كثيرة هي الجرائم الحاصلة داخل الأسرة الواحدة وكثيرة هي قضايا عقوق الأبناء لآبائهم وان اختلفت أنواعها إلا أنها جميعا تخالف قوله تعالى في كتابه الكريم ( وبالوالدين إحسانا ) وفي آية أخرى ( ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) صدق الله العظيم.. فكيف إذا تطور الأمر ووصلت المعصية إلى محاولة قتل الأب بأكثر من وسيلة ليس ذلك فقط بل الإصرار على قتله والاعتراف علنا بذلك..
حول هذا تدور أحداث قضيتنا لهذا العدد وتفاصيلها كالتالي:
فؤاد ابن الرابعة والعشرين عاما احد أفراد أسرته المكونة من ستة أشخاص إضافة إلى الأب والأم منذ سنوات عمره الأولى وهو يفكر بأن يكون رجل أعمال وصاحب تجارة كبيرة في المستقبل مثل والده تاجر الأقمشة إلا أن هذا الأخير كانت له نظره أخرى فهو يأمل من أبنائه أن يتعلموا وأن يركزوا جل اهتمامهم بالتعليم حتى يحصدوا أعلى الشهادات العملية ..
بدأ فؤاد مشوراه التعليمي من المدرسة الابتدائية برفقة أخوته الذين يكبرونه قليلا◌ٍ لكنه لم يفلح كثيرا في تحصيله العلمي مثلهم وبصعوبة استطاع إكمال المرحلة الابتدائية والحصول على شهادة أساسية بدرجة ضعيفة كانت هي أول وآخر شهادة لمرحلة تعليمية توقف بعدها عن ارتياد فصول الدراسة وتحول إلى طريق التجارة فأقبل عليها بكل شغف واهتمام حتى استطاع أن يكون ثروة صغيرة خاصة به ويصبح من رجال الأعمال الذين مازالوا في المراحل الأولى للوصول إلى عالم رجال الأعمال الكبار..
بلغ فؤاد عامه الرابع والعشرين وقد أصبح لديه زوجة ومحل تجاري لا بأس به وقطعة ارض يسيطر عليها والده¡ وفي احد الأيام استيقظ فؤاد من نومه صباحا على صوت والده يطلب منه الخروج إلى العمل و(قسطة الله) حسب تعبيره ولكنه أصر على النوم فحدث شجار بينهما اتخذه الابن ذريعة وطلب من والده تسليمه قطعة الأرض الخاصة به والتي تقع في احد شوارع المدينة ومع اشتداد الشجار اخذ فؤاد ( جنبية ) والده وأشهرها في وجهه مهددا له بالقتل إذا لم يعيد له الأرض وأمام ذلك أبدى الأب موافقته بتلبية طلب ابنه بشرط أن يتم ذلك في قسم الشرطة ..
وصل فؤاد برفقة والده إلى قسم الشرطة الكائن في الحي نفسه وكانت جنبية الأب مازالت في يده وهناك لم يف الأب بما وعد به بإعادة قطعة الأرض إلى ابنه وزاد على ذلك بان اتهمه أمام ضابط الشرطة بالعصيان ومحاولة قتله بالجنبية والدليل أنها كانت مازالت في يده وانه كثير المشاكل مع والدته وإخوانه إضافة إلى إدمانه مضغ القات بشكل يومي حتى ساعات متأخرة من الليل مما اثر على تعامله مع أسرته وطلب من الأجهزة الأمنية جبسه بتهمة العقوق..
لم ينتظر فؤاد والده حتى يكمل كلامه وبحركة سريعة اخذ مسدس الضابط وأطلق منه عيارا ناريا نحو والده الذي كان واقفا أمامه إلا أن العيار اخطأ قدمه واخترق ثوبه فقط بين الساقين بينما قام الضابط وأفراد الشرطة الموجودين وقت الحادثة بالإمساك بالشاب فؤاد وانتزاع المسدس من بين يديه واعتقاله ..
رفض فؤاد التكلم مع الضابط المحقق في قسم الشرطة وأثناء استجوابه حول دوافعه في محاولة قتل والده قال بأنه كان يهدده فقط بغرض استعادة حقه لدى والده وهي قطعة الأرض ولكن الأب أنكر ما يدعيه ابنه وأمام ذلك أودع فؤاد السجن وبعدها قام الضابط بتحويله الى النيابة المناوبة لاستكمال التحقيق معه في تهمة الشروع في القتل التي حدثت في قسم الشرطة وأمام مأموري الضبط..
واصلت النيابة التحقيق مع المتهم في ما نسب إليه من تهمة محاولة قتله لوالده فاعترف صراحة بأنه حاول قتل والده أكثر من مرة وانه سوف يقتله إذا لم ي◌َعيد له قطعة الأرض وإذا لم يكف والده عن توبيخه أمام أسرته والاستهزاء به..
وأضاف بان والده يتعمد دائما احتقاره والتنزيل من مستواه فضلا عن إهانة زوجته بين الحين والأخر.. وقال فؤاد: (دائما بيقهرني والدي دون إخوتي وأنا لا أقبل من أي شخص أن يتعمد قهري حتى وان كان ذلك الشخص والدي).
تم إحالة المتهم إلى المحكمة وخلال بضعة جلسات قضت المحكمة بسجنه ثمانية أشهر مع النفاذ وذلك لشروعه في قتل والده بأن أطلق النار عليه أمام مأموري الضبط الجنائي..