> يحظر قانون المهن الطبية والصيدلانية مزاولة المهنة إلا بشهادة اعتماد من المجلس الطبي ومؤهلات علمية
> تلقى المجلس الطبي شكاوى مرضى تعرضوا للنصب من مراكز “تداوي بالأعشاب” ولحقت بهم أضرار صحية
> إغلاق 54 مركزاً تزعم العلاج بالأعشاب والقرآن والحجامة تنفيذاً للقانون
> قانون الصحة العامة يلزم وزارة الصحة بحماية صحة وأراوح المواطنين
> القائمون على مراكز “التداوي بالأعشاب” يمارسون مهنة الطب بلا رخص أو مؤهلات
> بإشرف وزارة الصحة إعداد لائحة تنظم طب الأعشاب وتحمي المرضى من الاحتيال والأضرار
> مشروع اللائحة يمنح الراغبين باختبار أعشابهم في معامل علمية بإشراف هيئة الدواء لإجازتها
الثورة / سمر عبدالله
(م . ن ) أحد الشخصيات المجتمعية التي لا تؤمن بقدرة المعشبين في علاج المرضى، لعدم كفاءتهم لكنه وقع ضحية كغيره لغش وعبثية واحتيال أحد أصحاب ما يسمى مراكز التداوي بالأعشاب أمام إصرار والدته المريضة على ذهابها لصاحب مركز إعشاب بعد سماعها عن صيته في الراديو ومدى قدراته الهائلة التي يدعي فيها أنه يعالج جميع الامراض المستعصية، فما كان منه إلا أن استجاب لرغبتها الملحة طاعة لها وذهب بها ودفع مبلغ 120 ألفاً مقابل خلطات عشبية غير معروفة لم تعد بأي فائدة بل سببت مضاعفات صحية خطيرة عليها.
أما “أم هيثم”، فرغم حماسها للعلاج بالأعشاب تمنت لو أنها لم تخط خطوة واحدة إلى مراكز ((التداوي بالأعشاب)) لكي تحل مشكلة انتشار الشيب في شعرها، رغم أنها لازالت في العشرينيات، وبعد سماعها في الراديو عن هذا المركز توجهت لعلاج مشكلة الشيب ودفعت 50 ألفاً لصاحب المركز الذي لجأت إليه وأعطاها مجموعة من الحقن وزعم أنها ستحل مشكلة الشيب، لكن الأمر ازداد سوءا وزادت الحقن الطين بلة، بظهور الحبوب على وجهها وأيضا زيادة الشيب مما عاد عليها بمضاعفات نفسية وخسائر مادية.
إغلاق 54 مركزاً
من جملة ما تسمى مراكز التداوي بالأعشاب العشوائية وغير المرخصة، أغلقت وزارة الصحة 54 مركزاً تزعم العلاج بالأعشاب وبالقرآن والحجامة في أمانة العاصمة حسب ما أكده مدير مكتب الصحة بالأمانة الدكتور مطهر المروني لـ”الثورة”.
وأضاف المروني : “حمله الإغلاق مازالت مستمرة في جميع مديريات ومحافظات الجمهورية تنفيذا لقرار السلطات الصحية التي وجهت بإغلاق جميع مراكز التداوي بالأعشاب بموجب قانون الصحة العامة الذي يلزم الوزارة بحماية أرواح وصحة المواطنين من المستحضرات أو الأدوية التي لا تخضع لدراسات علمية أو مخبرية”.
من جانبه قال مدير عام الصيدلة والتموين الطبي الدكتور سمير السنافي: إن قرار وزير الصحة العامة والسكان الدكتور طه المتوكل بإغلاق هذه المراكز جاء بموجب القانون رقم 26 لعام 2002 بشأن مزاولة المهن الطبية والصيدلانية، الذي لا يجيز مزاولة مهنة الطب إلا لمن يحمل ترخيص مزاولة المهنة من قبل المجلس الطبي بشرط ان يحمل مؤهلاً جامعياً من الجامعات اليمنية المعتمدة او ما يعادلها لمزاولة مهنه الطب او الصيدلة .
وأضاف : أصحاب مراكز التداوي بالأعشاب لا يملكون أي شهادات ترخيص من المجلس الطبي ولا مؤهلات جامعية، لذلك تم الإغلاق مراكزهم التي يمارسون فيها مهنة الطب من دون وجود رخص تؤهلهم لممارستها، وقد تم التحقيق مع أحد اصحاب مراكز التداوي بالأعشاب حول هذا الأمر، ولكن فيما بعد تم الإفراج عنه بكفالة لم تعرف تفاصليها.
وأكد السنافي أن “ممارسة مهنة المعالجة من غير ذوي المهن الطبية والحاصلين على تراخيص مزاولة المهنة تعد جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات أو غرامة مالية لا تقل عن 700 ألف ريال، وذلك بموجب قانون مزاولة المهن الطبية والصيدلانية” .
تضليل دعائي
في الآونة الأخيرة مارست بعض وسائل الإعلام المحلية دوراً سلبياً ومخادعاً في الترويج للمعشبين وخلطاتهم العشبية غير المرخصة من الهيئة العليا للدواء ، ما دفع بالمواطن البسيط للإقبال على هذه المراكز بسبب تأثره بوسائل الإعلام التي تعد مصدر اقناع و ثقة بالنسبة له.
وحتى تتوقف مهزلة الإعلانات المضللة للناس، فقد أكد السنافي أن” وزير الصحة رفع مذكرة رسمية إلى وزارة الإعلام تطالب بمنع إعلانات الترويج للمعشبين بموجب قانون مزاولة مهنة الطب الذي يمنع نشر إعلانات عن أدوية أو مستحضرات تضلل الجمهور, وقد تمت الاستجابة من قبل وزير الإعلام بمنع هذه الإعلانات الترويجية حسب ما أفاد مكتب وزارة الإعلام لـ(الثورة) ..
لائحة منظمة
الدكتور السنافي كشف في ختام حديثه لصحيفة “الثورة” أن وزارة الصحة في مقابل الاحتجاجات الواسعة من قبل أصحاب مراكز التداوي بالأعشاب والقران الكريم باشرت- بعد الاجتماع الأول لوزارة الصحة مع أصحاب هذه المراكز بتصحيح الوضع الذي يمنع استغلال الناس باشرت وذلك بوضع لوئح وضوابط تضمن صحة المواطن .
وقال: أسفرت النتائج الأولية عن اقتراح عمل لائحة منظمة لطب الاعشاب تضمن عدم التدخل المباشر بمعالجة المريض بتاتا، ولكن يمكن منح أصحاب هذه المراكز فرصة لتقديم هذه الأعشاب من خلال معامل متخصصة للأعشاب, بحيث يتم تحضيرها وإعدادها بشكل جيد ومدروس مثلها مثل بقية المعامل في العالم والشركات المميزة في طب الأعشاب والتي يمكن الاستفادة منها في التطبب بها لكن بعد أن تخضع للرقابة والإشراف من قبل الهيئة العليا للدواء والوزارة ومن ثم يتم الترويج لها عند الصيادلة والأطباء للانتفاع بها بحيث لا يكون لها أضرار جانبية على المريض في المستقبل.
أما فيما يخص أصحاب مراكز العلاج بالقرآن الكريم فقد تم السماح لهم بالعودة للعمل ومعالجة المريض بالقرآن الكريم فقط من خلال قراءة القرآن على المرضى من دون المساس المطلق بالمريض وعدم إعطائه أي مواد عشبية نهائيا .
شكاوى الضحايا
صرَّح رئيس المجلس الطبي الدكتور فضل حراب بأن “المجلس من خلال دوره الرقابي والإشرافي على المنشآت الطبية قد حاول جاهدا منذ ثلاث سنوات الحفاظ على حقوق المرضى المتضررين بسبب التجاوزات والأخطاء الطبية من قبل المعشبين، وحاول المجلس الحد من الأخطاء الطبية والتجاوزات المهنية من خلال عمل اجتماع أسبوعي يضم نخبة من الاستشاريين لسماع شكاوى المرضى المتضررين من جراء الأخطاء الطبية ومناقشة هذه الشكاوى والتحقق منها لرفع تقارير إلى النيابة العامة ليتم التحقيق في هذه التجاوزات والاخطاء ومعاقبة المخطئين”.
وقال: تلقى المجلس بعض شكاوى المرضى جراء التداوي في مراكز الأعشاب ومنها حالتان تشكوان من انه تمت ممارسة النصب والاحتيال عليهما من قبل بعض أصحاب هذه المراكز ودفع مبالغ طائلة ما بين 50 ألفاً إلى 200 ألف وتزويدهم بخلطات وأعشاب غير معروفة لم تعد عليهما بأي فائدة، وقد تم رفع تقارير بهذا الخصوص من قبل المجلس إلى النيابة العامة كي يتم التحقيق في هذا الموضوع .
وأضاف: وقد تبين خلال التحقيقات أن أصحاب هذه المراكز يمارسون مهنة الطب والتدخل المباشر في مزاولة مهنة الطب في جميع الأمراض من دون عمل فحوصات أو أشعة مسبق ويتم إعطاؤهم أعشاباً غير معروفة وغير موحدة لجميع الأمراض من دون وجود مؤهلات تؤهلهم لذلك.
ونوه حراب في ختام حديثه بأنه يجب على المريض أن يعرف أن له حقاً يجب أن يأخذه ويطالب به في حال تعرضه إلى ضرر أو خطأ طبي، ويجب عليه عدم السكوت عن حقه سواء كان الضرر من قبل الأطباء أو حتى أصحاب مراكز التداوي بالأعشاب والتوجه إلى المجلس الطبي لرفع تقرير بما وقع عليه من ضرر من قبل المتجاوزين للمهنة الطبية.
أصداء مجتمعية
وفي تعليق لآراء الناس حول التداوي بالأعشاب تقول سارة محمد: أنا اؤمن بالأعشاب التي تستخدمها أمي وأجربها مثل النعناع واليانسون والبابونج لكني لم أفكر يوماً في الذهاب إلى مراكز التداوي بالأعشاب.
أما نسمة عبدالله فتقول إنها فكرت أن تذهب في يوم من الأيام لأنها تعاني من مشاكل البشرة بعد سماعها عن تجارب تم الترويج لها في المحطات الإذاعية، لكنها كانت مترددة وبعد قرار إغلاق هذه المراكز اقتنعت بأن لا تتعالج في هذه المراكز.
وختاما مهما تعددت الآراء المتباينة للناس بين مصدِّق ومكذِّب لقدرات اصحاب مراكز التداوي بالأعشاب والعلاج بالقرآن الكريم في معالجة المرضى، في نهاية الأمر سيحكم القانون الذي يلزم بضوابط تعطي كل ذي حق حقه، ويلزم بعقوبة من يخالف النصوص.