حصول الأطفال على جرعات وقائية متعددة ضد فيروس الشلل.. مسألة ضرورية للحد من عودة الفيروس إلى اليمن مجددا◌ٍ..

ما أبشعه من عدو ينتهك البراءة ويغتال سعادة أطفالُ قاد بهم الحرمان من التحصين إلى أتون معاناة وعجز حركي دائم يلازمهم مدى الحياة..
هم ضحية لا ذنب لهم وقعوا في منزلق الإصابة بفيروس شلل الأطفال المروع فتلك هي آثار سطوته المروعة بعدما أمعن آباؤهم في رفض وإنكار حق أبنائهم في نيل الوقاية فمنعوا عنهم لقاح فموياٍ كفيلاٍ بتجنيبهم الإصابة بهذا الفيروس ليس بجرعة واحدة أو اثنتين بل بالمزيد من الجرعات.
تقف اليوم وزارة الصحة متصدية لفيروس شلل الأطفال لمنعه من الظهور ومعاودة الانتشار مجدداٍ في يمننا الحبيبº بعدما تأكد انتشاره على نطاق واسع في الجوار الأفريقي- وتحديداٍ في الصومال وكينيا وأثيوبيا وجنوب السودان- ليبقى أطفال هذه الأرض الطيبة وأجيالها القادمة بمعزلُ عن تهديداته وسطوته المفزعة.
تفاصيل شيقة في ثنايا هذا اللقاء الذي أجرته صحيفة”الثورة” مع الدكتورة/ غادة شوقي الهبوب- مدير البرنامج الوطني للتحصين الموسع وإذا بنا على أعتاب حملة تحصين احترازية تستهدف جميع الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم في(13) محافظة من محافظات الجمهورية اعتباراٍ من (8-6 أكتوبر2013م) فلنبقى معها..

إرهاصات.. ومخاوف
¶ قبل أسابيع تناقلت وسائل الإعلام خبر انتشار فيروس شلل الأطفال البري في القرن الأفريقي وتحديداٍ في الصومال وكينيا وأثيوبيا .. ما قراءتكم للمشكلة¿ وهل ستتأثر اليمن بهذا الحدث¿
* نحن نرقب الأمر بقلق طالما أن سيناريو اللجوء إلى اليمن من الجوار الأفريقي مستمر.
وليست المشكلة في اللاجئين بل تكمن في المتسللين إلى الأراضي اليمنية بطريقة غير شرعيةº بمعزلُ عن الخضوع للفحوص والتطعيمات اللازمة وغيرها من الإجراءات الاحترازية التي من شأنها منع دخول الفيروس إلى البلاد في الوقت الذي تعاني فيه البلد من ضعفُ جلي في التغطية بكامل لقاحات التطعيم الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية للأطفال دون العام والنصف من العمر ففي عام 2012م بلغت نسبة المشمولين بهذه التطعيمات نسبة(٪82) وهذا يعنى أن (٪18)من الأطفال غير مطعمين.
الأمر الذي يثير مخاوف كبيرة من أن يلقي فيروس الشلل ثغرة بين الأطفال غير المحصنين للدخول مجدداٍ إلى بلادنا الحبيبة.
كما أن مجرد ظهور حالات إصابة بفيروس شلل الأطفال بوتيرة مستمرة في بلدان تابعة للإقليم كأفغانستان وباكستان هو في حد ذاته يضع اليمن في مرمى تهديد لا يْستهان به فكيف بانتشار المرض في الصومال وكينيا ثم في أثيوبيا وصولاٍ إلى جنوب السودان¿
وضع كهذا يفرض- بالطبع- إقامة مزيدُ من حملات تطعيم ضد شلل الأطفال طالما أن التحصين الروتيني بكامل جرعاته لا يصل إلى نسبة التغطية المطلوبة ليشمل ما يزيد عن(٪95) من الأطفال دون العام والنصف من العمر.
وبدورنا نناشد الداخلية وحرس الحدود بأن يكونوا يقظين وأن يأدوا واجبهم في منع أفواج المتسللين من القرن الأفريقي الموبوء بفيروس الشلل من دخول الأراضي اليمنيةكونهم لا يخضعون للفحوصات والتطعيمات اللازمة لدخولهم بطريقة غير رسمية.
لا مجال للطعن في اللقاح
¶ ثمة من يطعن في اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال.. فما ردك على من يشكك في جدواه أو مأمونيته¿
* إنه لقاح آمن للغايةº مجرب منذ ما يقارب العشرين عاماٍ وتحديداٍ منذ سبعينيات القرن الماضي كحال بلدان عربية وإسلامية وبلدانُ أخرى غير إسلامية كثيرة حول العالم.
والملايين من الأطفال باليمن أعطوا – منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم- جرعات متعددة منه ضمن لقاحات التطعيم الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية.
ومنذ العام 1996م نفذت حملات تطعيم وطنية توالت سنوياٍ حتى عامنا هذاº مستهدفة في اليمن بلا استثناء سائر الأطفال دون سن الخامسة.
ومن حولنا الكثير والكثير ممن تلقوا اللقاح آنذاك قد صاروا حالياٍ في ريعان الشباب وبكامل صحتهم ثم أن بعضهم من الجنسين قد تزوج وأنجب أطفالاٍ دون أي مشكلة من أي نوع.
* كيف تعولون على نجاح لقاح يتطلب ليؤمن وقاية كاملة للطفل جرعات متعددة خلال السنوات الأولى من عمره إلى أن يتعدى سن الخامسة¿
* بفضل الله ثم بفضل تعدد لقاح التطعيم الفموي المضاد لفيروس الشلل تتحقق أعلى مستويات الحماية للطفولة في اليمنº بما يمنع عودة هذا الفيروس.
ليس من قبيل المبالغة فهو مضمون الفاعلية بشهادة أكبر الكفاءات العلمية الطبية المتخصصة المحلية والعربية والإسلامية بدليل أن اليمن منذ عام 2006م وإلى الآن لم تشهد أي حالات إصابة مؤكدة بالفيروس البري المسبب للإعاقة.
كما يخضع لرقابة مشددة أثناء تصنيعه ولإشراف وسلسلة تبريد ملائمة تحفظه تحت درجة حرارة مناسبةº بدءاٍ من المصنع ومروراٍ بنقله من بلد المنشأ إلى اليمن ثم وصوله إلى الثلاجات المركزية للبرنامج الوطني للتحصين الموسع بوزارة الصحة وإلى فروعه بالمحافظات وانتهاءٍ بوصوله إلى مختلف المرافق الصحية في مختلف أنحاء الجمهورية وبذلك يظل مصوناٍ من التلف على الدوام.
مؤشر صلاحية اللقاح
¶ من المؤكد أن لأي لقاحُ صلاحية معينة وأنه يتلف بفعل الحرارة المرتفعة أو نتيجة سوء التخزين.. فماذا لو استخدم لقاح فموي تالف ولم يعد صالحاٍ للاستخدام¿
* ليس وارداٍ على الإطلاق استخدام لقاح فموي تالف حيث من السهل معرفة تلفه من قبل العامل الصحيº بمجرد النظر إلى مؤشر الصلاحية.
وهو ما يحرص عليه دوماٍ عامل التطعيم قبل أن يشرع في تحصين الأطفال حتى يتأكد من صلاحية اللقاح.
بينما من الممكن أن يتلف لقاح شلل الأطفال عندما لا يجد التبريد الملائم ويظهر على مؤشر الصلاحية الموجود على كل عبوة للقاح حيث يأتي على شكل مربع فاتح اللون عندما يكون اللقاح سليماٍ وعند تحوله إلى اللون الداكن يتأكد – قطعاٍ- أن اللقاح تالف لا يصلح للاستخدام كقطرة ماء لا تضر ولا تنفع.
كما أنه من السهل على أي مواطن اكتشاف صلاحية اللقاح بمجرد نظره إلى المربع الموجود على عبوة اللقاح.
وأعود لأؤكد على أهمية هذا اللقاح لكن فاعليته لتحد تماماٍ من الإصابة بفيروس الشلل تستدعي أن ينال عموم الأطفال دون سن الخامسة جرعات متعددة منه أثناء حملات التطعيم بمعية حصول جميع من هم دون العام والنصف من العمر على كامل لقاحات التحصين الروتيني بالمرافق الصحية والتي تتضمن جرعات متعددة من اللقاح المضاد لهذا الفيروس الخطير.
وبالتالي فإن حصول أطفال اليمن على جرعات وقائية متعددة ضد فيروس شلل الأطفال لضمان المحافظة على مستوى مرتفع لمناعتهم.. ومسألة ضرورية لا تقبل الجدال للحد من عودة الفيروس إلى اليمن مجدداٍ.
التحري والرصد الوبائي
¶ ما الآلية المتبعة في منظومة الترصد الوبائي لفيروس شلل الأطفال¿ وكيف تقيمون كفاءتها في صد تسلل فيروس الشلل من الجوار الأفريقي¿
* هناك خطة وإجراءات احترازية محكمة تتبعها الوزارة وجميع مكاتب الصحة بالمحافظات وشركائنا من المنظماتº منعاٍ لدخول الفيروس ومن بين هذه الإجراءات تطعيم كل لاجئ يصل إلى اليمن وتطعيم كل المخيمات وأماكن تجمع اللاجئين وأماكن استراحتهم مع تطعيم كافة مخالطيهم.
وهذا قابله تفعيل دور الترصد ويشمل المرافق المقدمة للخدمات الصحية في مختلف محافظات الجمهورية لرصد أي حالات شلل أطفال مْشتبهة من خلال أخذ عينات براز منها ونقلها للفحص بالمختبر المركزي ومن ثم إرسال عينات هذه الحالات إلى المختبر المرجعي لمنظمة الصحة العالمية من أجل تأكيد أن العينات سلبية أو إيجابيةº بما لا يدع مجالاٍ للشك.
ونحن برنامجا التحصين الموسع والترصد الوبائي كل يكمل الآخر حيث يعتبر نظام الترصد تقييم لعمل وأداء برنامج التحصين وهما في تنسيق دائم ويتم التواصل معاٍ باستمرار لإبلاغنا عن أي حالات شلل مشتبهة ووضعها التطعيمي وكذلك لإبلاغنا عن وجود أي منطقة يضعف فيها التحصين الروتيني أو منطقة يوجد بها أطفال غير مطعمين.
والتنسيق هذا ليس على المستوى المركزيº بل أيضا على المستوى اللامركزية في المحافظات والمديريات أي أنه على مختلف المستويات.
حملة تحصين احترازية
¶ شروع وزارة الصحة في صراعُ ضد فيروس شلل الأطفال استمر لأكثر من عقد ونصف.. الا يشوبه الجمود حتى أنه صرفها عن الاهتمام أكثر بمكافحة الأمراض الخطيرة الأخرى¿ وما أهمية إقامة حملة تحصين احترازية في هذا الوقت تحديداٍ¿
* ليس هذا صحيح كون وزارة الصحة تعمل بكامل طاقتها من أجل مكافحة الأمراض الخطيرة المختلفة.
واهتمامها بالقضاء على فيروس شلل الأطفال ومنع عودته إلى اليمن من جديد ليست الوحيدة فيه فالعالم كله يتطلع إلى استئصال هذا الفيروس على غرار مرض الجدري الذي استؤصل تماماٍ قبل ثلاثة عقود ولم يعد له وجود في أي بلد حول العالم.
نأمل من الحملة الاحترازية للتحصين ضد شلل الأطفال التي تقرر تنفيذها اعتباراٍ من(6 -8 أكتوبر2013م) أن تشمل بالتطعيم جميع الأطفال الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة من العمر من منزلُ إلى منزل بأمانة العاصمة ومحافظات(عدن تعز المكلا أبين الحديدة البيضاء لحج حجة عمران شبوة صعدة المهرة).
وعلى الآباء والأمهات – بالضرورة- أن يواصلوا مشوارهم الطيب في تحصين أطفالهم فلذات أكبادهم لمنع عودة فيروس شلل الأطفال إلى اليمن من جديد ولأجل كبح عبثية المرض وسطوته التي تقود في النهايةº إما إلى إعاقة دائمة أو إلى موت محقق فالأمر خطير على غير المحصنين ضد المرض وحتى الذين لم يحصلوا على الجرعات الكافية من اللقاح سواءٍ عبر التطعيم الروتيني بالمرافق الصحية أو خلال حملات التحصين فهذا التهاون يقلل- لاشك- فرص تجنب الإصابة بفاعلية إذا ما عاد الفيروس إلى البلاد لا قدر الله.
وأؤكد بأن إعطاء لقاح فيروس الشلل في حملات التطعيم يعتبر لسد النقص في التحصين الروتيني المعتاد طالما لا يحرص البعض على استكمال أطفاله لجميع الجرعات أو يحرمهم منها بالكامل.
وكما ذكرت يجب ألا تقل نسبة الأطفال دون العام والنصف الحاصلين على كامل لقاحاته وجرعاته عن(95%) كون تكرار التحصين عبر الحملات يتيح مناعة مرتفعة على الدوام لجميع الأطفال دون سن الخامسة وبمقدورها التصدي ومنع دخول فيروس الشلل إلى هذا البلد الطيب مهما ساءت الظروف والأحوال في البلدان المجاورة التي انتشر فيها.
تأهب وجاهزية للتطعيم
¶ ماذا عن استعدادات وحالة التأهب لتنفيذ حملة التحصين الاحترازية في موعدها¿
* تسير الاستعدادات في اتجاهها المطلوب والجاهزية كاملة لتنفيذ الحملة الاحترازية للتحصين ضد شلل الأطفال في موعدها حيث تم توفير اللقاح اللازم لهذه الحملة وجميع الأدبيات والأدوات بما في ذلك أقلام تعليم الأصابع والسجلات والطباشير التي تستخدم للتأشير على المنازل من قبل فرق التطعيم المتنقلة من منزلُ إلى منزل.
هناك- أيضاٍ- حرص مسبق على التخطيط الدقيق والمفصل للحملة في جميع المحافظات المستهدفة وعلى التدريب بالمعايير المطلوبة لجميع العاملين الصحيين.
كما سيحظى تنفيذ حملة التحصين الاحترازية في موعدها الممتد خلال الفترة من(6-8أكتوبر الجاري) بإشراف مكثف ومباشر على مختلف المستويات.. مركزياٍ وعلى مستوى المحافظات والمديريات..
وهي عموماٍ تستهدف تطعيم(3,086,049) طفلاٍ وطفلة دون سن الخامسة.
بينما عدد الكوادر الصحية العاملة فيها إجمالاٍ في حدود (27,170)عاملاٍ صحياٍ بينهم (1,904)عاملاٍ ثابتاٍ و(12,633)عاملاٍ متنقلاٍ.
أما عدد المشرفين على التحصين فيصل إلى (3,196) مشرفاٍ بمعدل مشرف لكل4-5فرق وتقلهم مع العاملين بالتطعيم(3,400)سيارة.
ويوجد مشرفون على الحملة من المستوى المركزي(23)مشرفاٍ وعلى مستوى المحافظات (84) مشرفاٍ ٍ وهناك(462) مشرفاٍ على مستوى المديريات و(14) مراقباٍ من المجالس المحلية على مستوى المحافظات و(462)مراقباٍ من المجالس المحلية على مستوى المديريات.
كما يواكب حملة التحصين أعمال توعوية عبر مختلف وسائل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع ويشارك فيها عبر الميدان (14)مشرفاٍ على التوعية الإعلامية من مدراء التثقيف الصحي بالمحافظات بمعية عددُ من المشرفين المركزيين من المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني وكذلك (231)مثقفاٍ صحياٍ ميدانياٍ يجولون للتوعية في كافة المديريات عبر سيارات خصصت للتوعية الميدانية ويشارك- أيضاٍ- عبر خطبة الجمعة (2,310) من خطباء المساجدº بواقع(10)خطيباٍ مسجدياٍ في كل مديرية على حدة وبما يضمن وصول رسالة الحملة إلى المجتمع بمكوناته المختلفة وللآباء والأمهات في مختلف أنحاء البلاد.
اعتباراٍ من تأريخ (8-6 أكتوبر الجاري) يقرع العاملين الصحيين أبواب المنازل في المحافظات المستهدفة لتحصين كافة أبناءهم وبناتهم دون سن الخامسة والتأهب مطلوب من الجميع الآباء والأمهات من أجل صحة وسلامة أطفالهم فلذات أكبادهم.
علماٍ بأنه سيتم لاحقاٍ بعد هذه الحملة مباشرة تنفيذ أعمال التحصين ذاتها ضد شل الأطفال في محافظة الجوف.

* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان

قد يعجبك ايضا