شاركت في التحضير لتفجير الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان بقيادة الشهيد راجح لبوزة


حاوره / صلاح سيف –
المناضل قاسم بن قاسم الهلالي واحد من المناضلين الذين انخرطوا في وقت مبكر في العمل الفدائي أثناء الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني , ورغم تقدمه في السن إلا أنه مازال يمتلك ذاكرة حية ومتقدة , فمازال ملماٍ بمعظم تفاصيل الكفاح المسلح والتحضيرات التي سبقت ثورة 14 أكتوبر فهو ثائر و قارئ ومتابع جيد ولديه قدرة على التفسير والتحليل وقراءة ما وراء الأحداث صحيفة «الثورة» التقت بالمناضل قاسم الهلالي وطرحت عليه عدداٍ من الأسئلة المتعلقة بتفجير الشرارة الأولى لثورة 14أكتوبر والأحداث التي رافقت مسيرة الثورة إضافة إلى كيفية انضمامه لحركة القوميين العرب فإلى تفاصيل الحوار:

الانضمام لحركة القوميين العرب
• كانت بداية الحديث مع المناضل قاسم الهلالي من حيث الخطوة الأولى في طريقة النضالي وبداية انشغاله بالعمل السياسي وكان ذلك في عام 1960م عندما كان مغتربا في دولة الكويت الشقيقة حيث انضم المناضل قاسم الهلالي إلى حركة القوميين العرب وكان عضوا في الحركة على المستوى القومي وتمت عملية استقطابه لعضوية الحركة في الكويت عن طريق شخص فلسطيني اسمه محمد إسماعيل الفلسطيني.
نداء السلال ورغبة الدفاع
عن ثورة 26سبتمبر
يقول المناضل قاسم الهلالي أنه بعد ثورة 26 سبتمبر لم يستطع البقاء في الكويت على الرغم من مغريات البقاء هناك لأن هناك دافعاٍ أقوى من المال وكان له حافز وإغراء أكبر من إغراءات الدينار الكويتي وهو نداء الوطن , ولذلك يقول المناضل قاسم الهلالي عندما سمعت نداء المشير عبدالله السلال عبر إذاعتي صنعاء وصوت العرب يناشد فيها أبناء الشعب اليمني في الخارج لتلبية نداء الوطن في الدفاع عن ثورتهم التي تتعرض لمؤامرة خارجية وداخليه من قبل القوى الرجعية بهدف إجهاضها لم أستطع البقاء في الكويت وعدت إلى أرض الوطن استجابة لنداء الرئيس السلال من أجل الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر من المؤامرة التي تتعرض لها من قبل القوات الملكية والرجعية.

المشاركة في الدفاع عن 26سبتمبر
بعد العودة إلى صنعاء شارك المناضل قاسم الهلالي في الدفاع عن ثورة سبتمبر وتنقل في جبهات القتال المختلفة في جبال الحيمتين الداخلية والخارجية وجبل النبي شعيب وعصيدة والجوف وجبال المحابشة وكان ضمن سرية 16 تحت قيادة الضابط المصري حسين السكري.
الدورات العسكرية
يقول المناضل قاسم الهلالي أنه لم يتلق أي دورات عسكرية وتدريبية على استخدام السلام قبل المشاركة في الدفاع عن ثورة 26سبتمبر ولا بعدها باستثناء حصوله على دورة نظرية عندما كان في الكويت نظمتها حركة القوميين العرب لكنها لم تكن دورة عسكرية بمعنى الكلمة ولكنها كانت دورة تدريبية حول كيفية العمل الفدائي, ولذا يقول المناضل قاسم الهلالي: عندما كانت القوى الملكية تقصفنا بالذخيرة الثقيلة من الجبال كنا نشاهد الجنود والضباط المصريين ينبطحون على الأرض عند سماعهم أي انفجار أو صوت طلقات نارية بينما كنا نحن اليمنيين المشاركين معهم في بداية الأمر نجلس واقفين فاتحين ثغورنا «مقعيين» ومتعجبين لماذا ينبطح الجنود المصريون¿ ولذا كانت الخسائر كبيرة في الأرواح في صفوف القوات الشعبية اليمنية , لكنهم مع مرور الأيام تعلموا الانبطاح والتعامل مع السلاح الثقيل من القوات العربية المصرية , يؤكد المناضل قاسم الهلالي أن أعضاء حركة القوميين العرب الذين كانوا في عدن حصلوا على دورات تدريبية على استخدام مختلف الأسلحة وحرب العصابات حيث كان يتم إرسالهم إلى صالة في مدينة تعز ليتم تدريبهم علي أيدي القوات العربية المصرية ثم يتم إرسالهم إلى جبهات القتال للدفاع عن ثورة 26سبتمبر وكان هذا قبل تشكيل الجبهة القومية.

الانضمام للجبهة وبداية التحضير للكفاح المسلح
يقول المناضل قاسم الهلالي: إن بداية انضمامه لصفوف الجبهة القومية كعضو تنظيمي كان يوم إعلان تأسيسها في يوم 16 أغسطس 1963م ولذلك يؤكد المناضل الهلالي بأنه كان موجودا منذ البداية في عملية التحضير للكفاح المسلح الذي بدأ عام 1963م لكن قبل إعلان الكفاح المسلح تم تشكيل لجنة تحضيرية في دار السعادة بصنعاء في/ 5 / فبراير 1963م وفي 13 /مارس 1963م قدمت اللجنة التحضيرية تصوراٍ عن الكيفية التي يجب أن نسير عليها واستمرت عملية التحضير للكفاح المسلح حتى تاريخ 16/أغسطس 1963م أعلنا تأسيس الجبهة القومية بعد توحيد ست فصائل .
قوام اللجنة التحضيرية للكفاح المسلح
يشير المناضل قاسم الهلالي أن قوام اللجنة التحضيرية تشكلت من 11شخصاٍ وكان على رأسهم بخيت مليط وعبدالله محمد الصلاحي , والدقم , والفاطمي , والسيد ناصر السقاف, ويؤكد أن الشهيد فيصل عبداللطيف لم يكن موجوداٍ في اللجنة التحضيرية لأنه كان هو وقحطان الشعبي قائدين ومسئولين عن العلاقات الخارجية والعمل السياسي ولم يكونا متواجدان إلا أثناء المهمات الكبيرة.

الفصائل التي تشكلت منها الجبهة القومية¿
وفيما يتعلق بالفصائل التي تشكلت منها الجبهة القومية أثناء التأسيس في أغسطس 1963م يؤكد المناضل الهلالي بأن الجبهة تشكلت من ست فصائل رئيسية وهي – حركة القوميين العرب – تشكيل الضباط والجنود – وتشكيل القبائل في ردفان بقيادة لبوزة – وجبهة الإصلاح اليافعية – والجبهة الوطنية الناصرية ومنظمة جنوب اليمن الثورية .

تحديد موقع المعركة الأولى مع الاستعمار
– ويشير المناضل قاسم الهلالي أن تحديد موقع انطلاق الشرارة الأولى ضد الانجليز كان يعد من أهم الأولويات بالنسبة للجبهة التحضيرية ولذلك رجعت اللجنة التحضيرية وعملت على تحديد المناطق التي كانت تحت سيطرة الاستعمار البريطاني باستثناء يافع ومنطقة وادي تيم بردفان ومنطقة حالمين فهذه المناطق لم يكن فيها انجليز ولا مركز انجليزي , لأنها كانت مناطق جبلية وعرة وما استطاع الاستعمار أن يشق لها طريقاٍ ومن جهة ثانية كانت تعتبر مناطق قبلية كلما حاولت قوات الاستعمار أن تشق طريقاٍ فيها يتم مهاجمتها وضربها .. هذه العوامل ساعدت اللجنة التحضيرية على اختيار موقع انطلاق الثورة , فوقع الاختيار على منطقتي يافع وتيم بوادي ردفان , لتكون موقع انطلاق الثورة , ولأن يافع كان فيها حقول البن وقصور وخوفا على تدمير القصور وحرق حقول البن من قبل قوات الاستعمار , تم اختيار منطقة تيم بردفان بناء على اقتراح من قحطان الشعبي كونها كانت أكثر قربا للشمال وذلك من اجل تسهيل نقل الجرحى والمصابين للعلاج في الشمال , وعلى ضوء هذا الاختيار كان تشكيل القبائل وعلى رأسهم الشهيد راجح غالب لبوزة من نفس المنطقة وعلى أساس ذلك تم تفجير الثورة ضد الاستعمار البريطاني انطلاقا من أراضي ردفان بقيادة الشهيد راجح غالب لبوزة وفي يوم 13 أكتوبر 1963م انفجرت الشرارة الأولى .
عملية منظمة ومدروسة مسبقا
وفيما يتعلق بتفجير الشرارة الأولى لثورة 14أكتوبر يؤكد المناضل قاسم الهلالي أن تفجير ثورة 14أكتوبر تم وفقا لعملية مدروسة ومرتبة مسبقا من قبل قيادة الجبهة القومية وليس كما يطرح البعض بأن قيادة الجبهة القومية استغلت حادثة استشهاد لبوزة يوم 13أكتوبر 1963م بإعلان يوم 14 أكتوبر بداية الثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن ويضيف المناضل الهلالي: المعركة الأولى في ردفان كانت وفق عملية مدروسة ومنظمة بشكل دقيق ولم تكن صدفة ويتساءل عن أي صدفة يتحدثون فالمواجهة بين تشكيل القبائل بقيادة لبوزة والتحضير لمعركة ردفان بدأ في 5/ فبراير واستمر حتى أغسطس 1963م من قبل اللجنة التحضيرية فقد كانت تلك المرحلة كلها تحضيرية و في يوم 13أكتوبر 1963م حدثت المواجهة واستشهد راجح غالب لبوزة وفي نفس اليوم بالمساء وصل الخبر إلى مكتب الجبهة القومية في تعز حيث كنت متواجداٍ بمكتب تعز حينها وفي فجر يوم 14أكتوبر 1963م قمنا بإبلاغ القيادة العربية للقوات المصرية بتعز وكان حينها القائد هو المقدم صفوت الذي قام بإبلاغ قيادة الجبهة القومية في صنعاء وعند وصول الخبر إلى قيادة الجبهة في صنعاء أعلنت مباشرة بداية انطلاق ثورة 14 أكتوبر المسلحة ضد الاستعمار البريطاني .
توجهات غامضة وصراع قومي علي الساحة
– وفيما يتعلق بعلاقة الجبهة القومية بحزب الشعب الاشتراكي يؤكد المناضل قاسم الهلالي أن علاقة الجبهة القومية بحزب الشعب الاشتراكي في عدن والذي كان يقوده عبدالله الأصنج أمين عام المؤتمر العمالي كانت في صراع قومي مستمر على الساحة وهنا يشير الهلالي إلى أن توجهات حزب الشعب وسياسته في البداية كانت غامضة إلى حد ما فلم يكونوا بعثيين ولا ناصريين ولا قوميين وهذا الغموض مكنهم من اختراق بعض التنظيمات السرية في النقابات العمالية التي قادت الاحتجاجات ضد السياسة الاستعمارية في عدن , ولكن بعد إعلان الكفاح المسلح انكشف موقعهم لأن قيادة حزب الشعب لم تكن تؤمن بالكفاح المسلح أصلا ولكنها كانت تؤمن بقرارات الأمم المتحدة في الحصول على الاستقلال من الاستعمار البريطاني ويضيف الهلالي لقد أصدر عبدالله الأصنج كتاباٍ وصف فيها الثوار بالدراويش ..ورفض عملية الكفاح المسلح ضد قوات الاستعمار ولذلك كان هناك صراع داخلي مستمر في أوساط الحركة العمالية والساحة اليمنية بشكل عام.

حركة القوميين العرب لم تكن موحدة على مستوى اليمن
وفيما يتعلق بوحدة حركة القوميين العرب في اليمن يقول المناضل قاسم الهلالي أن حركة القومين العرب لم تكن موحدة على مستوى اليمن ولذلك كان لها فرعان وقيادتان على مستوى الشطرين حيث كان عبدالقادر سعيد هو مسؤول فرع الحركة في الشمال وكان مكتبها في تعز وفيصل عبداللطيف كان مسئول فرع الحركة في الجنوب ويضيف الهلالي قائلا: عندما عدت من الكويت إلى عدن ذهبت لفيصل عبداللطيف في الهاشمي فأرسلني إلى فرع الشمال إلى عبدالقادر سعيد في تعز حيث ذهبت إليه في فندق الوحدة بشارع جمال واستمر عبدالقادر سعيد مسؤولاٍ عن فرع تعز إلى بعد الاستقلال.
الاعتماد على فكر حركة القوميين العرب
وفيما يتعلق بالأدبيات التي كانت الجبهة القومية تعتمد عليها يقول المناضل قاسم الهلالي كانت الجبهة القومية تعتمد على كتيبات لحركة القوميين العرب مثل كتب ساطع الحصري و بعد الاستقلال صدرت كتيبات لجورج حبش ونائف حواتمة وحينها كانت الجبهة القومية تعمل على تنظيم دورات تثقيفية لأعضائها , لكن الهلالي يؤكد بلكنة ساخرة حقيقة لم أحصل على أي دورات تثقيفية فقد كنت أعتمد على الذات في تزودي بالمعرفة وأخذت ما يتناسب مع قناعتي وتوجهاتي.

قرارات مؤتمر جبلة
– وعن أهم القرارات التي خرج بها المؤتمر الثاني للجبهة القومية في جبلة والذي عقد بعد عملية الدمج القسري بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير يؤكد المناضل قاسم الهلالي أن مؤتمر جبلة خرج بقرارين مهمين الأول هو اللقاء بالقيادة العربية من أجل توضيح الصورة وقضية الظلم التي تعرضت لها الجبهة القومية من عملية الدمج القسرى التي فرضها صلاح نصر على الجبهة القومية .. والقرار الثاني هو العمل بفكرة التناسب بحيث تكون عملية الترتيب الوطني بإعطاء نسب لكافة القوى الوطنية كل حسب حجمه ودوره النضالي لكن صلاح نصر رفض القبول بما عرضته عليه قيادة الجبهة القومية وأصر على الدمج القسري ومصادرة نضال وتضحيات الجبهة القومية ومنحها لمنظمة التحرير وفرض قياداتها كقيادة عامة لجبهة التحرير كأمر واقع .
قرارات مؤتمر خمر
– يؤكد الهلالي أنه بعد رفض صلاح نصر لعروض الجبهة القومية وإصراره على الدمج القسري عقدت الجبهة القومية المؤتمر الثالث في خمر قرب قعطبة, واتخذ قرار الانسحاب من جبهة التحرير وأن قيادات جبهات القتال والعمل الفدائي هي من اتخذت قرار الانسحاب من جبهة التحرير بعد انتهاء المؤتمر في قعطبة ولذلك أصرت على قيادة الجبهة القومية على إعلان الانسحاب من جبهة التحرير في المؤتمر الثالث بخمر ويشير إلى أن علي عنتر ومحمد صالح مطيع كانوا أكثر قيادات العمل الفدائي الميداني إصراراٍ على الانسحاب من جبهة التحرير والعودة على الداخل بالاعتماد على الذات .

جبهة ردفان الشرقية ومخازن السلاح
– وفيما يتعلق بجبهة القتال التي شارك فيها المناضل قاسم الهلالي يؤكد أنه كان في جبهة ردفان الشرقية وعمل مسؤولاٍ عن السلاح كبديل عبدالسلام سيف الذي انتقل إلى جبهة الصبيحة بعد فتح الجبهة القومية لهذه الجبهة .

أصعب المواقف في جبهات القتال
يقول: أن أصعب المواقف التي واجهتها في حياتي أثناء الكفاح المسلح كان في جبل شعاب في صنعاء حيث توجهنا نحو جبل شعاب وكان في قناص تابع للقوات الملكية متحصن في أعلى الجبل وبينما كنا نسير في اتجاه الجبل كان القناص يطلق النار علينا من قمة الجبل ولأننا لم نتدرب على استخدام السلاح جيدا ولم نكن نمتلك الخبرة القتالية وحرب العصابات كان القناص يصطاد أعضاء السرية واحداٍ تلو الآخر حتى استشهد من سريتنا ستة أشخاص ونحن نتساءل ببراءة من الذي يطلق علينا النار , فقمنا باستدعاء بعض الجنود المصريين الذين كانوا معنا فاكتشفوا القناص متحصناٍ بأعلى الجبل خلف جدار وذلك باستخدام الناظور , فضرب عليه الجنود المصريون بقذيفة «آر بي جي « فخرج القناص من حصنه وفر هاربا وأطلقنا عليه مئات الطلقات لكنها لم تصبه فقمنا بملاحقته وقبضنا عليه في قمة الجبل حيث وجدنا كمية كبيرة من الذخيرة بجواره .

تأثيرات شخصية ولا عبادات أفراد
وعندما سألته عن الشخصية القيادية التي تأثر بها المناضل قاسم الهلالي أيام الكفاح المسلح رد سريعا حيث قال : بالنسبة لي لا تأثيرات شخصية ولا عبادات أفراد ثم شرد للحظات وكأنه طوى خمسين عاما في ذاكرته خلال تلك اللحظات متذكرا رفقاء السلاح ثم جاء رده .. كنت متأثراٍ أكثر بمناضلين جبهات القتال أمثال سعيد صالح ومحمد أحمد البيشي وقاسم عبدالله الزومحي وعبدالسلام سيف.

قد يعجبك ايضا