدة الذي خلَّـد تاريخها القرآن الكريم..ولها وبها خُلد اسم دولة سبأ في قصة نفخر بها كل اليمنيين على مدى التاريخ اليمني ووسام شرف على صدر كل يمني قال تعالى ((نحن أولو قوّة وأولو بأس شديد )) ومنتهى التسليم والطاعة والتسليم المطلق لولي الأمر قال تعالى ((والأمر إليكِ فانظري ماذا تأمرين )) بل وسرد القرآن الكريم في سياق قصة مملكة سبأ الحضارة التاريخية والنهج الشوروي التي سابقنا به الأمم التي تتغنى بالديمقراطية اليوم. إننا نحن اليمنيون وتاريخ اليمن ونهجه الحضاري سابق لكل الأمم منذ ما قبل الميلاد قال تعالى: ((ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون )) وإن الفكر السياسي اليمني هو السباق قال تعالى: ((وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون )) وإن الدهاء الحربي والحنكة العسكرية لم تقتصر على القادة العسكريين فقط بل كانت فطنة الملكة وخوفها على أمن شعبها واستقراره هي الأهم و الأولوية الأولى، حيث ذكر القرآن الكريم على لسانها بقوله تعالى: ((إن الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ))صدق الله العظيم.
ولأن الأنظمة السابقة كانت أنظمة غير مستقرة ((نفعية)) ولا تمثل الشعب اليمني العظيم التاريخ والفتوحات..وإنها لم تكن تحترم الشعب اليمني ولا تضع مكانة لتاريخ عظماء اليمن وملوكها..
فقد وضعوا اسم الملكة “بلقيس” ملكة سبأ الحضارة والتاريخ وزوجة نبي الله سليمان بن داوود عليه السلام على “دار سينما” فقط في وقت كانت كلمة سينما أو مسينم تهمة.. وتطلق على الصعاليك أو ((الصيع)) باللهجة الدارجة،،
بدلاً من أن يرتفع اسم تلك “الملكة العظيمة” على اسم متحف كبير…أو جامعة حكومية كبيرة…أو مستشفى ضخم يخدم الناس ويخلّد اسم تلك الملكة التي فيها وفي تاريخها وحكمتها قرآن يتلى إلى أن تقوم الساعة..
كتفوا حكامنا المهووسين بالسياسة والكرسي بتخليد أسماء السياسيين والحزبيين فقط فقط..
فهل كانت التسمية “سينما بلقيس” يليق بملكة عظيمة..غلب منطق العقل لديها..على منطق القوة “الحرب” التي دعيت إليها..”نحن أولو قوة”.. وضربت بذكائها أروع الأمثلة في حقن الدماء والاستجابة لداعي الله..
بينما شارع كبير يمتد من عصر إلى باب اليمن يطلقون عليه اسم “الزبيري”.. يا سبحان الله..تسميات حزبية..بلا شك.
هل التقليل من مجد وتاريخ الملكة بلقيس..ومملكة سبأ مجرد صدفة أم أنها كانت تسمية لإعلان تجهيل الهوية التاريخية اليمنية ؟
فلاشك أن الملكة تاريخ عميق ضارب بجذوره في أعماق الأرض اليمنية والتاريخ والقرآن الكريم خير شاهد على ذلك…
وهنا ندعو الجهات ذات العلاقة بالعمل على إعادة التسميات كما يجب وبما يخدم المرحلة التي نحن بصددها..اليوم نواجه عدوانا عالميا شرسا وعلى مختلف المستويات..
فمثلا تسمية مناطق بأسماء تجار إقطاعيين امتصوا دماء اليمنيين طيلة سنوات ولم يرى المواطن منهم أي خير…شارع هايل شارع الرقاص شارع…. ؟؟؟
فتجد تسمية بعض المناطق بأسمائهم لمجرد وجود محلاتهم أو مكان سكنهم. وهذا لا ينبغي أن يكون لشعب ملئ بالعظماء والشهداء من قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله وفي سبيل سيادة وطن وكرامة شعب.
فمثلا تسمية حي بالكامل باسم شميلة فمن هو شميلة هذا.؟؟، جولة الرويشان ؟؟، سوق علي محسن، من هو علي محسن؟؟، شارع مطهر تقي.. من هو تقي ؟؟
وأنا هنا لا أقلل أو أستنقص من شأن أحد لا سمح الله وإنما أورد قضية للتأمل فقط..
والحقيقة أنً هناك عظماء ورجال لهم تضحيات وتريخ لا ينسى وهؤلاء فقط هم من يجب أن يكرموا وتخلد أسماؤهم بالفعل وليس فقط تسمية شارع باسمه أو مدرسة فقط…مثل حركة ١٣ يونيو حركة جماعية لها رموزها.
الشهيد الملصي أي شارع قد تم التسمية باسمه وهو “الفاتح” الذي دخل إلى العمق السعودي…
وكذلك الرئيس الصــّمــًاد أي حارة أو شارع قد تم التسمية باسمه وهو الرئيس الشهيد الذي أطلق شعار يد تحمي ويد تبني.
وكانت أول خطوة للتصنيع العسكري الذي رفع من شأن اليمن وقلب المعادلة..من تلقي الضربات..إلى توجيه القصف و الطيران المسيـَر لقصف العدو. في خاصرته.. هذه بطولات أدهشت العالم.. ألا تستحق أن تخّلد وتحفر في الذاكرة وفي الوعي الجمعي حفرا.. فكيف تحكمون ؟؟؟
هذا مجرد تساؤل لا أكثر نضعهُ بين يدي المسؤولين والجهات ذات العلاقة…
وبالعودة للملكة العظيمة “بلقيس” فإن بني سعود وقوم سجاح يستأجرون كتابا ومرتزقة.. يكتبون أن الملكة بلقيس أساست مملكتها في اليمامة أو في داخل حدود المملكة.. وإن سبأ هو تاريخهم هم.. وأنا هنا لا يهمني ما يكتبون.. ولكن من خلال قصفهم للمواقع الأثرية واستهدافهم للمتاحف ولكل ما هو يمني..فلا تستبعدوا مثل هذه المؤامرة على التاريخ اليمني العريق والضارب جذوره في أعماق التاريخ…ولا تستبعدوا أن يستعينوا بمؤرخين مستأجرين ومهلوسين وبياعين ذمم وضمائر من مصر العروبة للأسف و قد يضللون على الأجيال الصاعدة.. مستقبلا بفتاوى مسبقة الدفع من الأزهر الشريف للأسف للأسف.
فهل يمكن أن ننقذ تاريخنا ونسجل معلما تاريخيا كبيرا تحفظه أجيالنا الصاعدة وتطلق عليه التسميات والمسمايات..ويحدد وينشر للعالم كمعلم تاريخي نعتز به وننشره على الخرائط الإلكترونية..والتصوير الجوي وعبر “القوقل”.. باسم هذه “الملكة العظيمة”.. أتمنى أن تعي وزارة الثقافة ذلك.. وتعمل على تحقيقه..إذا كنتم تريدون أن تدخلوا التاريخ وتحفظونه بالفعل.. وأنا أرى أن يتم إلغاء جامعة الإيمان وأن يتحول مبناها وأرضيتها لتكون نواة لجامعة الملكة بلقيس.. وعلى الله قصد السبيل.

قد يعجبك ايضا