.. اليوم وبعد أكثر من خمسة عقود كاملة على قيام الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر بات الحلم اليماني الكبير في إقامة الدولة المدنية الحديثة في متناول أبناء الشعب اليمني التواق للحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم .
هذا الحلم المؤجل لأسباب شتى أصبح اليوم اقرب من أي وقت مضى لأن يصبح حقيقة ويترجم على أرض الواقع في منظومة الحكم الرشيد القائم على مبادئ ومفاهيم احترام الحقوق والحريات والتوزيع العادل لثروات الوطن لكل أبنائه ومشاركة الجميع دون استثناء أو تهميش لأحد.
, سياسيون: التصدي الحازم لمحاولات أرباك التسوية السياسية واجب وطني على عاتق الجميع
, تعزيز السكينة العامة وردع المتاجرين بآمال الجماهير وتطلعاتهم شروط أساسية النجاح الكامل
, العيد الـ51 لثورة سبتمبر هذا العام يختلف عن كل الأعياد لحمله بشائر المستقبل الموعود
الإجماع الكبير
❊ ويجمع اليمنيون قاطبة وبصرف النظر عن ميولهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم بأن الوقت قد آن لطي صفحة الماضي بكل مآسيها وأخطائها والتوجه الواثق نحو المستقبل الأفضل .
غير أن جماهير الشعب التي تحتفل هذه الأيام بالعيد الـ١٥ لثورة الـ٢ من سبتمبر 1962م تدرك تماما بأن هناك شروطا ومعطيات لا بد لها أن تكون حاضرة على أرضية الواقع حتى يكتمل الحلم وتتوج المسيرة بالنجاح المأمول وأول تلك الشروط تعاضد كل الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار والحفاظ على السكينة العامة وعدم السماح لأي كان وتحت أي عذر بزعزعة السلم العام وإثارة الفوضى والمواجهة الصارمة والحازمة لأية محاولات أو ممارسات تستهدف إرباك العملية السياسية وعرقلة عملية التحول الحضاري التي تعيشها البلاد والضرب بقوة وبيد من حديد كل من يسعى للعودة بالوطن إلى المربع الأول ونسف كل ما تحقق من نجاحات واعدة على درب مسيرة التغيير المنشودة وردع أصحاب النوايا الخبيثة في الزج بالوطن مجددا في إتون الصراعات والانقسامات والمماحكات وتعريض البلاد من جديد لمخاطر الحرب والدمار والمتاهات التي لا تحمد عقباها والتي قد تكون آثارها وتداعياتها اشد فتكا وخطرا من كل الويلات والمآسي التي عاشها الوطن اليمني خلال عقود ما بعد الثورة المباركة بسبب أخطاء وتجاوزات البعض ممن كانوا مسئولين عن إدارة شئون البلاد في فترات سابقة لكنهم أرادوا الاستئثار بكل شيء وحرمان الطرف الآخر ومعه السواد الأعظم من الجماهير من كل الحقوق المشروعة وبالتالي كان الفشل الكبير وبعده حل الغضب الشعبي الذي تجسد في ثورة 11 نوفمبر الشبابية الشعبية السلمية في العام 2011م والتي ازالت الاقنعة وكشفت الاكاذيب والادعاءات الباطلة وجعلت الشعب اليمني صاحب الحق والقول الفصل في رسم معالم مستقبله وتقرير مصيره أمام الحقيقة الكاملة لتعزز بعد ذلك بإجماع كبير مدعوما بدعم اقليمي ودولي غير مسبوق تدشن أولى خطواته المباركة في التاسيس السليم للمستقبل المنشود وإقامة الدولة المدنية الحديثة.
❊ “الثورة” الصحيفة وهي تشارك الشعب اليمني افراح العيد الـ١٥ لثورة سبتمبر الظافرة التقت نخبة من رجال السياسة والإعلام والمثقفين والشباب والناشطين الحقوقيين لتقف على آرائهم ومقترحاتهم بشأن سير تنفيذ التسوية السياسية التاريخية والمطلوب من مختلف القوى الحية والفاعلة من أجل استكمال الحلم اليماني الكبير والذين اجمعوا تقريبا على أن ترسيخ الأمن والاستقرار وتعزيز أجواء السكينة العامة ومواجهة الأصوات النشاز والمساعي الرامية لعرقلة المسيرة وارباك العملية السياسية بكل قوة وحزم والتوحد والتعاضد الوطني الكامل في مواجهة الصعوبات والتحديات الماثلة أمام هذه المرحلة الهامة في التاريخ اليمني المعاصر إلى التفاصيل:
❊ يشير عضو مجلس النواب عبده ردمان وهو عضو مؤتمر الحوار الوطني إلى أن المسئولية الوطنية تحتم على الجميع افرادا واحزابا ومنظمات التعاون في الحفاظ على الأمن والسكينة العامة وتهيئة الأجواء والمناخات الملائمة لإتمام عملية الانتقال السلمي بسلاسة وتناغم يتحقق من خلالها طموحات وآمال الجماهير في إقامة النهج الديمقراطي في دولة مدنية تحترم الحريات والحقوق ويتساوى فيها الجميع في الثروة والقرار الوطني بعيدا عن ثقافة الاستئثار واقصاء الآخر .
تحديات كبيرة
❊ ويقول المحلل السياسي الدكتور العزي البرعي:تمر اليمن في الوقت الراهن بتحديات كبيرة – غير مسبوقة -على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها الأمر الذي يجعل من مؤتمر الحوار الوطني الشامل بمثابة طوق نجاة لليمن واليمنيين لمحاولة اجتياز تلك التحديات والوصول إلى بر الأمان وعلى الرغم من ذلك الا أن اجتياز تلك التحديات مرهون بالدرجة الأولى بإرادة اليمنيين وحرصهم ورغبتهم في ذلك بمعنى انه في ظل وجود إرادة قوية ورغبة جامحة لدى جموع اليمنيين فإن مؤتمر الحوار الوطني بالنسبة لهم لن يكون طوق النجاة الأوحد والأخير. لا سيما والتحديات الراهنة هي تحديات أمة بأسرها ولا يمكن أن يْلقى بها أو تختزل- بأي حال من الأحوال – في أطراف أو أفراد أو مؤسسات أو فترة زمنية محددة. ومن ثم فان نجاح مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لن تتحقق بالشكل المطلوب الا في ظل استمرار إرادة اليمنيين الداعمة والحاضنة لتلك المخرجات والمتطلعة للانطلاق منها والبناء عليها واستكمال مسارها والتمكين لها والحريصة على تهيئة الأجواء والظروف الطبيعية للتعاطي معها وذلك من خلال وقوف المجتمع اليمني بإرادة قوية وحزم تجاه أي محاولات للنيل من استقرار اليمن ووحدته الوطنية و تعكير سلمه الاجتماعي والعبث بموارد ومقدرات الأمة مهما كان مصدرها ومهما كانت تبريراتها. مع الحفاظ والتمسك في الوقت ذاته بمبادئ ثورة 11 فبراير 2011مم وقيمها العادلة المتمثلة في الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والكرامة الإنسانية.
تكافل مجتمعي حكومي
❊ دينا عبد الباري – عضو مؤتمر الحوار الوطني – فريق الحقوق والحريات تقول: مما لا شك فيه أن المسؤولية الآن في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها اليمن وثيقة مخرجات حوار وطني شمل كل القضايا المحورية الشائكة ومن مختلف الاطراف والقوى السياسية في اليمن مسئولية مضاعفة في ايجاد وتوحيد مخرجات ترضي كل الأطراف وتحقق الأمن والاستقرار والسكينة العامة للوطن والمواطن وتكفل مبدء العدالة الاجتماعية والحقوق والحريات بعيدا عن أخطاء القوى التقليدية في الحكم والتعلم من أخطائها في الماضي بما يبني قواعد مؤسسة لدولة مدنية حديثة وهذا لم ولن يتم بمصفوفة من المخرجات فقط بل سيتحقق بتكافل مجتمعي حكومي تشد توثيقه منظمات المجتمع المدني. وتؤكد الناشطة السياسية وفاء الوليدي: ما حققه الشعب اليمني إلى الآن مؤشر بأننا مقدمون على مستقبل مستقر ومزدهر وما قامت به الحكومة مؤخرا من خطوات تنفيذ النقاط العشرين والنقاط الإحدى عشرة من انصاف للقضايا الشائكة سواء للقضية الجنوبية وقضية صعدة أمر يدعم أمن البلاد وينتشلها من ميادين الصراع والاقتتال وتراكم الأحقاد إلى مستقبل مشرق ومزدهر.
تعزيز الثوابت
❊ رمزية الإرياني – رئيسة اتحاد نساء اليمن وعضو الحوار الوطني تقول: إن تحقيق الأمن المجتمعي والقومي مرتبط بالنوايا الصادقة للقوى السياسية المشاركة في الحوار وتعزيز الثوابت الوطنية بتقديمها على أي مصلحة أخرى ومن خلال مخرجات كل الفرق المشاركة يمكننا الجزم بأن الوطن قادم نحو مدنية عادلة ومنصفة مدنية تسترد فيها الحقوق المنهوبة والمسلوبة وتحل فيها مختلف القضايا العالقة ويأمن فيها الفرد على حقوقه وحريته المكفولة دستوريا.
محمد طاهر أنعم فريق بناء الجيش بمؤتمر الحوار الوطني : بعد هيكلة الجيش وتوجيهه من الولاء الشخصي إلى الولاء الوطني وبعد الاتفاق على العديد من المواد الدستورية والقانونية لكل الفرق المشاركة التي اتفقت على جميع مخرجات الحوار فيما يتعلق بوضع الجيش ضباط وجنود سيتحقق الأمن والاستقرار وصولا للدولة المدنية الحديثة المأمولة لأن تحديد وضعهم منتسبي الجيش والشرطة والاهتمام بهم باستتباب الأمن والاستقرار في البلد.
تغيير جوهري
❊ الناشطة اسمهان الإرياني مدير المركز التدريبي في هيئة مكافحة الفساد قالت : ماذا لو فشل الحوار¿¿¿¿¿¿ كثيرا ما نسمع هذا السؤال هذا التساؤل حقيقةٍ يحمل شقين: الأول ماذا لو كانت مخرجات الحوار غير ملبية لتطلعات ومطالب الشعب اليمني وكانت ضعيفة ولا ترقى إلى غايات وامال الشعب الذي خرج مطالبا بالتغيير الجوهري من خلال الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي ضحى الشباب الأبرياء بدمائهم من أجلها والشق الثاني هو ماذا لو نجح المتحاورون في الوصول لنقاط تحل كافة القضايا المطروحة ويكون الفشل في التطبيق وبالتالي نعود للسؤال الأصلي “ماذا فعلا لو لم ينجح الحوار. ماذا لو لم يْثمر هذا الحوار في الخروج بالدستور الذي نعول عليه بناء الدولة اليمنية الحديثة و حل الخلاف على شكل الدولة و طرح رؤية واقعية للعدالة الانتقالية وغيرها من القضايا المحورية ¿ هنا يقفز إلى اذهان الكثير شبح الحرب الأهلية وكأنه الخيار الوحيد المتبقي لحل الخلاف بين هذه القوى المتحاورة بالأخص التقليدية منها ¿¿¿ هذه الحرب التي سنعود بها إلى قانون الغاب حيث يعتقد من يخوضها أن الأقوى هو صاحب الحظ الاوفر بالفوز بها ولا يهمهم خسارة هذا الوطن المثخن بالجراح !..وعندها نكتفي فقط بندب حظنا ونْجير هذا الفشل الذريع الذي يجري من حولنا على المبادرة الخليجية التي وقعت عليها النخبة السياسية التي لم يكن الكثير بالضرورة راضين عنهم ¿ هنا يأتي دور المجتمع الدولي الذي سيضغط على الفرقاء السياسيين من أجل انجاح الحوار والوصول إلى التسوية السياسية اذن فالأحرى أن يسعى ايضا المجتمع اليمني لإرساء الأمن والاستقرار. بعد كل هذه التساؤلات يبقى السؤال الأهم هو “هل عجز أبناء اليمن عن ايجاد حلول للخروج من هذه الأزمة¿¿¿” لا يخفى على احد أن أي تدخل خارجي في شئون بلد ما إنما يأتي من مصالح لهذه الدول سواءاٍ في التدخل المباشر لوضع مراكز قوى مقربة منه أو حتى الإضعاف من هذا البلد أن استوجب ذلك الهدوء للبلد الآخر ” المتدخل” أن صح هذا القول ام لا لكن يجب على الشعب اليمني أن يعرف أن مصيره متعلق بذاته وبمجتمعه وان يتحمل المسئولية تجاه الوطن والأمن الأهلى والاستقرار المجتمعي الذي من خلاله نستطيع العبور إلى دولة تهتم
لابد أن يعي كل مواطن يمني آثار الدمار الذي ستولده أي صراعات قادمة لاسمح الله وأن يعرف بل ويؤمن الجميع أن الحل لا يأتي من الإجماع الوطني و من هنا نناشد الجميع بكل شرائحهم وفئاتهم بأن يرفضوا التعبئة السياسية والمذهبية الخاطئة التي تؤدي للإنخراط في مثل هذه الصراعات وان نرجع إلى قوله تعالى (يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْوا ادúخْلْوا في السلúم كِافِةٍ) في حين يجب على الجميع أن يستوعب أن تعزيز ثقافة الحوار والتسامح وتقبل الآخر هي مانحتاجة الان في المنعطف الخطير للبلاد وهنا نؤكد على دور الشباب ودور المجتمع المدني كونهم القوى الفاعلة والمؤثرة والمتأثرة بإعادة بناء النسيج المجتمعي المتهتك جراء هذه التعبئات الخاطئة وأن نجد آليات أخرى أكثر مدنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.