ملخص عن الحلقة الماضية
ثلاثة عشر بلاغاٍ وصلت من مواطنين إلى مركز شرطة علايه بالعاصمة صنعاء خلال ثلاث سنوات وهي عن تعرض أولئك المواطنين المبلغين لعمليات تهجم واعتداء وإطلاق رصاص ثم لسرقة بالإكراه لبعضهم من قبل شخص يدعى معروف وشركاء آخرين معه.. وتمت متابعة الشخص المذكور وضبطه عقب البلاغ الثالث وتم إرساله للنيابة والقضاء بعد استكمال محاضر الاستدلالات معه في القضايا الثلاث ولكنه لم يمكث كثيراٍ حتى أفرج عنه.. ثم تكررت البلاغات للمركز بعد إطلاقه ليصل عددها تباعاٍ إلى عشرة بلاغات وكان المدعو/ معروف مع عصابته التي يتزعمها من أشار إليهم الاتهام فيها وقد حاول رجال شرطة المركز الاجتهاد في متابعة أفراد العصابة وزعيمها لكن دون جدوى واستمر الحال كذلك حتى كان تعيين مدير جديد للمركز وهو الأخ/ توفيق الوجيه والذي تغيرت المعادلة بعد تعيينه.. وهاهي بقية الوقائع ومع أحداث الحلقة الثانية والأخيرة..
بعد تكرار وصول البلاغات تلك السابقة إلى مركز شرطة علايه وقبل يومين أو ثلاثة أيام من تعيين المدير الجديد وصل للمركز بلاغ حديث وهو من أحد الفنادق الكائنة بنطاق المركز وأفاد البلاغ أن المتهم المدعو/ معروف حضر الفندق حاملاٍ سلاحاٍ آلياٍ وكان برفقته شخص آخر وطلب المتهم استئجار غرفة للسكن بالفندق فطلب منه موظف الاستعلامات بالفندق إبراز بطاقته الشخصية وتسليم السلاح الآلي الذي معه إلى أمانات الفندق نظراٍ لأنه لا يسمح للسكن في الفندق بالسلاح فرفض المدعو/ معروف ذلك ورد بأن قام بالدخول إلى مكتب الاستعلامات وأشهر سلاحه إلى موظف الاستعلامات وأطلق طلقة نارية إلى سقف المكتب ثم قام بنهب جهاز كمبيوتر محمول ومبلغ ستة وخمسين ألف ريال يمني وكذا مبلغ مائة ريال سعودي وبعد ذلك غادر الفندق مع الشخص الذي كان برفقته .. ثم تلى هذا البلاغ وفي مساء اليوم نفسه وصول بلاغ آخر للمركز وهو من مواطن اسمه/ محمد ذكر فيه أنه كان متجهاٍ إلى منزله بالحارة التي يسكن بها المدعو/ معروف وفوجئ بهذا الأخير مع شخص آخر بصحبته قاما بمسكه وأراد سحبه وإدخاله إلى بدروم عمارة فأبدى مقاومته لهما أثناء ذلك ولكن المدعو/ معروف رد عليه بأن أطلق طلقة نارية جواٍ لتخويفه وإيقافه عن المقاومة ثم قام الاثنان بضربه وسلب عليه تليفونه السيار وأيضاٍ بطاقتين له شخصية وانتخابية وبعدها تركاه ولاذا بالاختفاء.
ثم تبع البلاغ هذا بلاغ ثالث في اليوم التالي وبعده بلاغ رابع والذي ورد للمركز بعد حوالي 18 يوماٍ وكلاهما أي البلاغين الثالث والرابع يحددان التهمة في صاحب السوابق المدعو/ معروف ومعه أشخاص شركاء بارتكاب الفعل.
فكان عقب ذلك أن تحركوا بالمركز وفي مقدمتهم المدير الجديد للمركز وهو الأخ/ توفيق الوجيه والذي لم يكن قد مضى سوى أيام من تعيينه حيث تحمس وأبدى غليانه كالنار المستعرة ولا سيما بعد البلاغ الأخير الرابع والذي كان من أحد عناصر البحث بالمركز وهو المساعد/ أحمد بلغيث وملخصه عن تعرض المساعد الآنف الذكر إلى اعتراض وإشهار السلاح الناري عليه وتهديده بالقتل من قبل المتهم المطلوب “المدعو معروف” وذلك أثناء نزول المساعد للتفتيش في أحد الفنادق الواقعة بنطاق اختصاص المركز وطلب من موظف الاستقبال بالفندق معلوميه النزلاء فيه إذ فوجئ بوجود المتهم وقتها واعتراضه له ثم إشهار السلاح عليه وتهديده..
فكان بعد هذا البلاغ أن استعر الغليان لدى مدير شرطة المركز وكذا لدى رجال أمن ومباحث منطقة السبعين ومعهم الأمانة وعلى رأسهم مدير أمن العاصمة شخصياٍ بحيث تعالى الاهتمام وتكاتفت الجهود في المتابعة لضبط المتهم وعصابته.. وكان في المقدمة مدير المركز والذي سار للمتابعة مع عناصر متميزين من المركز من ساعته ولم يتوقفوا على مدار الساعة حتى كان مساء اليوم الثاني والذي توفرت لديهم معلومة فيه تفيد أن المتهم المدعو/ معروف مع بعض أشخاص من عصابته يتواجدون في مكان بإحدى الحارات بنطاق الاختصاص فتحركوا سريعاٍ منتقلين للحارة المعينة وكان الوقت منتصف الليل وعند وصولهم للحارة صادف كما توقعوا أن الكهرباء كانت مطفأة والحارة يخيم الظلام على أرجائها وبيوتها ولمحو هناك المتهم/ معروف كان جالساٍ على الرصيف يلعب” الدومنو” مع شخص آخر على ضوء شمعة أو كشاف.. فنزلوا من سيارة ” الطقم” وكانوا على مسافة واقتربوا منهما متسللين وبهدوء وكان أول من وصل إليهما أحد عناصر الفريق وهو المساعد/ حميد الحداد والذي غامر وأسرع في الإمساك بالمتهم فجأة ولكن المتهم انتبه في اللحظة وسارع هو الآخر إلى إخراج سلاح مسدسه وأراد إطلاق النار على المساعد غير أن الأخير كان ماسكاٍ له بقوة ولم يتح له المجال لذلك فقفز حينها رفيق المتهم الذي يلعب وإياه وتناول حجراٍ ورماه على المساعد يريد ضربه بها في رأسه إلا أن المساعد تنحى برأسه عنها قليلاٍ فلم تصبه وأنفلت المتهم/ معروف خلال ذلك وقام بإطلاق النار من مسدسه على المساعد فأصابه بطلقة في فخذ رجله اليسرى كسرت العظم ومع ذلك لم يتركه المساعد وحمل عليه وهو مصاب لإمساكه وتشبث به وظل ممسكاٍ له أوبه ولم يفلته بينما استمر المتهم في إطلاق النار من المسدس.. كل هذا أجرى بسرعة.. وأثناء ذلك وصل إليهم بعض شرطة الفريق وهم المساعد عبدالكريم النجار والمساعد زكريا حجر مع مدير المركز توفيق الوجيه والذين التفوا حول المتهم وجثموا عليه في الوقت الذي لم يزل يطلق النار ولم يتوقف فأصاب لحظتها المساعد النجار في مشط رجله اليسرى كما أصاب المساعد زكريا إصابة خفيفة.. في الحين الذي فوجئ فريق المركز بتجمع عديد من الأشخاص وقفوا في المكان يريدون التعصب مع المتهم ضدهم ثم تقافزوا لمقاومتهم إلى جانب المتهم وكانت معركة حامية وخطيرة نشبت بين شرطة المركز والمجتمعين المتعصبين أستبسل خلالها رجال الفريق وضربوا أروع الأمثلة في الإصرار والإقدام ولم يتراجعوا حتى تمكنوا من السيطرة على الموقف ووضع قبضتهم على المتهم «زعيم العصابة» وعلى الشخص الآخر الذي معه وهو من أفراد العصابة المطلوبين أيضاٍ رغم خطورة المواجهة والمغامرة وكذلك سواد الليل في المكان وحجب وضوح الرؤية بسبب انطفاء الكهرباء.
وقد أوصلوا عقب ذلك المتهمين «المدعو/معروف ورفيقه» إلى المركز وباشروا معهما فتح محاضر الاستنطاق وجمع الاستدلال بنفس الليلة ليتضح من خلال ذلك مالم يكن معروفا وكان خفياٍ ومخيفاٍ كما تبينت أسماء العديد من الأشخاص الذين كانوا يشكلون أعضاء العصابة إلى جانب المتهمين المضبوطين وزعيمها المدعو/معروف.
واستمرت بعد ذلك المتابعة من قبل مدير المركز ورجاله وراء أفراد العصابة الآخرين والذين أثبتت التحقيقات والتحريات أو محاضر جمع الاستدلالات أن معظمهم من أرباب السوابق ويشكلون خطراٍ على الأمن والسكينة العامة.
في الوقت الذي استكملت المحاضر والاعترافات مع المتهمين المضبوطين وأحيلا مع أوراق الملف والتي تتضمن عدد (16) قضية جنائية متهم بارتكابها المدعو/معروف وأفراد عصابته للنيابة المختصة ومنها في الطريق للقضاء ولكن إلى حين.. لأنه لم تمض غير فترة ليست بطويلة حتى فوجئ شرطة المركز بخبر الإفراج عن المتهم/معروف ومن معه كما تم نقل المدير/الوجيه إلى مركز شرطة آخر وهو مركز باب الحرية كمدير له.. وكذا أهمل المساعد/الحداد الذي أصيبت رجله واكتسر عظمها بالرصاصة ولم يعد أحد يسأل عنه وقد أضطر لبيع ما تحته وما فوقه لكي يتعالج ويستطيع المشي من جديد ولو بعرج خفيف..
وهكذا هو حال العديد من رجال الشرطة والأمن أمثاله الذين أصيبوا أثناء أداء الواجب واستبسلوا في قضايا مختلفة وجسيمة ومع ذلك أهملوا وتم نسيانهم أو لم يتم الاهتمام بهم وتحمل تكاليف معالجاتهم من قبل وزارة الداخلية والجهة المعنية بهم ثم تعويضهم وتكريمهم وإرجاع الحالة المعنوية إلى دواخلهم كحق لهم كما هو المتبع في كل أرجاء العالم..
ونسأل الله السلامة والهداية لكل أبنائنا وشبابنا كما نسأله تعالى أن يكون في عون كل شرطي تعرض للإصابة والتضحية أثناء الواجب وأن يكون في عون أسرته التي يتحول حالها إلى مأساة عند إصابته وتضحيته..
في عدد الأحد المقبل إن شاء الله مع نشر وقائع أغرب وأبشع جريمة وإلى اللقاء.
Prev Post
قد يعجبك ايضا