محو الأمية لا نحو الأمية
عبدالفتاح علي البنوس
* واقع التعليم في اليمن يحتاج إلى ثورة حقيقية ، ثورة تقودها الدولة والحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها ، ثورة تعيد للتعليم ألقه ، وتصحح مساره ، وتنتشله من واقعه المخزي والمقرف ، امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية كشفت عن مستويات مخزية ومخجلة للكثير من الطلاب والطالبات ، ما فائدة عملية تعليمية مخرجاتها مشبعة بالجهل والغباء والتبلد ؟!!
طالب في الثانوية لا يستطيع كتابة اسمه بالطريقة الصحيحة ، والكارثة أن هناك الكثير من المعلمين لا يجيدون الكتابة الصحيحة ، ونريد للوطن التقدم والتطور والازدهار ؟!!! يجب أن تكون الأولوية بعد تجاوز العدوان لإعادة الإعمار وتصحيح مسار التعليم ، بالتعليم تبنى الأوطان ، أجيال بأكملها مهددة بالضياع ، ولا فائدة من مخرجات محصلتها صفرية ، التعليم سر نهضة الشعوب ، وأداة تقدمها وتطورها ، العقول هي من تبني ، والعقول لا تبنى إلا بالتعليم المنشود ، التعليم الذي كان سائدا قبل اتخاذ قرار يمننه التعليم والاستغناء عن الوافدين العرب بشكل كلي قبل تأهيل وإعداد المعلمين اليمنيين وتمكينهم من التزود بالمهارات والمعارف الكفيلة بالمحافظة على مستوى التعليم الموجود والذهاب نحو تطويره وتحديثه.
لنا في ماليزيا القدوة في هذا الجانب ، فالتجربة الماليزية في التعليم رائدة ومتميزة ولا بأس أن نستفيد منها ، نريد ثورة في التعليم تنتشل طلابنا من مستواهم التعليمي الهابط إلى مستويات متقدمة ، لا زلنا نعمل بسياسة (نحو الأمية) لا (محو الأمية) ، مشكلتنا اليوم تكمن في أمية المتعلمين ، وهذه أم الكوارث ، الله الله في التعليم ، الله الله في الأجيال ، لنهتم بالجوهر والكيف ، دون التركيز على المظهر والكم فأجيالنا مهددة بالخطر ، صحيح المشكلة تراكمية وليست وليدة اللحظة ، ولكن التصحيح يجب أن يبدأ ، والتغيير في مسار العملية التعليمية والتربوية يجب أن يتم وفق خطة مدروسة تستهدف المنهج الدراسي ، والمعلم ، والطالب والوسائل التعليمية ، والإدارة المدرسية.
نحن بحاجة لمنهج دراسي خال من التعقيدات والحشو الزائد ، والشطحات التي تحتاج إلى عمليات لفك رموزها ، منهج يخدم الطالب وتنعكس مخرجاته في خدمة المجتمع والرقي بالوطن ، نحن بحاجة إلى معلم كفؤ مجيد لكافة الوسائل التربوية يخرج منه الطالب بثمرة يلمس الجميع ثمارها ، مدرس مدرب مؤهل ، يحصل على كافة حقوقه القانونية ، بحيث يتفرغ للتعليم بحيث يخضع للتقييم وعلى ضوء ذلك يمنح الترقيات في السلم الوظيفي والعلاوات في كشوفات الأجور والمرتبات ، نريد إدارة مدرسية تعمل من أجل البناء لا من أجل الهدم ، إدارة تحترم نفسها ومن يعمل تحت إدارتها من طلاب ومعلمين ، إدارة تنتصر للتعليم ، لا تعمل من أجل مادة ولا تتحرك في سبيلها ، إدارة لا تؤمن بالغش ولا بالإتاوات ، إدارة تربوية وتعليمية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
نريد حالة من التناغم بين مختلف القطاعات الحكومية للوصول إلى تعليم حكومي مثمر ، بحيث يكون الالتحاق بالمدارس الحكومية خاضعا للمفاضلة ليصبح التعليم الأهلي ملاذا لضعيفي المستوى التعليمي ، وهذه ليست مهمة مستحيلة ، قد تكون صعبة نوعا ما ولكن متى ما توفرت الإرادة فإنها ستكون سهلة وميسرة ومتاحة ، وما علينا سوى المبادرة بصدق وإخلاص والعمل بروح الفريق الواحد من أجل إحداث ثورة تعليمية حقيقية ، يلمس المجتمع والوطن ثمارها ، نريد مخرجات نوعية ترفد الساحة المحلية بالمبتكرين والمفكرين والمبدعين في شتى صنوف ومجالات الإبداع.
بالمختصر المفيد، نريد ثورة تعليمية حقيقية نرى أثرها في مستويات أولادنا ، وينعكس أثرها على حال وطننا يكفي مخرجات (للشوارع) مخرجات كل همها الحصول على الشهادة التي تتيح لأصحابها الحصول على وظيفة من أجل ( لقاط زلط) ، لا نريد مخرجات تظل عالة على البلاد والعباد ، لا يستفاد منها ، مخرجات خاوية المحتوى ، محتويات لا تسمن ولا تغني من جوع.
جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله.