> نعمة سالم: زوجي مستمع غير أنني تعودته
>حنان صالح: زوجي لا يطيق الصمت!
>نجاة حميدان: نختلف أحيانا في تحديد الطرف الأكثر كلاماٍ
تكلم كي أراك تلك هي الحكمة الصينية ولسان حال الكثير من الزوجات.. فالمرأة تأنس بصوته وهو يقبل دور الزوج ويعتذر عن دور الأنيس ولكن هي تؤمن بأن الملل أخرس وبينما هو يؤكد ويقسم أن الصمت ليس دليل زهد والحب ليس دليله الكلام.
هي تفسر صمته بأن لديه ما يخيفه عنها ولكن يبدر هو صمته بأن لديه ما يخيفه عنها ولكن هي تشكو صمته وهو يقول إنها السبب… كل منهما يتهم الآخر حتى يعشش الصمت على مدارج الكلام.. ولكن بعض الأزواج يفْضل أن يغرد خارج البيت ويصمت فيه.. نحن من خلال “الأسرة” نكشف اللثام عن تلك الأسباب التي تقف وراء صمت الأزواج ونقدم بعض اعترافات الأزواج فإلى تفاصيل أكثر:
اعترافات أزواج صامتين
خروجاٍ على قواعد “الاتيكيت” نبدأ بالأزواج لمعرفة آرائهم هذا لسان حال حسين دعبوش متزوج منذ عشرة سنوات كلمات ممهورة بالاعتراف التالي قائلاٍ:
اعترف بأنني لست من الأزواج المتكلمين إلا إذا كان هناك ما يستدعي الكلام.
وبصراحة كثرة الكلام صفة أنثوية دافعها الفضول والشخص كثير الكلام فضولي غالباٍ يريد أن يعرف أخبارك عن طريق الاستدراج وهي مناورة تلجأ إليها الزوجات الأزواج يعرفون ذلك جيداٍ وهذا يفْسر ميل كثير منهم إلى الاقتصاد في الكلام.
ماذا بشأن زوجته¿
كثير من الثقة قليل من التفهم والصبر ثلاثة مفاتيح ضرورية لاحتواء مشكلة الزوج الصامت ذلك هي تجربة شخصية تعيشها نعمة سالم منذ 30 عاماٍ تقول زوجي قليل الكلام يميل بطبيعته إلى دور المستمع لا المتكلم غير أنني تعودته على الرغم من أنني متكلمة ولا أعدم وسيلة لخلق حوار في البيت إلا أن نظره إلى المستقبل تظهر قلقاٍ يلوح في الأفق كما تراه نعمة قائلة: سألت أكثر من مرة عن حالي عندما يكبر الأولاد ونصبح أنا وزوجي وحيدين في البيت ولا أجد من أتحدث إليه هذا يقلقني عزائي أنه لا يزال في الوقت متسع.
نذير خطر ولكن!
كيف تفسر المرأة صمت زوجها ومتى تعتبره نذيراٍ خطيراٍ¿!
ترى نعمة سالم أن الأغلبية العظمى من الزوجات يملن إلى تفسير صمت الزوج بأن لديه ما يخفيه عن زوجته أو أن تغيراٍ ماطرأ على مشاعره نحوها هذا إذا كان صمته عارضاٍ وليس عادة أصيلة لديه فالإنسان ربما يكون قليل الكلام وفي الوقت ذاته هو صريح وواضح وزوجي من هذا النوع بيد أنه مهما اجتهدت حواء لتلميع صورة آدمها الصامت فالقضية محسوة مة أي زوجة تفضل زوجاٍ متكلماٍ> على الأقل كي يسمعها كلاماٍ حلواٍ مدى الحياة.
يحاول الأزواج رسم صورة جميلة لهم لتبرير الصمت.
فالمهندس سعيد طالب عمر يؤمن بأن الأساس الذي تْبنى عليه الحياة الزوجية هو التفاهم والحوار هو لب التفاهم لكن الزوج بحكم كثرة مشاغل وتراكم ضغوط الحياة يتوقع أن تكون الزوجة هي المبادرة لفتح الحوار كون البيت مملكة المرأة وكون المرأة هي الطرف الأكثر أهمية في البيت.
ولكن الأخت منال قاسم فهي بعد 45 سنة زواج تعترف قائلة: مضى على زواجي عشرين عاماٍ وإذا لم ابدأ الحوار مع زوجي فإنه يظل صامتاٍ مستغرباٍ في القراءة أو أمام الكمبيوتر وأرى مدى شهيته للكلام داخل البيت وخارجه بصراحة لدينا حالة صمت منزلي لكنني أشعر بالضيق أحياناٍ خصوصاٍ بعد كبر الأبناء وصارت هناك مساحة أكبر من الفراغ.
وأضافت قائلة: الميل إلى الصمت منحى ذكوري عام والعكس صحيح بالنسبة لنا النساء ففي بين يفضل الرجل حواراٍ مركزاٍ خطوط عريضة ونقاط رئيسية تظهر المرأة شغفا بالتفاصيل وميلاٍ نحو الاسترسال في الحديث هذا عدا عن أن المرأة نفسها أطول مع الحكي وعندها روح للأخذ والرد والأهم أنها تستمتع فعلاٍ بالكلام.
الصمت نادر عندنا
اسماعيل قاسم سعد القاسمي – متزوج منذ 28 عاماٍ وأحد الأزواج المتكلمين بحسب ما أفاد وأكدت زوجته نجاة ذلك تطرق قائلاٍ:
الحمد لله نحن لا نعاني مشكلة في هذه الناحية الكلام مع زوجتي يأتي طبيعيا مسترسلاٍ بغير تعمد ولا افتعال وهناك دائما موضوع للحوار يْسعدني ذلك واعتقد أنه أمر طيب.
هذا ما تؤكده زوجته نجاة حميدان قائلة:
فترات الصمت في بيتنا نادرة لأن زوجي متكلم جداٍ وأنا أيضا لدرجة أننا نختلف أحياناٍ في تحديد الطرف الأكثر كلاماٍ أنا أقول له أنت تتكلم أكثر مني وهي يقول لي أنت تتكلمين أكثر.
كونه استثناء لا يحمله على إنكار القاعدة إذ يعتقد أن صمت الأزواج مشكلة عامة تعانيها زوجات كثيرات إلا أن الأمر يتحول إلى أزمة حقيقية إذا كان الزوج يصمت داخل البيت بينما هو في الخارج كرمان يصدح ولكن الدفاع عن بني جنسه لازم أتوقع أن يكون صمت الأزواج نوعاٍ من رد الفعل تجاه ضغوط الحياة فهو لديه متاعب العمل وهي عندها هموم وطلبات البيت والأولاد ومع وجود اختلاف ولو بسيطاٍ في الآراء يكون صمت الزوج أحياناٍ بمثابة علاج وقائي لتجنب خلافات وأزمات تلوح في الأفق.
لكن يبدو أن نجاة حميدان لديها وجهة نظر مغايرة على نحو ما الكلام أحد أهم مفردات التعبير عن الحب وانقطاع الحوار يعد مؤشراٍ إلى جفاف المشاعر بل تذهب إلى أبعد من ذلك فالزوج الصامت لديه دائماٍ ما يخفيه وإلا ما سبب صمته¿!
أنه يعتقد أن قلة كلامه تحميه من زلات اللسان ومن عواقب زلات اللسان.
هروب من المسؤولية
يسأل المأمون عبدالله عبده عميرة متزوج منذ 13 عاماٍ قائلاٍ لا أعرف كيف تكون هناك زوجة وأسرة وأولاد ويكون هناك صمت داخل البيت¿
فالحوار المتبادل بين أفراد الأسرة يجب أن يكون سيد الموقف وبما أن الرجل رب الأسرة فإن أهل بيته أولى بكلامه من سواهم وتأتي شهادة زوجته حنان صالح لمصلحته تقول:
أنه لا يطيق الصمت يتحدث كثيراٍ ويقول كل ما يدور في خاطرة اعتبر ذلك ميزة كبرى.
ماذا في شأن الأزواج الآخرين¿!
تقول حنان صالح: أن المشكلة قائمة وأنها سبب في تعاسة زوجات كثيرات ولا نزال في معرض اجتهاد الزوجات في تفسير صمت الأزواج إذ تعتقد أن هؤلاء الأزواج يحتجبون وراء الصمت هرباٍ من المسؤولية.
كيف ذلك¿!
ترد حنان بالقول: أعتقد أن الزوج يتجنب الحوار مع زوجته هرباٍ من المسؤولية فهو مادام لا يتحاور إذن فهو لا يعلم ومادام لا يعلم فهو غير مطالب باتخاذ قرار يخص البيت والأولاد هكذا تفسر حنان المسألة: الهروب صمتا أو الصمت هروباٍ المهم أن الزوج يْقدم على الصمت بنية الهروب من المسؤولية.
هل يفعلون ذلك حقاٍ¿!
بعد سنوات على الزواج من البديهي أن تثمر العشرة فهماٍ أفضل وأدوات أقدر على التعبير هذا الفهم وتلك الأدوات الا يؤديان عادة إلى اختزال مساحة الكلام¿
الإصغاء أساس التواصل
أما انتصار ماهر متزوجة عشرة سنوات تقول: الزمن يفرض أنماطاٍ مختلفة من الحوار الزوجي أكثر تركيزاٍ وتعتمد مفردات أقل وصولاٍ إلى حوارات مختصرة على طريقة ما قل ودل وفي هذا ظلم للطرفين وطول سنوات العشرة بين الزوجين يْفسر لكنه لا يْبرر فتور الحوار بين الزوجين مهما بلغت درجة التواصل وفهم الطرف الآخر والقدرة على قراءته يبقى الحوار ركناٍ مهماٍ من أركان التواصل بين الزوجين ومؤشراٍ على حيوية العلاقة بينها.
وتؤكد انتصار القول أن هذا لا ينطبق على تجربتها الشخصية وتقول زوجي الذي يعمل دكتوراٍ بالجامعة محاور رائع يتكلم بحماسة في الموضوعات كلها حتى فترات الصمت الاستثنائية النادرة التي تصيبه بسبب ضغوط العمل والحياة يعوضها بكثير من الأحاديث المشوقة والممتعة.
فالصمت ابن شرعي لحوار زوجي فاشل هكذا يرى الدكتور
فالصمت نوعان هناك الصمت الزوجي الإيجابي والسلبي فالصمت الإيجابي يقصد به الاستماع للطرف الثاني بإنصات تام يتخلله إظهار علامات الانتباه والاهتمام وهذا النوع من الصمت الإيجابي يجعل الطرفين سعيدين في التحدث والإصغاء ويضمن درجة عالية من التواصل سواء أكان صمتاٍ أم حواراٍ.
كيف يولد الصمت الزوجي¿!
عندما يميل أحد الزوجين إلى الإنسحاب من دائرة الحديث والهروب من على منصة الحوار فهذا قد يفسر باعتباره أسلوباٍ وقائياٍ لتجنب نتائج الحوار معنى ذلك أن الطرف الذي يلجأ إلى الصمت إما أنه غير راضى أو غير مهتم بموضوع الحديث أو أنه يستشعر في طي الحديث مساساٍ بكيانه الذاتي مثل إدانة أو نقد جارح أو مقارنة جائزة أو مطالب تعجيزية عندما يكون الصمت السلبي الملاذ الوحيد.
غير أن القضية يلزمها تأن في إصدار الحكم لا أريد أن يفهم أن الطرف الأكثر كلاماٍ على حق والأقل كلاماٍ على خطاء فالعلاقة الزوجية شراكة تامة بين طرفين هذه الثنائية المتشابكة يصعب معها تحميل طرف واحد المسؤولية بمفرده.
فالعلاقات المشتركة تفرز نتائج وتبعات مشتركة والنتائج والتبعات المشتركة توجدها مسؤوليات مشتركة فالتسليم بأهمية الكلام لا يمكن اعتبار قلة الكلام نهاية العالم إذ أنه يتعين على كل طرف تقدير الطرف الآخر تفهم الظروف التي يمر وطبيعة تأثيرها في مزاجه ومشاعره وفهم الأساليب والطرق غير اللفظية الأخرى التي يْعبر بها الشريك عن الحب والتقدير والاحترام مع عدم التركيز على صغائر الأمور وإعطاء الأولوية للعوامل الجوهرية والمفيدة في العلاقة.
فروق بيولوجيه
إن تفسير صمت الأزوج يرجع إلى فروق بيولوجية بين الأناث والذكور وسرعان ما توالت الدراسات العلمية التي توافق هذه النظريات هناك دراسة استرالية أظهرت أن الجزء من المخ الذي يستعمل في الحديث والحوار أكبر بمقدار يتراوح بين 20 و30٪ لدى النساء مقارنة بالرجال.
وأرجع الباحثون سبب تفوق كثير من الإناث على الرجال في المهارات اللغوية وطلاقة اللسان والقدرة على الحفظ وفهم التلميحات التي تحويها التعابير اللفظية والإيماءات إلى هذا السبب التشريحي.
وعلى ذمة أحد الباحثين الألمان فإن الرجال يوقفون نشاط الناحية اليسرى من المخ بعد العمل فبينما يظل النصف الأيمن من المخ نشطاٍ خلال الأنشطة اليومية يقدر النصف الأيسر أنه نال كفايته من الحديث على مدار اليوم مفسرين بذلك شكوى النساء من أن أزواجهن لا يتحادثون معهن في المساء.
ولكن هناك نوع من النساء أقدر على الكلام لمدة أطول بينما الرجال أقدر على الكلام بصوت أعلى أو أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بأوراح الحبال الصوتية في حين أن النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض الوهن الصوتي فروق من هذا النوع تبقى واردة في ظل أسباب عديدة منها تفاوت التركيبة الهرمونية لدى الجنسين فضلاٍ عن التدخين.
ولكن من الاجحاف تفسير صمت الأزواج على نحو سلبي دائماٍ إذ يمكن أن يْعتبر سلوكاٍ طبيعيا بعد أن يكون الزوج قد استهلك كل طاقاته وقواه في العمل أو تعبيراٍ عن الاحتجاج على أمرما وانسحابه من الحوارات الزوجية ليس إلا مناورة لتجفيف منابع الخلاف.
ويرى الدكتور إبراهيم جابر هبه – استشاري علاج المرض النفسي أن الحل في عقدة لسان الزوج الصامت أولها أن تتحلى الزوجة بصفة الإبداع والتجديد في الحوار وألا تجعل المسائل الحياتية الموضوع الرئىسي للحوار وأن تختار الوقت المناسب ولا تلجأ إلى أسلوب الاستنطاق مع زوجها ويحذر من تصعيد أي حوار إلى نقطة التحدي لأنه بوصول الحوار إلى هذه النقطة يؤثر الطرف الأضعف الانسحاب من الحوار هذا الطرف ليس في حاجة إلى بيان.