لابد من إعادة الاعتبار للأهداف السامية والنبيلة للثورة اليمنية


لم ينظر بإنصاف للمناضلين وأسرهم وكأنهم أرقام سقطت سهواٍ من سجلات الوطن

المناضل إبراهيم عبدالله صعيدي- عضو مجلس الشورى التحق بركب حركة التحرير الوطني جنوب الوطن سابقاٍ في مراحل مبكرة من عمره اشتغل في القطاع الشعبي أحد أهم روافد الجبهة القومية وكان له شرف الإسهام والمشاركة المباشرة في الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني.
أشرف مع ثلة من رفاق السلاح على توجيه وإدارة عملية المقاومة المنطلقة بمدينة كريتر أصيب مع من أصيب من رفاقه واستشهد منهم الكثير وكتبت له النجاة .
واليوم يسرد لنا المناضل إبراهيم صعيدي بعضاٍ من تلك المرحلة والكثير عن هموم واقعنا الراهن .

• ثورة 14 أكتوبر تطفي شمعتها الخمسين هل تستطيع القول أن ثورة أكتوبر اليوم قد نضجت إلى الحد الذي عانقت معه كل أهدافها أم أنها في مرحلة انحسار سيما أن استحضرنا نهوضها كثورة قد جاء على رافعة الوحدة اليمنية ¿
– لنتحدث في البداية عن واحد من الأهداف الرئيسة والأساسية لثورة أكتوبر الوحدة اليمنية الهدف النبيل الذي تحقق في العام 1990م لماذا¿ لأننا الآن نواجه بعض المصاعب والإشكالات إلا أنها -أي ثورة سبتمبر و أكتوبر- قد نهضت على أساس مشروع واحد وهو التخلص من الإمامة من الشمال والمستعمر من الجنوب لإفساح المجال لهذا الحلم أن يصبح حقيقة.. هذا الحلم الذي ظل ردحاٍ طويلاٍ من الزمن يراود مخيلة كل أبناء اليمن .
أما في سياق الإجابة العامة عن سؤالك أقول : هناك الكثير من الإخفاقات التي واكبت المرحلة بعد الاستقلال ولا يستطيع أحد أن ينكرها وهي نفس الأخطاء التي حصلت في شمال الوطن بعد الثورة وهي الإخفاقات التي كان لها الباع والذراع في تأخير إنجاز مشروع الوحدة وأعتقد أنها ذات الإخفاقات التي ظلت تلقي بظلالها حتى بعد تحقيق حلم الوحدة لنجد أنفسنا نواجهه هذه المشاكل التي تهدد وحدتنا الآن .
في المجمل علينا أن نعيد الاعتبار لثورتينا سبتمبر وأكتوبر وإلى الأهداف السامية والنبيلة الأهداف التي تأسست عليها الثورتان لنعيد ترتيب البيت اليمني من جديد وفق أسس سليمة وواضحة تضمن بقاء اليمن واحداٍ موحداٍ .
وأنا هنا أجدها فرصة من خلال جريدة الثورة الغراء لأناشد جميع اليمنيين دون استثناء أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الوطن أولاٍ وأن يملأوا قلوبهم بحب اليمن ليحرصوا كل الحرص على وحدة يمننا أياٍ كان شكل هذه الوحدة كما أناشد جميع الأطراف خصوصاٍ تلك التي يجمعها سقف واحد وهو الحوار الوطني الشامل ان يتنازل بعضهم لبعض فلا عيب أن يتنازل الأخ لأخيه من أجل قضية سامية وعظيمة كقضية الوحدة .
وأضاف: نريد منهم أن يسطروا مآثر تلوكها – بإعزاز وإكبار – ألسن الأجيال القادمة خصوصاٍ وأن مشروع الوحدة اليمنية لم يأت من فراغ بل جاءت نتيجة تضحيات قدمها اليمنيون قرباناٍ على مذبح وحدتهم .
المصير المشترك
• هل أفهم من كلامك أننا في مرحلة تنكر لأهداف ثورة 14 أكتوبر أم أنها مسألة عارضة ستزول بزوال مسبباتها ¿
– لا أغالي هنا أو أكون متحيزاٍ إن قلت بأن قضية الوحدة كانت هي المنهل والوقود الذي شحذ الجنوبيين بالإرادة والقوة خلال حقبة الكفاح المسلح الأمر الذي كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى لتحرير الجنوب من الاستعمار وهي الوحدة التي استمرت راية تعلو ولا يعلى عليها في الجنوب كل الجنوب منذ ما بعد الاستقلال وحتى تحقيق الوحدة علينا ألا ننسى أن الجنوب كان حاضنا وملاذاٍ آمناٍ لكل أبناء اليمن ولا أكثر دلالة من الاستشهاد بالعديد من الزعامات التي تبوأت أعلى المناصب السياسية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية أيضاٍ والقضائية والإعلامية وصولاٍ إلى أعلى مراتب سلم السلطة في الجنوب قبل الوحدة وكان من أبناء شمال الوطن سابقاٍ وهل علينا أن نذْكر بالنشيد الوطني بجنوب الوطن سابقاٍ الذي تغنى بالوحدة وتبناه الجنوب وكان مؤلفه وملحنه من شمال الوطن سابقاٍ لهذا كله أنا متفائل بأنه سيكون هناك مخرج لما نحن فيه اليوم مخرج يتفق عليه الجميع ويضمن للجميع المواطنة المتساوية تحت سقف الوطن الواحد والمصير المشترك .
لابد أن يصحِح
• ما الذي يمكن أن تستحضره ذاكرتكم من تفاصيل ظلت غائبة أو مغيبة من سجلات هذه الحقبة التاريخية والمفصلية من تاريخنا المعاصر ¿
– دعنا نتفق أولاٍ أن تاريخ الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ينبغي أن يعاد كتابته من جديد بصورة محايدة بعيدة كل البعد عن التحيز أو التعصب الكثير من تاريخ الثورة في اليمن تم إخفاؤه أو تهميشه بقصد وعن سابق إصرار وتعمد بعض ممن لا يزال يتحدث عن دوره في الثورة لا يزال يصر حتى اللحظة على إقصاء دور الآخرين لا أريد أن أسمي أو أحدد فأنا لست في معرض توزيع الاتهامات أو منح الأوسمة والنياشين لهذا سأتحدث بصيغة عامة وسآخذ استشهاداٍ لثورة الـ14 من أكتوبر أنظر مثلاٍ الحديث اليوم عندما يتم استحضار ثورة 14 أكتوبر فإنه يتم التركيز على الجبهة القومية مع أن الجميع كافح والجميع قدم التضحيات من الجبهة القومية إلى جبهة التحرير إلى التنظيم الشعبي جبهة التحرير مثلاٍ بجناحها المسلح التنظيم الشعبي لم يحظ العديد من قياداتها بالاهتمام الذي يفرضها تاريخها النضالي ضد المستعمر وهي حتى اليوم لم يعد إليها اعتبارها هذا خطأ كبير لابد أن يصحح بالنسبة لي لا أستطيع أن أتحدث عن نفسي ولا عن زملائي الذي اجترحوا معي شرف النضال واستشهد منهم الكثير ولم يعطوا حقهم أو ينظر بإنصاف إلى أحوال أسرهم وكأنهم مجموعة أرقام سقطت سهواٍ من سجلات أو من حساب الوطن مع أنهم كان لهم الفضل الأول والأخير بعد الله سبحانه وتعالى في إنجاح ثورة أكتوبر وإنجاز مشروع الاستقلال الوطني في جنوب الوطن سابقاٍ .
رؤية متكاملة
• كواحد من المناضلين الذين امتشقوا السلاح طريقاٍ للخلاص من المستعمر البريطاني ألا تشعر أن واقع الثورات اليوم ينتقص من قيمة حقبة الكفاح المسلح بل لربما يسفهه أيضاٍ ¿ أم أن لكل دولة زمناٍ ورجالاٍ ¿
– سأبدأ من حيث انتهى سؤالك وأقول: بالفعل لكل زمن دولة ورجال وواقع الثورات اليوم لا ينتقص أو يسفه من واقعها بالأمس بل هو يقرأ جيداٍ طبيعة واقعه وأرضية معركته الثورات السلمية اليوم هي المسلك الضامن لإحداث التغيير المهم أن تكون الرؤية مكتملة لدى الشباب وأن يقرنوا القول بالفعل وأنا أثني على صدق رغبتهم في التغيير المهم أيضاٍ أن يخلصوا النية إلى الأخير وأن يعتمدوا على الأهداف التي أسس عليها ثورتهم بديدن واحد ألا وهو الحوار سبيلاٍ واحداٍ ووحيداٍ لخلاص اليمن من كل مشاكله الحوار الصادق والمخلص لأنه وحده الكفيل بالحفاظ على منجز الوحدة العظيم وعلى بناء دولة مدنية حديثة تسود فيها العدالة والمساواة لأننا هنا فقط سنكتشف أن الوطن يتسع للجميع .
قضية سامية
• هل يعني هذا أنك متفائل بالنسبة للقضية الواحدة والمصير المشترك ¿
– أنا بطبيعتي أمقت طبيعة الإنسان المتحيز وأما إن كان علي أن أجد نفسي في يوم متحيزاٍ لشيء فهذا الشيء لم يكن إلا بمضمون عظيم وقضية سامية وهل هناك ماهو أكثر عظمة وأبلغ سمواٍ من قضية الوحدة الهوية الواحدة والمصير المشترك .
مفهوم الكفاح
• المعروف أن الهند هي أول من اعتمد مبدأ المقاومة السلمية وهي المقاومة التي أوصلت الهند إلى انفصال باكستان هل من المنطقي استدعاء هذا الشاهد وإسقاطه على واقعنا اليوم في اليمن ¿
– نعم كانت الهند أول من ابتكر مفهوم الكفاح الثوري السلمي بقيادة الراحل والعظيم (غاندي) انظر للهند مثلاٍ فيها ما يزيد عن مائتي ديانة بالإضافة إلى الثقافات واللغات المختلفة اليوم الهند هي واحدة من أسرع الدول في العالم وأكبر دولة ديمقراطية في العالم قياساٍ بتعداد السكان صحيح أن باكستان انفصلت عن الهند ولكن الهند أخذت على عاتقها مهمة الإصلاح الحقيقي وإحداث هذا الإصلاح بصورة دائمة ومستمرة في منظومة حكمها واليوم الهند أكثر تماسكاٍ من باكستان باكستان التي فقدت بعد وقت وجيز من قيامها كدولة جزءاٍ هاماٍ وحيوياٍ في نسيجها الجغرافي والبشري ألا وهي ( باكستان الشرقية ) بنجلادش أما الهند بالرغم من التعدد والتنوع الأثني والعرقي فيها وبالعدد الذي كان ليقصم ظهر أكثر الدول تقدماٍ ورقياٍ في العالم مع هذا نجد الهند اليوم أكثر تماسكاٍ وقوة بفضل ما أجرته من إصلاحات جعلت منها دولة ديمقراطية اتحادية فيدرالية تتلمس طريقها إلى مصاف الدول الكبرى في العالم .
في تجربة الهند علينا أن ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ لا الفارغ وعلينا ان نتخذ من هذه التجربة عبرة لنا في اليمن .
تراتب نسبي
• لحظت أنك أغفلت الحديث عن دور أبناء المناطق الشمالية في سياق ذكرك الفصائل التي تولت مهمة الكفاح المسلح في الجنوب ضد المستعمر البريطاني ¿
– أنت الآن تتجنى علي – وهنا كخاتمة لهذا الحوار وفصلاٍ للخطاب – فقد أشرت في معرض إجاباتي السابقة إلى أبناء الشمال الذين تبوأوا أعلى المناصب في الجنوب لم تكن لتفرد لهم هذه المساحة من الحركة لو لم يكن لهم دور رئيسي في الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأزيدك من الشعر بيتاٍ أنظر مثلاٍ إلى ثورة سبتمبر لم يكد يمضي عليها ما يزيد عن العام بقليل إلا وقامت ثورة الـ14 من أكتوبر وأعتقد أن هذا التراتب النسبي في زمن الثورتين يقطع بدلالته على وجود التأثير القوي للشمال سابقاٍ في ثورة الجنوب كما إنه إحدى أهم الدلالات الضاربة في أعماق إنساننا وأرضنا لتذكرنا بهويتنا الواحدة والمصير المشترك .
أكثر إلحاحاٍ
• هل أفهم الآن أنك قد أقفلت هذا الحوار ووضعت له الخاتمة من دون كلمة أخيرة ¿
– أنا لم اقفل الحوار ولم أضع له خاتمة ولكني أفرغت لك الممكن والمتاح مما في جعبتي والحوار لا يقفل ولا ينتهي حتى وإن أفضى إلى حل جميع المشاكل لأن الحوار يصبح بعدها أكثر إلحاحاٍ من ذي قبل حتى لا تواجهنا أي مشاكل أخرى فأنا لم أقفل الحوار وإنما أفسح المجال لغيري حتى يدلي بدلوه .

قد يعجبك ايضا