المجلس الانتقالي وتحقيق الحلم البريطاني
محمد صالح حاتم
ظلت بريطانيا محتلة لجنوب اليمن 129 عاما ً،وهي فترة زمنية طويلة ، عملت خلالها على تفكيك النسيج الاجتماعي لأبناء المحافظات التي تحتلها، وكذا سعت الى طمس الهوية الدينية، والهوية الثقافية اليمنية والعربية، وتغيير في العادات والتقاليد اليمنية القديمة المتوارثة أبا ًعن جد ّ، وحاولت إدخال الثقافات المستوردة من المجتمعات الأوروبية، بهدف سلخ ابناء هذه المحافظات عن دينهم وثقافتهم وهويتهم اليمنية والعربية، ومن هذه المحاولات وقبيل رحيلها من جنوب اليمني مرغمة ًبفعل مقاومة الثوار اليمنيين الأبطال، قامت بريطانيا عام 1962م بإنشاء الجنوب العربي والذي كان يضم عند التأسيس 12 مشيخة وسلطنة ثم انضمت اليه بعض السلطنات والمشيخات، ورفضت البعض، واستمرت هذه التسمية وهذا المصطلح حتى 30نوفمبر عام 1967م،عندما رحل آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، فتم توحيد جميع السلطنات والمشيخات تحت مسمى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، تقوم على جميع اراضي إمارات وسلطنات ومشيخات دويلات الجنوب العربي ،وكان هذا الإعلان بقرار من الجبهة القومية، التي رفضت تسمية الجنوب العربي في مفاوضات الاستقلال مع المحتل البريطاني في جنيف، واصرت على أن تكون المفاوضات بين حكومة بريطانيا والجبهة القومية اليمنية وليس الجنوب العربي، واليوم بعد اكثر من نصف قرن من طرد بريطانيا وفشلها في نزع الهوية اليمنية من المحافظات الجنوبية التي كانت تحتلها، يأتي اذنابها واذيالها وادواتها في المنطقة العربية واليمن لتحقيق حلمها القديم المتمثل في(دويلة لجنوب العربي).
وهذا هو أحد اهداف تحالف العدوان في اليمن، وتقسيم وتفتيت اليمن الى دويلات صغيرة وسلطنات وإمارات متناحرة دينيا ًوطائفيا ًومناطقيا ً،وقد اوكلت هذه المهمة واسندت الى دويلة عيال زايد ذراع بريطانيا الطولى في المنطقة، والتي قامت بدعم مرتزقتها في اليمن -عناصر المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الزبيدي وبن بريك، الداعي الى استعادة دولة الجنوب العربي ،من خلال انشاء قوات عسكرية موالية لها (الاحزمة الأمنية في عدن وابين ولحج والضالع والنخب الشبوانية والحضرمية والمهرية والسقطرية) وهي عبارة عن عناصر من القاعدة وداعش تم تدريبهم في ارتيريا وبعض الجزر اليمنية المحتلة وهذه القوات تخضع لأوامر وتوجيهات المندوب السامي الإماراتي الحاكم لعدن ،وأن ما شهدته المحافظات الجنوبية في الإيام الاخيرة من معارك واحداث مأساوية بين عناصر المجلس الانتقالي وقوات هادي والتي نتج عنها احتلال قوات المجلس الانتقالي المدعوم اماراتيا ًلعدن وابين والسيطرة على جميع المعسكرات والمؤسسات الحكومية فيها، والتوجه نحو شبوة لإسقاطها ،وتبعيتها لحكم المجلس الانتقالي، فكل هذه الاعمال تندرج تحت مخطط تقسيم اليمن وتفتيته، وكذلك ايجاد كيانات جديدة في المحافظات الجنوبية تحت مسمى دولة الجنوب العربي، منزوعة الهوية تكون خاضعة لبريطانيا وامريكا، وهنا يتحقق الحلم البريطاني القديم، وهذا هو الخطر الأكبر الذي علينا الحذر منه، والعمل على إفشاله، والتصدي لهذه المشاريع الاستعمارية التي تسعى بريطانيا وامريكا واسرائيل الى تحقيقها في وطننا العربي ومن ضمنه اليمن، ومنها مشاريع التقسيم والتفتيت الى دويلات صغيرة منزوعة الهوية، بهدف احتلال اوطاننا ونهب ثرواتنا والتحكم بقراراتنا ومصيرنا.
فعلينا الوقوف صفا ًواحدا ًفي وجه المشاريع الاستعمارية والتصدي لها ومواجهتها برص الصفوف وتوحيد الكلمة وتوجيه بنادقنا الى صدور الغزاة والمحتلين والعملاء والمرتزقة اذناب وادوات بريطانيا واسرائيل في المنطقة، وأن علينا نحن كيمنيين حل ّخلافاتنا بالحوار والتسامح ونشر المحبة والإخاء فيما بيننا، والسعي الى تحقيق السلام الدائم عن طريق مصالحة وطنية شاملة لا يستثنى منها أحد تحت مظلة اليمن الواحد الكبير .
وعاش اليمن حرا ًابيا ً، والخزي والعار للخونة والعملاء.