أمــــريــكــا ليست قَدَرَاً
عبدالله الأحمدي
الانهزاميون والفاقدون للثقة بأنفسهم وبشعوبهم يحيلون كل ما يحدث في العالم إلى الأمريكي، ويضخمون قوة أمريكا وكأنها إله يصنع اقدار الناس والشعوب، وكل شيء عندهم يحدث بموافقة ورضا الأمريكي وأي نصر، أو ثورة تحدث هنا أو هناك لا يكونون فيها، أو لا ترضيهم هي بضوء اخضر من الأمريكي، ويتغاضون عن هزائم أمريكا في العالم وتاريخها الأسود في حق كثير من الشعوب.
وفي الحقيقة إن أمريكا هي مجموعة شركات النهب والاستغلال والتآمر والبنوك الربوية، محمية بجيوش وحلفاء الرأسمالية المتوحشة.
فلاح فيتنام هزم أمريكا، وهي في اوج قوتها، وقبلها هزم فرنسا ومرغ بسمعة الأمريكي في الوحل. ولازالت آثار الهزيمة تدوي في كل بيت. اللبنانيون هزموا المارنز الأمريكي في بداية ثمانينيات القرن الماضي.
كوبا الواقعة على بعد 90 كيلو متراً من مدينة ميامي الأمريكية صمدت في وجه الحصار الأمريكي لأكثر من خمسين عاما، بل وهزمت المرتزقة الأمريكان في معركة خليج الخنازير.
الشعب اليمني وفي مقدمته انصار الله ومعهم أحرار وشرفاء اليمن هزموا أمريكا ومعها 17 دولة في تحالف العدوان الشرير على اليمن واسقطوا أحدث طائراتها المسيرة، بل أبطلوا فاعلية الباتريوت في مملكة العدوان. الصوماليون سحلوا جنود الاحتلال الأمريكي في الشوارع.
الشعوب عندما تمتلك ارادتها وتدافع عن قضاياها العادلة لا تهزم.
أما أولئك الذين تتضخم في نفوسهم قوة أمريكا ربما لا يقرأون التاريخ، ولا يحللون الجانب الاقتصادي لأمريكا.
الاقتصاد الامريكي قائم على بيع أوراق الدولار، فقد نكثت أمريكا بالاتفاقات العالمية حول تغطية الدولار بالذهب، وأصبحت تبيع للعالم الاوهام.
كان فوكو ياما مفكر الرأسمالية الأمريكية يبشر بأن القرن الواحد والعشرين هو قرن امريكي بامتياز، لكن الوقائع كذبته ابتداء من الازمة المالية في العام 2008 عندما افلست كثير من البنوك نتيجة الرهون العقارية، مما اضطر الإدارة الأمريكية إلى التدخل ودعم هذه البنوك متخلية عن المبدأ الرأسمالي (دعه يعمل دعه يمر ..).
لم يعد القرن الواحد والعشرون قرناً أمريكياً بامتياز فالعملاق الصيني يقف شامخا متحديا أمريكا في طول وعرض الكرة الأرضية وفي عقر دارها، مما اضطر الإدارة الأمريكية إلى محاولة تحجيمه من دخول الأسواق الأمريكية برفع التعرفة الجمركية على الواردات الصينية إلى الاسواق الأمريكية، ثم افتعال المشاكل لأكبر شركة اتصالات صينية هي العملاق ( هوا واي ).
الكثير من الذين يضخمون أمريكا إما انهم منساقون وراء الاجندات الأمريكية، او انهم لم يقدروا فعل العوامل الداخلية المؤثرة في أي قضية.
فالعلم الاجتماعي يقول لنا ان العوامل الخارجية تأتي في المرتبة الثانية بعد العوامل الداخلية. العوامل الداخلية هي التي تصنع الانتصار في أي قضية.
كان منظرو الإدارة الأمريكية يحلمون بسيادة القطب الواحد، لكن وقائع التحولات احرمتهم من هذا الحلم، فكسرت القطبية الواحدة بأقطاب عدة.
المشاريع الأمريكية تبدو مهزومة، وبالذات في الشرق الأوسط رغم الدعم المالي الذي تقدمه دول البتر/دولار. تبدو أمريكا في منتهى التخبط تارة بفرض العقوبات على الأنظمة التي لا تسير في ركابها، وأخرى بالتدخلات في شؤون تلك الانظمة.
الجمهورية الاسلامية الإيرانية مرغت وجه الأمريكي القبيح في الوحل من خلال إسقاط أحدث الطائرات المسيرة دون أن تجرؤ القوات الأمريكية وحلفاؤها على إطلاق رصاصة واحدة.
نقول لمن يعتبرون أمريكا قوة لا تقهر تريثوا قليلا في إصدار الأحكام واستعيدوا الثقة بأنفسكم وبشعوبكم، فالعصر الأمريكي في طريقه إلى الزوال والقوة الأمريكية بدأت بالتآكل. وكما قال المرحوم ماو تسي تونغ : (الامبريالية نمور من ورق ).